الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"معالج روحاني".. سبوبة للنصب على المرضى.. تعديلات على قانون 198 لسنة 1956 لتنظيم المهنة.. منال العطار: 5 شروط للعمل في هذا المجال.. فرويز: ثقافة المجتمع تدفع الناس للبحث عن الدجالين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الطب النفسي فرع من فروع الطب، وقديم قدم الإنسان، حيث يمُر بمراحل عديدة لفهم الاضطرابات النفسية وأساليب علاجها، كما يعتمد في العلاج على عدد من الأساليب؛ الكيميائية والعضوية والنفسية والاجتماعية، بما يتناسب مع الحالة المرضية.
مفاهيم خاطئة
ورغم أن التقارير العالمية تؤكد، أن الاضطرابات النفسية لا تُشكل سوى 10% من الاضطرابات النفسية العديدة الأُخرى، إلا أن الكثير من الناس يظنون أن الطب النفسي مُرتبط بعلاج الجنون فقط، حيث أن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة بُنيت على الخرافات وعدم المعرفة والجهل بطبيعة الأمراض النفسية والعلاج النفسي، والتي أدت بالعديد من الأشخاص داخل مصر، والمجتمع العربي بشكل عام، أن يُحجم عن الذهاب إلى الطبيب أو المعالج النفسي.
وتعود الوصمة المدموغ بها المرض النفسي إلى؛ الاعتقاد السائد لدى الناس، وبعض شيوخ السلفية، بأن المريض النفسي مُلتبس بالجن أو شيطان أو تحت تأثير السحر أو العين أو الحسد، وفي ظل انتشار الشاشة الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، برز دور من يدعمون هذا الاعتقاد لإبداء آرائهم بقوة أمام الشاشة.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تحولت، بعض الشاشات الفضائية، الى داعم رئيسي لتأصيل الاعتقاد القائل؛ إن المريض النفسي مُلتبس بالجن أو تحت تأثير السحر، وذلك حتى يمهدوا الطريق أمام العديد من المرضى النفسيين لقصد الشيوخ، الذين أطلقوا على أنفسهم معالجين روحيين ويزعمون أنهم متخصصون في علاج التلبس وإزالة أثر السحر والعين والحسد مُقابل ثروات وأموال طائلة.

قوانين للمواجهة 
ومؤخرًا، أعلن المجلس القومى للصحة النفسية، البدء فى دراسة إجراء تعديلات على القانون رقم 198 لسنة 1956، لتنظيم مهنة "المعالجين النفسيين"، تتضمن ضوابط ممارسة هذا العمل، وتحديثها وفق مقتضيات العصر، بما يواجه "النصب" على المرضى ممن اصطُلح على تسميتهم "المعالجين الروحانيين".
ويستهدف التعديل، تقنين التعامل مع المرضى النفسيين من غير الأطباء، للحد من ظاهرة سوء استغلالهم، من المعالجين غير المؤهلين، وصولًا لما قد يتعرضون له من ظواهر نصب؛ على يد من يطلقون على انفسهم المعالجين الروحيين.



منال العطار: 5 شروط للعمل "معالج نفسى"

وقالت الدكتورة منال العطار، الأمين العام للمجلس القومي للصحة النفسية، إن التعديل لا يسرى على الطبيب النفسى، وإن "المعالج" يكون خريج قسم علم النفس الإكلينيكي بكلية الآداب، ولا يحق له العلاج بأدوية، ولكن يُجرى جلسات العلاج النفسى بعد كشف الطبيب على المريض وتحويل الحالة له لإجراء جلسات نفسية، مؤكدة انه لن يكون مسموحًا له تشخيص حالات مرضى أو كتابة أدوية لهم، لأنه تخصص الطبيب وليس المعالج.
وأضافت العطار، أن المجلس يعكف على دراسة القانون الأصلي الموضوع منذ الخمسينات، والعمل على تعديله بما يتواكب مع مستجدات العصر، بدءًا من تعديل ألفاظه، والوظائف، والمهن الموجودة به، بما يضمن مصلحة المريض النفسى، وتعديل أى عوار يظهر فى القانون لحفظ حقوق المواطنين.
وأوضحت أن التعديل التشريعى يستلزم 5 شروط للترخيص للعمل كـ"معالج نفسى"، وأن تلك الشروط لا تنطبق على الأطباء النفسيين، لافتة إلى أن الترخيص الذى ستمنحه الوزارة للمعالج النفسى، بموجب القانون، يسرى لمدة 5 سنوات، على أن يكون تجديده بامتحان يُعقد بواسطة لجنة متخصصة، وبعد حصول المعالج على تدريب متخصص من إحدى الجهات المعتمدة لتطوير قدراته ومهاراته الإكلينيكية، حسب نظام تحدده لجنة الترخيص.
وتابعت: "المعالج النفسى يتولى علاج الحالات النفسية فى أحد مراكز العلاج النفسى، ولا يجوز له علاجهم إلا بعد التشاور مع طبيب نفسى لاستبعاد الأسباب العضوية لنشأة المرض النفسى، أو احتياجه لعلاج طبى، على أن يجوز للمقيدين بسجل المعالجين النفسيين إنشاء مراكز خاصة للعلاج النفسي". 
ونوّهت العطار، بأن التعديل المقترح سيتضمن عدم جواز تصدى المعالج النفسى لتشخيص العلل والآفات الجسمية أو علاجها أو مباشرة أى علاج عضوي، مما لا يجوز لغير الطبيب أن يزاوله، ومحظور عليه الكشف على جسم المريض أو النصح إليه بأية وصفات طبية أو دوائية.
وأشارت الأمين العام، إلى أن التعديل سيُبقى على عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز سنتين، وبغرامة لا تزيد على 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يزاول مهنة المعالجين النفسيين، دون أن يكون اسمه مقيدًا فى جداول المعالجين النفسيين من غير الأطباء النفسيين بوزارة الصحة والسكان، وفى حالة العودة يُحكم بالعقوبتين معًا.

جمال فرويز: ثقافة المجتمع تدفع الناس للبحث عن النصابين

من جانبه، يقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن إجراء تعديلات على القانون رقم 198 لسنة 1956، لتنظيم مهنة "المعالجين النفسيين"، ليس كافيًا للقضاء على ظاهرة انتشار من يسمون أنفسهم؛ مُعالجين روحيين، كون الأزمة تكمن في ثقافة المجتمع نفسه، حيث يؤمن كثير من الناس بأن هناك عنصرًا خارجيًا يتحكم في حياته، يجعله يُقدم على أشياء ويؤخر عن أشياء أُخرى.
ويضيف فرويز لـ"البوابة نيوز": "للأسف ثقافة المجتمع تدفع أغلب الناس للبحث عن النصابين أو من يُطلق عليهم معالجين روحانيين، حتى بدون وجود إعلانات تلفزيونية وقنوات تروج لهم". مُشيرًا إلى أن تلك الظاهرة لاقت رواجا مُنذ السبعينات بسبب انحدار الثقافة المُجتمعية، لدرجة أن بعض الشخصيات العامة، التى يراها الكثيرون نموذجًا للتحضر، تعاود الذهاب لبعض هؤلاء النصابين بين حين وآخر.
واختتم فرويز قائلًا: "نحن في حاجة إلى إعلام مرئي، متمثلًا في؛ أفلام أو مُسلسلات أو برامج، لرفع ثقافة المواطنين فيما يخُص الأمراض النفسية، كونها مرضًا عضويًا، وليس لأن شيئًا آخر يتحكم في حياتهم، كالجن والحسد والسحر والأعمال، وغيرها من الخرافات".