السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إما إعلام تنموي.. أو "تقشير البطاطس"

عادل عبد الرحيم
عادل عبد الرحيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


أوحت لي حالة الهدوء السياسي والأمني الملموسة على أرض الكنانة ، والتي نحمد الله عليها ونتمنى دوامها ، بأن أمارس هوايتي البغيضة في تخيل الوضع الذي سيصل إليه حال الإعلام والإعلاميين بعد عدة شهور إذا لم نبادر بتطوير أدائنا وتعديل أهدافنا .. وهذه بالمناسبة ضرورة مهنية لكل ذي عقل وليست بدعة من عمل الشيطان .. وكالعادة رسم خيالي السيناريو الأسوأ فرأيت أننا ربما نواجه اعتزال مهنة الصحافة ونلجأ لتقشير البطاطس أو تنقية الأرز في المنزل .
فخلال السبعة أعوام الماضية مر المشهد الإعلامي بعدة أطوار لا تخطئها عين .. فمنذ أحداث ثورة 25 يناير تصاعد دور الإعلام بصورة غاية في السخونة والمتابعة بل والتوجيه .. بعدها دخلنا في طور التحفيز واستدعاء المشاعر الوطنية بصورة أو بأخرى ووقتها كانت الأخبار في الشارع .. ثم وصلنا إلى مرحلة الهدوووووء الذي يرتاح إليه البعض .. بينما يستشعر منه الكثيرون خطورة على الأداء الإعلامي الذي من المستقر عليه أنه ينشط خلال الأحداث المشتعلة .
وبين هذا وذاك يرى فريق ثالث ، وهو الأقرب لصوت المنطق ، أنه لا بديل أمام الإعلام بمختلف وسائله من البحث عن أدوار بديلة أو "نيولوك" يقنع من خلالها الجمهور بأهمية وجوده ، بدلاً من انتظار وقوع انفجار هنا أو تظاهرة هناك ، ويتحول من خلاله إلى لاعب أساسي في حركة المجتمع ، بدلاً من الجلوس على دكة الاحتياط ، .
وتتفق جميع الدراسات ، وبإجماع الخبراء ، على أن تطوير الأداء المهني للإعلاميين ضرورة لا غنى عنها وهي فريضة مؤكدة ، بما يتطلب على المدى القريب تدريب وتأهيل المنتمين للحقل الإعلامي ، من خلال المؤتمرات وورش العمل وحلقات النقاش التي تجمع الإعلاميين بالعلماء في مختلف المجالات ، على الطرح الجديد للإعلام وذلك بهدف خلق قاعدة معرفية لديهم على أهمية تطوير الأهداف وفقاً للمحددات الزمنية والمكانية الحالية .. أما على المدى البعيد ، فإن الأمر يتطلب الاهتمام ببرامج التدريس في الكليات والمعاهد الإعلامية المتخصصة وعلى مستوى الدراسات العليا ، بفتح المجالات أمام الخريجين من مختلف التخصصات للجمع بين تخصصاتهم وفنون الإعلام والأدوار والأهداف المنوطة به لخدمة أهداف التنمية .
إن دور الإعلام في التأثير في الجماهير ، ليس موضع تشكيك ، إلا أن درجة التأثير ترتبط ارتباطاً كبيراً بالفروق الأساسية بين البشر ، وإطاراتهم المرجعية، واهتماماتهم التي تحدد درجة تقبلهم لما يقرأون ويسمعون ويشاهدون .. فهناك من يرى أن "الناس زهقت سياسة" .. فهل نواجه ذلك بتقديم جرعة ترفيهية مثلاً .. وإذا أخذنا مثالاً حديثاً لحالة التفوق والانتشاء التي أوجدها نجم كرة القدم "محمد صلاح" في نفس كل مصري لدرجة أن اي حرف يكتب عنه يتلقفه القراء بلهفة وشغف .. فهل في هذه الحالة علينا بالالتجاء إلى الصحافة الرياضية مثلاً .
وهذا بالضرورة ينقلنا إلى مسألة في غاية الخطورة تتعلق بالإجابة على السؤال الآتي : هل سينجرف الإعلام وراء رغبات الجمهور ، فيما يعتبره الكثيرون ارتداد أو انقلاب على الدور المنوط بالإعلام الذي من المفترض أنه يحمل مشعل التوجيه وترتيب أولويات اهتمام الجمهور .. فدور الإعلام في التأثير في النظم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية يتوقف إلى حد كبير على وضعية وسائل الإعلام من نظام إلى آخر ، وهي وضعية تحدد طبيعة ونوع واحتياجات كل مجتمع لوسائل إعلامه ، والدور المنتظر منها ، وهي مسألة تختلف بلا أدنى شك من مجتمع إلى آخر .
الخلاصة إذاً اننا بتنا كمنتمين لبلاط صاحبة الجلالة وكإعلاميين في أمس الحاجة لوقفة حاسمة مع الذات يتم خلالها تقييم ما قد سبق وما سيأتي .. وإن لم نفعلها ونمسك بذمام تطوير أنفسنا أولاً وأدائنا ثانياً فإننا على الأرجح سنكون مضطرين "لتقشير البطاطس في المنزل" وما أقساها من مهمة على أي صحفي حقيقي يؤمن برسالته وأن له قيمة حتى لو كان وزن هذه "البطاطس" ذهباً .