السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

كاتدرائية الميلاد.. "يد تبني ويد تدعو الله"

كاتدرائية الميلاد
كاتدرائية الميلاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عام مضى على إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن إنشاء أكبر كاتدرائية بالشرق الأوسط، على أرض مصر، بالعاصمة الإدارية، بعدما كان كل التمني حينها، هو فقط إعادة ترميم الكنائس التي كانت تتعرض للتخريب، أو حتى إصدار التصاريح اللازمة للأخرى التي تحتاج إلى ترميم أو توسعة، أو أي إجراء إنشائي، فطالما كانت تجد مثل تلك الطلبات معوقات مهولة.
وكان إعلان الرئيس حينها، بمثابة تكليف عاجل، خاصة إنه قال حينها «إن شاء الله.. هنحتفل العام الجاري بإنشاء أكبر كنيسة في مصر بأرض العاصمة الإدارية» الأمر الذي لاقاه الأقباط حينها بحفاوة وترحيب رهيب، ومنذ لحظتها، بدأ العمل على قدم وساق، لبناء الكاتدرائية التي من المنتظر أن تسع لأكثر من 8 آلاف شخص، على سعة تقدر بحوالي 63 ألف متر مربع، لتتضافر الجهود من أجل ترسيخ مبدأ «أن التنوع إرادة إلهية» وأن مصر وطن يحتضن الجميع.. وفي ذات العشية من العام الجاري، تحديدًا 6 يناير 2018، التهبت كاتدرائية ميلاد المسيح الجديدة، بمشاعر الفرحة والحب، وذلك بعدما أقيم فيها قداس عيد الميلاد المجيد.
كما تم الإعلان من قبل، ليعكس ذلك للعالم أجمع، بأن أقباط مصر في ليلة من ليالي المواطنة العظيمة، حيث افتتح الرئيس بصحبة البابا تواضروس الثاني، الكنيسة الأكبر بمصر، بعد أن تم الانتهاء من المرحلة الأولى لها، وإقامة طقوس صلاة العيد على مذبحها، في أول ليلة منذ إنشاء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

رمزية الرقم «8» في مراحل البناء
يرمز الرقم «٨» في الكنيسة إلى الكمال، حيث خلق الله الأرض في ٦ أيام، والسابع كان للراحة، وأما الثامن فهو رمزية للحياة الأخرى، كما أن السيد المسيح في اليوم الثامن من أسبوع الآلام، أي اليوم الجديد، في إشارة لحياة جديدة.
 أما مراحل إنشاء كاتدرائية ميلاد المسيح، فكانت كالآتي:
١- الأعمال التمهيدية والميدانية، والخاصة بالحسابات والمساحة، والجيولوجيا الأرضية.
٢- التخطيط العام للموقع، ويتضمن تحديد موقع المباني على الأرض، وأيضًا التصميم ومراجعته.
٣- الأعمال المعمارية، حيث تبدأ بالتصميم المعماري ومتابعة من قِبل الأشغال العسكرية، ثم مراجعة التصميم، قبل أن يتم تنسيق التصميم المعماري مع التخصصات الأخرى.
٤- الأعمال الإنشائية، تبدأ بالتصميم الإنشائي، ثم مراجعتها أيضًا، ويقوم بمتابعتها أيضًا، ومراجعتها من الأشغال العسكرية، قبل أن يتم التنسيق الإنشائي مع التخصصات الأخرى.
٥- أعمال MEP وهي مرحلة تنفيذ الأعمال الميكانيكية والكهربائية والصحية والمصاعد.
٦- الأعمال التصميمية الأخرى، وتشمل الطرق الداخلية، والربط مع الطرق الخارجية، وشبكات الري للحدائق، وذلك من تصميم ومراجعة، وتنسيق مع جميع التخصصات.
٧- الأعمال التصميمية المتخصصة، وتشمل الإضاءة الخارجية للمباني، والصوتيات إلى آخره.
٨- التصميم الداخلي والتخصصات الدقيقة، وهي تشمل أهم الأعمال وهي التي أغلبها يكون من الفن القبطي.

