جدران خاوية، وسقف مفتوح للسماء، جدار كتب عليه، هنا بشر فى حاجة إلى الحياة، بين هذه الجدران الهشة، يسكن أناس لم يحلموا بقصور فارهة، ولا ناطحات سحاب، احتضنتهم العشش، بعدما ضاقت عليهم الدنيا فى أم الدنيا، لا يرون الحياة إلا حجرة وحماما، ليمتلكوا الدنيا وما فيها، أحدهم يستيقظ فى الصباح، يحمل أوجاعه على ظهره، وابنه المريض يثاقله بالهموم، لا ملجأ ولا مخبأ إلا هنا، حيث عشش الدقى المتهالكة، إذا مانزل المطر اختبأ الناس فى منازلهم، بينما هم رفعوا كفوفهم لربهم يناجون، ويدعون، يستغيثون، يأملون أن يرسل إليهم من ينتشلهم من فقر المعيشة، ليس بأن يغدق عليهم المال، ولكن أن يوفر لهم مكانا يضعون رءوسهم على وسادتهم دون أن يخشوا مسئولا يهدم فوقهم هذه العشش، البعض منهم يرى المكان جميلا مثل هذه الأبراج الشاهقة، وآخرون يخشون أن يروا سفيرا أو مسئولا هؤلاء الذين أصبحت منازلهم بقايا حياة أشبه بالموتى، طرقوا كل الأبواب، وقدموا كل الشكاوى، توسلوا للمسئولين، واعتصرت قلوبهم مثلما يعصر المسئول ورقة الشكاوى بيده، هذه المرة توجهوا بشكواهم لنائب الغلابة كما أطلقوا عليه، يرسلون إليه شكواهم وأطفالهم تنام فى العراء بين نظرات المسئولين وشفقة المارة، ينقل سكان عشش الدقى حالتهم للنائب عبدالرحيم على، للتدخل وحل مشاكلهم بأن يجدوا مكانا يليق بعيشة آدامية يستطيعون أن يمارسوا حياتهم الطبيعية هم وأبناءهم.
