الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

"لنوحد أصواتنا للمحافظة علي الطيور".. شعار اليوم العالمي للطيور المهاجرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحيي برنامج الأمم المتحدة للبيئة بعد غد "السبت" اليوم العالمي للطيور المهاجرة 2018 تحت شعار "لنوحد أصواتنا للمحافظة على الطيور"، حيث يهدف الاحتفال إلى زيادة مستوى الوعي حول التهديدات - العامة منها والخاصة - التي تواجهها الطيور، من خلال مقارنة خبراتهم واهتماماتهم، ومشاركة قصصهم وأنشطتهم، وذلك على اعتبار أن الحفاظ على الطيور قضية عالية. 
ويعتبر عام 2018 عامًا انتقاليًا هامًا في تاريخ اليوم العالمي للطيور المهاجرة - وهو توحيد ممرات الطيور الرئيسية المهاجرة على كوكب الأرض، أو الخطوط الجوية التي تسلكها الطيور وهي: الممر الأفريقى الأوروآسيوي، وطريق شرق آسيا- أستراليا، والطرق السريعة للأمريكتين.
ويجرى الاحتفال باليوم العالمي للطيور المهاجرة في يوم السبت الثاني من شهر مايو من كل عام، وقد انطلقت هذه الاحتفالية للمرة الأولي عام 2006 فى إطار حملة توعية عن الطيور المهاجرة، وذلك بناء على اتفاقيتين دوليتين الأولى اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة (CMS)، والثانية الاتفاقية الدولية لصون الطيور المائية المهاجرة (الأيوا - AEWA). ثم تطورت الحملة من مجرد زيادة الوعي العام إلى وضعها على الأجندة السنوية للاحتفالات العالمية بالبيئة والتنوع البيولوجي بإشراف الأمم المتحدة. وتهدف الاحتفالية السنوية إلى زيادة الوعي بأهمية الطيور المهاجرة باعتبارها أحد أهم المكونات والمؤشرات المهمة للتنوع البيولوجي، بالإضافة إلى دورها في تنشيط سياحة مشاهدة الطيور كأحد الأنشطة الصديقة للبيئة والداعمة لقطاع السياحة وتطوير صناعة السياحة البيئية.
والطيور المهاجرة، تلك التي اعتادت إما على الهجرة اليومية، وإما الهجرة الموسمية التي تحدث مرتين في العام، وهي مرتبطة بالتغييرات في درجة الحرارة، أو مستوى هطول الأمطار.. وتقوم أغلبية الطيور والثدييات المدارية بالهجرات المحلية، فتهاجر إلى الأماكن الأكثر رطوبة أوقات الجفاف، وتعود إلى ديارها الأصلية مع بداية موسم الأمطار، قاطعة مسافات هائلة، تصل إلى 50 ألف كم في السنة، والبعض يستمر في الطيران من دون انقطاع، لمدة تصل إلى 100 ساعة بلا طعام أو ماء.
وتستعمل الحيوانات المهاجرة أكثر من بوصلة في تحديد اتجاهاتها أثناء الهجرة، فيهتدي بعض منها بالشمس نهارًا والنجوم ليلًا، ويعتقد كثير من علماء الأحياء، أنها تستعمل المجال المغنطيسي للأرض في تحديد مسارها في الأيام والليالي الملبدة بالغيوم.. وأثبتت التجارب التي أجريت على العصافير الدورية، والحمام الزاجل، وقصاص الماء، وجود الملاحة لدى الحيوانات المهاجرة، حيث اصطاد العلماء تلك الطيور من مواقع معينة وأخذوها إلى مناطق أخرى تبعد آلاف الكيلومترات عن أماكنها الطبيعية، فتمكنت أغلبيتها من العودة إلى الأماكن نفسها، التي اصطادها العلماء منها. 
وبعد أن تعرض كثير من هذه الطيور إلى الصيد الجائر، الذي هدد أعدادها، تعاهدت دول العالم من خلال مواثيق ومعاهدات، على حماية المهددة منها بالانقراض، ومنع الصيد، ومعالجة من يتعرض منها لأذى أو إصابات، وتربيتها في محميات طبيعية، لها الموائل نفسها، إلى حين قرارها بالهجرة إلى موطنها الأصلي، إن أرادت.
