الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الحقنة القاتلة.. "تركيبة البرد" أسرع طريق للموت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على الرغم من الميزانية الضخمة التى رصدتها الدولة للارتقاء بالوضع الصحي، ومحاربة الأمراض الوبائية، وتنظيم حملات فى جميع أنحاء الجمهورية لتخفيف أوجاع المواطنين الذين لايستطيعون تحمل نفقات العلاج، إلا أن ضحايا الإهمال الطبى يتساقطون يوميًا نتيجة انعدام الضمير سواء فى المستشفيات أو العيادات أو الصيدليات. نزيف الأرواح لا يتوقف داخل العديد من المراكز التى تخلت عن وظيفتها الأساسية فى إنقاذ الأرواح وتخفيف الآلام، بعدما تحولت إلى منشآت ربحية ترفع شعار «ادفع أولًا»، لتضيع جهود الدولة التى رفعت ميزانية الإنفاق على الصحة إلى 48.9 مليار جنيه خلال عام 2017-2016، بينما كان حجم الإنفاق عليها يقدر بنحو 44.9 مليار جنيه خلال عام 2015-2016، بحسب إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.

 نداءات كثيرة أطلقتها منظمات صحية محلية ودولية، حذرت خلالها من صرف الأدوية بدون «روشتة» أو استشارة طبيب، وهو الأمر الذى تتجاهله معظم الصيدليات فى كثير من الأحيان، وعلى الرغم من انتشار ظاهرة ضحايا الأدوية الخاطئة، إلا أن «الربح السريع» أصبح هو المحرك الأساسى لهذه الصيدليات التى تحولت إلى «دكاكين» للموت المجاني. وتحولت «حقنة البرد»، إلى ظاهرة قاتلة يتم تداولها على نطاق واسع خلال الآونة الأخيرة، وفى كل الشوارع المصرية، خاصة أن كثيرين يعتبرونها علاجًا سريعًا لفيروس «الإنفلونزا» وأن مفعولها يشبه السحر، وذلك لأنها تحتوى على تركيبة من المسكنات والمضاد الحيوى والكورتيزون يتم تجميعها بواسطة الصيدلى دون الرجوع إلى الطبيب أو معرفة التاريخ المرضى للمصاب بـ«الإنفلونزا».

«الكارثة» أن مواقع التواصل الاجتماعى شهدت حملات مؤخرًا تحذر من هذه التركيبة، بعد سقوط ضحايا بسبب تعاطيها، وأكد أطباء خلال هذه الحملات أن هذه التركيبة تهدد حياة الكثير من المرضى، خاصة هؤلاء الذى يعانون من أمراض مزمنة، وتحديدا مرضى القلب، كما شهدت هذه الحملات تفاعلًا كبيرًا من مرتادى مواقع التواصل، والذين رووا قصصا عن أقارب لهم تعرضوا لمخاطر صحية كبيرة بسبب «التركيبة الملعونة».



«دكاكين الموت السريع»

الظاهرة الخطيرة التى تزداد انتشارًا على الرغم من هذه التحذيرات، دفعت «البوابة» لاستقصاء الحقيقة والوقوف على مدى خطورتها وكيفية تعامل «الصيدليات» مع هذه «التركيبة» التى تلقى رواجًا للراغبين فى التخلص السريع من البرد دون الذهاب إلى طبيب، أو معرفة مدى التناسب بينها وحالتهم الصحية التى قد تتدهور بسبب هذه «الحقنة»

الحوار الذى دار داخل إحدى الصيدليات بالشوارع الجانبية بمنطقة الـدقى كان كالتالي: «السلام عليكم، لو سمحت يا دكتور عايزه دواء للبرد الشديد والإنفلونزا عشان أخويا مريض» فقال الصيدلي: فى أنواع برشام ومضاد حيوى كتير لاحتقان الحلق وأعراض البرد.. هو عنده كام سنة؟ فأجبته، ٢٢ سنة وجسمه ضعيف بس مش عايزه برشام، لو فى علاج شرب أو حقن يكون أفضل، أنا سمعت عن علاج اسمه «حقنة البرد» وأنها كويسة وقوية، ممكن تشرحلى إيه دى عشان مش فاهمه؟»

