الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عزيزتي العزباء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلم بأن أغلب أصدقائك قد تزوجن، وأعلم أنهن يتعمدن إظهار تعاستهن وإبغاضهن للحياة الزوجية ويزيفن حقدهن على العازبات مثلك ممن يملكن حريتهن ويعشن دون أدنى مسئولية.
أعلم بأنك تتمنين أن تخوضى تجربة العيش مع شخص تحبينه ويمنحك السعادة مثل فتيات العالم أجمع رغم اختلاف ثقافتهن، وأعلم بأنك لا تصدقين زيفهن (صديقاتك المتزوجات) واصطناعهن التعاسة فى الزواج، وبأنك رغم رسمك القوة من الخارج إلا أنك مقتنعة بأن لا سبيل تملكين إلا الزواج، ولا وصول إلى هدف لديك من الممكن أن يتحقق إلا بالزواج، وبغض النظر عن إيمانك من عدمه بالحب ففى كل الأحوال لا راحة لكِ إلا بالزواج... عزيزتى العزباء، أشعر بك جيدًا ولا أطلب منك بأن تصدقين صديقاتك، ولكن أعذريهن، فهن مثلك تمامًا، ليس أكثر.
تربيتن جميعًا بلا استثناء على أن وراءكن هدف عظيم، من تفشل فى تحقيقه منكن قد أسقطت سبب وجودها فى الحياة... ابتدعوا كل الطرق الممكنة لخنق آدميتكن التى لن تنلنها إلا بحرية، ولن تنلن حريتكن تلك حتى تتزوجن، فهى الخطوة الأولى ناحية بداية حياتكن، وكأن كل ما قد فات لا شىء، مجرد مرحلة تجهيز مثل الجنين فى بطن أمه يتجهز فقط لا أكثر فى كل هذه الفترة لكى يبدأ حياته فيما بعد.. فكما أغلب الأجنة، استعجلتن الرحيل، أردتن أن تكتشفن ذلك العالم الذى ينتظركن لكى تعشن، وكما الأجنة، لم تعرفن أن هذا العالم مجرد واقع قد كتبه الله على الإنسان، واقع يحمل من المر والحلو على حد سواء، وعلى حسب الإنسان الذى يعيش ذلك الواقع يكون تفسيره له وتقبله له بنسب متفاوتة، فالمتشائم سيكره العالم كله لبضع مشاكل يمر بها، والمتفائل سيرى الأفضل فى كل فرصة وكل عيب... فنعم يا سيدتي، صديقتك لا تكذب، ولكنها صدمت بالواقع الذى استعجلت الوصول إليه وكأنه الجنة فوجدته بمشاكله ومسئولياته فوضعته فى قالب التشاؤم فلم تستطع أن ترى بوضوح كل المميزات التى لا زلتِ أنتِ تحلمين بها كل ليلة وتنتظرينها رغم أنها تملكهم بالفعل.
عزيزتى العزباء، استعجلى الأقدار كما تشاءين، ولكنك لن تأخذى سوى ما كتب لك، ولم يكتب لكِ سوى ما ستفعلينه أنت بنفسك، فاختارى أن تصدقيهم وتصدقى أن الزواج حريتك رغم أنه مسؤلية، صدقى أنك لست حية حتى تتزوجين، فعندما تتزوجين تنصدمين بواقع يقول بأنك متِّ للتو، فليس أمامك أكثر لتفعلين بالحياة لبلوغك بالفعل الهدف التى ولدتِ من أجله، ولا يوجد فى ذلك العالم أكثر ليعطيه لك، واختارى بمحض إرادتك تصديق أن الرجل مصباح علاء الدين، فبه ستتحقق جميع أحلامك، الأفلام الرومانسية التى عشتِ بها كثيرًا، المال الكثير والراحة، السفر والخروج والرجوع وقتما تشاءين، وكأنك ستتزوجين كائنًا من عالم آخر، ليس أخيكِ الذى لطالما حقدتِ على حريته وكرهتِ تحكمه المبالغ فيه بكِ، ولا كأنه ليس قطعة من أبيكِ الذى حلمتِ من الأساس بترك بيته لأسباب أنتِ وحدك أدرى بها.. فليس الذكر كل ذاك بل إنه إنسان ربما أضعف منك، يحمل هم الكون وزواجه منك من الأساس بداية قيده وخنقته وتحمله المسئولية التى لا ينفك أن يفكر بها حتى فى وقت نومه، صدقى إن أردت أنه سوف يكون لكِ الجنّى الذى سيحملك فوق كفيه ويعوضك عن كل ما عايشته فى حياتك السابقة (فترة ما قبل الحياة) عوضًا عن أنه سيرمى عليك بعض مما يحمله من مآسٍ، فتكونين كما كنتِ وكما ستظلين دائمًا (شايلة بدل الهم هموم).
حبيبتي.. لا تصدقين كل ما يقال لك، ولا توقفين حياتك تحلمين بما سيكون، فقط كونى الآن أو لا تكونى على الإطلاق.. فالزواج رزق ونعمة لذا يجب أن يكون مبروكًا ليس مربوكًا... تزوجى وأنتِ تعرفين من أنتِ ومن تكونى ومن ستكونين، تزوجى وأنت تعرفين من تتزوجينه كمعرفتك لنفسك تمامًا، تزوجى عن حب، وقبل ذلك عن فهم. تزوجى وأنت تعرفين أن الزواج مسئولية ليس جنة بلا مشاكل، تزوجى ناضجة لتتحملى تلك المسئولية دون أن يقع عليكِ عبء الصدمة فى الواقع.. كونى الفيلم الرومانسى الذى تمنيته وعيشيه حتى لو لم يساعدك هو فى ذلك، يكفى أن تكونى مدركة لطبيعة حبيبك الذى تشاركينه الفراش كل ليلة، فلا تطلبى منه أكثر مما يحتمل أن يعطي، ويكفى أن تسعدى نفسك دائمًا وأبدًا، فبإسعادك نفسك دون انتظار ذلك من أحد، ستسعدينه، وتسعدين بيتك، وتسعدين العالم من حولك، وتكونين من المتزوجات اللائى لا ينشرن التعاسة والبغضاء فيمن حولهن من حالمات، بل تريهم ما به من سعادة، وكل ما به من مسئولية وعناء... كونى ناضجة قبل كل شىء، فالزواج ليس إلا خطوة فى حياة طويلة عريضة، ليست حلمًا، ليست هدفًا، ليست بداية ولا نهاية، فقط خطوة من عدد خطوات لا منتهى فى حياتك التى تبدأ مع نزولك من بطن أمك، فعيشيها كما ينبغى لها أن تعاش.