ومن بين الاتفاقيات الموقعة بين الدول الإفريقية والأوربية والآسيوية، اتفاقية AEWA، وهناك اتفاقيات إطارية بين دول إقليمية، مثل اتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية، في دول مجلس التعاون، التي تهدف إلى المحافظة على النظم البيئية وعلى الحياة الفطرية في حالة سليمة متنامية، خاصة الأنواع المهددة بالانقراض، ولاسيما عند انتشار هذه الأنواع عبر الحدود الدولية، لدولتين جارتين أو أكثر، أو حيثما تهاجر هذه الأنواع عبر تلك الدول.
وتهاجر ملايين الطيور كل عام على طول مسارات الطيران العالمية بين القارات، على سبيل المثال من أراضي التكاثر في أوروبا إلى مناطق التغذية الأكثر دفئا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتواجه بعض الطيور انخفاضا شديدا في أعدادها أكثر من أي وقت مضى.
 كما أن فقدان الموئل الناجم عن استصلاح الأراضي والتغيرات في الممارسات الزراعية العالمية فضلا عن الصيد غير المشروع يهدد الطيور المهاجرة في جميع أنحاء العالم. 
وقد أشار "برادني تشامبرز" الأمين التنفيذي لاتفاقية الأنواع المهاجرة، إلي أن الكوكب يتغير بسرعة مع موائل الطيور المتقلصة على طول مسارات الطيران العالمية، ونحن بحاجة إلى العناية بالنظم الإيكولوجية التي تدعم كل الحياة على الأرض. وإذا ما التزمنا بالتنمية المستدامة والحفاظ على الموائل التى نتشاطرها مع الطيور المهاجرة، ستستفيد الحياة البرية والناس على حد سواء، لأن مستقبلهم هو مستقبلنا.
وكشفت تقارير عالمية لعام 2017، أن الأنواع المهددة عالميا مثل طائر الدريجة يستخدم البحر الأصفر كموقع توقف رئيسي أثناء هجرته.. ويهدد استصلاح الأراضي وفقدان الموائل الأراضي الرطبة في البحر الأصفر وهجرة 50 مليون طائر مائي.. وهذه الموائل ذات أهمية حاسمة بالنسبة للطيور المهاجرة، وتزداد طلبات البلدان لتطبيق المواقع الهامة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.. وتعتبر الصين، التى اقترحت تطبيق سلسلة من 14 موقعا على البحر الأصفر، مثالا حديثا.. وهناك حاجة إلى وضع سياسات سليمة لاستعمال الأراضي لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وتعتبر الطيور البرية مؤشرات ممتازة لتغير استخدام الأراضي.. وستساعد حماية الطيور البرية وموائلها على حفظ أنواع أخرى من النباتات والحيوانات دون إعاقة النمو الاقتصادي. 
وقال "جاك تروفيليز" الأمين التنفيذي للاتفاق المتعلق بحفظ الطيور المائية الأفريقية- الأوروبية- الآسيوية المهاجرة، حيث تلعب الطيور المائية المهاجرة مثل بط غارغاني التي تصطاد لكسب العيش في منطقة الساحل الأفريقي دورًا هامًا في ضمان الأمن الغذائي للسكان في المنطقة.. ويشكل إشراك المجتمعات المحلية لممارسة الصيد المستدام والحفاظ على الطيور المائية وموائلها الرطبة المهددة جانبا أساسيا من أنشطة الرابطة في أفريقيا.. وتمثل الصحة هدفا آخر للتنمية البشرية فالنسور، التي لا تقدر بثمن، من الأنواع التي تعمل بوصفها الشرطة الصحية تنخفض بمعدل مقلق. ويشكل التسمم فضلًا عن التجارة في الطب التقليدي، نحو 90 % من وفيات النسور في أفريقيا. واليوم تتجه 75% من نسور العالم القديم نحو الانقراض.
وقد أظهرت دراسة أوروبية واسعة النطاق تناقص أعداد الطيور المهاجرة عالميًا.. وأن الطيور التي تنتشر بشكل واسع في مواسم عدم التزاوج هي أقل عرضة لانخفاض أعدادها من تلك الأنواع محدودة الانتشار.. وتحظى الطيور المهاجرة بفرصة القيام برحلات استثنائية أكثر من جميع الحيوانات الأخرى، لكن العديد منها أصبح يعاني من تناقص عددي كارثي.. ويصعب التنقل المتكرر لهذه الأنواع من عملية تشخيص أسباب التناقص، ولذا.. نجد أنفسنا في حاجة إلى دراسات بيئية دءوبة؛ لتحديد الأسباب بدقة في كل حالة على حدة. 