فرد الصيدلى قائلا: «أيوه فى حقن للبرد.. وهى ٣ أنواع حقن مع بعض.. متكونة من مضاد حيوى ومسكن مع كورتيزون.. فقلت له: الحقنة دى هتجيب نتيجة ويتحسن ولا إيه؟.. فقال: هياخد الحقنة عشان يفوق وبعد كده يكمل بمضاد حيوى أو برشام.. وده دواء بردو»، استكملت: «تمام يا دكتور بس هو جسمه رفيع وضعيف هيستحملها؟.. فقال: آه ده كبير ياكل وياخدها».

قلت: «هى كده الحقنة مش تقيلة عشان الـ٣ أنواع مع بعض ولا لأ.. سعرها كام تقريبا؟ وهخلط التركيبة إزاى؟، فقال: لا مش تقيلة هياخدها عادى ويكمل بدواء... وسعرها حوالى ٤٠ وحاجة... هتخلطى المضاد الحيوى فى سرنجة ٥، مع ديكساميثون والمخدر ليدوكايين.. ونكمل بالمايه ونخلط المضاد، بعد كده ياخد حقنة أولفين المسكنة والمضادة للالتهاب وخافض للحرارة».

«اشتريت التركيبة وخرجت من الصيدلية، توجهت إلى صيدلية أخرى أملا بأن لا يتم صرف التركيبة إلا بروشتة طبيب، أو ينصحنى الصيدلى بعدم استخدام «حقنة البرد» أو يستفسر عن الحالة الصحية قبل صرفها، لكن المشهد لم يختلف كثيرا، فقد نصحنى الصيدلى الآخر بخلط «المسكن والكورتيزون»، ولم يستفسر الصيدلى عن حالته الصحية أو إذا كان مصابا بالحساسية، أو إذا كان يتناول أنواعا أخرى من الأدوية التى قد يتعارض مفعولها مع التركيبة، واكتفى بالسؤال عن عمره فقط». 

«التركيبة الملعونة»

 بعد الحصول على التركيبة، والتأكد من عشوائية صرفها داخل «الصيدليات»، ظهرت كارثة أخرى تتمثل فى قائمة الأعراض الجانبية وموانع الاستعمال، حيث بينت النشرات الداخلية أن لكل نوع من هذه التركيبة مخاطر جمة على أصحاب الأمراض المزمنة، وهو الأمر الذى يفسر سقوط ضحايا بسببها، خاصة فى ظل انعدام الرقابة على الصيدليات والتوعية بمخاطر هذه «الحقنة».

كشفت النشرة الداخلية للعنصر الأول من مكونات الحقنة وهو أمبولات «Olfen»، أنه يزيد من احتمالية حدوث الجلطات القلبية أو الدماغية لمرضى القلب والأوعية الدموية، ولذلك أكدت النشرة ضرورة استخدام بديل فى مثل هذه الحالات حتى لا يتسبب الدواء فى ارتفاع ضغط الدم واحتباس السوائل، والتهاب الأوعية الدموية. كما أن الأعراض الجانبية لهذا الدواء تتمثل فى ضرر الجهاز الهضمى، قرحة المعدة، إسهال أو انتفاخ ونادرا نزيف معوي، بجانب التهاب اللسان والفم، والجهاز العصبى ويمكن أن يتسبب فى صداع، دوار وأحيانا اكتئاب، قلق، عدم ارتياح وأحلام مزعجة، الجهاز المناعى يتأثر بطفح جلدى وفرط لحساسية ضد العقار، ارتفاع أنزيمات الكبد وأحيانا الالتهاب الكبدي، ونادر جدا ما يسبب العقار ندرة الصفائح الدموية، ندرة كرات الدم البيضاء، فقر الدم، انحلال الدم، بحسب النشرة المرفقة.

