الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مبادرات أوروبية لمواجهة الجماعات المتطرفة.. البث عبر الفضاء الإلكتروني.. والشبكة العنكبوتية وسيلة اختراق خطاب الكراهية لأوروبا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نشر المركز الدولى لدراسات الأصولية والتطرف التابع لجامعة لندن ببريطانيا، مطلع مارس ٢٠١٨، دراسة ميدانية بعنوان «تحدى الكراهية.. رصد لممارسات الخطاب فى أوروبا»، رصد فيها تصاعد الخطابات التى تحض على التطرف والكراهية داخل المجتمعات الأوروبية، الدراسة شملت عدة دول، منها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وشارك فيها عدد من المنظمات الحكومية وغير حكومية إلى جانب مبادرات المجتمع المدنى فى أوروبا، إلى جانب مبادرات الأشخاص.

واهتمت الدراسة فى الأساس على الخطاب المبث عبر الفضاء الإلكترونى، الشبكة العنكبوتية، من الجانبين الجماعات المتطرفة والدولة ومرتادى شبكة الإنترنت، الورقة التى ترجمتها بوابة الحركات الإسلامية.

 

مواجهة خطاب التطرف

فى المملكة المتحدة، يضم المشهد المناهض لخطابات الكراهية والعنف مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة والمنظمات التى تعمل على المستويات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدنى.

فى المجموعات الرئيسية، تتصدى الجماعات المعادية للتطرف، مثل التيار الماركسى الأممى لتحديات الإسلام المتطرف، إلى جانب عدد من المنظمات اليمين المتطرفة الموجودة فى القائمة أيضًا.

وجاءت أبرز المبادرات الحكومية من وحدة البحوث والمعلومات والاتصالات التابعة لوزارة الداخلية البريطانية، وتعمل كجزء من جهود الحكومة المركزية لمكافحة جميع أشكال التطرف العنيف، رغم أنه لم يتم الإعلان حتى الآن إلا عن القليل من التفاصيل لجهود مكافحة التطرف.

أما على المستوى غير الحكومى، فهناك مجموعة متنوعة من مراكز البحث والتفكير، التى تشارك فى مبادرات مكافحة خطاب الكراهية، ومبادرة التعليم المستمر فى المملكة المتحدة. ويعد معهد الحوار الاستراتيجى من أبرز المؤسسات العاملة فى هذا المجال فى الوقت الحاضر، وهى مؤسسة خيرية مسجلة تنص على أن هدفها هو «محاربة التطرف على مستوى العالم»، وتعمل على مواجهة التطرف الأيديولوجى عبر الفضاء الإلكترونى، خاصة أنه يجمع بين كل من التكنولوجيا وخبراء التسويق والناجين من التطرف.

بينما تسهل مبادرة الشجاعة المدنية عبر الإنترنت، الحوار بين المتطرفين السابقين والشباب المعرضين لخطر التطرف، من خلال مصدر تعليم تفاعلى يسمى «الحوار المتطرف»، ومبادرة «الشجاعة المدنية» هى مركز تعاونى مشترك بين عدد من الدول بتمويل من «فيس بوك»، للتعامل مع خطاب الكراهية عبر الإنترنت، وتشمل دول المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا؛ ضمن مبادرة «واحد إلى واحد» يديرها مرصد التطرف، ISD CounterExtremism.org، التى تدعم نشر أفضل الوسائل لمكافحة التطرف، فضلًا عن مبادرة YouthCAN، وهى مبادرة تهدف إلى رفع مستوى الجهود الشعبية فى مجال مكافحة التطرف، ومشروع النساء والتطرف، والمعنية بدراسة الأنشطة المتطرفة ضد المرأة»، كما يخصص مرصد التطرف شبكة ضد التطرف العنيف (AVE)، والتى تعمل بالتعاون مع Google؛ لتكون منصة لأولئك الذين لديهم خبرة مباشرة بالتطرف العنيف.

وهناك مركز بحثى آخر معروف فى مجال رصد التطرف، وهو مركز «كيليام»، ومقره لندن أسسه إسلاميين سابقين عام ٢٠٠٨، وله عدة مكاتب فى جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، ويشارك فى تقديم المشورة السياسية والإعلامية.

لا يوجد مركز أبحاث أو مجموعة ناشطة تعمل فى هذا المجال، مثل مركز «Moonshot CVE»، والذى يعمل مع منظمات، مثل Jigsaw، حاضنة التكنولوجيا فى Google، حيث يستخدم «تقنيات أثبتت فعاليتها لضمان استجابة عملائها للعنف والتطرف بكفاءة.