وقد أشارت دراسة نشرتها دورية "إيكولوجي ليترز"( Ecology Letters)  بيانات تفسر بشكل عام لماذا يكون بعض الطيور المهاجرة مهددًا بالنقصان عن غيره. 
وقد أظهر الباحثون ـ. من خلال تحليل 340 نوعًا من الطيور المهاجرة .. أن الأنواع التي تنتشر بشكل واسع في غير موسم التزاوج، مقارنة بانتشارها المقترن بالتزاوج، لا تتعرض أعدادها للتناقص، مقارنة بتلك التي تتبع نمطًا محددًا من الانتشار خارج موسم التزاوج.
وأوضحت الدراسة أن المسافات التي تقطعها بعض الطيور المهاجرة مذهلة، فطائر "الغابة المغرد" هو أحد الطيور الذي يزن 12 جرامًا فقط، ويطير مسافة قدرها 2500 كيلومتر بلا توقف فوق المحيط المفتوح، في هجرته التي يقطعها من غابات نصف الكرة الشمالي إلى شمال أمريكا الجنوبية، بينما يطير طائر "البقويقة مخطط الذيل" مسافة 12 ألف كيلومتر بلا توقف فوق المحيط الأطلنطي من ألاسكا، حتى نيوزيلندا، وتغطي طيور "الخرشنة الفردوسية القطبية" مسافة تقدر بثلاثة أضعاف مسافة الذهاب والإياب من الأرض إلى القمر أثناء فترة حياتها.
وتعتمد هذه الرحلات المدهشة على توافر أماكن الوصول المناسبة، فطائر "الكروان نحيل المنقار" الذي قارب على الانقراض الآن .ـ هاجر من أماكن تكاثره في سيبيريا إلى مناطق صغيرة في شمال أوروبا وجنوب أفريقيا، بعد أن تناقصت أماكن استقراره الشتوي الملائمة تناقصًا سريعًا خلال تحول الأراضي البرية الرطبة إلى أراضٍ مزروعة.. ومن المحتمل أن يمثل هذا الطائر أول حالة انقراض لطائر أوروبي منذ اختفاء طائر "الأوك العظيم" في منتصف القرن19.. وهناك أكثر من 1200 نوع من الطيور المهاجرة في العالم، وكثير منها قد يتضاءل عدده، إلى أن يندر أو ينقرض قبل أن نعرف السبب.. وخلافًا لهذا الشك العلمي، فلا بد من المسارعة الفورية في إجراءات الحفاظ على تلك الطيور، التي أعاق تخطيطها عدم التوصل إلى الأسباب العامة لانخفاض أعداد الطيور الهائل.. وبالرغم من أن هذا النوع من الطيور.. الذي يعاني تناقصًا في أعداده ـ. يتكاثر في مساحات واسعة ممتدة عبر أوروبا، إلا أنه يقضي موسم عدم التزاوج في منطقة صغيرة نسبيًا في غرب ووسط أفريقيا.. وقد وجدت الدراسة أن نمط الهجرة محدود الانتشار يرتبط بانخفاض أعداد هذه الطيور.
ويشمل تحليل قاعدة بيانات مجموع الطيور على مستوى أوروبا 340 نوعًا من الطيور.. وقد اختبرت الدراسة افتراضات عديدة حول سبب انخفاض أعداد حوالي 36% من أنواع الطيور الأوروبية المهاجرة، ليتبينوا أن النطاقات غير المخصصة للتكاثر لحوالي 40% من الأنواع محل الدراسة أكبر من النطاقات المخصصة التكاثر، وهو ما أطلق عليه الباحثون "هجرة واسعة الانتشار".. وقد وجد الباحثون أن هذه الأنواع أقل عرضة لانخفاض أعدادها، لدى أخذ العوامل الأخرى في الحسبان، مثل تأثير مسافة الهجرة، واستخدام الموائل، ونطاق البيئة المناخية. فعلى سبيل المثال.. يتكاثر طائر" نقشارة الغاب" في أجزاء واسعة من أوروبا، من بريطانيا حتى أوكرانيا، لكنه يعيش في موسم عدم التزواج في منطقة صغيرة نسبيًا، تقع بين غرب ووسط أفريقيا، ويتناقص هذا النوع بمعدل سريع. وعلى النقيض من ذلك، يعيش الطائر المغرد "هازجة الغاب" وتسمى أيضا هازجة القصب الأوروبية، في توزيع مماثل لطائر نقشارة الغاب، لكنه ينتشر في موسم عدم التزاوج في كل أنحاء منطقة جنوب الصحراء الكبرى لأفريقيا، ولذلك نجد أن أعداده مستقرة، أو في تزايد.. ويعد هذا الاختلاف في استراتيجية الهجرة مؤشرًا ممتازًا من حيث قدرته على التنبؤ بمدى التناقص في أعداد الطيور، ويتسق مع المخاوف المتزايدة بشأن تأثير عوامل التصحر، وفقدان الموائل، وتدهور أماكن المعيشة الشتوية للطيور المهاجرة الأوروبية على بداية موجة جديدة من التناقص في أعداد الطيور. إن بعض الطيور لا يظهر هذا السلوك من الهجرة الكلية ذهابًا وإيابًا من الموطن الأصلي، كما تفعل الطيور المغردة التي تقطع رحلتها كاملة نحو أفريقيا، لكنها توجد بدلًا من ذلك طيلة العام في بعض المناطق داخل نطاق الأماكن المخصصة لتكاثرها. وقد كشفت الدراسة أن هذه الطيور التي تقوم بالهجرة الجزئية أقل عرضة للتناقص بشكل ملحوظ من تلك الطيور التي تقوم بالهجرة الكلية، مما يشير إلى ميزة واضحة لهذه الاستراتيجية.