 المفاجأة الأخرى كانت فى العنصر الثانى من التركيبة، وهو المضاد الحيوى ونترياكسون Wintriaxone، حيث إن النشرة الداخلية بدأت بـ«اقرأ هذه النشرة بدقة قبل تناول الدواء، ولا بد من قراءتها بدقة قبل بدء العلاج وفى كل مرة يتم فيها وصف العلاج، حيث إنه يمكن أن تتواجد بها معلومات جديدة، ويجب استشارة الطبيب لأنه الوحيد الذى يستطيع إخبار المريض «إذا كانت الحالة تتناسب مع الدواء أم لا»، هذا هو أول تحذير بدأت به النشرة الداخلية لوصف الدواء، حيث إنه ينتمى إلى مجموعة من «المضادات الحيوية»، ورغم هذه التحذيرات التى تكشف عن خطورة الأمر لم يسأل الصيدلى عن روشتة «الطبيب».

«النشرة حذرت أيضًا، من تناول الدواء فى حالات الاشتباه بوجود حساسية تجاه المادة الفعالة أو مواد أخرى، نظرا لحدوث حساسية متبادلة من ١٠٪ من الحالات وأن المرضى الذين يعانون من الحساسية المفرطة لهذه الأدوية سيتعرضون لوعكة وأن أعراضها هى الانتفاخ فى الحلق والوجه وصعوبة التنفس والطفح الجلدى وانتفاخ الأطراف، وتجنب الدواء فى حالات الإصابة بالربو ومشاكل الكبد والكلى، ووفقا للنشرة فإنه لا يجب مزج الدواء أو تناوله مع محاليل تحتوى على كالسيوم.

الأعراض الجانبية للدواء تتمثل فى الشعور بالمرض وتفاعلات جلدية، صداع شديد، دوار، مشاكل بالكبد، التهابات المرارة، ومشاكل الكلى، تواجد الدم بالبول وتغير عدد كرات الدم البيضاء والارتفاع لدرجة حرارة الجسم، التهابات البنكرياس والأمعاء الغليظة.

أما العنصر الثالث والأخير من التركيبة فهو حقن ليدوكايينLidocaine، وتوضح النشرة أن هذا الدواء لا يتم امتزاجه جيدا مع الأدوية الأخرى، وإذا كان المريض يعانى من ضعف فى القلب، فيجب الحرص على استشارة الطبيب.

بينما الأعراض الجانبية تتمثل فى العصبية، الارتباك، الدوخة، النعاس، طنين، وعدم وضوح الرؤية أو ضعف، والتقيؤ، والأحاسيس من البرد والحرارة أو خدر، والوخز، والهزات، والتشنجات والغيبوبة وصعوبة التنفس، وبالنسبة للقلب والأوعية الدموية، بطء دقات القلب، انخفاض ضغط الدم، وانهيار القلب والأوعية الدموية، مما قد يؤدى إلى السكتة القلبية، الصداع وانخفاض ضغط الدم وآلام الظهر، الارتعاش، والأعراض العصبية المحيطية، والغثيان، وعدم كفاية الجهاز التنفسى والرؤية المزدوجة، حيث يمنع استخدامه إلى المرضى الذين لديهم تاريخ معروف من فرط الحساسية لأدوية التخدير بشكل عام.

حوار مع ضحية

بعد التوصل إلى هذه المعلومات الكارثية التى تكشف مدى خطورة هذه التركيبة، توصلت «البوابة» إلى إحدى الحالات التى تعرضت لمضاعفات صحية خطيرة بسبب «الحقنة»، حيث أكد «ي. ز» والذى يبلغ من العمر ٢٩ عاما، أنه أصيب بالإنفلونزا والبرد الشديد خلال أيام الشتاء القارس، فنصحه أحد الأصدقاء بشراء «حقنة البرد»، ويقول إنه ذهب إلى الصيدلية وقام بشرائها، ولم يستفسر الصيدلى عن حالته الصحية، وقرر صرف تركيبة البرد المكونة من المسكن والكورتيزون والمضاد الحيوي. وأوضح أنه بعد ساعتين من أخذ الحقنة تم نقله إلى المستشفى، حيث قال: «قلبى كان هيقف وهموت»، وضربات القلب زادت بشكل مفاجئ ثم أصبت بالإغماء، وتم حجزه لمدة شهر لمتابعته لتلقى العلاج، ووفقا لتشخيص الأطباء، فإنه يعانى من مشاكل صحية لا تتناسب مع التركيبة، وهو الأمر الذى عرض حياته للخطر.