أما مؤسسة تيم بارى وجوناثان بول للسلام فى حل النزاع، فقامت بعمل المشروعات، وهو فيلم «حياتى السابقة»، وهو فيلم تعليمى شارك فيه قصص متطرفين إسلاميين من اليمين المتطرف، الوسيلة ذات التأثير إذ استطاع تقديم مساعدة وتوجيهًا عمليًا للجمهور من أجل منع الناس من اعتناق أفكار متطرفة أو دعم المتطرفين، فى حين تعمل منظمة Stand for Peace، وهى منظمة يهودية-إسلامية مشتركة بين الأديان، على تقويض الادعاءات الأيديولوجية الاستقطابية، التى قام بها المتطرفون العنيفون، وأخيرًا، المؤسسات التى عملت على الانخراط بشكل مباشر مع السكان المحليين فى المملكة المتحدة، وعملت على تعزيز تماسك المجتمع بين الناس من خلفيات مختلفة، فى كثير من الأحيان من خلال الرياضة.

 

مبادرات الدولة لمواجهة خطاب العنف فى ألمانيا:

فى ألمانيا، يعمل عدد كبير نسبيًا من المنظمات على المستوى الحكومى وغير الحكومى، فى تحدٍ للتطرف الإلكترونى، ولكن ألمانيا تركز أكبر حاليًا على مواجهة حركات اليمين المتطرف أكثر من الجماعات الإسلامية المتطرفة، ومواجهة الخطاب اليمينى، على النقيض من المملكة المتحدة وفرنسا اللتين تعملان على مواجهة خطاب الإسلاميين المتطرف.

على المستوى الحكومى، ركزت الوزارة الاتحادية الألمانية لشئون الأسرة، على قطاعات المرأة والشباب والمواطنين كبار السن بشكل خاص، كما قامت حركة «خطاب بلا كراهية» جميع أنحاء أوروبا، حيث بدأت الحركة فى عام ٢٠١٦، وتعمل على تطوير استراتيجيات مواجهة التطرف عبر الإنترنت، وكذلك تقديم الدعم لضحايا خطاب الكراهية.

كما عملت الحكومة الألمانية أيضًا مع مؤسسة «Amadeu Antonio»، وهى مؤسسة مستقلة للتفكير والتفاهم، ومصدر تمويلها من الاتحاد الأوروبى، وقامت بطرح مئات المبادرات لتعزيز المجتمع المدنى الديمقراطى فى ألمانيا، ويعد برنامج «بيل تاور» أحد أبرز حملاتها، وهو برنامج يهدف لمناهضة خطاب الكراهية، والذى بدأ كمنصة مراقبة لتقييم حملات النازيين الجدد، لكنه قام منذ ذلك الحين بتوسيع نطاق نشاطه ليشمل التعبئة الشعبية، وسوء المعاملة أيضًا.

يركز عدد من منظمات المجتمع المدنى المناهضة لخطابات الكراهية والعنف، والمنظمات الأوروبية العاملة فى ألمانيا، فى المقام الأول على التطرف الإسلامى، على سبيل المثال، تعد منظمة «Ufuq.de»، وهى منظمة شبابية تعمل على تثقيف الناس حول واقع الإسلام والإسلاموفوبيا، وكان مشروع: «ما الذى تنشره؟ التعليم السياسى للشباب المسلم عبر الإنترنت»، واحدًا من أقدم مشروعات المنظمة، إذ تم إطلاقه عام ٢٠١٥، حاولت فيه المنظمة حينها نشر قصص مضادة بين المراهقين المسلمين.

هناك جهد آخر جدير بالملاحظة عبر الإنترنت هو شبكة «Datteltäter»، الذى يعمل على تحدى الدعاية السلفية الجهادية عبر مجموعة متنوعة من منصات وسائل الإعلام الاجتماعية، من خلال الفكاهة والتعليم والهجاء.

إلى جانب هذه المبادرات تستضيف ألمانيا عددًا كبيرًا من المجموعات التى تعمل على رصد التطرف اليمينى، وهى تشمل حملة «Kein Bock Auf Nazis»، التى تركز اهتمامها على منع الناس من غض الطرف عن حوادث العنصرية؛ إلى جانب حملة «نبض الشارع» «Straßengezwitscher»، التى تُبلغ عن حوادث الكراهية ضد الأجانب؛ فضلًا عن حملة «معًا ضد العنصرية» «Aufstehen Gegen Rassismus»، وهى مجموعة تعارض نشاط اليمين المتطرف من خلال الحملات عبر الإنترنت، وذلك من خلال توزيع حقائب بالقرب من نشطاء الجناح اليمينى، حتى يتمكن المارة من تجاهل المتطرفين الذى يتم تسليمهم؛ كذلك حملة «القومية لا بديل لها» Nationalismus Ist Keine Alternative»، التى تحاول تثقيف جمهورها عن أن الحركات العنصرية ليست حلولًا فعالة للعلل الاجتماعية؛ أما مؤسسة «NOPEGIDA»، فقد أنشئت بهدف تقويض الحركة المعادية للإسلام، وتعمل مؤسستا Pegida، وكلاينر ٥، فى مجموعة من الأنشطة المناهضة لليمين المتطرف، من أجل ثنى الناس عن التصويت للأحزاب اليمينية فى الانتخابات.

