الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

براءة ريا وسكينة.. المحاولة الفنية الأولى لتقديم التاريخ الحقيقي

ريا وسكينة.
ريا وسكينة.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التاريخ يكتبه المنتصرون، مقولة شهيرة التصقت بكتابة التاريخ منذ عقود طويلة، وبمرور الزمن ومع التقدم العلمي والبحثي في كل جوانب التاريخ نكتشف أحداث وحقائق جديدة منها ما يدخل في باب التعديل والإضافة ومنها ما ينسف المعتقدات والأفكار القديمة، ويستبدلها بأخرى جديدة، قد تتغير ايضًا مع مرور الزمن ومع تغير المنتصر.
وبطبيعة الحال التي لا تُبعد الفن عن التاريخ، منذ أن ظهر الفن كمؤرخ لحياة الإنسان البدائي على جدران الكهوف ومرورًا بتأريخه الديني للاحتفال والمناسبات الدينية بدايةً من الوثنية، ووصولًا للديانات الإبراهيمية، حتى العصور الحديثة وظهور السينما والتلفزيون وتطورهما وانتقال الدراما التاريخية من الاحتفالات الدينية والاعمال المسرحية إلى شاشتهم.
وتناولت الأعمال الفنية الأحداث التاريخية المختلفة مثل أفلام "وإسلاماه، والناصر صلاح الدين، وأفلام ريا وسكينة المتعددة" ومسلسلات مثل "الفرسان، والابطال" وهي جميعًا دارت حول الحروب التي خاضتها مصر والدول العربية، بدايةً من هجمات المغول، ومرورًا بالحملات الصلبية والحملة الفرنسية على مصر وتنقل الحكم بين الاُسر والحكام المختلفين، الى جانب تناول قصة ريا وسكينة التي دارت احداثها ايضًا في فترة الاحتلال الانجليزي لمصر، إلا أن هذه الأعمال لم تخلو من الصبغة الدرامية واللمسة الفنية لكل كاتب من كتاب الدراما التاريخية، ومع الاحتفاظ بحق المبدع في وضع لمساته الفنية على الأعمال التاريخية، إلا أن هذه اللمسات الفنية قد أدت الى إحداث نوع من التشويه التاريخي في عقل المتفرج،لاعتماده الكبير على استقاء معلوماته التاريخية من الأعمال الفنية، خاصة مع انتشار الأمية التعليمية والأمية الثقافية والتاريخية وضياع قيمة القراءة أمام التكنولوجيا الرقمية التي أوجدت جيلًا يعتمد على المعلومات السطحية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعد مرور أكثر من ثلاثين عام على تقديم أخر عمل سينمائي تناول قصة ريا وسكينة الذي قدمه الفنان يونس شلبي والفنانة شيريهان في عام 1983،جاء السيناريست أحمد عاشور ليعلن أن هناك تزيف تاريخي وظلم كبير يقع على هذين السيدتان من خلال فيلمه "براءة ريا وسكينة"، الذي أعلن أنهن من المناضلات المصريات ضد الاحتلال الإنجليزي الذي أراد أن يلصق بهم التهم جزافًا، فمنذ عام 2015 ودخل عاشور في عدة حروب قضائية مع الرقابة على المصنفات الفنية، ووزير الثقافة ورئيس الوزراء،بعد أن صدر قرار من الرقابة على المصنفات الفنية بمنع تصوير فيلم "براءة ريا وسكينة" لما يحمله من تجريح وإهانة للقضاء المصري وللشرطة، كما اعتبرت أن الفيلم يحمل في طياته تحريض على القضاء والإعلام والداخلية ويهدف للبلبلة، وهو ما رفضه القضاء المصري وأصدر حكمه بأحقية تصوير العمل وإيجازه.
وبالفعل تم البدء في تصوير أحداث الفيلم داخل مدينة الانتاج الاعلامي منذ أقل من اسبوع، خاصة بعدما أكد مؤلفه لـ"البوابة نيوز"، أن الهدف الرئيسي من الفيلم هو إثبات الاستغلال الإعلامي القديم - الحديث من الإنجليز لصناعة قضايا الرأي العام ومنها قضية "ريا وسكينة" اللتين تعرضتا لظلم ولظروف مجتمعية جعلت منهما ضحية لتلك الظروف ولهذا التشويه الإعلامي المتعمد من الإنجليز، موضحًا أنه استند على مراجع تاريخية تثبت ذلك في فيلمه.
وبعيدًا عن الحكم على صحة ما يقدمه العمل من معلومات، لحين عرضه للجمهور، إلا أن إيجاز القضاء المصري والرقابة على المصنفات الفنية للعمل والسماح بتصويره، يعد مؤشرًا لصدق وإيجابية ما يقدمه العمل من معلومات ووقائع تاريخية قد تثبت بالفعل حقيقة ريا وسكينة، إن كانتا سفاحات أم مناضلات ضد الاحتلال، وإلى أن يتم الانتهاء من تصوير العمل وعرضه للجمهور يعتبر هذا العمل مؤشر إيجابي لتفعيل دور الفن في البحث عن الحقيقة التاريخية والتدقيق.