الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"ترام مصر الجديدة".. تائه بين "النقل" و"القاهرة".. أهالي الزعفرانة: أصبح وكرًا للصوص والمخدرات.. رئيس الحي: تطوير المحطات مسئولية "النقل".. و"المترو": الترام يتبع "المحافظة"

ترام مصر الجديدة
ترام مصر الجديدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ ما يقرب من 100 عام، كان أهالى «مصر الجديدة» يستيقظون كل صباح على صوت «الترام» الذى يسير عبر مجموعة من الأسلاك الكهربائية، على عدد من الخطوط والقضبان الفولاذية، لينقل الأهالى إلى أعمالهم، كوسيلة مواصلات نظيفة، غير ملوثة للبيئة، حيث كانت تذكرته الأقل سعرا، بين وسائل المواصلات المصرية وقتها، باعتباره أقدم وسيلة مواصلات بالشرق الأوسط وأفريقيا.

لكنه تحول فى الآونة الأخيرة إلى ما يُشبه «الكُهنة» الذى أهملته الدولة من جانب، ورحل عنه الركاب من جانب آخر، وهو ما دفع القائمين على الطرق فى مصر، إلى التفكير فى طريقة عاجلة للتخلص من ذلك العبء الثقيل على كاهل أرقى المناطق المصرية.

انتقلت عدسة «البوابة نيوز» إلى إحدى محطات «الترام» بمحطة «كوبرى القبة»، واستمعت إلى شكاوى أهالى المنطقة، من الإهمال الواضح من المسئولين فى القضاء على آثار خطوط سيره، التى تحولت إلى غابة من نبات «الهيش» ممتلئة بالمياه الجوفية الذى تعمل على انتشار الأوبئة.

تحدث المهندس «شعبان أحمد» أحد سكان منطقة «كوبرى القبة» لـ«البوابة» قائلًا: صمم «الترام» خصيصًا ليقوم بنقل الركاب داخل المدينة، كوسيلة للطلبة للانتقال لجامعة عين شمس، وللساكنين للذهاب إلى المناطق الراقية، ومن بعد ما كان النفق مسارًا لـ«الترام» تبدلت حالته وأصبح مصدرا للحشرات الضارة والبعوض، والروائح الكريهة، وتحول إلى مستنقع صغير نتيجة ارتفاع منسوب المياه الجوفية، والقمامة التى يلقيها بعض السكان، ونتج عنها نبات «الهيش» الذى تعدى طوله المتر ونصف المتر وتحول إلى غابة».

وأضاف: «مع بداية الثمانينيات، انتهى بالفعل العصر الذهبى للترام، فمع تزايد حركة الحياة وضغط المرور بشوارع القاهرة، كان كل تعديل لتحقيق سيولة المرور على حساب إلغاء عدد من خطوط الترام، حتى اختفى تمامًا من مناطق بأكملها، مثل شارع الأهرام والجيزة والروضة ومصر القديمة وشارع قصر العينى ووسط القاهرة والجزيرة والزمالك وبولاق، وكانت سعر التذكرة خمسين قرشًا، مشيرًا إلى أن النفق أصبح ليلًا ملجأ للبلطجية خاصة أنه غير مزود بالإنارة مما يجعله خطرًا» حسب تعبيره. 

وتابع: «أناشد محافظ القاهرة، ضرورة حل هذه المشكله، وتحويل الطريق إلى محور أو نفق يربط بين ميدان «رمسيس» و«روكسي» ليخفف حدة التكدس المرورى على منطقة العباسية، أو هدم طريق الترام ورفع المياه وإزالة القضبان لتوسيع شارع الخليفة المأمون، والشارع المقابل له المسمى، ابن سندر، خاصة وأنه يشهد ازدحاما مروريا يوميًا».

من جانبه قال، اللواء طيار متقاعد، محمد على، أحد سكان شارع «ابن سندر»: «يوجد أمام نفق الزعفرانة، مدرسة «ابن سندر الإعدادية بنات» وهى قديمة جدا وخرجت أجيالا، ولا يليق وجود مستنقع كهذا أمامها، يمتلئ بالعديد من الحشرات والروائح الكريهة والقمامة، مما يساعد على انتشار الأمراض والتلوث بين الطلاب، وأغلب سكان المنطقة يشكون من ذلك، وغياب «الترام» لم يتسبب فى حدوث مشكلة خاصة أن مترو الأنفاق يقضى نفس الغرض، الذى كان يحققه الترام فى السابق، ويتميز عنه بالسرعة، وكان هناك حارس لذلك النفق، حتى من بعد إيقافه، ولكن بعد إهمال المحافظة فى إزالة محطات الترام وتركها دون أعمدة إنارة، أصبح يستغلها الحرامية ليلًا مما يعوق السكان من المرور».