كما رصدت الدراسة أيضًا بعض العوامل الأخرى المؤثرة على مجموع أعداد الطيور المهاجرة.. فقد وجدت أن التناقص في الأعداد واضح في الطيور ذات المواطن المعينة (التي تسكن بعض أنواع المزارع)، والأنواع ذات الأجسام الصغيرة، وتلك الطيور التي لم تغير تاريخ وصولها الموسمي في أوروبا بين عام 1960 و2006 لبدء عملية التكاثر، استجابة للقدوم المبكر لفصل الربيع. وقد ينتج هذا التأثير الأخير عن أنواع الطيور المتأقلمة مع المناخ، على الرغم من احتمال أن توجد أنواع الطيور التي لا تتناقص أعدادها لأسباب أخرى في عشائر ذات تنوع كبير في مواعيد الوصول، بحيث يعمل الانتقاء الطبيعي لصالحها.
وهناك حاجة إلى دراسة أنواع تصنيفية أخرى، ومناطق جغرافية مختلفة؛ للقيام بتعميم هذه النتائج، لكن حاليا تعتبر نتائج هذا البحث خطوة كبيرة إلى الأمام في طريق توقع الاحتياج إلى القيام بإجراء للحفاظ على أنواع الطيور المهاجرة في العالم، من خلال الاعتماد على خرائط توزيع أماكنها الموسمية.. وتقوم وسائل التكنولوجيا الحديثة المستخدَمة مثل الشبكة المكونة من 300 برج من أبراج القياس الآلى عن بعد في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، كجزء من مشروع "موتس" Motus بتغيير معرفتنا بمسارات هجرة الطيور، والتحليل الدقيق للتهديدات المتوقعة خلال الدورة الموسمية للأنواع المهاجرة، مما يفتح لنا سبلا للتخطيط لإجراءات فعالة للحفاظ على هذه الطيور.. وأوضحت الدراسة، إلى أن المزيد من البيانات ليس كافيا وحده لإنقاذ الأنواع المهاجرة.. وقد شرعت المبادرات والاتفاقيات الطموحة الدولية منها والإقليمية للحفاظ على البيئة - مثل اتفاقية المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية، وخطة العمل الأفريقية الأوروبية الآسيوية للطيور الأرضية المهاجرة، والمشاركة الأسترالية الشرق آسيوية لحماية مسار الطيور - في جني ثمار التعاون المشترك في الحفاظ على البيئة، وذلك بسبب الاعتماد الشديد لكثير من الطيور المهاجرة على مناطق صغيرة في نقطة محددة خلال دورة هجرتها، مما يجعل الإجراءات الذكية الموجهة فعالة في زيادة الأنواع التي تعاني انخفاضًا في أعدادها. وقد قادت اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة تطوير خطة عمل لنحو 15 نوعا من الفصائل في أفريقيا وأوروبا وآسيا عبر أكثر من 120 بلدا.. وستوضع سياسات استخدام الأراضي السليمة بيئيا التي تقدم للتنوع البيولوجي والناس أيضًا على جدول الأعمال.. إن الحفاظ على الطيور المهاجرة والموائل التي تعتمد عليها يساهم في مستقبل مستدام لجميع أنواع الحياة على الأرض.