الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جهلاء!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مصر سبعة ملايين جهاز كمبيوتر بالإضافة إلى مليون أخرى مستعملة، إدمان الإنترنت والفيسبوك والتويتر صار دليلًا على أن الشباب مثقف والعائلات مطلعة على الأخبار، أصبحت الشبكة العنكبوتية ساحة لإصدار الأحكام السياسية والرياضية والاجتماعية، بل ووصل الأمر إلى الفتاوى الدينية.
المصيبة أن العالم كله يستخدم الإنترنت لمقالات الرأى والسبق الإخباري، ونحن حوّلناها إلى مستودع شائعات وأكاذيب، نروّج للشائعة ونصدّقها ويجرى الغالبية وراءها دون فهم أو إدراك كقطيع.
الأمثلة كثيرة على كلامي، فقد نشرت صحيفة «الوطن» مؤخرًا خبرًا على موقعها الإلكترونى يفيد بأنه تم القبض على سيدة بمطار القاهرة، لأنها كانت تحمل كتابًا لغسان كنفانى المناضل الفلسطينى الراحل.
وبمجرد ظهور الخبر اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بالسخرية والتهكّم من الدولة البوليسية التى ترتعد فرائصها من مجرّد كتاب، وانهالت التلميحات والإيحاءات، كتاب كنفانى يسقط الحكومة، الدولة تخاف من مفكر مات قبل ٤٠ عامًا. لم يكلف أحد نفسه قراءة بقية الخبر أو مضمونه.
أخطأت «الوطن» عندما وضعت عنوانًا لا يعكس المتن سعيًا وراء الإثارة، والحقيقة أن نفس الخبر الذى نشرته الوطن يقول إن السيدة تم إلقاء القبض عليها لأنها متهمة فى قضية شغب تحمل رقم ١٦٨٦ لسنة ٢٠٠٣، وتم القبض عليها فور وصولها لبحث موقفها القانوني، وهل صدرت ضدها أحكام أم لا؟ وهل سقطت تلك الأحكام أم لا تزال سارية؟ كلها إجراءات عادية وليس لها علاقة من قريب أو بعيد بغسان كنفاني، ومن ثم فليس لكتابه شأن بهذه الحادثة.
مشكلتنا فى مصر أن «السوشيال ميديا» أصبحت بقرة مقدسة، ويظل الناس يصدقون كل ما يصدر عنها كأنها كتب سماوية.
أيضًا حكاية الممثل فتوح أحمد مدير المسرح القومى الذى كتب شخص مجهول يحمل نفس اسم الممثل على حسابه بالتويتر، أنه مستعد أن يفدى الرئيس السيسى بنفسه يوم القيامة ويدخل النار، مقابل أن ينعم السيسى بالجنة.
شخص منافق شاءت الظروف أن يحمل اسم فتوح أحمد الممثل الشهير، وعلى الفور اشتعل الفيسبوك والتويتر وكل وسائل «السوشيال ميديا» بالسخرية من الممثل والتندر عليه، وعلى الرغم من أن الممثل فتوح أحمد ليس له حساب على تويتر، ولم تكن له علاقة بأيّ شيء، فإنه دفع ثمن حماقة شخص آخر يحمل نفس اسمه، أو ربما يكون له اسم مستعار توارى خلفه لينال من الفنان.
والأمثلة كثيرة، فقد أصدرت دار الإفتاء المصرية بمناسبة المولد النبوى الشريف بيانًا وضعته على صفحتها على الفيسبوك، قالت فيه إن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان باشًا لطيف المعشر متسامحًا كريمًا لا يقسو ولا يعنّف أحدًا ولا يغضب ولا يسب وما ضرب أحدًا بيده قط، كان سهلًا فى معاملاته متسامحًا لا يقسو على أحد ولا يغضب أو يسب.
ترك جمهور «السوشيال ميديا» كل صفات الرسول الكريم وأمسكوا فى كلمة «باشا» من الباشوات، رغم أنه لا فضل لعربى على عجمى إلاّ بالتقوى والعمل الصالح.
جمهور غبى لم يدرك أن لفظ باشّا القصد منه أنه كان بشوشًا سمح الوجه ضحوكًا، وعبثًا حاول مسئول صفحة دار الإفتاء توضيح المعنى لهم، إلاّ أن الجمهور الغبيّ ظل يتندر على رجال الدين والأزهر والإفتاء ويطالبهم بتصحيح ما كتبوا.
الله يخرب بيت الجهل والجهلاء!