الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

رمضان البركة في الخليج

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تختلف شعوب بلدان الخليج العربى كثيرًا فى عاداتها وتقاليدها، وهى تستقبل شهر رمضان الفضيل، فجميعها تجتمع بحسب تقارب الجغرافيا والطبائع والتقاليد، بعادات رمضانية متشابهة، لكن يبقى لكل بلد منها نكهة خاصة، وعلامة تميزه قليلًا عن البلد الآخر.
ويجتمع سكان دول الخليج على عادات الألفة والمحبة والتزاور والتحابب، ونبذ الخلافات، قبل قدوم الشهر الكريم، وأيضًا يقتربون فى تقاليد تهيئة المنازل والدواوين؛ لاستقبال الضيوف على موائد الإفطار، وأيضًا لقضاء الأمسيات الرمضانية فى رمضان الخير.
الإمارات 
موائد الرحمن أمام المساجد ظاهرة فى جميع المدن
آلاف الصائمين من مختلف الجنسيات يجتمعون فى أجواء تعكس قيم المساواة
فى دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، تبدأ العادات والتقاليد الرمضانيّة قبل قدوم شهر الصيام خلال شهر شعبان. وفى عشية اليوم الخامس عشر من شهر شعبان، والذى يُطلق عليها حق الليلة، يرتدى الطفل الإماراتى أفضل ما لديه من الملابس وينتقل من بيت إلى آخر، ويقوم بالغناء وإلقاء القصائد.ويكون فى انتظارهم الجيران ومعهم الحلويات والمكسّرات، حيث يقوم الأطفال بجمعها فى حقيبة مصنوعة من قماش خاص مطرز بأشكال تقليدية. وفى أول أيام رمضان، تجتمع الأسرة فى بيت العائلة لتناول الإفطار، وعادة ما يكون بيت الجد.
وفى دولة الإمارات، ودول مجلس التعاون الخليجى عمومًا، يعتبر التمر خبز الصحراء، وأشهر العناصر الغذائية التى تدخل فى تحضير أصناف مختلفة من الحلويات والمعجنات الإماراتية فى رمضان، مثل القرص وهى عبارة عن قطع صغيرة من الخبز مخلوطة مع التمر والهيل. ولا تخلو موائد الأسر الإماراتية فى شهر رمضان من أطباق أخرى معروفة مثل: الهريس والثريد.
ويمكن للمرء تجربة الضيافة والتقاليد الإماراتية خلال هذا الشهر، حيث يجتمع الآلاف من الصائمين على اختلاف جنسياتهم وخلفياتهم المادية ومكانتهم الاجتماعية حول موائد الإفطار فى أجواء تعكس القيم الرمضانية من التضامن والمساواة.
وتشهد الإمارات خلال شهر رمضان العديد من الاحتفاليات والمهرجانات الثقافية والتعليمية التى تهدف إلى تثقيف الجمهور حول كيفية التعامل مع الشهر الفضيل. وتقام فى شهر رمضان المسابقة السنوية لأفضل مُرتل للقرآن الكريم للطلاب والكبار؛ حيث يحصل الفائزون على جوائز نقدية وغيرها الكثير.
مدفع الإفطار
يعتبر مدفع رمضان فى دولة الإمارات من أبرز التقاليد المميزة للشهر الفضيل. ويمكن أن يسمع صوت المدفع إلى حوالى ٨-10 كيلومترات. يقوم المدفع بدور التنبيه لمواقيت الإفطار اليومية والإمساك ويباشر فى مناطق متنوعة عبر الدولة. ويتكرر هذا التقليد منذ القرن التاسع عشر خلال فترة الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ويشكل هذا التقليد أهمية خاصة للأطفال فى دولة الإمارات، فصوت «الانفجار الكبير» يعنى لهم المتعة والإثارة بصرف النظر عن الحلويات وغيرها من وجبات الطعام، والأنشطة الخاصة المجهزة لهم. يقوم أحد أفراد الجيش بتنفيذ هذا التقليد مع الأخذ باحتياطات السلامة.
الخيام الرمضانية
الخيام الرمضانية جزء أصيل من التقاليد الإماراتية، وهى تجسد روح العطاء والمشاركة الإنسانية، حيث يجتمع الآلاف من الصائمين على اختلاف جنسياتهم وخلفياتهم المادية ومكانتهم الاجتماعية حول موائد الإفطار فى أجواء تعكس القيم الرمضانية من التضامن والمساواة.
ويبادر العديد من الأفراد والمؤسسات، مع اقتراب شهر رمضان المبارك إلى نصب الخيام لتصبح مراكز مهمة لإقامة مختلف أنواع الأنشطة الدينية والاجتماعية على امتداد شهر رمضان الكريم. كما تعمل هيئة الهلال الأحمر على نصب الخيام فى مختلف مناطق الدولة لإقامة ولائم إفطار الصائم. وتنصب الخيام الرمضانية بجوار المساجد وفى المساحات المفتوحة وعند مداخل بيوت بعض الإماراتيين.
المحاضرات الدينية 
بالإضافة إلى الأنشطة الخيرية، يضم شهر رمضان فى دولة الإمارات العربية المتحدة سلسلة من المحاضرات، حيث تهتم الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف والهيئات الإسلامية الأخرى فى كل إمارة بإلقاء عدد من المحاضرات عن الصيام فى مختلف مساجد الدولة.
