الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عروس السماء المعجزة.. القديسة دميانة تستقطب الأقباط والمسلمين في الدقهلية.. تحدت الأمير الروماني بعد ارتداد والدها.. والملائكة تنقذها من الموت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في أقصى شمال محافظة الدقهلية وتحديد بلقاس يقع دير القديسة دميانة، والتي لقبت بـ"عروس المسيح، يتجمع الآلاف من الأقباط والمسلمين داخل القرية في شهر مايو من كل عام للاحتفال بمولد القديسة وتدشين كنيستها إلا أنه خلال العامين الماضيين ألغيت الاحتفالات واقتصرت على أداء الصلوات فقط وتلقي التهاني من القيادات بسبب الأحداث التي شهدتها مصر من استهداف لعدد من الكنائس، لتقرر الأجهزة الأمنية هذا العام الاحتفال بالمولد وإقامة الخيام للوافدين.

في عهد الملك قسطنطين تحولت منطقة براري بلقاس إلى كنائس ومنطقة عامرة بالأديرة وذكر المقريزي، عام 1436 أن المنطقة كان بها ثلاثة أديرة خربت فيما وهي دير المغطس ودير العسكر ودير يحمل اسم مار جرجس وفي عام 760 ميلاديًا أغرق البحر المالح المنطقة ودير القديسة دميانة ليعاد بناء الدير فى عهد الوالي السنان، حسبما أكد الدكتور محمد أحمد غنيم، أستاذ علم الاجتماع وصاحب الكتاب الأشهر فى المعتقدات والأداء التلقائي فى موالد الأولياء والقديسين.
ويقع الدير في منطقة وادي السيبسات بطريق جمصة ويضم 5 كنائس باسم السيدة العذراء والقديسة دميانة ومار جرجس وكنيسة المنامة التى تضم قبر الشهيدة وكنيسة حديثة بناها أصحاب إحدى الشركات الخاصة والدير الأثري والذي يضم سكن الراهبات ومدافن الأقباط والتي دفن بها والدة الباب تواضروس، بابا الإسكندرية بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

"قادت أربعين فتاة لحياة النسك والعبادة حتى الاستشهاد"
يقول الأنبا ديسقورس شحاتة، وكيل الدير، إن القديسة دميانة أول قديسة تنشئ حياة للرهبنة الجماعية بين الفتيات وقادت أربعين فتاة لحياة النسك حتى الاستشهاد وزهدت الحياة وهي في سن الخامسة عشر من عمرها.
واضاف ديسقورس أن القديسة ولدت في القرن الثالث الميلادي وكانت والدتها أمراة تقية وبارة وأبوها مرقس واليًا على إقليم الفرما وهي المنطقة الواقعة بين البرلس والزعفران وصاحب مركز مرموق وثروة عظيمة وإيمان مسيحي، وعندما رزق بتلك الفتاة عمدها في ديري الميمة ورباها على حب الكنيسة المقدسة.
وأضاف ديسقورس أن الفتاة عندما بلغت سن الشباب تقدم أحد العظماء لخطبتها ولكنها كاشفت أباها أنها وهبت نفسها لعريس السماء ولا تفكر في شيء آخر ورجته أن يبني لها مكانا منعزلا شمال المدينة لكي تتعبد فيه مع صديقاتها فاستجاب والدها لرغبتها وأحضر مهندسين ومهرة الصناع وشيد لها قصرا فخما ومضت القديسة مع أربعين عذراء وعشن داخل القصر في عبادات حارة وداومن على الصوم وعشن حياة الزهد والنسك.

"انقلاب الأب على المسيحية"
يؤكد الأنبا داود، أسقف المنصورة وتوابعها، أنه بعد مرور فترة كبيرة على اتخاذ القديسة دميانة للقصر مكانا للتعبد والنسك انقلب الإمبراطور دقلديانوس ضد المسيحية وأمر الناس بالسجود لألهته وأرسل إلى صديقه "مرقص" والد القديسة دميانة يدعوه للحضور إلى انطاكيا مع سائر الولاة لكي يسجدوا لألهته وعندما رفض "مرقص عنف وأغري بالمناصب حتى استمال وسجد للألهة.
وأوضح الأنبا داود، أن القديسة عندما سمعت خبر ارتداد والدها عن المسيحية ذهبت إليه في أنطاكيا واستطاعت أن ترده إلى إيمانه فعاد الى دقلديانوس ورسم نفسه أمامه بالصليب وأعلن إيمانه بالمسيح ورفض السجود للأصنام وحاول الإمبراطور أن يستميله مرة أخرى ولكنه لم يستجب فأمر الإمبراطور بقطع رأسه ونال الشهادة.