تصميم فريد الشكل.. باركه البابا تواضروس موقعًا على «الماكيت الهندسي» بخط يده
الكاتدرائية الجديدة تبلغ مساحتها ٤ أضعاف الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وتم تصميمها لتكون أفضل كنيسة على مستوى الشرق الأوسط من حيث البناء، والنظام المعماري المتميز المتبع في عملية الإنشاء، صممت الكنيسة لتستوعب أعداد الحضور، حيث تتضمن جراجًا أسفل الأرض مكونًا من طابقين ومبنى خدمات، تصميم فريد الشكل باركه البابا تواضروس موقعًا على «الماكيت الهندسي» بخط يده.
 وحصلت «البوابة»، من الشركة المصممة للكاتدرائية، والتي أشرف وراجع وعدل فيها البابا تواضروس الثاني، على تفاصيل تصميم الكاتدرائية الجديدة، وهي عبارة عن صحن رئيسي مغطى بقبوين متعامدين قطر كل منهما ٤٠ مترا يشكل صليبا، وفي تقابلهما في وسط الصحن قبة الكاتدرائية (Dome) بقطر ٤٠ مترا ترتفع ٣٩ مترا عن سطح الأرض، محملة على عدد أربعة عقود رئيسية (Arches) بنفس القطر، وكذلك على عدد أربعة مثلثات كروية، والجزء الغربي مغطي بقبو أسطواني (Vault) بقطر ٤٠ مترا. 
وفى نهاية أطراف القبوات الرئيسية، أنصاف قباب في الجهات الشمالية والقبلية والغربية، وعلى الجانبين يوجد ممرين جانبيين يتغطى كلًا منهما بقبوات متقاطعة قطر كل منهما ٦ أمتار.
 أما بالنسبة لمنطقة الهياكل فروعي أن يكون أعلى الهيكل الرئيسي قبة بقطر ١٥ مترا، وقباب الهياكل الجانبية بقطر ١٠ أمتار.
 كما تم تصميم عدد ٢ منارة ملحقة بمبنى الكاتدرائية، وتم اختيار موقعهما بحيث يمكن رؤيتهما من كل الجهات ويمكن رؤيتهما من لحظة دخول الموقع من على بعد، وترتفع المنارة ٦٠ مترا.
كذلك تم تصميم المنارة بتشكيل من عناصر من العمارة القبطية، وروعي أن تحتوي على عدد من الأجراس أعلى المنارة، وروعي أن الكاتدرائية كرمز هي سفينة النجاة في بحر هذا العالم.
أما عن التكوين الداخلي، فيشمل، الدور العلوي بمسطح حوالي ٨١٠٠ متر مربع.. مكون من صحن الكاتدرائية ويتسع لحوالي أكثر من ٧٥٠٠ فرد، وخورس الشمامسة يرتفع ٧ درجات عن صحن الكاتدرائية، ومنطقة الهياكل في الجهة الشرقية، وتحتوي على ثلاثة مذابح ملحق بها استراحات وغرف خدمات تشغل ثلاثة أدوار بجوار الهياكل من الجهة الشرقية.. وتوجد المعمودية في الجهة الشمالية الغربية من المبنى، وغرفة للأطفال في الجهة المقابلة للمعمودية، وتمت مراعاة وضع ٤ مصاعد تخدم كبار السن ومنحدرات وسلالم متعددة لخدمة الشعب المتواجد داخل الكاتدرائية، وهناك تكييف مركزى للكاتدرائية بأكملها، وتم مراعاة أن تكون مسارات التكييف بدور البدروم بالكاتدرائية، حتى لا تؤثر على الشكل المعماري للكاتدرائية.
أما الدور السفلي فهو بمسطح حوالي ٨٥٠٠ متر مربع، ويحتوي على كنيسة بمسطح ١٨٠٠ متر مربع يتسع لأكثر من ١٢٠٠ شخص، وقاعة متعددة الأغراض بمسطح ١٥٠٠ متر مربع، وقاعة متحف لتاريخ الكنيسة القبطية، وقاعة اجتماعات، بالإضافة إلى الخدمات العامة للكاتدرائية من دورات مياه عامة، وغرف خدمات ومخازن، وجار الآن إضافة مدخل بحري لربط الكنيسة مع الميدان الرئيسي المجاور.

