الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة التعليمية

رسالة ماجستير تتناول التجربة الفيدرالية في إثيوبيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهد معهد البحوث والدراسات الإفريقية، مناقشة رسالة ماجستير للباحث محمد سليمان فايد، بعنوان "التجربة الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا منذ عام 1995"، حيث حصل على درجة الماجستير بامتياز من جامعة القاهرة.
تشكلت لجنة المناقشة من أربعة من أساتذة العلوم السياسية؛ الأستاذ الدكتور ابراهيم نصر الدين والأستاذ الدكتور جمال ضلع (مشرفين) والأستاذ الدكتور صبحي قنصوة والأستاذ الدكتور محمد سالمان طايع كأعضاء لجنة تحكيم.
تناولت الدراسة التجربة الفيدرالية الإثيوبية، باعتبارها واحدة من أبرز التجارب الفيدرالية في القارة الأفريقية، فقد تميزت التجربة الفيدرالية الإثيوبية بأنها "فيدرالية إثنية"، حيث تم بموجبها تقسيم الولايات الإثيوبية وفقًا للتوزيع الجغرافي للجماعات الإثنية الموجودة بها.
وسعت الدراسة للإجابة على تساؤلٍ رئيسي وهو: إلى أي مدى نجحت التجربة الفيدرالية الإثيوبية في إدارة التعددية الإثنية، ومعالجة أزمة الاندماج القومي التي تعاني منها إثيوبيا؟. 
وانتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج، أبرزها أن التنوع والتعدد الإثني في إثيوبيا مَثَّلَ عقبةً كبيرةً أمام بناء الدولة الوطنية وزادت حدة الأمر في منتصف القرن العشرين عندما أصبحت سياسات وممارسات النظم الحاكمة المتعاقبة تتم وفقًا لأسسٍ إثنيةٍ، وعندما بدأ الاعتراف بالتعددية الإثنية في إثيوبيا بعد سقوط نظام الدرج عام 1991 كان يتم بشكلٍ صوري.
كما توصلت إلى أن الممارسة الديمقراطية في إثيوبيا هي ممارسة زائفة، إلا أن الواقع يشير إلى أن الأحزاب المشاركة في الانتخابات هي إما موالية للجبهة الحاكمة أو معارضة بشكلٍ صوري، أما المعارضة الفعلية يتم التنكيل بها وبمؤيديها ومنعهم من استخدام حقهم في الانتخاب.
ووُجِدَ أن الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا هي في الواقع فيدرالية ترتكز على فكر وتوجهات الجبهة الديمقراطية الثورية الحاكمة وغيرها من النخب والتكتلات الإثيوبية الموالية لها، وليس على مواد الدستور الفيدرالي، وقد اتضح من خلال الدراسة أن الأخذ بالفيدرالية الإثنية لم يغير من الطبيعة المركزية للدولة الإثيوبية فهي قديمةً قدم الدولة الإثيوبية ذاتها، فالمشكلة الأساسية تتمثل في طبيعة النخب الحاكمة على مدار تاريخ إثيوبيا، لا سيما أن الإثنية تلعب دورًا أساسيًا في السيطرة والهيمنة، فالنصوص الدستورية التي تسمح وتؤكد على ضرورة تداول السلطة كأساسٍ للنظام الجديد لم تفلح في تحقيق ذلك.