 تحبيشة مصرية.. عواقبها قاتلة

 الدكتور محمد سعودى وكيل نقابة الصيادلة السابق، أكد أن حقنة البرد هى «تحبيشة مصرية» تم اختراعها من بعض الأطباء ثم تم تبادلها بين الصيادلة والجمهور، وكثير من الأفراد لديهم قناعة بأن هذه الخلطة هى الحل، سواء كانوا أفرادا متعلمين أو جهلاء أو أنصاف متعلمين، والشخص هو الذى يصر على شرائها، وأن نشأة «حقنة البرد» بدأت من قبل بعض الأطباء. وأكد أن «مادة الكورتيزون» أحد عناصر التركيبة التى يتم خلطها مع الأدوية من المسكنات والمضاد الحيوي، تزيد من نشاط الشخص بشكل مفاجئ، والمسكنات توحى بمفعول مؤقت على المريض، فيعتقد أنه تم شفاؤه بسبب «التركيبة».

وقال «سعودي»: «الحقنة دى مشاكلها كتير جدا»، تبدأ بأعراض الحساسية، وأحيانا تكون «قاتلة» بسبب المضادات الحيوية، مؤكدا أنها تعمل كمقاومة للبكتيريا، لأن جرعات المضاد الحيوى يجب أن تلتزم بكورس علاج محدد من قبل الطبيب وليس أقل من ٣ أيام، فعند تناول هذه الحقنة، تنشأ بكتيريا تقاوم جميع أنواع العلاج فيما بعد، وبالفعل قد اكتشفت الأبحاث أنواعا جديدة من البكتيريا المقاومة ويصعب التغلب عليها.

وشدد «سعودي» على أن الصيادلة لا يتحملون المسئولية كاملة معبرا: هي «تحبيشة اخترعها الأطباء للمواطنين» واتبعها بعض الصيادلة وأصر على تناولها الجمهور، وأوضح أنه علاج يتم صرفه من الصيدلية مثل كل الأنواع التى يتم بيعها، مؤكدا أننا لا نملك قوانين مفعلة بشأن عدم صرف العلاج بدون روشتة طبية.

وأوضح وكيل نقابة الصيادلة السابق، أن الصيدلية أصبحت «نقطة إسعاف» لمحدودى الدخل والذين يعانون من الحالة الاقتصادية المتدنية ولا يملكون القدرة على الذهاب إلى طبيب ودفع مبالغ باهظة ثمنا للكشف، فيلجأون إلى الصيدلية لوصف وصرف العلاج بأقل التكاليف. وأشار سعودى إلى أن صرف الأدوية من الصيدليات بدون «روشتة» هو مخالفة كبيرة، وكثير من الصيادلة يقومون بصرف هذه «الافتكاسة»، بحسب تعبيره، دون إجراء اختبارات فحص للحساسية قبل صرف العلاج الذى لا يتناسب مع كل الحالات، مؤكدا أن عدم وجود رعاية صحية حقيقية فى المستشفيات بجانب ارتفاع أسعار الكشف هو السبب فى لجوء الجمهور إلى هذه الطرق المخالفة، بجانب مجموعة من الصيادلة معدومى الضمير مثل أى مهنة بها الصالح والطالح، موضحا أن المسئولية الرئيسية تقع على المريض لأنه يصر على الخطأ حتى بعد توضيح الأضرار والآثار الجانبية له، والوسط غير قابل للتعلم. وكشف «سعودي» عن أنه لا يوجد أى إجراءات قانونية تتخذ ضد الصيادلة أو الأطباء المخالفين الذين يقومون بوصف وبيع هذه الخلطة للمواطن.

