الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"يوسف البار" بقلم الأب هاني باخوم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احتفلت الكنيسة الكاثوليكية فى الأول من مايو، بعيد القديس يوسف النجار، العامل. يوسف البار، خطيب العذراء، لا تذكر الأناجيل عن فمه أى كلمة، يظهر مرات قليلة فى الأناجيل؛ أثناء ميلاد المسيح، وعند وجوده فى الهيكل، معروف عنه أنه رجل بار، وليس أكثر من ذلك، فمن هو يوسف البار؟
يوسف هو رجل من سلالة داود النبي، اسمه يعنى بالعبرية «الشخص الذى يَضمُ»، «الشخص الذى يحتضن شيئًا ليس له»، يوسف كان لديه مشروعه الخاص لحياته؛ عائلة، أطفال، حياة عادية مثل أى رجل عبرى صالح، يخاف الرب ويتمم أوامره، وأول وصية فى التوراة هى أن يتكاثر الإنسان وينمو فيحصل على أبناء له، وبدأ يوسف فى تحقيق مشروعه، يخطب مريم وينتظر إتمام الزواج.
وفجاة يجد مشروعه يتغير أو بالأحرى يتحطم، يجد خطيبته حاملا، دون أن يتساكنا. كم هى صدمتك يا يوسف!! كل شىء يسقط ويتلاشى، وأمام ذلك لا يُهلُك مريم، لا يًحكم عليها كما كان يجب، لا يُشهّر أمرها، ولكنه يقرر أن يرسلها سرًا، يبعدها عنهِ فقط دون أن يؤذيها، يوسف يبرر مريم لذا هو بالفعل بار، فالبار هو الذى يبرر الآخرين ولا يدينهم. البار هو الذى يخلص الآخرين ولا يهلكهم وإن كان يستطيع إهلاكهم. البار هو الذى يرد على الشر بالخير كما يقول شاول لداود: «أنت أكثر برًا منى لأنك جازيتنى خيرًا على الشر الذى صنعته لك» (1صم 24: 17).
وعندما يقرر ذلك، يظهر له ملاك الرب فى الحلم ويقول له: «يا يوسف يا ابن داود، لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم إلى بيتك» (مت 1: 20). لا تخف أن تضمها إلى بيتك، لا تخف أن تحتضن الابن الذى سيولد منها فى بيتك، والبيت يعنى العائلة، لا تخف أن تضم من ليس لك لديك. 
فقام يوسف، وفعل كما أمره الملاك، تقبّل مشروع غير مشروعه الخاص، تقبَل أن يترك مخططه من أجل مخطط الله، فهو بار ويعلم أن فى مخطط الله يتحقق أيضًا مشروعه الخاص بطريقة أعمق وأكبر وأجمل، ولكن أيضًا بطريقة مختلفة، يوسف يحتضن ابنا ليس بابنه، يوسف يضم لبيته امرأة لن تكون زوجته، يوسف بهذا يحقق رسالته الكامنة فى اسمه، فى هويّته، فمشروع الله هو تحقيق لذات الإنسان قبل أن يكون تحقيقا لمخطط الله.
يوسف البار هو كلمة لكل من يرى أن الله يدعوه أن يغير طريقه، أن يغير اتجاهه، أن يحتضن شيئا لم يفكر فيه؛ دعوة، زواج، بتولية، حدث لم يكن ينتظره.... يوسف هو كلمة له، تحثه أن يتشجع، ألا يخاف أن يأخذ هذا فى بيته. فليثق أن الرب لن يخدعنا، لن يضللنا، فى مشروعه ملء حياة لنا. حياة أكبر وأعمق وأفضل.