السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

15 عامًا على سقوط بغداد.. فهل وعى العرب الدرس؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما ينظر لها المعارضون في مصر أنها مجرد عبارة تهديد جوفاء يلوكها أهل السلطة حتى يتم التجاوز عن أخطائهم وقراراتهم التي يتحفظون عليها أو على توقيتها؛ لكن ليس سهلًا علينا فعلًا أن تكون بلادنا كسوريا أو العراق.
"عشان منكونش زي سوريا أو العراق".. كلمة ليست بسيطة، والمتتبع لأحوال العراق كيف كان حتى مع الاستبداد "الصدامي" وكيف أصبح الآن سيقشعر بدنه لمجرد التفكير في احتمالية أن تسقط مصر في مثل هذا المستنقع.
في التاسع من إبريل الجاري حلت الذكرى الخامسة عشر لسقوط بغداد. في مثل هذا اليوم ترك العرب العراق صيدًا سهلًا للأمريكان ومن حالفهم، كما تركوا الرئيس العراقي صدام حسين يقتل على يد أتباع خامنئي تحت مظلة أمريكية.
تلك الدولة التي قادت حربًا ضروسًا على العراق واعدة شعبه بالرخاء والديمقراطية. وها هو العراق يعج بالفوضى والإرهاب والفساد وتجارة البشر والأعضاء؛ فلا ديمقراطية أقيمت ولا رخاء حل.
وضاع العراق بنفس الكيفية التي تضيع بها بلادنا حين يرغب المحتل في اغتصاب أرض لنا، ولأجل التدخل في شئوننا يشرع في ترويج الشائعات لتقسيم البلاد وإشاعة الفتنة وهذا ما فعل مع العراق وبه، إذ راح يروج الغازي لامتلاك بلاد الرشيد لأسلحة الدمار الشامل، ثم لعلاقة بين الرئيس الراحل صدام حسين وأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة مؤكدين على دور عراقي في أحداث سبتمبر!
ولا زالت اللعبة مستمرة، وحرب الشائعات وإشعال الفتن لا تتوقف، والمصير إن استسلمنا له مرعب.
أما أتباع "خامنئي" القابع في طهران، فاستولوا على الأرض والدين والمصير، وبات العراق المحافظة رقم 32 لإيران لكن بشكل غير رسمي. 
ثأر أتباع خامنئي من صدام وسنة العراق ولم يشبعوا بعد من دماء أهل السنة، فراحوا يسفكوها بصورة أبشع في سوريا واستحوذوا على القرار السيادي السوري وتجري الآن عملية الاستيلاء على الأرض وتشييع البلاد بالتعاون مع الشريك والحليف الذي سلم لهم الإرادة اللبنانية من قبل "حزب الله".
وبين بغداد ودمشق وبيروت تأتي صنعاء وغدا الدوحة؛ بينما العرب لا يقرأون التاريخ وإن قرأوا لا يعوه وإن وعوه فلا يعملوا بما وعوا!
العرب جميعًا ومع كل الكوارث التي عاشها أسلافهم بدءً من الحروب الصليبية وحتى الحروب الأمريكية المباشرة أو بالوكالة، وبعد ضياع القدس بل وفلسطين بالكلية والعراق واليمن وسوريا وتخريب ليبيا ومساعي الإيقاع بين الدول الخليجية من ناحية والجزائر والمغرب من ناحية أخرى، كل هذا ولا زالوا يصدقون أن أعداءهم يمكن أن يقدموا لهم عونًا ينجيهم من طوفان الجهل والفرقة والكراهية والفقر والتخوين!
من يستطيع اليوم أن يذكر الولايات المتحدة بوعودها للشعب العراقي ويطالبها بالتعويض حيال كل الدمار والخراب الذي حل ببلدهم؟
من بإمكانه الضغط على الأمريكان ليخرجوا من العراق ليس فقط بالجنود والسلاح وإنما باستثماراتهم المشبوهة ومستشاريهم المضلين؟
من يستطيع مطالبة الأمريكان بتسليم العراق خالية من داعش والإرهاب والصراع الطائفي والعرقي والإيرانيين المجنسين والحشد الشعبي العنصري؟
ثم لما لا يملك العرب مشروعًا موحدًا يمكن بحق أن يواجه هذه التحديات بإيجابية وفاعلية؟
أفهم أن العرب ربما لن يتوحدوا؛ لكن بعضهم يؤمن بضرورة الوحدة وأهميتها خاصة في هذه المرحلة التاريخية، فلما لا يكونوا لبنة هذا البناء الوحدوي وقاعدته الرصينة وبداية انطلاقتها؟!
لما لا نخرج من الدائرة التي يحرص أعداؤنا على إبقائنا داخلها، فتأتي أفعالنا وفق هواهم وربما تنفيذًا لرغباتهم وأوامرهم، وردود أفعالنا متوقعة، فنفقد عنصر المفاجأة في كل حراك إيجابي نرتجيه.
لما لا يثق المسؤولون في شعوبهم بالفعل وليس بالقول؟
لما لا يراهن أهل السلطة حتى في توفير الحماية لعروشهم على أبناء جلدتهم وقد أثبتت مجريات الأحداث عبر التاريخ أن شعوب العالم العربي والإسلامي بل والعالم كله لا ترجو أكثر من لقمة عيش بكرامة ووطن يفخرون به دونما طمع في سلطة أو منصب.
والله إن لم نتجاوز هذا الحال سريعًا بتنقية نفوسنا وإحسان الظن ببعضنا وتقدير علمائنا وإعلاء شأن طالبي العلم بيننا، واستعادة تقديس ديننا وإحياء قيمنا وأخلاقنا وتشجيع المبدعين فينا وإحياء سنة التكافل بين أفراد مجتمعاتنا، ووأد الفتن صغيرها وكبيرها في مهدها سواء بين الأفراد وبعضهم أو بين الأفراد ومؤسسات الدولة مهما كان خطؤها أو بين الدول العربية والإسلامية بعضها مع بعضها، فما هي إلا أيامًا معدودات وسيبتلع الطوفان مآثرنا وكل أثر لنا، وستزول أمة العرب غير مأسوف عليها.