مؤكدا ضرورة إزالة المياه الجوفية والنباتات الطويلة التى تساعد البلطجية على الاختباء بها، وسرعة تحرك المسئولين بمحافظة القاهرة لتحويل هذه المنطقة إلى حدائق تليق برقى المكان، خاصة أنه يجاور وزارة الدفاع وضريح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أو يتم تحويله لجراج لسيارات سكان المنطقة، لتخفيف الزحام المروري.

وقالت بسنت محمد، إحدى سكان منطقة كوبرى القبة، إنها تخشى أن تتعرض ابنتها، للسرقة أو الأذي، وهى تعبر يوميًا نفق «الزعفرانة» المهجور، ذاهبة إلى دروسها الخصوصية، لذلك تضطر إلى الذهاب معها، رغم الروائح الكريهة التى تنبعث من المياه الجوفية والقمامة الموجودة بالنفق، بالإضافة إلى «السرنجات» التى يستخدمها المدمنون، فى تعاطى المخدرات، والتى تملأ أرجاء النفق، مما يثبت أن المكان، يتحول، ليلًا لملجأ للمدمنين والبلطجية، ويجعل أهالى المنطقة وأبناءهم فى خطر يهدد أرواحهم. 


وأشار بلال ياسر، طالب بكلية العلوم، إلى أنه يمكن استغلال المحطة القديمة فى إنشاء مطاعم تقدم أكلات بأسعار تناسب الطلبة بدلا من مطاعم الجامعة التى لا تهتم بجودة الأكل وتقدمه بأسعار باهظة، أو إنشاء مكتبات تقدم ملخصات الكتب الدراسية لمساعدة الطلبة فى اجتياز الامتحانات. 

على جانب آخر تضاربت تصريحات المسئولين، بكل من وزارة النقل وهيئة مترو الأنفاق، ومحافظة القاهرة، وألقى كل منهم المسئولية على الآخر.

المهندس إبراهيم صابر، رئيس حى مصر الجديدة، أكد أن المحافظة غير مسئولة عن تطوير محطة «التروماى»، لأنه من اختصاص أعمال وزارة النقل والمواصلات، مشيرًا إلى أنه سمع عن دراسة تعمل عليها الوزارة خاصة بإنشاء خط مترو يصل بين ميدان «روكسي» وكوبرى «الليمون»، وتحديد مصدر المياه المتدفقة بالنفق ومعرفة هل هى مياه جوفية أو مواسير محطمة.

وأضاف «أحمد عبدالهادى» مسئول العلاقات العامة بمترو الأنفاق، و«حسن توفيق» المتحدث باسم هيئة مترو الأنفاق: أن تطوير تلك المحطات الخاصة بالترام وشفط المياه الجوفية من أعمال محافظة القاهرة، وأن وزارة النقل وهيئة مترو الأنفاق، غير مسئولين عن ذلك، ولا بد أن يلجأ المواطنون بشكواهم إلى رئاسة الحى.

وعن غياب «الترام» أضافت: «اختفاؤه لا يسبب أزمة، خاصة أن البعض كان لا يستخدمه فى فتراته الأخيرة لبطئه وكثرة أعطاله، وحل محله مترو الأنفاق، لذى أصبح منتشرًا فى كافة أحياء القاهرة. 

ورصدت عدسة «البوابة نيوز» فى محطة «منشية الصدر» إحدى محطات خط سير «ترام» رمسيس – مصر الجديدة القمامة المنتشرة على القضبان القديمة وبين مقاعد الانتظار، التى استقلتها الكلاب الضالة، بدلًا من الركاب ويمر من عليها طلاب جامعة عين شمس.

تقول شروق أشرف، طالبة بكلية الحقوق: إن انتشار تلك القمامة على جانبى محطة الترام، يساعد فى كثرة التلوث ويعيق أحيانًا الطلبة فى السير للوصول إلى الجامعة، خاصة وأنه لا يوجد أحد ينتشلها أو يهتم لتطوير تلك المنطقة، وأقترح إزالة تلك القضبان المتهالكة وإنشاء مكتبات صغيرة تخدم الطلبة لقربها من الحرم الجامعى.



