الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

انتحار الكتاب والمبدعين.. الصرخة الأخيرة في وجه البؤس.. البداية بـ"فان جوخ".. و"الغريبي" يكتب نهاية حياته شنقًا

انتحار الكتاب والمبدعين
انتحار الكتاب والمبدعين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستمر مسلسل انتحار الكتاب والمبدعين وسط علامات استفهام كبيرة عن سر وصولهم لتلك الحالات اليائسة والتعيسة، فلقد أثار حادث انتحار الكاتب الشاب نضال الغريبي صدمة كبيرة بين محبيه وأصدقائه بولاية القيروان بتونس، ويرجع سبب ذلك لما عاناه في الفترة الأخيرة من التهميش والإقصاء والبطالة.
وتدور الأسباب حول وفاة الكتاب والشعراء والفنانين حول عجزهم عن فهم الحياة والتعاطي معها بنسبة تحمى أرواحهم الضعيفة من الانكسار والفشل.
ويصعب على الكثيرين فهم مغزى أوأسباب ذلك الموت، رغم المحاولات المتكررة لفك طلاسم هذه الحوادث، وبرغم قلة هذه الظاهرة قبل بدايات القرن العشرين، إلا أن القرن العشرين شهد الكثير من الأسماء العربية اللامعة في مجال الأدب والشعر والإبداع أقدمت على هذه الخطوة، مثل أنطوان مشحورمن لبنان انتحر باطلاق الرصاص على نفسه، وكريم حومارمن المغرب انتحر بالشنق، وإبراهيم زاير من العراق انتحر باطلاق الرصاص على نفسه، ومثل منير رمزي من مصر، ومثله خليل حاوي من لبنان، وأروى صالح من مصر ألقت نفسها من الطابق العاشر.
وتظل هناك أسماء كبيرة ومحاولات انتحارية غريبة عالقة بالذهن البشري أقدم عليها كتاب ومبدعون تركوا علامات في ساحة الفن والثقافة العالمية نستعرضهم في السطور التالية:


فان جوخ.. المخلص دوما فينسنت
فان جوخ رسام هولندي، مصنف كأحد فناني الانطباعية، كان من أشهر فناني التصوير التشكيلي اتجه للتصوير التشكيلي للتعبير عن مشاعره وعاطفته، في آخر خمس سنوات من عمره رسم ما يفوق 800 لوحة زيتية، وترك مجموعة من الرسائل الأدبية الرائعة التي أرسلها لأصدقائه ومحبيه كان يوقعها بعبارة "المخلص دوما فينسنت"، إلا أنه عانى كثيرًا من نوبات متكررة من المرض العقلي، وعلى إثر إحدى النوبات قام بقطع أذنه اليمنى.
وفي مساء يوم الأحد 27 يوليو 1890 أخذ فينسينت فان جوخ مسدسًا وأطلق على صدره رصاصة، وهو يكرر جملته الشهيرة" إن الحزن يدوم إلى الأبد".
انتحر فينسنت فان جوخ وهو في سن الـ 37 ورفضت الكنيسة الكاثوليكية في أوفيرس السماح بدفن فينسنت في مقبرتها لأنه انتحر، لكن مدينة ميري القريبة وافقت على الدفن والجنازة، وكان ذلك في 30 يوليو 1890.

فيرجينيا وولف.. القلم بديلا عن الزناد
وولف أديبة إنجليزية، اشتهرت برواياتها التي تمتاز بإيقاظ الضمير الإنساني، ومنها: السيدة دالواي، الأمواج، والتي تعد واحدة من أهم الرموز الأدبية الحديثة في القرن العشرين، تزوجت 1912 من ليونارد وولف، الناقد والكاتب الاقتصادي، وهي تعد من كتاب القصة التأثيرين
تفرغت للكتابة الأدبية، ولقد اشتهرت لها مقولتها: كم استعمل الناس القلم والفرشاة لأنهم لا يستطيعوا ضغط الزناد؟ ومزجت بين الواقع والخيال الفانتازي، تناولت قضايا صراع الطبقات، وموقف الإنسان من المال والفقر، اعتمدت في بعض أعمالها مثل قصة "أثر على الحائط" على الأحداث البسيطة التي تفكك منطق الإنسان وأفكاره، فقد تناولت قصة فستان غير جميل صنعته امرأة غاضبة من الطبقات الراقية.
فبعد أن أنهت روايتها الأخيرة "بين الأعمال" والتي نشرت بعد وفاتها، أصيبت فيرجينيا بحالة اكتئاب وزادت حالتها بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، وتدمير منزلها في لندن والاستقبال البارد الذي حظيت به السيرة الذاتية التي كتبتها لصديقها الراحل "روجر فراي" حتى أصبحت عاجزة عن الكتابة، وفي 28 مارس 1941 ارتدت فيرجينيا معطفها وملأته بالحجارة وأغرقت نفسها في نهر أوس القريب من منزلها. وقد كانت كتبت رسالة لزوجها قبل انتحارها تقول فيها: "عزيزي، أنا على يقين بأنني سأجن، ولا أظن بأننا قادرون على الخوض في تلك الأوقات الرهيبة مرة أخرى، كما لا أظن بأنني سأتعافى هذه المرة. لقد بدأت أسمع أصواتاَ وفقدت قدرتي على التركيز لذا، سأفعل ما أراه مناسبا، لقد أشعرتني بسعادة عظيمة ولا أظن أن أي أحداَ قد شعر بسعادة غامرة كما شعرنا نحن الإثنان سويا إلى أن حل بي هذا المرض الفظيع، لست قادرة على المقاومة بعد الآن وأعلم أنني أفسد حياتك وبدوني ستحظى بحياة أفضل، أنا متأكدة من ذلك، أترى؟ لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة بشكل جيد، لا أستطيع أن أقرأ، جل ما أريد قوله هو أنني أدين لك بسعادتي، لقد كنت جيدًا لي وصبوراَ علىّ، والجميع يعلم ذلك، لو كان بإمكان أحد ما أن ينقذني فسيكون ذلك أنت، فقدت كل شيء عدا يقيني بأنك شخص جيد، لا أستطيع المضي في تخريب حياتك ولا أظن أن أحدا شعر بالسعادة كما شعرنا بها". وبنفس المبدأ وتحت تأثير الإحباط والاكتئاب وضعت فرجينيا وولف حدًا لحياتها لتكون إضافة جديدة للقائمة الطويلة للأدباء والمبدعين الذين نقموا على أنفسهم وحياتهم فقرروا أن ينهوها بأنفسهم.