وتستضيف إمارة دبى جائزة «دبى الدولية للقرآن الكريم» سنويًا. كما يقام أيضًا محاضرات وندوات لموضوعات إيمانية وفكرية شتى فى جميع أنحاء الدولة، وذلك من قبل نخبة من العلماء المحاضرين الذين يثرون ساحة المجتمع بما يفيد وينفع من الموضوعات المتنوعة والهادفة. وتمتد الفعاليات من أول أيام شهر رمضان لمدة عشرين يومًا.
التمر أشهر العناصر الغذائية للصائمين
يرتدى الطفل الإماراتى أفضل ما لديه من الملابس وينتقل من بيت إلى آخر، ويقوم بالغناء وإلقاء القصائد.ويكون فى انتظارهم الجيران ومعهم الحلويات.
الكويت
تنتشر فى دولة الكويت فى رمضان ظاهرة «الدواوين»، وهى مجالس للوعظ والنصح والإرشاد وقص سير الأنبياء والصحابة والتابعين، يقودها رجال ذوى علم بالدين الإسلامى وينظمها الشباب.
وتعيش الكويت خلال شهر رمضان المبارك أجواء خاصة، وتشهد حراكًا اجتماعيًا ملحوظًا، وتطغى مشاعر المحبة والود والإخاء والتراحم. ولرمضان فى الكويت طقوس مختلفة لا تجدها فى الشهور الأخرى، إذ يعتبر أهل الكويت رمضان فرصة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة، واستعادة القيم التى تعزز التجانس بين أفراد المجتمع. يتميز رمضان بالديوانيات التى تجمع مجالس الكويتيين وتكون عامرة بالرواد وتقام فيها حفلات الإفطار الجماعى الذى يعمر بمناسف الأرز واللحم والسمك وهريس القمح والتشريب واللحم والمجبوس، وغيرها من الأكلات الكويتية. وفى الديوانيات يتسامر الحضور وتدور النقاشات حول القضايا التى تمس حياتهم اليومية، وتجرى بعض المسابقات الخفيفة بينهم فتضفى على الأجواء متعة ومرحًا. كما تقام مآدب عارمة (موائد الرحمن) فى كثير من المساجد للفقراء والمحتاجين، وهى منتشرة بشكل كبير فى أرجاء البلاد، وفيها يتم تقديم الطعام والشراب للصائمين بإشراف الوزارات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة طوال الشهر الفضيل.
وفى منتصف الشهر، يجرى الاحتفال بأيام «القرقيعان»، وهو عبارة عن خليط من المكسرات والملبس والحلاوة والشيكولاتة يتم توزيعه على الأطفال الذين يدقون أبواب الأهل والأقارب والجيران بعد الإفطار ووقت السحور، فيعطيهم أصحاب البيوت خلطة «القرقيعان» فى الأكياس التى يحملونها ليجمعوا أكبر مقدار من الحلوى. ويرتدى الأطفال فى أيام «القرقيعان» الملابس الكويتية التقليدية ويرددون الأغانى الوطنية وأناشيد معينة.
ومن العادات المرتبطة بشهر رمضان فى الكويت احتفال الناس يوميًا عند غروب الشمس بانطلاق مدفع الإفطار، حيث يجتمعون بكثافة قرب مكان المدفع منذ العصر، وعندما ينطلق يهلّلون ويزغردون. وقرب مكان المدفع يقع سوق المباركية التراثى قبلة الكويتيين فى الشهر الفضيل، إذ يزدحم بالرواد من كل الجنسيات، ويتحول إلى ملتقى يجمع الأهل والأصدقاء، حيث المقاهى والمطاعم والمشروبات والمأكولات الشعبية الشهيرة، مثل: الكباب والكشرى والفطير المشلتت والمشروبات الساخنة والباردة، والسهر حتى وقت السحور وساعات الفجر. والمباركية من الأسواق التراثية القديمة، ويقع فى قلب مدينة الكويت، ويجد الزائر فيه كل احتياجاته من سلع ضرورية وتراثية وهدايا وتحف ومجوهرات من الفضة والذهب وملابس شعبية وغير شعبية وخزفيات ومشغولات يدوية ومأكولات بمختلف أصنافها، إلى جانب البخور والعطور ولوازم التجميل.
وتعتبر «الغبقة الرمضانية» إحدى العادات العريقة والتراثية لأهل الكويت، وترتبط فقط بشهر رمضان المبارك، وهى متوارثة من جيل إلى جيل، وتحظى باهتمام بالغ، خصوصًا أنها تعزز أواصر الترابط بين أبناء المجتمع، وتكون عبارة عن حفلات ضخمة تقام بعد صلاة التراويح فى الفنادق والصالات الفخمة، حيث يحضرها حشد كبير من الرواد الذين تدور بينهم الأحاديث على أنواعها.
ولـ «أبو طبيلة» أو «المسحراتي» مكانة خاصة فى هذا الشهر، وهو يسهر ليالى رمضان ويجوب الشوارع وهو يقول «لا إله إلا الله محمد رسول الله» بغرض إيقاظ النائمين وحضهم على تناول طعام السحور. ويقدم له أهل الكويت الطعام والشراب، وهكذا حتى أواخر ليالى رمضان، وفى النهاية يودع الشهر ويردد بصوت حزين «الوداع. الوداع يا رمضان وعليك السلام شهر الصيام».