الكرسي المرقسي من الإسكندرية إلى العاصمة
مراحل عديدة مر بها الكرسي البطريركي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فكانت الإسكندرية هي المقر الأساسي لكرسي مار مرقس الرسول.
في التقليد المسيحي المكان الذي أستشهد فيه رسول أو تلميذ المسيح، هو مقر الكرسي، والكنيسة القبطية هي الكنيسة التي أسسها مرقس الرسول، الذي أستشهد في الإسكندرية، وتعتبر الإسكندرية عاصمة الكرازة المرقسية عامة، ومقرًا للرئاسة الدينية.
وظلت الإسكندرية من القرن الأول الميلادي حتى القرن الحادي عشر الميلادي، هي مكان ومقر الكرسي الرسولي، نظرًا لوجود رفات القديس مار مرقس الرسول بها.
وفي القرن الحادي عشر، وفي عهد البابا خريستو ذولوس البطريرك الـ٦٦ «١٠٤٠ - ١٠٧٧م»، نقل مقر الكرسي إلى الكنيسة المعلقة بمصر القديمة.
ثم نُقل إلى كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة منذ القرن الرابع عشر، ثم نُقل الكرسي إلى كنيسة السيدة العذراء، حارة الروم في الفترة من «١٦٦٠ حتى ١٨٠٠»، وفى عام ١٧٩٩ نقل إلى الأزبكية بالكنيسة المرقسية وظل فيها حتى سنة ١٩٦٤.
وقد أصبحت كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية بالأزبكية المقر الباباوي في القاهرة في عهد البابا مرقس الثامن البطريرك الـ ١٠٨، وأكمل بناءها البابا كيرلس الخامس، وقام البابا كيرلس السادس بترميمها، وكان قد مر على بنائها مائة عام وزينت بالرسومات الجميلة.. وفي عهد البابا كيرلس السادس البطريرك الـ١١٦ على سدة مار مرقس تم بناء الكاتدرائية الحالية كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية، والموجودة بمنطقة دير الأنبا رويس بالعباسية، وقد تم افتتاح الكاتدرائية بحضور البابا كيرلس السادس، والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكذلك الإمبراطور هيلاسيلاسي، إمبراطور إثيوبيا في ذلك الوقت.
تم وضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية في ٢٤ يوليو ١٩٦٥، بحضور الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، في صباح الأربعاء ٢٦ يونيو ١٩٦٨ احتفل بإقامة الصلاة على مذبح الكاتدرائية، وفى نهاية القداس حمل البابا كيرلس السادس رفات القديس مار مرقس إلى حيث أودع في مزاره الحالي تحت الهيكل الكبير في شرقية الكاتدرائية.
في مايو ١٩٧٧ تم الاحتفال بحضور رفات القديس أثناسيوس الرسولي، وافتتاح قاعة القديس أثناسيوس الكبرى، تحت الكاتدرائية تذكارًا بمرور ١٦٠٠ سنة على نياحة القديس.
ومثلما توجهت أنظار العالم إلى «ميلاد المسيح» في العاصمة الإدارية بداية العام الجاري، سجل التاريخ قبلها الاحتفال بافتتاح الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