"دقلديانوس يبحث عن دميانة بعد ردها والدها إلى دينه"
يعود الأنبا ديسقورس شحاتة، وكيل دير القديسة دميانة، إلى سرد قصة الشهيدة دميانة، ليؤكد أن الإمبراطور الروماني أخذ يبحث عن أسباب ارتداد مرقص "والد الشهيدة" لحزنه على فقدانه صديقه بعد أن ارتد وقرر قتله، ليوشي إليه أحد وزرائه أن ابنته "دميانة" المقيمة بالزعفرانة حادت عن عبادة الألهة وجعلته إلها يكفر بنعمته وتعظ سائر من يأتي إليها أن يرفضوا الهتك ويعبدون يسوع ويثنون على الإيمان به.
وأضاف شحاتة أن الإمبراطور حينما سمع كلام وزيرة أمر أحد أمرائه بأنه يأخذ مائة جندي ويذهب إلى الزعفرانة ويخدع دميانة بكلمات معسولة لكي تعبد الإله "أبولو إله الحق"، وإن أطاعت يبني لها قصرًا أعظم من قصرها ويدفع لها من الأموال كل ماتريد وإن رفضت تعذب أشد العذاب.
واشار وكيل الدير إلى أن الأمير أخذ مائة جندي وقتل المئات في طريقه إلى الزعفرانة حتى وصل إلى قصر "دميانة:" وطالبها بأن ترتد وتعبد الألهة لكنها رفضت ليذيقها أشد أنواع العذاب هي ومن معها من الأربعين عذراء.

"ميخائيل يهبط من السماء والمئات يدخلون المسيحية"
"رفعت على إله تروس واتعصرت حتى سال دماؤها".. بتلك الكلمات وصف ديسقورس أنواع العذاب التي تعرضت لها القديسة لدرجة أن دمائها سالت كالماء على الأرض إلا أنها رفضت الارتداد وظلت على دينها، حتى ألقيت فى السحن وبجوارها العذارى، ومن الحزن نعسن بينما ظلت القديسة مستيقظة حتى جاءها رئيس الملائكة "ميخائيل: وأنار الضوء الشديد السجن وحياها ثم لمس جسدها الممزق بأجنحتة فشفيت من سائرالأوجاع وعند إحضارها في اليوم التالي إلى مجلس الحكم الذي أعده الأمير إلى أوفدة إمبراطور الروم وجدها سالمة لا يوجد بجسدها أي إصابات ليقرر المئات من الحاضرين الدخول فى الدين المسيحي بعدما شاهدوها سالمة، ليقرر الأمير قطع رؤوس كل من أمن بدينها.
وأشار إلى أن الأمير قرر أن يذيقها نوع آخر من العذاب بتشريح جسدها بأمواس حادة وبعد ذلك يدلك جسدها بقطع من شعر الخنزير مع الخل المعتق وألقيت في السجن وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة لينزل إليها الملاك ميخائيل ويبسط عليه جناحيه لتشفي من كل آلامها فيرى جميع العذارى من معها في السجن هذا المشهد ليغشي عليهن فأيقظتهن وأخبرتهن أن الرب أرسل ملاكه لكي يشفيها.
وأكد ديسقورس أن الأمير الروماني أرسل جنوده الى السجن لكي يعلم أن القديسة حية أم ميتة فوجدوها حية وسالمة، ليؤمن الجنود بالمسيحية فيقرر الأمير قطع رؤسهم، وقرر وضعها فى إناء كبير من شحم الخنزير والزفت وأوقد النار من أسفله إلا أنها لم تمت، حتى قرر الأمير مرة أخرى أن تقطع رأسها ورأس كل من آمن بها بالسيف لتستشهد هى ومن معها حتى انقضى زمن الإمبراطور دقلديناوس ويقرر الأمير قسطنطين بتعمير المنطقة وبناء كنيسة ودفنها هي ومن معها بناء على أوامر والدته التى علمت بخبر القديسة والأربعين عذراء". 