عُمان

«إفطار صائم» شعار المساجد الكبرى. و«قرانقشوه» ليلة يحتفل فيها الأطفال بالنصف من رمضان 

موائد لإفطار المحتاجين والمساكين وعابرى السبيل

مسقط ـ خالد حريب

لا تختلف الأجواء الرمضانية في الخليج العربي عن نظيرتها في باقي دول الوطن العربي والإسلامي، حيث تتشابه الطقوس الخاصة بشعوب تلك الدول بشكل كبير بداية من صلاة العصر ومع أذان المغرب وعقب صلاة العشاء حتى موعد السحور، وسلطنة عمان نموذجًا لتلك الأجواء الرمضانية المتميزة، في العاصمة مسقط بعض التميز عن بقية مناطق السلطنة، بحكم الإيقاع السريع للحركة فيها وتواجد أعداد كبيرة من المغتربين، نلمح العديد من الملامح الرمضانية، فقبل بداية الشهر الكريم تزدحم جميع أماكن التسوق بزينات رمضانية مبهجة، ويكون الفانوس وهلال الشهر والإضاءة الملونة هم أبطال تلك الزينة، وتخصص أركان خاصة للسلع الغذائية المرتبطة بشهر رمضان مثل العصائر والمكسرات والتمر، والتمر تحديدا يحتل الصدارة في الطعام اليومي للعمانيين.

المساجد العامرة

أما على مدار الشهر فمن يتجول ساعة الإفطار سيلمح القليل من موائد الرحمن لإفطار العابرين ويلمح أيضًا سيارات توزع المياه والتمر والعصائر على الصائمين الذين أدركهم وقت الإفطار في الشارع، بينما نرى كثافة الإفطار العام في المساجد، حيث يتولى إحضار الطعام قبل صلاة المغرب يوميًا متبرعون، كما أن هناك نظامًا محددًا لذلك وأسماء متبرعين بعينهم لكل مسجد لضمان التوزيع العادل على كل المساجد، وهناك طرق أخرى في تدبير تكاليف وجبة الإفطار العام الذي ينتظم يوميًا ثلاثون مرة في الشهر دون انقطاع، وهي أن يتكفل صندوق وقف المسجد بهذه التكاليف

إفطار صائم 

مجرد لافتة صغيرة على ناصية شارع مكتوب عليها «إفطار صائم» وسهم على اللافتة يشير إلى مكانها، وإفطار صائم في سلطنة عمان هو المصطلح المتداول بديلًا عن مصطلح موائد الرحمن الذي نتداوله في مصر، ولتلك الموائد روادها من المغتربين الذين تركوا زوجاتهم وأبنائهم في بلاد بعيدة جاءوا للعمل، وبابتسامات رائقة من المتبرع بالمائدة يتناول الناس إفطارهم، بينما يجتهد المتبرع في خدمتهم بنفسه تعظيمًا للثواب الذي ينتظره.