وتضيف نيرمين محروس، طالبة بكلية الحاسبات والمعلومات، أن هناك محاضرات تبدأ بعد السادسة مساء وتنتهى فى وقت متأخر، وذلك يمنعها من السير بمفردها من طريق محطة «الترام» القديمة لأنها غير مزودة بالإنارة مما يجعلها بيئة مناسبة لأعمال السرقة والتحرش، لذلك أطالب المسئولين بتطوير تلك المنطقة وتعميرها بالمحلات، وإزالة ما تبقى من تلك المحطة. 

وتقول منى عادل، طالبة بكلية الآداب، إن انتشار الكلاب الضالة، فى تلك المنطقة يعوقها فى المرور يوميا، مما يضطرها لركوب الميكروباص، بالرغم من أن المسافة من محطة مترو الأنفاق إلى الحرم الجامعى قصيرة جدًا، مما يؤثر على مصروفها اليومى- حسب تعبيرها 

وتضيف نادين علاء، طالبة بكلية حقوق، أنها لا تسير من هذه المحطة ليلًا إلا مع أصدقائها، خوفًا من تعرضها لعمليات السرقة أو التحرش اللفظي، وتقترح تحويل تلك المحطة إلى أماكن مخصصة لجلوس الطلبة للمذاكرة أو للترفيه، خاصة أن بقايا تلك المحطة من قضبان وكراسى انتظار تكفى لتكلفة ذلك المشروع. 

أما أحمد عطية، طالب بكلية علوم، فيقول: «إن اختفاء الترام، لا يسبب أى مشكلة له، لأنه انتشر فى مناطق معينة فقط، على عكس مترو الأنفاق الذى ينتشر فى جميع مناطق محافظتى القاهرة والجيزة، ويمكن استغلال تلك المحطة بإنشاء أماكن لنشاطات رياضية لشباب الجامعة مثل إقامة ملاعب تنس أو كرة قدم، أو يمكن استغلال الخط كاملًا لإقامة أى ماراثون جرى أو السير بالدراجات ويعد هذا كمظهر حضارى بدلًا من انتشار القمامة والكلاب الضالة». 


«الترام».. 104 أعوام بـ«شوارع مصر»
أول خط بين القاهرة وحى «هليوبوليس» عام 1910.. وبدء إزالة القضبان فى 2014 

بدأ إنشاء أول خط بين القاهرة وحى «هليوبوليس» بمصر الجديدة، عام 1910 بواسطة شركة بلجيكية خاصة، سميت «شركة سكك حديد مصر الكهربائية وواحات عين شمس» وكان هذا الخط فى البداية بين محطة «كوبرى الليمون» و«روكسى» بمسافة 7 كم تعمل عليها قطارات بتقاطر كل نصف ساعة، وكان عدد الركاب لا يزيد على 4800 راكب فى السنة.

مرت شبكة مترو «مصر الجديدة» بعدة تطورات، بداية من عام 1951، حيث بدأ تشغيل خط «عبد العزيز فهمي» وفى عام 1952 نقل نهاية خط النزهة من محطة «عماد الدين» إلى شارع «الجلاء» وفى عام 1962 تم إنشاء خط مدينة نصر وامتداد خط «الميرغني» وعام 1963 تم امتداد الخطوط من «الجلاء» إلى «كورنيش النيل»، وعام 1972 بدأ تشغيل خط المطرية - الدراسة.

منذ عام 1962 حتى عام 1989 تم زيادة أسطول المترو بعدد 280 مركبة، صناعة يابانية، بدأت عام 1962 بقطار مكون من عربة واحدة ثم قطارات مكونة من عربتين وثلاث عربات وأربع عربات. 

كان مسار المترو ينتهى بمحطة «رمسيس» وتعمل عليه خمسة خطوط، تربط مصر الجديدة ومدينة نصر، حتى محطة «رمسيس»، وكان ناتج هذا التطوير زيادة عدد الركاب من 20 مليون سنويا إلى 35 مليون راكب وزاد الإيراد السنوى من 3 ملايين جنيه إلى 8 ملايين جنيه. 
فى أكتوبر 2014 بدأت أولى مراحل إزالة «ترام مصر الجديدة» حيث تم إزالة قضبانه، التى تضم شارعى «الأهرام» و«أحمد تيسير» بطول 1600 متر بتكلفة 10 ملايين جنيه، لتوسعة الشارعين وكأحد الحلول لمشكلة المرور.