«افتكاسة» تسبب كوارث صحية

فى السياق ذاته، يقول الدكتور حاتم غازي، استشارى الحالات الحرجة وأمراض القلب، إن هذه التركيبة تعتبر «افتكاسة» تسبب كوارث صحية، لأنها لا تقوم بالعلاج كما يتخيل متعاطوها، فهى تتكون من مضادات حيوية ومسكنات لم تقم بمحاربة الفيروس والبكتيريا أو القضاء عليه بل تجعلها تقاوم وتسترجع نشاطها مرة أخرى داخل الجسم.

وأوضح أن مادة «الكورتيزون والمسكنات» وخلطها بداخل الحقنة توقف حركة ومقاومة الجسم ضد الميكروبات والفيروسات بداخله، وبالتالى تتوغل البكتيريا والفيروسات بالجسم أكثر مما سبق، مؤكدا أن الآثار الجانبية لهذه التركيبة تتعدى خطورتها خاصة إذا صرفت لإحدى المصابون بأمراض القلب أو السكر والضغط، مشيرًا إلى أنها قد تسبب تسمما فى الدم بجانب الرعشة والكحة الشديدة، لافتا إلى أن «الصيدلي» يقوم ببيع الدواء وهو لا يعلم مدى خطورة التركيبات والخلطات الدوائية التى ينصح بها المريض، مضيفا أن «الطبيب» يقوم بوصف العلاج للمريض وفقا لحالته الصحية، بجانب أن الطب الدوائى لم يسمح بتركيب خلطات من الأدوية مباشرة إلا بعد اختبارات معقدة، وينصح بالعلاج أو الكورس الدوائى المناسب للحالة الصحية التى يتمتع بها المريض وفقا للفحوصات والتحاليل التى يخوضها أولا ولا يجوز وصف دواء دون تلك الخطوات المذكورة.

وأشار «غازي» إلى أن «دور البرد» الذى يصيب المريض، هو فيروس يصيب الشخص فيشعر بالآلام فى العظام وجميع أنحاء الجسد بجانب ارتفاع درجة الحرارة، ويتم الشفاء منه تلقائيا أو بجرعة دواء بسيطة يصفها الطبيب، بينما إذا دخلت هذه التركيبة أو الخلطة إلى الجسم تحدث نتائج عكسية فتقاومها البكتيريا وتستمد قواها ونشاطها مرة أخرى وفى نفس الوقت تنهار قوى الجسم فى محاربته، محذرا من تناول العقاقير بشكل عام إلا بعد استشارة طبيب، خاصة تلك الخلطات المركبة العشوائية التى تهدد حياة الأشخاص.

خلطة مميتة

 فى سياق متصل، يقول الدكتور يوسف داوود، صيدلي، إن مكونات حقنة البرد تعتبر من الخلطات الخاطئة التى تم اختراعها وربما المميتة التى انتشرت بين الناس، ويشارك فيها بعض من الصيادلة معدومى الضمير لغرض البيع والربح فقط، ولا يهتمون بالنتائج السلبية التى تهدد حياة الكثير من متناوليه، موضحا أنه يستقبل أشخاصا يريدون تلك المكونات للحقنة دون الرجوع إلى الطبيب، ومعلوماتهم بنيت على تجارب المحيطين بهم فقط ويعتمدون عليهم فى وصف الدواء.

مفسرا أن هذه التركيبة المكونة من مسكن ويكون قوى المفعول وتتعدد أعراضه الجانبية وموانع الاستعمال، والمضاد الحيوى الذى يضر بخلايا الجسم، ومادة الكورتيزون التى تسبب المشاكل الصحية وتوهم المريض بالشفاء المؤقت فقط، مؤكدا أن المسكنات لا تستخدم لأى شخص مصاب بأمراض الكلى أو الكبد أو الضغط، لذلك ننصح دائما بأن المريض يستشير الطبيب وأن يخبره بالأدوية التى يتناولها أو الأعراض التى يصاب بها حتى يتم الحذر عند وصف الدواء، بدلا من اللجوء إلى الصيدلية على الفور من تلقاء نفسه، لأن التشخيص الطبى للحالة إذا كان صحيحا فسوف يتم الشفاء بالعلاج المناسب، ولكن العكس سيؤدى إلى كوارث صحية متعددة.

