الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

جامبليك.. إغريقي وثق عبادة التوحيد في مصر

قدماء موحدون

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدار أيام الشهر الفضيل نصطحبكم فى رحلة عطرة، نغوص خلالها فى تاريخ الأسرات المصرية القديمة.. لنرصد كيف بدأت عبادة التوحيد، وكيف آمن الفراعنة بالإله الواحد، فالمراجع تعددت والكتب سُطرت فى إيمان الفراعنة، ولكن بين أيدينا وعلى مدار الشهر كتاب «قدماء المصريين أول الموحدين» للدكتور نديم السيار، والذى بحث ودقق ليصل إلى حقيقة ثابتة، وهى أن قدماء المصريين أول من قال «لا إله إلا الله». 
العصر الإغريقى اليونانى فى الفترة من «٣٣٢ إلى ٣٠ ق م»، سبق عصر أفلوطين الذى تحدثنا عنه بالأمس فى أولى حلقاتنا عن عبادة التوحيد فى مصر القديمة، ومن الإنصاف بمكان أن نرصد أحوال عبادة التوحيد فى مصر فى هذا العصر، من خلال أقوال أحد فلاسفة ومؤرخى الإغريق الذى زار مصر خلال القرن الثالث قبل الميلاد، وهو المؤرخ والفيلسوف اليونانى «جامبليك»، وله كتاب عن أسرار مصر، الشاهد على عبادة التوحيد فى مصر آنذاك، والذى استشهد بقوله المؤرخ زكى شنودة فى كتابه «موسوعة تاريخ الأقباط» فى جزءها الأول؛ حيث يقول: «ذكر العلامة جامبليك أن المصريين كانوا يعبدون «إلهًا واحدًا»، هو سيد العالم وخالقه، وهو فوق كل العناصر، غير مادى وغير متجسد، غير مخلوق ولا مرئى، هو الكل فى الكل، ومحيط بالكل»، ويؤكد المؤرخ ميخائيل شاروبيم فى كتابه «الكافى» الصادر فى أربعة أجزاء، أن «جامبليك» سمه بأذنيه من كهنة مصر أنفسهم أنهم يعبدون إلها واحدًا وهو خالق السماوات والأرض، رب كل شيء، المالك لكل شيء، والخالق لكل شيء، الأزلى الذى لا موجد له، المُنزه عن المباعضة، الذى لا تراه العيون، يعلم ما تكن السرائر وتخفيه الصدور، وهو الفعّال لما يُريد، الموجد لكل شيء»، وأكد العالم الفرنسى «شمبليون»، الذى فك رمز حجر رشيد على صحة ما رواه «جامبليك»، وذلك من خلال النقوشات الموجودة على آثار مصر، وهو ما يدع مجالًا للشك أن الأمة المصرية كانت أمة موحدة فى عبادتها لله، وعلموا أن الروح أبدية، واعتقدوا بصحة الحساب والعقاب، وفى عام ١٨٣٩م بعد وفاة «شمبليون»، نشر أخوه «فيجاك» خلاصة ما توصل إليه بعد طول بحث ودراسة أن «الديانة المصرية توحيد خالص». ولكن عبادة التوحيد فى مصر ترجع إلى عصور أقدم بكثير، فلنرجع إلى الوراء قليلًا، إلى ما قبل بدء الاحتلال الإغريقى بدخول الإسكندر لمصر، حيث الأسرة الـ«٣٠»، آخر الأسرات الفرعونية، وفى هذا العصر الذى يصفه سونيرون فى كتابه «كُهان مصر القديمة»، بـ«آخر عهد مصر الفرعونية الحرة»، والذى عاش خلاله واحدًا من أعظم الحُكماء الموحدين، وهو الحكيم الصعيدى، «بتوزيريس»، كبير كهنة الأشمونين بصعيد مصر، والذى سجل كتاباته حوالى عام «٣٥٠ ق م»، ولقد كان هذا الحكيم المصرى مثالًا للورع والتقوى، والذى اشتهر بوصاياه الحكيمة، والتى سنتعرف عليها فى حلقة الغد من «أول الموحدين».