الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأحزاب وانتخابات الرئاسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتهت انتخابات الرئاسة المصرية، النتائج تم إعلانها والأرقام وصلت إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، نبدأ 4 سنوات جدد، ونرصد الدروس المستفادة من الانتخابات الأخيرة، لن نعتمد على تحليل الأرقام وذلك على اعتبار أن الرقم يمكن تفسيره بأكثر من طريقة، ويمكن تطويعه حسب وجهة نظرك السياسية وخدمة لأفكارك وخداعًا للواقع، لكن نشير إلى ظاهرة عامة واضحة ومحددة وهى الغياب التام للأحزاب بتنظيماتها المعروفة وتشكيلاتها بالمحافظات، وأثرها فى سير الأحداث، سواء كانت تلك الأحزاب مؤيدة أو معارضة، وهنا لا ألتفت إلى دعوة المقاطعة، وذلك لسبب بسيط، وهو أن أصحابها لا يوجد أى تأثير لهم على الناخبين، وأن أصحاب تلك الدعوة قد أطلقوها وخلدوا إلى النوم فى بيوتهم.
نقف عند الأحزاب لنرى بكل أسف حالة من الجمود والكسل التى لا تبشر بأى مستقبل للحياة الحزبية فى مصر، والكلام هنا عن مُجمل الأحزاب سواء الأحزاب المشهرة قانونًا أو تلك التى تحت التأسيس، البعض اكتفى ببيان يحدد من خلاله موقفه من المرشحين، والبعض الآخر اختفى تمامًا ولم نسمع له صوتا، ولكن العجيب بالفعل رغم اختلافى الجذرى معهم، هو بروز «حزب النور» السلفى بشكل منظم وفاعل ومؤثر على الأرض، شاهدنا حشودهم فى المؤتمرات، وتحركهم الملتزم أمام اللجان، وبالرغم من اختلافى معهم إلا أننى لا يمكن أن أقول مع القائلين إنهم أبطلوا أصواتهم، فهم أعلنوا تأييدهم للرئيس عبدالفتاح السيسى، والتزموا ونفذوا، ولا وصاية لأحد عليهم.
تبقى الخيبة عندنا نحن أبناء الأحزاب المدنية، والقائمة التى نسوقها دائمًا لتبرير فشلنا طويلة وممتدة، هذه القائمة تبدأ عند الميزانية الضعيفة ولا تنتهى عند انسداد المجال العام، هذه القائمة هى أكاذيب مؤكدة، ودليلنا على ذلك أننا رأينا قادة طبيعيين فى بلدانهم وفى مواقعهم السكنية وقد عملوا فى تلك الانتخابات بجدية، كما رأينا مجموعات شبابية غير أيدلوجية تتحرك فى عدد من المحافظات، وكان لها تأثير بدرجة أو بأخرى على سير الانتخابات.
هذه الخريطة العامة التى تدعو للإحباط هى خريطة كاشفة، تدعو بوضوح للتغيير، الرئيس عبدالفتاح السيسى أمضى فترة رئاسته الأولى ولم يكن معه حزب يستند عليه مثلما كان مبارك والحزب الوطنى أو عبدالناصر والاتحاد الاشتراكى، البعض يرى أن السيسى إذا تحزب سيفقد الكثيرين من مؤيديه، بينما يرى البعض الآخر أن التنظيم مهم ومطلوب، وما بين هذا وذاك سوف تجرى مياه كثيرة فى نهر العمل خلال السنوات القليلة المقبلة.
لم يعد من السهل العبور بالبلاد إلى شاطىء الأمان من خلال البناء والتشييد فقط، وهو مهم بالطبع، ولكن على خط مواز نرى أن بناء حياة حزبية جديدة هو أمر مهم، وهو مسئولية الجميع، وأن إبداع الطرق والآليات وتحديد الأهداف يحتاج إلى تضافر الجهود وإلى ورش عمل، فلا يسعدنا أبدًا وجود أكثر من مائة حزب على الساحة السياسية بينما الحصاد على الأرض صفر كبير.
وقبل أن يتصيد المتصيدون نقول ونؤكد بأننا لا ندعو إلى حل حزب إلا إذا كان مخالفًا للدستور والقانون، والكلام هنا واضح وضوح الشمس، ولا ندعو إلى اندماج الأحزاب المتشابهة البرامج لأننى أعرف جيدًا صراع الشخصنة والزعامة فى كل شلة ومجموعة، ولذلك أكرر أن الموضوع مُعقد وصعب بالفعل، ومع تعقيده وصعوبته تبرز أهمية الاشتباك معه لخلق واقع جديد، واقع يأخذ من المجتمع ويعطيه، ولا يعتمد على فهلوة أو استذكاء لقطف ثمرة رخيصة، الموضوع ببساطة هو احتياج شديد لشرايين جديدة فى الجسد السياسى، يصنع الكادر المؤهل فى المعمل الطبيعى، وقتها قد ننقذ البلد من جنرالات المقاهى وفلاسفة الفراغ.