«الصيدلى» يتحمل العواقب

كما أكد الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الكبد بالمعهد القومى للكبد، والمستشار الطبى للمركز المصرى الحق فى الدواء، أن تعاطى هذه التركيبة خطأ شائع خاصة بالمناطق الريفية والقرى، مشيرا إلى أن الكثير من نزلات البرد الفيروسى يقاومها الجسم خلال يومين أو ثلاثة أيام، مشددا على أهمية صرف الدواء من الصيدلية وفقا لروشتة طبية فقط، وإلا سيطبق على «الصيدلى لوحده» اللوائح والقوانين فى حالة حدوث المضاعفات أو تعرض صحة المريض للخطر، لأن هناك وصفات وخلطات يصرفها الصيدلى من الممكن أن تؤدى إلى الوفاة، والقانون ينظم الأمور.

وأكد عز العرب أن «الصيدلية ليست مكانا لتعاطى الحقن، فهى تؤخذ فى المستشفيات وتحت الإشراف الطبى فقط»، وأن الصيدلى يصرف الدواء دون تشخيص حالة المريض بشكل صحيح ويعتمد فقط على الأعراض التى قد تكون مشابهة لأمراض خطيرة أخرى، ولا بد من التشخيص الصحيح من قبل طبيب حتى يتم علاج مناسب فى توقيت صحيح لكى يشفى المريض، بينما خلط الكورتيزون والمضاد الحيوى مع المسكنات، والخلطات التى يصرفها الصيدلى يشكل خطأ مهنيا وقانونيا يحاسب عليه القانون، ووفقا للوائح فإن صرف الدواء لا يتم إلا من خلال روشتة طبية، إلا بعض أصناف تسمى OTC، وهى الأدوية مثل الفيتامينات وخافض الحرارة التى لا تشكل خطرا على صحة الإنسان، مطالبا الصيادلة بالالتزام بعدم صرف الأدوية إلا بروشتة طبية، وعدم القيام بإعطاء الحقن أيا كان نوعها، لأن أى مضاعفات ستكون تحت مسئولية الصيدلى فقط، مؤكدًا أن الصيدلية مكان لصرف الأدوية فقط وليست مكانا للكشف الطبي، ولا بد من مقاومة الظاهرة وأيضا زيادة وعى الجمهور بأن هذه الخلطة تشكل خطورة من الممكن أن تؤدى إلى الوفاة.

 تحذيرات دولية من محتويات التركيبة

التأكد من خطورة التركيبة، وعشوائية صرفها، دفعنا أيضًا للرجوع إلى تقارير المنظمات الصحية الدولية بشأن محتويات التركيبة، حيث أكد تقرير لمنظمة الصحة العالمية خطورة استخدام المضادات الحيوية على المرضى الذين يصف لهم أطباؤهم جرعات زائدة من المضادات الحيوية، وقد تبين أن هؤلاء المرضى تنشأ لديهم مقاومة للدواء تستمر لمدة تصل إلى عام، ما يجعلهم عرضة للخطر عندما تكون هناك حاجة إلى علاج مرض أكثر خطورة.

وأشار الباحثون الذين أجروا التحاليل لـ٤٢ دراسة سابقة خاصة بمقاومة المضادات الحيوية، إلى أنه كلما زادت المضادات الحيوية التى توصف لعلاج السعال والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا أو إصابات البول، أصبحت البكتيريا أكثر مقاومة فى مرض أكثر شدة.

وتوصلت مؤسسة «مراقبة الجودة الألمانية» من خلال فحصها لـ ١٦٠٠ نوع من الأدوية التى يسمح ببيعها فى الصيدليات دون الحاجة إلى وصفة من الطبيب، إلى نتيجة تضمنت أن ٤٠٪ من هذه الأدوية يتسبب فى مخاطر على الصحة، وذلك على الرغم من أن عملية تصنيع وبيع وصرف الأدوية فى ألمانيا تخضع لشروط مشددة، ولا يستطيع الصيدلى أن يصرف الأدوية التى يتطلب صرفها وصفة من الطبيب، إلا أن يتعرض للمعاقبة القانونية الشديدة.