"عروس السماء المعجزة"
"شوفنا عامود نور بطول المنارة التي يعلق بها جرس الكنيسة وهالة كبيرة جواها القديسة دميانة وحولها الأربعين شهيد" هكذا أكدت تريزة مرقص، إحدى السيدات المترددات على الدير خلال الاحتفال السنوي، مشيرة إلى أنها حضرت عام 2003 إلى الدير في الليلة الختامية ووجدت من حولها يصرخ أن القديسة دميانة ظهرت أعلى الكنيسة لنجد هالة من النور تتحرك لمدة أربع دقائق وبها رسمة القديسة وحولها الأربعين عذراء لأقرر أن أحضر كل عام من محافظة سوهاج والاحتفال بالمولد.
أما حسناء عبدالله، إحدى المسلمات المقيمات بالقرية فأكدت أن جميع المسلمين بالقرية ومن حولها من القرى يأتون إلى هذا المولد لمشاركة الأقباط في احتفالاتهم مشيرة إلى هناك بعض الأمور التي حدثت في الأعوام السابقة كانت شاهدة عليها منها ظهور حمامة بيضاء أعلى قبة الكنيسة فى ليلة الاحتفال بتدشين الكنيسة، ما أصاب الجميع بالذهول وتأكيدهم بأن  روحها تجلت فى صورة تلك الحمامة، وأخرى بظهور ضوء يشع من قبة الكنيسة بصورة تشبه القديسة دميانة إلى حد كبير ومن حولها العذارى.
ولفتت حسناء إلى أن المسيحين يأتون إلى المولد وينصبون خيامهم في الساحة الفضاء المطلة على الكنيسة ويعتكفون بداخلها لأكثر من أسبوعين من جميع محافظات مصر، ويطلبون شفاعتها ومنهم من يطلب إعادة نظر نجلة او الإنجاب أو حلات مشكلات عويصة وبعضهم يؤكد وجود حل لمشكلاتهم بشفاعة الشهيدة.
يذكر أن براري بلقاس تشهد في الفترة من 1 حتى الـ20 من مايو الجار احتفالات كبري بتدشين الكنيسة والاحتفال بمولد القديسة دميانة.
وكان الدكتور أحمد الشعراوي، محافظ الدقهلية، قد شارك يرافقه القيادت الأمنية والتنفيذية الاحتفال بعيد الشهيدة القديسة دميانة والذي أقيم بدير القديسة دميانة ببراي بلقاس، بحضور نيافة الأنبا بيشوى، مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير القديسة دميانة.
وأكد محافظ الدقهلية، أن هذا الاحتفال رسالة تؤكد عمق الأخوة والمحبة والوحدة الوطنية بين نسيج الوطن ليس في الدقهلية وحدها ولكن في مصر كلها.
وقال الشعراوي:"أن مصر بلد المحبة والسلام"، مشيرًا إلى أن هذه هي الرسالة التي نوجهها للعالم، مضيفًا أن هذه الوحدة تقف على قاعدة راسخة جذورها ضاربة في الأعماق يعلوها بناء صلب متماسك لا تهزه العواصف فالمصريونأقوياء لا يمكن كسرهم أو تفتيتهم".
وأعرب نيافه الأنبا بيشوي، عن الشكر والتقدير والامتنان لمحافظ الدقهلية، وقيادات المحافظة، لحرصهم على المشاركة والحضور خلال هذا الاحتفال والتقليد السنوي احتفاء بالشهيدة القديسة دميانة.
وتحدث بيشوي عن تاريخ الدير الذي كان به تكريس أول كنيسة باسم الشهيدة دميانة، موجهًا الشكر للقوات المسلحة والشرطة على جهودهم في الحفاظ على مصر والمساندة التي يقدمونها لخدمة الوطن وبناء حضارته ومستقبله، مشيدًا بدور المرأة المصرية في قضايا الوطن، معبرًا عن أن دير القديسة دميانة أقدم دير في العالم بنته زوجه الأمبراطور "هليانة" وكان أحد محطات العائلة المقدسة في زيارتها لمصر.
واصطحب نيافة الأنبا بيشوي، محافظ الدقهلية، واللواء محمد حجي، مدير أمن الدقهلية والعميد محمد شرباش، مدير المباحث الجنائية، والعميد محمد علوان، مدير قطاع الأمن الوطني، في جولة تفقدية لمجموعة الكنائس القديمة داخل الدير، مستمعًا إلى شرح مفصل عن تاريخ الكنائس بالدير وتاريخ القديسة دميانة واستشهادها هي والأربعين راهبة معها دفاعا عن عقيدتهم الإيمانية ضد الوثنية.