الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

توقعات بحرب باردة بين روسيا وبريطانيا بسبب قضية سكريبال

 العميل الروسي السابق
العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشهد العلاقات البريطانية- الروسية توترًا غير مسبوق، على خلفية تسميم العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال في جنوب شرق بريطانيا بواسطة غاز أعصاب في الرابع من مارس الحالي، ووصل هذا التوتر ذروته بعد قرار رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس الأربعاء، بطرد 23 دبلوماسيا روسيا اتهمتم بأنهم متورطون في قضية مقتل العميل الروسي، بعد إمهال الدبلوماسيين الروس أسبوع لمغادرة بريطانيا، وتعد هذه أكبر عملية طرد لدبلوماسيين منذ 30 عامًا.
ويتمحور مشهد العلاقات المتأزمة بين لندن وموسكو في تهديدات بريطانية شديدة يواجهها غضب روسي وإنكار لتورطها في القضية، ووسط هذه الحرب الكلامية المستعرة بين البريطانيين والروس، أعلنت كل من الولايات المتحدة ودول من الاتحاد الأوروبي دعمها للموقف البريطاني وهاجمت روسيا، وأسفر هذا التصعيد البريطانى تجاه روسيا، عن عقد مجلس الأمن الدولي، اجتماعا طارئا مساء أمس الأربعاء، حول هذه القضية، حسبما أعلنت الرئاسة الهولندية الحالية للمجلس.
كما يُنتظر أن تُطلع وزارة الخارجية البريطانية مجلس حلف شمال الأطلسي (ناتو) على تطورات القضية، ويأتي ذلك بعد أن انقضت مهلة حددتها لندن لكي توضح موسكو كيفية استخدام غاز أعصاب "روسي الصنع" في تسميم سيرجي سكريبال (66 عامًا) وابنته يوليا (33 عامًا) في سالزبري جنوب شرق بريطانيا.
وكانت تيريزا ماي، رئيسة الحكومة البريطانية، قد عقدت اجتماعا لمجلس الأمن القومي البريطاني أمس، قبل أن تبت في مسألة فرض عقوبات على روسيا، قد تكون مرتبطة بأجهزة أمنية متهمة بتنفيذ هذه العملية وهذا سيعني استهداف شخصيات مرتبطة بشكل مباشرة بالكرملين.
وفي ذات الوقت تدرس الهيئة المنظمة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة البريطانية قضية سكريبال قبل النظر في الترخيص الممنوح لشبكة "روسيا اليوم"، على اعتبار أنها أداة دعاية موالية للكرملين، فيما حذرت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من أنه لن يسمح لأي وسيلة إعلام بريطانية بالعمل في روسيا في حال إغلاق محطة "روسيا اليوم" في بريطانيا.
وفي العلاقات الدولية، فإن حادث تسميم الجاسوس الروسي ليس سوى فتيل يجدد إشعال أزمات وخلافات أخرى بين الطرفين، إذ كشفت حدة اللهجة الحادة المتبادلة بين لندن وموسكو العلاقات المأزومة بين الجانبين منذ فترة في ضوء الآتي:
أولًا: ما أشار إليه مراقبون من تزايد عمليات اقتراب الطائرات والسفن الروسية من المياه الإقليمية البريطانية، ما دفع بلندن إلى تصعيد اللهجة حيال الكرملين، مؤكدة أن البحرية الملكية متيقظة ومستعدة لضمان أمن بريطانيا.. كما بادرت بريطانيا في 2017 إلى تعزيز قواتها الجوية المنتشرة في قاعدة لحلف الأطلسي في استونيا في إحدى أكبر عمليات الانتشار للقوات البريطانية في أوروبا الشرقية.
ثانيًا: شهد عام 2016 توترًا كبيرًا في العلاقات على خلفية ما اعتبره نواب بريطانيون تدخلًا روسيًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حملة الاستفتاء حول البريكست، كما سبق واتهمت رئيسة الوزراء تيريزا ماي روسيا بإطلاق حملات "للتجسس المعلوماتي"، والتأثير على الانتخابات من خلال نشر معلومات خاطئة على الإنترنت.
ثالثًا: يعتبر الملف الأوكراني من نقاط الخلاف الكبرى بين لندن وموسكو، فمنذ بدء المواجهات في أوكرانيا أواخر 2013 نددت بريطانيا بشدة بالسياسة التي ينتهجها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لدرجة أنها أصبحت من الأصوات الأكثر انتقادا لضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
وبالإضافة إلى أوكرانيا تعارض لندن التدخل الروسي في سوريا، ففي مطلع مارس الجاري اتهم البريطانيون، مجددًا، الجيش الروسي بالمشاركة في عمليات القصف إلى جانب الجيش السوري رغم التصويت على وقف لإطلاق النار في الأمم المتحدة.
وحمل وزير الخارجية البريطاني روسيا مسئولية وقف إطلاق النار طالبًا منها "وقف أعمالها العدائية فورا"، في حين أجهضت موسكو باستعمال حق الفيتو مشروعي قرار من بريطانيا بشأن سوريا، الأمر الذي ولد غضبا في بريطانيا وانتقادات حادة للروس.
وسكريبال هو عقيد سابق فى المخابرات العسكرية الروسية جندته المخابرات، وكان قد حكم عليه بالسجن في بلاده لمدة 13 سنة بعد انكشاف أمره وإلقاء القبض عليه عام 2006.
وأطلق سراح سكريبال في إطار أكبر صفقة تبادل جواسيس بين الغرب وروسيا منذ نهاية الحرب الباردة عام 2010 بعد أن أصدر الرئيس الروسي حينذاك ديميتري ميدفيديف عفوًا عنه، ومنذ ذلك الحين يعيش في بريطانيا.
وإجمالي القول فإن قضية سكريبال تدفع العلاقات بين لندن وموسكو إلى حافة الهاوية لكنها لن تنزلق إلى مواجهة عسكرية بين البلدين، وربما تمهد لحرب باردة بين موسكو ولندن، خاصة أنها تُعيد الأذهان إلى قضية شبيهة تعود لسنة 2006 عندما مات العميل السابق في أجهزة الاستخبارات الروسية الكسندر ليتفينينكو متسمما بمادة البولونيوم 210، ووقتها أيضًا وجهت لندن اتهامات شديدة اللهجة لموسكو.