أرنست همنجواي.. الرحيل اللغز
الروائي أرنست هيمنجواي، كاتب أمريكي يعد من أهم الروائيين وكتاب القصة الأمريكيين. كتب الروايات والقصص القصيرة، غلبت عليه النظرة السوداوية للعالم في البداية، إلا أنه عاد ليجدد أفكاره فعمل على تمجيد القوة النفسية لعقل الإنسان في رواياته، غالبا ما تصور أعماله هذه القوة وهي تتحدى القوى الطبيعية الأخرى في صراع ثنائي وفي جو من العزلة والانطوائية، شارك في الحرب العالمية الأولى والثانية حيث خدم على سفينه حربيه أمريكية كانت مهمتها إغراق الغواصات الألمانية، وحصل في كل منهما على أوسمة حيث أثرت الحرب في كتابات هيمنجواي وروايته.
وفي يوم الأحد وفي الأول يوليو عام 1961م‏، يصحو بمنزله الجديد في مدينة كيشتوم، يرتدي "روبه الأحمر" ويمشي على أطراف أصابعه لئلا تستيقظ زوجته ماري، ويذهب مباشرة إلى المطبخ ومن ثم الدور الأرضي ويتناول بندقية قصيرة بفوهتين كان قد استخدمها في الصيد ودوت البندقية حيث فجرت رصاصة رأس هيمنجواي، ولا يزال انتحاره لغزًا لم يحل بعد..!

يوكيو ميشيما.. لا تتركوني أتعذب
مأساة الروائي الياباني "كيميتاكي هيراوكا" والمعروف أدبيًا باسم "يوكيو ميشيما"، أخذته جدته من بين يدي أمه وهو لم يكمل الشهر ليصبح شهمًا وسامورايًا، أخذته لتنتقم من جده الذي طالما نظرت إليه بعين الاحتقار، لأنه لم يكن من هذه السلالة، ولا شك أن غيابه عن حضن أمه أفقده الحنان والعطف وجعله تحت سيطرة الجدة المتوحشة،‏ مرض أكثر من مرة وكانت الجدة ترفض باستمرار أن يخرج من الغرفة إلا بإذن إذ أنها تخاف أن يعود إلى والدته فيموت الحلم الذي طالما تاقت أن يتحقق،‏ وفي الثانية عشرة استطاع أن يتخلص من سطوة جدته وعاد إلى والديه، وكانت الأم صاحبة ذوق أدبي وهي من عائلة لها مساهمتها الأدبية أما والده فكثيرًا ما مزق ما تقع عليه يداه من كتب ومخطوطات فاضطر إلى إخفاء كتبه عن والده.‏
أول أعماله كانت رواية "غابة الأزاهير" التي نالت اهتمامًا كبيرًا من النقاد والباحثين، تلتها "صوت الأمواج" و"ثلوج الربيع" يوم 25 نوفمبر 1970م اندهش العالم وفي طليعته اليابان من مشهد انتحار الأديب الروائي ميشيما، لقد احتل ورفاقه مقر كلية الأركان في قلب طوكيو واحتجزوا قائدها ثم صعد ميشيما إلى شرفة الكلية المطلة على ساحة التدريب وألقى كلمة مثيرة دعا فيها إلى رفض الخضوع للحضارة الأمريكية وتعديل الدستور الياباني.. وبعد أن قام بما قام به.. تناول خنجر وغرسه بضربة في أسفل المعدة وبدأ يوسع جرحه، وكان قد طلب من أحد زملائه أن لا يتركه يتعذب طويلًا.. فتناول أحدهم سيفًا وضرب ميشيما فتدحرج رأسه على الأرض.