السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

رمضان في فلسطين .. الصيام تحت قبضة الاحتلال .. "الأسرى" تزيين الحوائط بورق الجرائد والكنافة من الخبز الناشف.. ختم القرآن الكريم وصلوات جماعية طوال الشهر الكريم.. والسباعنة: هم خلية نحل تبدأ مع الشهر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الأسرى».. تزيين الحوائط بورق الجرائد والكنافة من الخبز الناشف
ختم القرآن الكريم وصلوات جماعية طوال الشهر الكريم.. والسباعنة: خلية نحل تبدأ مع الشهر للتجهيز لطقوس الشهر.. والشوربة والتمر أهم ما فى مائدتهم
الأسرى يلجأون لإشارات عربية لمشاهدة التليفزيون بعيدا عن القنوات العبرية.. وبعضهم ينجح فى عمل الكنافة النابلسية


تجمعات وصلوات ودورات لكرة القدم يقيمها الأسرى فى سجون الاحتلال احتفالا بشهر رمضان، الوضع ليس ترفيهيا كما يتخيل البعض، ولكن يأتى رمضان ليقتل روتين خنق الأسرى القابع داخل سجون الاحتلال منذ أعوام تمتد لـ30 وأربعين عاما، ومنهم من فقد الأمل فى الحرية بعد صدور عدد من أحكام المؤبد ضده، والذى يكون الواحد منها حسب قانون الاحتلال «99 سنة».
بورق الجرائد يبدأ الأسرى تزين زنازينهم كنوع من إضفاء البهجة والفرح فى الشهر الكريم وشراء التمور من «الكانتينا» داخل السجون.
يحكى الأسير المحرر «ثامر سباعنة» قائلا: رمضان فى الأسر له طعم آخر عند الأسرى، لكن ذلك لا ينفى أنه ينبش أشواقهم الدفينة لأهلهم، خاصة وقت لمتهم حول مائدة الإفطار وقتها يتذكر الأسير اهله ويتذكر الأخير ابنه الذى لا يزال مكانه فارغا».


يبدأ الأسرى فى الجلوس أمام شاشة التلفاز داخل السجن، التى تبث فقط القنوات العبرية وليس العربية مما يضطرهم إلى ابتكار أى وسيلة لالتقاط إشارة إحدى القنوات العربية على شاشة التليفزيون والتى اعتاد الاحتلال أن يعاقبهم فى حالة قيامهم بأى أفعال مشاغبة - من وجهة نظر الاحتلال- وما إن تعلن غرة شهر رمضان يبدأ الأسرى بتبادل التهانى وتوزيع المهام فيما بينهم وتنظيم أيام رمضان لتنفيذ الخطط المتفق عليها.
فى ساحات القسم أو الغرف أو الخيمة ينتشر الأسرى بعمل دؤوب منذ أول صباح فى رمضان، تحضيرًا لإعداد الحلقات الرمضانية فى قراءة القرآن والذكر والدعاء.
ويؤكد «سباعنة» أنه فى ساعات الظهر وحين يشتد التعب عليهم يعم الهدوء أرجاء المكان وينشغل كل منهم بعمل فردى، إما أن يتابع التلفاز أو ينشغل فى قراءة الكتب المهربة إليه من الخارج أو يأخذ قسطا من الراحة حتى اقتراب موعد الإفطار.


ويكمل: «وقت اقتراب موعد الإفطار يتجمع الأسرى فى حلقات الذّكر والدعاء من جديد، بينما يبدأ الأسرى المسئولون عن الطبخ لإعداد الطعام، وخاصة «الشوربة» التى تعتبر الوجبة الافتتاحيّة فى الإفطار، ويبدأ بعضهم بتوزيع التمور على البقية».
مع صوت المؤذن يسارع الجميع إلى تناول حبات التمر وطبق الشوربة المُعدّة لهم، ثم يؤدون صلاة المغرب جماعة، وبعدها تبدأ وجبة الإفطار.
يكمل سباعنة: « وفى موعد صلاة التراويح يحضر الأسرى الدروس والمواعظ، والمسابقات الدينية الهادفة، وبعد الصلاة يكونون أحرارا كل حسب قدرته فى قيام الليل أو قراءة القرآن والكتب الهادفة، ففى رمضان يتسابقون فى التقرب إلى الله بالطاعات، فهناك من يختم القرآن أربع مرات ومنهم من يصل إلى عشر مرات، وأسير آخر يقوم ربع اللّيل وآخر نصفه، وذاك كله».
ويصف «سباعنة» محاولات الأسرى فى خلق أجواء من السعادة تأتى نتيجة واقع السجن المرير الذى يعيشونه، فيحاولون التعويض عن الأهل فيعدون الطعام وبعضهم يصنع الحلوى البسيطة من الخبز البائت والتمر واللبن، وآخرون ممن يمتلكون صوتا عذبا يقضون أوقاتهم فى النشيد وإقامة الأمسيات الرمضانية والسهرات الروحانية.


يتابع «سباعنة»: «يمنع الاحتلال أحيانا دخول الكانتينا قبل رمضان وفى أيام تضايق الأسرى أثناء تناول وجبة السحور وقطع الكهرباء عنهم، عدا عن منعهم من أداء صلاة التراويح فى الساحة بمعظم السجون».
ولكن على وصف سباعنة، فكل محاولات الاحتلال تفشل أمام تحدى وإصرار الأسرى فى إضفاء البهجة على أيامهم فى الصيام.
وأضاف أنه لعل من المضحكات المبكيات أن الأسرى يحاولون محاكاة الكنافة النابلسية التى تشتهر بها فلسطين، وخصوصا فى رمضان ولكن داخل السجون، تلك المحاكاة ليست كاملة لأن بعض المكونات تمنع إدارة سجون الاحتلال دخولها، منها بشكل مؤقت، ومنها ما هو ممنوع تماما كالطحين والجبن، كما أن الإدارة تمنع دخول الحلويات إلا فى العيدين فقط، مما جعل الأسرى يبتكرون طرقا جديدة لصناعة الكنافة من الخبز المجفف ومن مواد أولية وبسيطة.
وعن طريقة صنع الكنافة يحكى سباعنة: «يقوم عمال المطبخ من الأسرى بتجفيف لب الخبز الأبيض الذى يحتوى على حليب فى مكوناته، ويجمعونه فى صحون كبيرة ومن ثم يضعونها تحت الشمس لتجف وتنشف، ثم يرشون فوقها الجبنة الصفراء وأحيانا اللبن فى ظل عدم وجود الجبنة الصفراء».
وأضاف أنه بعد ذلك يضعونها فى «سدر» كبير ويحمونها على الفرن فى مطبخ السجن، وبعد جاهزيتها يرشّونها بالقَطر، ويضعونها فى صحون صغيرة ويتم توزيعها على الأسرى؛ وهو ما يتكرر فى مختلف السجون، خاصة خلال موائد الإفطار وفى أوقات معينة أخرى مثل مناسبة انطلاقات الفصائل».