الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الملائكة والشياطين

القس وجيه يوسف
القس وجيه يوسف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتحدث حضارات الشرق عن الملائكة والشياطين. فقد ذكرت الحضارات المصرية القديمة والحضارة الآشورية والحضارة الكلدانية الملائكة والشياطين باعتبارهم كائنات حقيقية تلعب دورًا ما فى الحياة البشرية. ولكن المعلومات التى يقدمها الكتاب المقدس تختلف كثيرًا عما نجده فى تلك الحضارات. بعض من هذه الحضارات القديمة قدمت الشيطان باعتباره إلهًا متنافسًا مع الله، وأن صراعًا مريرًا يدور بينهما يقع الإنسان ضحية له. أما الكتاب المقدس فيخبرنا بأن الله هو سيد الأرض كلها (زك 4: 14) وبالتالى فلا إله إلا هو، وليس غيره مَنْ يحرك الأحداث وفق مسرة مشيئته. تؤكد كلمة الله بأنه توجد بين الخلائق مجموعة من المخلوقات العاقلة الروحية. من بين هذه المخلوقات نجد الملائكة. وهم «أرواح خادمة» (عب 1: 14) تعتبر رسلًا لتحقيق إرادة الله فى العالم عبر تواصل يحدث بينهم وبين أنبياء الله ورسله الأبرار. وكثيرًا ما نجد الملائكة يحملون رسالة من الله. ونرى ذلك واضحًا فى البشارة الخاصة بتجسد كلمة الله (لو 1: 26). والملاك الذى حمل البشارة اسمه «جبرائيل»، أما الملاك الآخر المعروف باسم فى الكتاب المقدس فهو ميخائيل الذى هو «رئيس الملائكة» (يه 9). خلق الله هذه الكائنات الروحية فى حالة براءة. ولكن بعضًا منها عصى الله وسقط، وهكذا زالت عنهم مكانتهم الأولى (يه 6). والذين سقطوا هم الشياطين. 
ويسير الشياطين وبقية الأرواح الشريرة بالتبعية تحت سلطة رئيسهم «الشيطان». إن هَمَّ الشياطين الأول والأخير هو إفساد ملكوت الله على الأرض وذلك بمحاربة الكنيسة ككيان وكأشخاص. وقد بدأ الشيطان فى هذه الحرب يوم أن خدع بمكره أبوينا الأولين: آدم وحواء، فى الجنة بعدما شككهما فى وصية الله. وهو يسعى جاهدًا لإبعاد الناس عن الله وتعكير صفو حياة المؤمنين. وقد أشار السيد المسيح لحقيقة الشيطان 25 مرة في الأناجيل. وذكر المسيح فى متى 12: 24 أن بعلزبول هو رئيس الشياطين، وأن الشيطان هو «رئيس هذا العالم» الشرير (يو 12: 31)، أى «رئيس سلطان الهواء» (أف 2: 2)، الذى هو «إله هذا الدهر» (2 كو 4: 4). ويذكر الكتاب المقدس الشيطان 52 مرة، باعتباره العدو والمقاوم، و35 مرة باعتباره الشرير. كل هذه الإشارات ترسم لنا حقيقة شخصية هذا الكائن الشرير الذى يؤلب حياة الكثيرين. إننا لا نتحدث عن فكرة شريرة أو سيئة بل عن شخص وضع على عاتقه إيذاء الناس وإبعادهم عن محبة الله. هو كائن ساقط، ويحاول أن يجعل الكثيرين يسيرون على نهجه ويسقطون فى معصية الله. 
فى مجتمعاتنا الشرقية يخاف الكثيرون من الشيطان والأرواح الشريرة: «الجن والعفاريت». ويخشون من الشر الذى يمكن أن تسببه هذه الأرواح الشريرة لهم. هذا الخوف يدفع البعض لحياة فى ظل الرعب، ويدفع البعض الآخر للقيام بعمل ممارسات كثيرة محاولة منهم لإرضاء الشيطان، مما يحول حياتهم جميعًا لحياة مليئة بالعذاب. لكن الكتاب المقدس يعلمنا بأننا محفوظون بقوة الله (ا بط 1: 5). ولذا يجب أن نذكر فى هذا المجال أنه مع أن الشيطان كائن ساقط شرير يفعل كل ما بوسعه لمضايقة البشر، إلا أن قوته محدودة، وليست مطلقة. الوحيد صاحب القوة غير المحدودة، والموجود فى كل مكان، والذى يسود على الكل هو الله تعالى؛ ثم لا يجب أن يغيب عنا أن السيد المسيح أخبرنا بأن مصيرًا فظيعًا ينتظر الشيطان وأعوانه (مت 25: 41). لذا يجب أن يضع المؤمنون بالمسيح ثقتهم كاملة فيه وفى نصرته على كل قوى الظلام. فكلمة الله تؤكد لنا أن الشيطان لا يستطيع أن يمس المؤمنين بالله (1 يو 5: 18).