تموينات جافة 

في مسقط أيضًا وبعد صلاة العصر، تستطيع أن تلمح في الأماكن المزدحمة نسبيًا مثل سوق الخوير سيارة نصف نقل تقف محملة بخامات تموينية جافة، وترى صاحب السيارة وأبناءه وقد شمروا عن سواعدهم لتوزيع تلك الخامات مجانًا لمن يريد.

قرانشقوه

في ١٤ رمضان بعد أذان المغرب ومع انتصاف الشهر الكريم، تتبلور خصوصية عمانية للاحتفال بالأطفال، تسمى في عمان «قرانشقوه»، حيث يرتدي الأولاد والبنات أجمل ملابسهم وينطلقون في الحارات بالغناء والأهازيج ذات الخصوصية، وفي اثناء ذلك يقومون بالدق على أبواب الجيران لإشاعة البهجة أولًا ثم مطالبة الجيران بالحلوى، هذه الأجواء تبعث السعادة في أرواح الكبار قبل الصغار، الجيران يعرفون موعد زيارة الأطفال لذلك هم جاهزون بالحلوى قريبة من متناول يدهم، يتخاطفها الأطفال وتتملكهم الفرحة

«قرنشقوه» العمانية هي قريبة الشبه من احتفال الأطفال المصريين بالفانوس في الأحياء الشعبية ومطالبتهم للجيران، كما أنها ليست بعيده عن احتفالات مشابهة في دول الخليج الأخرى لذات المناسبة مع اختلاف المسمى، ففي الكويت والسعودية اسمها «قرقيعان» وفي قطر والبحرين اسمها «كرنكعوه» أما في الإمارات اسمها «حق الليلة».

 



فى السعودية، يبدأ أهل المملكة إفطارهم بـ «فكوك الريق»، وهو التمر والرطب والماء، وبعد أداء صلاة المغرب يتناولون الوجبة الأساسية التى تتكون من طبق رئيسى يتمثل فى الفول والسمن البلدى أو زيت الزيتون وعدد من الأطعمة التقليدية الأخرى، مثل السمبوسة والشوربة وخبز التميس. ويتصدر المشروبات الفيمتو واللبن الرائب، أما الحلويات فهناك الكنافة بالقشدة والقطايف والبسبوسة وبلح الشام.
يشرب الناس الشاى الأحمر قبل صلاة التراويح، وبعدها يتوجهون إلى المجالس والسهرات المختلفة، فالشباب يسهرون حتى السحور، والعائلات يتزاورون فى هذا الوقت من اليوم، والنسوة لهن عادات للسهر بشكل دورى عند إحدى سيدات الحى أو الأسرة فى مكان يسمى «الهرجة». 
وفى السحور لا يختلف الأمر كثيرا، فالوجبات يتصدرها الخبز البلدى والسمن العربى واللبن، إضافة إلى الكبدة والتقاطيع وفى بعض الأحيان هناك الأرز والدجاج والأكلات الشعبية.
يحرص السعوديون على إقامة الموائد الرمضانية الخيرية لإفطار المحتاجين والمساكين وعابرى السبيل والجاليات الإسلامية والعمالة الأجنبية، بالقرب من المساجد، أو فى الأماكن التى تكثر فيها تجمعاتهم، كالمناطق الصناعية وغيرها. ومن العادات التى تشهدها الطرقات مؤخرا توزيع وجبات خفيفة عند إشارات المرور للذين أدركهم أذان المغرب فى الطريق، عملًا بسُنَّة التعجيل بالإفطار. ويُحرم الكثيرون فى النصف الثانى من الشهر لأداء العمرة، ويعتكف البعض بعض أو كلّ ليالى العشر الأواخر فى المسجد النبوى أو المسجد الحرام.
من أبرز العادات التى تستقبل بها المملكة العربية السعودية شهر رمضان، هو اتخاذ قرارات رسميّة بتخفيض ساعات العمل مقدار ساعة مراعاة لأحوال الصائمين.
ومع بداية الشهر الكريم تنتشر فى أنحاء المملكة (البازارات) لجمع التبرعات والصدقات، وتوجّه الدعوات للمساهمة فى إفطار المحتاجين والمساكين، كما تنتشر الموائد الرمضانية الخيرية، التى تقدم أشهى الوجبات، أما الماء فيوزع فى برادات مثلجة.