هناك أيضًا فيلم «Hooligans Gegen Satzbau»، وهو عبارة عن حملة تهكمية تذكرنا بشكل واضح بعشاق موسيقى الـ«Disco» الإنجليزية، وقد أخذت الاسم من مجموعة «النازيين الجدد المعادية للإسلام فى ألمانيا»، إذ يحاول الفيلم «تصحيح» محتوى خطاب الكراهية، والدعوة إلى مناقشة المشاكل الاجتماعية والسياسية بموضوعية.

وبشكل عام تركز عدد من الحملات جهودها على مكافحة خطاب الكراهية والعنصرية، بدلًا من استهداف شكل معين من أشكال التطرف بحد ذاته، وتشمل هذه المشاريع NichtEgal، وهو مشروع يهدف إلى تكثيف الأصوات الإيجابية عبر الإنترنت، من خلال تشجيع التبادل المحترم للآراء؛ كذلك منصة «Hate Aid»، والتى تقوم بتوفير أدلة المساعدة الذاتية لضحايا خطاب العنف والكراهية؛ وأخيرًا، هناك أيضًا حملة «HateBreach»، وتعمل بشكل أساسى عبر الإنترنت، من خلال توفير الموارد والمشورة للأشخاص، الذين يريدون مواجهة خطاب الكراهية، والقيام بمناقشة أكثر موضوعية.

 

فرنسا:

إن المشهد المناهض للخطاب فى فرنسا - والذى يحجب عددًا قليلًا من المبادرات - يركز بشكل أساسى على مكافحة التطرف الإسلامى، وليس على حركات اليمين المتطرف، إذ تمتلك فرنسا حكومة استباقية نسبيًا، ومجتمع مدنى غير نشط نسبيًا، وتجدر الإشارة إلى أن النشاط لا يساوى بالضرورة الفعالية - وكما هو واضح، فى حين أن عددًا قليلًا من مبادرات المجتمع المدنى، فإن بعض المبادرات الشعبية فى فرنسا تنطوى على إمكانيات إحداث تغيرًا كبيرًا.

فعلى المستوى الحكومى، كان هناك تركيز كبير على استخدام معايير سلبية مثل الرقابة، وتقوم وزارة الداخلية الفرنسية بالإعلان بشكل منتظم عن هذه الأنشطة على وسائل التواصل الاجتماعى، وهى ممارسات استثمرت فيها قدرًا كبيرًا من الوقت والجهد منذ عام ٢٠١٤، عندما تم تمكين الحكومة قانونًا من استخدام «جميع الإجراءات» ضد التطرف، وحظر مواقع الويب التى تمجد الإرهاب، وكجزء من هذا، أصبحت مبادرات مثل «منصة التوحيد» و«تداخل»، وفى الاتجاه» مهمة بشكل متزايد كوسيلة للإبلاغ عن الأنشطة المتطرفة.

وبشكل عام فإن ﺣﻣﻼت مناهضة ﺧطﺎبات الكراهية والعنف فى ﻓرﻧﺳﺎ ﻗﻟﯾﻟﺔ وﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ﻧﺳﺑﯾﺎ، ﺣﯾث ﯾﻔﺿل اﻟﻣﺳؤوﻟون منع اﻟوﺻول إﻟﯽ المحتوى الإلكترونى ﺑدﻻً ﻣن تقديم بديل لها، باستثناء فقط حملة «Stop-Djihadisme»، وهى حملة حكومية تم إطلاقها بعد الهجوم على صحيفة «شارلى إيبدو» فى يناير ٢٠١٥، وتعمل الحملة فى كل المجالات المباشرة وغير المباشرة، وقد قدمت برامج فى السجون والمدارس، كما شاركت فى تطوير متقطع للسرد المضاد ونشره.

وتعد فرنسا أيضًا موطنًا لمجموعة من ناشطى وسائل التواصل الاجتماعى، الذين يستخدمون الفكاهة للعمل ضد التطرف الإسلامى، مثل حساب «كتيبة نارفلوز» Katiba des Narvalos، على موقع تويتر، والذى بالإضافة إلى الإبلاغ عن المتطرفين، الذين يعملون عبر الإنترنت، يسخرون بشكل روتينى من الدولة الإسلامية عن طريق التهكم على التغريدات المصورة، من خلال حسابات ساخرة.

رغم قلة عددهم، فإن هناك مبادرات ناشطة تعمل لمواجهة اليمين المتطرف فى فرنسا، مثل الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية، «Ligue Internationale Contre le Racisme et l’Antisémitisme»، (LICRA)، والتى تحارب العنصرية منذ عام ١٩٢٧، ومبادرة «أنقذوا أرواحنا من العنصرية»، التى تشن حملات ضد اليمين المتطرف على الإنترنت.