«البوابة» في موقع البناء.. انتهاء العمليات الإنشائية يونيو المقبل.. وعمليات التشطيب تستغرق 18 شهرًا
ترصد «البوابة» آخر تطورات العملية الإنشائية لكاتدرائية الميلاد، والتي تجرى على قدم وساق، وبمتابعة شخصية من الرئيس السيسي، تبلغ مساحة الكاتدرائية ١٥ فدانا، أي ما يعادل ٦٣ ألف متر مربع، وتتضمن مبنى الكاتدرائية على مساحة ٧٥٠٠ متر مربع، وكنيسة «الشعب» تسع لنحو ١٠٠٠ مواطن، وجُهزت لتكون مقرًا بابويًا يحتوي على صالة استقبال وقاعة اجتماعات ومكاتب إدارية.
وللكنيسة موقع متميز في العاصمة الإدارية، حيث تقع شرق مشروع أرض المعارض EXPO، جنوب الحديقة المركزية بالعاصمة الجديدة، وتعد أكبر كنيسة في الشرق الأوسط.
علمت «البوابة» أن الإنشاءات الخرسانية لها شارفت على الانتهاء، وأنه خلال يونيو المقبل ستكون كل العمليات الإنشائية تمت بشكل كامل، ويتبقى عمليات التشطيبات، التي أكد لها أحد القائمين على الإنشاء، أن تلك المرحلة قد تصل ما بين العام والعام والنصف، ووقتها ستكون الكاتدرائية بجميع مبانيها، مستعدة لاستقبال روادها.
وكان الرئيس السيسي، قد أعلن عشية عيد الميلاد السابق، أن المرحلة الأولى من الإنشاءات قد تمت، وأن ذلك اليوم شهد افتتاحًا جزئيا للكاتدرائية ككل، حينما قال من داخلها: «اسمحوا لي أن أقول لكم وللبابا ولكل الأشقاء والأهل وكل مصر والعالم.. كل عام وأنتم بخير، وأهنئكم بالافتتاح الجزئى للكاتدرائية، وهي رسالة كبيرة جدا من مصر ليست فقط للمصريين، ولا للمنطقة، بل للعالم كله، هي رسالة سلام ومحبة».
ويعتبر شهر يونيو المقبل، نقطة فاصلة فى بناء ذلك الصرح الديني الكبير، وعقب تسليم الكنيسة الكبرى وانتهاء الإنشاءات الخرسانية، والتي تشمل الأساسات والأعمدة والبلاطات الخرسانية، والأقبية والعقود والمثلثات الكروية والقباب الخرسانية، والعناصر الإنشائية المعدنية، الحوائط الساندة والسلالم والمنحدرات والعناصر السابقة الصب، الأسوار والبوابات الرئيسية والثانوية، ليبدأ عمل التشطيبات لها، ويأتى ذلك تزامنا مع بدء إنشاء المبانى المجاورة للكاتدرائية، والتى تشمل مبنى المقر البابوي، بالإضافة إلى كنيسة للشعب تسع ١٠٠٠ مواطن، وجراج أسفل الأرض مكون من طابقين ومبنى خدمات.
وبالعودة إلى الكاتدرائية، فإن التشطيبات الخاصة بالأيقونات، وجميع الأعمال الخاصة بالفن القبطي، سيتم تكليف مختصين بهذا الشأن من طرف المهندس المعماري المسئول عن تنفيذ الكاتدرائية، علما بأنه تم وضع التصميم المعماري لكاتدرائية ميلاد المسيح، بحيث تستوعب أكبر عدد من الشعب، ولتصبح رمزا وعلامة مميزة في العاصمة الإدارية الجديدة، معبرة عن عمق القيمة التاريخية للكنيسة القبطية، وكذلك الأهمية الحضارية لمصر ودورها العظيم في المنطقة في الماضي والحاضر والمستقبل.
وقد روعي في التصميم المعماري تحقيق التناغم مع محددات الموقع، وكذلك أن يستوحي التكوين المفردات المعمارية التاريخية والمعاصرة سواء على مستوى التشكيل العام أو على مستوى التفاصيل الدقيقة، وكان الحرص على الوصول لتصميم يليق بأهمية ودلالة المشروع مع الأخذ في عين الاعتبار الأهمية الشديدة لخلق حالة من الرهبة والخشوع والروحانية لمستخدمي المشروع، والتفرد في الكتلة، ولذلك تم استخدام المقياس التعاظمي التذكاري في التصميم.
أما عن التكوين العام بين الكاتدرائية والمباني المجاورة، فقد روعي أن يكون هناك تكامل بين مبنى الكاتدرائية، والمباني المجاورة داخل الموقع بحيث تشكل مع من حولها من مبان والمنطقة المحيطة، سيمفونية رائعة في التناغم المعماري.

«حليم»: «العباسية» متواصلة مع أبنائها
طرح البعض، العديد من التساؤلات، حول تقليص أو إلغاء دور الكاتدرائية الحالية بالعباسية، عقب تدشين نظيرتها الجديدة، فكان رد القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في تصريحات سابقة، أن بناء كاتدرائية الميلاد ليس له علاقة بأنشطة وخدمات كاتدرائية العباسية، وأن الأخيرة ستستمر بكل أنشطتها كاملة، ولن يتوقف أي نشاط بها، ضاربا مثالا بكاتدرائية «كلوت بك» أو كما تسمى «البطر خانة» التي لا تزال حتى اللحظة تقدم خدماتها وأنشطتها، على الرغم من بناء كاتدرائية العباسية منذ ٥٠ عامًا..  وأوضح «حليم»، أن قيادات الكنيسة تنتظر حتى تكون الكاتدرائية الجديدة مجهزة بشكل كامل كبنيان وأساس حتى نبدأ فيها أنشطة الكنيسة، كى تخدم الشعب القبطي المحيط لها، والذي ينتظرها قبلنا كي يمارس فيها طقوسه وخدماته وأنشطته.
وتعني كلمة «بطر خانة» مكان البطرك، أو مقر إقامته، حيث تنقسم الكلمة لنصفين «خانة» بمعنى مكان وهي كلمة تركية الأصل، و«بطر» اختصارًا لكلمة بطريرك، وهي كلمة دارجة مماثلة لـ«سلخانة» مكان السلخ، وهكذا.