الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

7 ملايين وحدة سكنية مغلقة والمصريون يبحثون عن مأوى.. الدولة أنفقت المليارات لصالح محدودي الدخل.. ومافيا "التسقيع" نهبتها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تكف الشكوى ولا تنتهى مطالب البحث عن شقة، ليصبح ملف الإسكان الاجتماعى مثل ملف الدعم، كلاهما لا يصل إلى مستحقيه على الأقل حتى الآن، وتطالعنا الأرقام بوجود أكثر من ٧.٧ مليون شقة مغلقة، فيما تظل طلبات الحجز على مشروعات الإسكان الاجتماعى فى تزايد مستمر، فمن أين تأتى تلك الفجوة، وكيف نقضى على ظواهر التسقيع والسمسرة والسبوبة التى من جانب أفراد ومقاولين وموظفين بالمحليات يقومون بشراء شقق الغلابة من الباطن وتسقيعها لسنوات من خلال غلقها ثم بيعها لاحقا بأثمان مضاعفة، بلا رقيب أو رادع؟ 
أعلنت وزارة الإسكان والمرافق عن بدء الحجز لـ ٥٠٠ وحدة خلال العام الجارى فقط فى مشروعات الوزارة التى تصنفها ما بين مشروعات محدودى الدخل ومشروعات الإسكان الاجتماعى، ووضعت لها شروطا مجحفة تشير إلى جدية الحجز وعدم تدخل المحسوبية، ورغم ذلك نجد ملايين مهولة مهدرة على خزانة الدولة أرجعها خبراء إلى الفساد وسوء الإدارة، فيما قدر تقرير صدر حديثا أن الثروة العقارية المهدرة تبلغ ٤ تريليونات جنيه، وجاء فى التقرير: «لا نحسن الاستفادة منها ونهدرها فى شكل وحدات سكنية يتم الإنفاق عليها بالمليارات، وفى النهاية يتم حجزها من قبل أشخاص ليسوا فى حاجة إليها ويغلقونها لبيعها بعد فترة بأسعار خيالية، وكان البنك الدولى قد قدر حجم الثروة العقارية المهدرة فى العام ١٩٩٧، بنحو ٢٤٠ مليار دولار. 

ووفقا لتقديرات أخيرة، يبلغ عدد تلك الوحدات المغلقة ما بين ٧.٧ – ٨ ملايين وحدة، لا يتم الاستفادة بها سواء تلك التى يتم تسليمها ضمن مشروعات الإسكان أو التابعة للقطاع الخاص، وأحيانا يكون سبب غلقها هو عدم قدرة أصحابها على إنهاء تشطيبها بحسب ما أقرت به، مستشار وزير الإسكان لشئون قطاع الإسكان والمرافق، حيث قال: يوجد ٤.٤ مليون وحدة غير مستغلة، كما يوجد حوالى ١.٨ مليون وحدة إدارية وتجارية ومخازن غير مستغلة، وهناك ٢ مليون وحدة أغلقها أصحابها إما لسفرهم، أو انتظارًا لأولادهم حتى يكبروا، إضافة إلى تلك التى ينتفع بها أصحابها بنظام الإيجار القديم ويغلقونها بسبب بضعة جنيهات يدفعونها فى الوقت الذى لا يستطيع أحد إجبارهم على تركها أو تسكينها للغير.

التسقيع والمحسوبية
تأتى قضية «تسقيع» وحدات الإسكان الاجتماعى فى مقدمة أسباب إهدار الثروة العقارية، فمشروع «ابنى بيتك» الذى كان الرئيس السابق حسنى مبارك قد بدأه إبان ترشحه لفترة رئاسية أخيرة فى ٢٠١٠، تقدم إليه الكثير ممن حجزوا فيه بغرض الاستثمار حاضرا أو مستقبلا، ومن لم يقم بالحجز بغرض بيعها للغير فالنية متوفرة لاستلام الوحدة وغلقها فور الانتهاء من شروط جهاز التنمية العمرانية بالوزارة، على أن يتم استكمال التشطيب بالبطيء لأن معظم الحاجزين كانوا من محدودى الدخل.
ولا مانع من تدخل المحسوبية فى توزيع بعض الشقق على بعض المعارف للعاملين فى المحليات، وإن كان عددهم لا يقارن بعدد تلك الوحدات التى جرى العرف على «تسقيعها»، فالشروط لا تجبرك على السكن فى مدة معينة، لكن تلزمك بالتسديد لكامل الأقساط، والتشطيب الظاهري، وتسكن على مهلك، فما يهم الوزارة فى مشروعاتها أن تذر الرماد فى العيون، «أهو إحنا بنبنى ونوزع شقق بس الناس اللى مش بتسكن.. نعملهم إيه!».

وأكد «عمرو حجازي» نائب رئيس جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجارات القديم، أن استمرار قانون الإيجار القديم بوضعه الحالى يكرس لأزمة الإسكان فى مصر، ويقضى على إمكانية الاستفادة من أى حلول لتلك القضية فى الحاضر أو المستقبل، ما لم يعد النظر فيه، منوها إلى أنهم فى الجمعية بح صوتهم سواء على المستوى التشريعى بتقديم مسودة قانون لأعضاء البرلمان لإلغاء هذا القانون لفك قيد وغلق ما يقرب من ٨ ملايين وحدة سكنية، أغلبها مؤجر بقيم إيجارية لا تتجاوز بضعة جنيهات، ما يجعل صاحبها عاجزا عن الاستفادة منها، وكذلك استفادة مؤجر جديد منها، بينما يتم غلقها لا لسبب غير رخص إيجارها فتتفاقم أزمة الإسكان دون سبب حقيقي.
وطالب نائب رئيس الجمعية بضرورة طرح القانون فى شكله الجديد على البرلمان فى دورة انعقاده الحالية دون تأخير، وذلك بعد عقد جلسات حوار مجتمعى لعرض جميع جوانبه والوصول لأفضل صيغة له تحقق الفائدة المرجوة من تلك الوحدات.

وفى محاولة لفهم دور «المحليات» وتدخلها فى عملية «التسقيع»، وضح عبدالرحمن حسن خبير الإدارة المحلية، القول بوجود رشاوى ومحسوبيات فى بعض الأجهزة المحلية فى توزيع الشقق والوحدات السكنية فى المشروعات التى يتم الإعلان عنها، لكن المشكلة أنه لا يمكن ضبطها أو رصدها كلها، وهذا يمكن تعميمه فى كثير من القطاعات بالجهاز الإدارى فى الدولة وليس قطاعا بعينه، لكن فرصة ظهوره أكثر فى الإدارات المحلية والوحدات والمراكز والمدن التى يكون فيها التقديم للوحدات بشكل مباشر مع الموظف، لكن المشروعات التى يكون فيها الحجز عن طريق مكاتب البريد أو البنك تقل فيها المحسوبيات لانعدام الاحتكاك مع اللجنة.
وأشار «حسن» إلى أن وجود المجالس الشعبية المحلية يعد الحل لمنع انتشار تلك السلوكيات ونحن نعلم أنها غير موجودة منذ ٢٠١١ فى إشارة إلى وجود فراغ مؤسسي، وربما هذا يجعل وجودها الآن ضرورة ملحة ويجب التعجيل بها، والحديث عن وجود مجاملات مع أعضاء البرلمان فى حجز وحدات لمعارفهم كلام لا يمكن إثباته بسهولة مع أن الحديث عنه متكرر، لكن من يمكنه الرقابة والضبط على الجميع هم أعضاء المجالس المحلية.