وأكدت الدراسة أن المشكلة الحقيقية في الفيدرالية الإثيوبية تكّمن في تطبيق الفيدرالية على أسس إثنيةٍ وليس على أساس المواطنة من جهة، وفي كيفية تطبيقها من جانب الجبهة الحاكمة من جهةٍ أخرى، حيث فَرَّغت الجبهة النموذج الفيدرالي من محتواه السياسي والإداري؛ فسياسيًا لا يوجد فصل بين سياسة الحكومة الفيدرالية وسياسات حكومات الولايات، وإداريًا لا زالت إثيوبيا تُدار بصورةٍ مركزيةٍ فالجبهة الديمقراطية الثورية الحاكمة تهيمن على الجانب الاقتصادي والإداري، وبالتالي فإن الجماعات الإثنية الإثيوبية لم تحقق أيًا من آمالها المنشودة في توزيع السلطة والثروة من خلال التحول للشكل الفيدرالي الإثني، بل ربما زادت قيودها، فقد نجحت الجبهة الديمقراطية الثورية في تحويل الصراع، بدلًا من أن يكون بين المركز والولايات، ليكون بين الولايات وبعضها البعض من خلال اتباع سياسة فرق تسد أحيانًا والعصا والجزرة في أحيانٍ أخرى، وهو ما زاد هيمنتها وسيطرتها من خلال حفاظها على استقرار المركز بما يوحي بأن الوضع في الدولة الإثيوبية مستقر، خاصةً في ظل الدعم الغربي الأمريكي لنظام الجبهة، وبالتالي تَمتُعِها بالشرعية والدعم الدوليين.
اختتم الباحث رسالته بقوله: إن النجاح الظاهري للجبهة الديمقراطية الثورية في تحقيق قدرٍ كبيرٍ من الاستقرار في إثيوبيا، لا يرجع بالأساس إلى اتباع الشكل الفيدرالي الإثني، لكن الاستقرار الذي تم تحقيقه لا يمكن تناوله بمعزلٍ عن البيئة الداخلية والخارجية لنظام الجبهة؛ فعلى مستوى البيئة الداخلية تخلص نظام الجبهة من المشكلة التاريخية التي أرّقت جميع الأنظمة الإثيوبية السابقة والمتمثلة في مشكلة انفصال إرتريا، هذا من جهة.
ومن جهةٍ أخرى، أحكمت الجبهة هيمنتها وسيطرتها على كافة مناحي الحياة على مستوى كامل الإقليم الإثيوبي، واستبعدت أي من الكيانات الأخرى من المشاركة في عملية الحكم، أما على مستوى البيئة الخارجية فلم يعد المجتمع الدولي يقبل بالحركات والتنظيمات الانفصالية والمتمردة، وبالتالي فإن الاستقرار الذي تحقق في أعقاب إعلان الشكل الفيدرالي الإثني في إثيوبيا هو استقرارٌ قمعيٌ قائمٌ على استخدام القوة والقمع من جانب النظام الحاكم ومساندة المجتمع الدولي له، وليس على المشاركة المجتمعية لجميع الفئات والفصائل المشكّلة للمجتمع الإثيوبي، وهو ما يمكن أن ينتج عنه في أي لحظة إذا ما اختلفت خريطة التحالفات السياسية داخليًا وخارجيًا تجدد الاضطرابات الداخلية في إثيوبيا.
وفي هذا الصدد، يتضح أن الباحث تنبأ من خلال دراسته بالتطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة الإثيوبية مؤخرًا، حيث اندلعت الاضطرابات والاحتجاجات في إقليم أوروميا، ثم اتسع نطاق تلك الاحتجاجات حتى وصل إلى إقليم الأمهرة، واستمرت هذه الاضطرابات طوال عام 2016، مما أدى إلى نشوب أزمةٍ سياسيةٍ كبيرةٍ في البلاد نتج عنها إعلان رئيس الوزراء ديسالين استقالته في 15 فبراير 2018 بشكلٍ مفاجيءٍ وغير مُتوقع، أعقبه قيام الحكومة الإثيوبية في اليوم التالي بإعلان حالة الطواريء وفي 2 إبريل 2018 تم اختيار (أبي أحمد) رئيسًا للوزراء خلفًا لـ (هايلي مريم ديسالين)، ليكون أول مسلم أورومي يتولى منصب رئاسة الوزراء في إثيوبيا.
وتنبع أهمية الدراسة التي تقدم بها الباحث، من الأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها إثيوبيا بالنسبة للأمن الوطني المصري لا سيما وأنها الدولة الأهم من دول حوض النيل فضلًا عن أنها واحدة من الدول المحورية في منطقة القرن الأفريقي.