حرص الفنان الراحل نور الشريف، على احترام عقلية جمهوره ومتابعيه طوال تاريخه الفني الذي امتد على مدار نصف قرن، فصراحته وانحيازه المطلق للفن الراقي الذي اعتمد تقديمه في الكثير من أعماله السينمائية، وبالتحديد فيلم "ناجي العلي" كاد ان يطيح بمستقبله الفني للأبد، لولا تكاتف المخلصين والشرفاء من أبناء الوسط الفني والوقوف بجانبه حتى نجح في عبور الأزمة منتصرًا.
ناجي العلي وغضب السلطة
في عام 1992 قام الفنان نور الشريف بإنتاج واحد من أهم أعماله السينمائية وأكثرهم إثارة وجدلًا وهو فيلم "ناجي العلي"، حيث تعرَّض الراحل لحملة انتقادات واسعة؛ بسبب مهاجمة الفيلم للعديد من الأنظمة العربية.
الفيلم أثار حفيظة الأنظمة العربية التي طالما هاجمها العلي في رسوماته بضراوة، خاصة أن الفيلم لم يتخذ جانبا محايدا في هذه النقطة، بل أبرز صور هذا الهجوم من خلال الحوار، وعلى لسان بطله، ما أدى إلى منع عرض الفيلم في معظم البلاد العربية.
أما في مصر فكانت ردود الفعل شديدة العنف، فقد تعرّض نور الشريف لموجة من الاتهامات القاسية بالخيانة والتواطؤ ضد الدولة المصرية، وقد خرجت الصحف المصرية وقتها لتقول "نور شريف يقدم فيلمًا عن الرجل الذي شتم مصر".
الفيلم لم يعرض سوى لمدة أسبوعين فقط في دُور العرض، ليتم سحبه بعدها مباشرة نتيجة الهجوم الذي تعرّض له، ما أدى لعزوف الجمهور عن مشاهدته من جهة، وخوف أصحاب دُور العرض من رد فعل الجمهور من جهة أخرى ليظل ممنوعا من العرض لعقود، بل ليظل اسمه لعنة تطارد الشريف وشركاءه.
الفيلم ظل ممنوعا لما يقرب من اثنين وعشرين عاما، ليعرض للمرة الأولى على التليفزيون المصري في 2014، ليعلن انتصار نور الشريف وفريق الفيلم في المعركة التي حاربهم فيها الجميع، والتي شرعت في وجوههم كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، وليعلن أن أحدا لا يستطيع منع الكلمة من أن تنتشر وتحلق وتدوي.
سواق الأتوبيس ومساوئ الانفتاح
جسّد نور الشريف في الفيلم شخصية "حسن" الشاب المكافح الذي يعمل سائق أتوبيس، وبعد الظهر يعمل سائق تاكسي، لتحسين دخله، ويستطيع أن ينفق على زوجته التي تزوجته على غير رضا أهلها، الذين يريدون لها زيجة مريحة ومستوى اجتماعيا أفضل، فيبذل حسن قصارى جهده ليوفر لها المستوى المادي المطلوب، وفي أثناء ذلك تحجز الضرائب على ورشة الخشب التي يمتلكها والده، فيسعى حسن بكل الطرق كي يجمع المال المطلوب لسداد ديون والده.
دور رائع لنور الشريف، الذي امتلك أدواته كاملةً لهذا الدور، الشهامة والرجولة والأصالة، ويُعتبر المشهد الأخير من الفيلم مثاليّا بكل ما تعنيه الكلمة، ليحصد نور الشريف عن دوره في هذا الفيلم جائزة أفضل ممثل "الطاووس الفضي من مهرجان نيودلهي– الهند"، وبذلك كان أول ممثل مصري يحصل على جائزة دولية.
أهل القمة وبداية اندثار الطبقة الوسطي
استطاع فيلم "أهل القمة" المأخوذ عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، أن يرصد مجمل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي صاحبت قرارات الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس السادات، وما ترتب عليها من صعود موجة من اللصوص ورجال الأعمال المشبوهين إلى القمة، بينما يواجه أبناء الطبقة المتوسطة مصيرًا غامضًا في القاع.
وتدور الأحداث حول اللص زعتر النوري "نور الشريف"، الذي يعمل لدى "زغلول" صاحب إحدى شركات الاستيراد والتصدير، يستغل "زغلول" إمكانات "زعتر" ويكلفه بمهام مشبوهة تتعلق بتهريب بضائع من الجمرك.
يتعرف زعتر على سهام شقيقة ضابط المباحث "محمد" ويربط الحب بينهما مما يثير غضبه، يستقل "زعتر" عن "زغلول" ويبدأ منافسته، يتقدم "زغلول" للزواج من "سهام" ويرحب به "محمد"، يكشف له "زغلول" حقيقته ولكنه لا يصدقه، تهرب "سهام" مع "زعتر" ليتزوجا، يتأكد "محمد" من حقيقة "زغلول" لكن مكالمة تليفونية له من مسئول كبير يأمره بحفظ التحقيق وينقل "محمد" إلى أسيوط.
