الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الاستشهاد والمال في خدمة الوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العقل والمشاعر المصرية لا تستسيغ أو تقبل الارتجالية ولا مجرد الكلام شفويا.. قناعة المصريين ترتكز على العمل والفعل على أرض الواقع، وماذا يقدم للناس من خدمات وتضحيات، القائمة على البحث والعلم والمنطق، ومن يعرف هذا العقل على طبيعته عدد ليس بكثير، وعلى رأسهم رجل الصناعة محمد فريد خميس، الذى يمثل علامة فارقة فى عالم الصناعة ورجال الأعمال، فهو من رجال مصر الوطنيين الذن أدركوا من أول لحظة أهمية المساهمة والتبرع للمشروعات القومية وعلى وجه التحديد فى سيناء. الأسبوع الماضى سلم محمد فريد المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء شيكًا بمبلغ عشرين مليون جنيه دفعة أولى من أصل مئة مليون جنيه تبرعًا شخصيًا من رجل الصناعة الأول، يتم تسليمه خلال عام، على أن يتم توجيه المبلغ بتنمية سيناء وتوفير فرص عمل للشباب.
ليست هذه المرة الوحيدة التى يساهم فيها رجل الصناعة فى المشروعات القومية، أو توفير فرص عمل لأبناء وطنه، ولكن سبقت هذه المساهمة مساهمات أخرى كبيرة متمثلة فى المشروعات التى أقامها لخدمة صناعات النسيج اليدوية التى تتلاءم مع البيئة الاقتصادية لسيناء، وتقديمه عددا كبيرا من المنح الدراسية لأبناء سيناء فى الجامعة البريطانية، وفى هذا الإطار يدرك رجل الأعمال إدراكًا كاملًا لدوره الوطنى والاجتماعى فى تنمية سيناء باعتبارها مشروعًا قوميًا لمجابهة الإرهاب وأرضا بكرا للاستثمار، وفى هذه الأجواء يشكل محمد فريد خميس حالة فريدة واستثنائية فى عالم الصناعة ومعتركها والدور الوطنى والاجتماعى لرجال الأعمال. هذا الواقع يلقى على كاهله تابعات جسيمة ومسئوليات مضاعفة، لأن ما يفعله من مساهمات لا بد أن يحتذى بها العديد من رجال الأعمال والأثرياء خصوصًا فى سيناء.
لقد دقت ساعة المساهمة فى المشروعات القومية من جانب كل المصريين، خصوصًا رجال الأعمال، لتكون هذه المساهمات والتبرعات بمثابة رسالة لجميع المصريين.. محتوى هذه الرسالة أن جميع أفراد المجتمع يد واحدة ضد الإرهاب ومع تنمية سيناء وزرعها بالمشروعات والمزارع وفرص العمل للشباب على خلفية قربها من مدن الإسماعيلية، والسويس، وبورسعيد، بعد أن قامت القوات المسلحة بشق الطرق وتحقيق معجزة الأنفاق من تحت قناة السويس، لتربط سيناء بكل أجزاء الوطن لتجاوز الأزمات الصعبة وحماية أمن مصر واستقرارها.
وهذه الخطوات التى نفذها رجل الصناعة لا بد أن تكون قدوة يحتذى بها من جانب رجال الأعمال والأثرياء طبقًا لخطة محددة لهذه الإسهامات والتبرعات والمشروعات التى تحتل المرتبة الأولى لمصر، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية.
هذا النوع من الخطوات التى اتخذها رجل الصناعة فريد خميس تزيل كثيرا من الأنين الصامت لشرفاء الناس من أبناء الوطن عن الدور الاجتماعى والاقتصادى رجال الأعمال، خصوصًا أن «خميس» من أكثر العصاميين الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم، فأقاموا صروحًا اقتصادية شكلت منارات يفتخر ويحتذى بها.
سيظل الجميع يطالب بتكثيف الدور الاجتماعى والاقتصادى لرجال الأعمال، للمساهمة فى المشروعات الكبرى لحماية مصر، باعتبار أن الاستقرار والأمان بالنسبة لرجال الأعمال والأثرياء مناخ مناسب لأعمالهم وزيادة ثرواتهم، وهم الأكثر استفادة من الاستقرار والأمان.
من باب المكاشفة نقول هذا الكلام حتى يحتذى رجال الأعمال حذو فريد خميس، بما اتخذه من خطوات كبيرة ومهمة فى التبرع للمشروعات القومية لسيناء، ليصبح هذا الجزء من الوطن سدًامنيعًا للإرهاب، وبوابة تدر الخير لمصر والمصريين.
ومن باب الشفافية أيضًا نسأل ماذا يساوى المال أمام التضحية بالروح والشهادة، كما فعل شهداء الجيش والشرطة، يأتى هذا الكلام على خلفية احتفالنا بيوم الشهيد التاسع من مارس، وهو اليوم الذى استشهد فيه الفريق أول عبدالمنعم رياض، وسط جنوده بمنطقة المعدية بالإسماعيلية، ليضرب المثل فى الوطنية والتضحية بأن ما قاله لجنوده عن الوطن وتحريره وإعلاء قامته وكرامته ليس كلامًا بل تضحية وفداء وفعلا على أرض المعركة، وهى أرض الواقع.
وقف الفريق عبدالمنعم رياض بين رجاله، ليتابع العمليات على خط المواجهة مع إسرائيل، ولم يكن مكانه يبعد عن نيران العدو الإسرائيلى سوى ٢٥٠ مترا، لتنفجر قذيفة بالقرب من موقعه، ليصاب بإحدى شظاياها، ويحدث ما يسمى بتفريغ الهواء ويستشهد البطل عبد المنعم رياض ويخرج أكثر من مليون مصرى يتقدمهم الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، فى جنازة حاشدة، لتوديع الجنرال الذهبى إلى مثواه الأخير، وتلتحم الجماهير بعبدالناصر بدون أى حراسة وكأنهم شىء واحد فى أكبر رد على العدو الإسرائيلى بأن استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض يزيد ويقوى إرادة المصريين وإصرارهم على تحرير الأرض واسترداد العرض، ولم يمر سوى شهرين حتى قام البطل والشهيد أيضا إبراهيم الرفاعى وأبطال الصاعقة بالانتقام للشهيد عبدالمنعم رياض بالاستيلاء على الموقع الإسرائيلى الذى قام بفتح النيران على الشهيد عبدالمنعم رياض، وتم قتل أفراد الموقع الإسرائيلى بالسلاح الأبيض فردًا فردًا، حتى إن إسرائيل قدمت شكوى للأمم المتحدة ضد مصر بسبب عملية الانتقام.
الأمور واحدة، ولا شىء يدعو إلى الانتظار.. الشهداء استشهدوا ليفتحوا لنا جميعًا فقراء وأغنياء مسلمين ومسيحيين أقوياء وضعفاء، نساء ورجالا، أطفالا وشيوخا، أبواب الحياة والعمل والعمران، فلا نتخاذل أو نبتعد عن المساهمة فى المشروعات القومية، كل حسب دخله، فماذا يساوى المال أو الجهد والعمل أمام التضحية بالروح والشهادة فداء للوطن؟
دقة الأوضاع وسخونتها فى المنطقة التى نعيشها المحفوفة بالمخاطر والأطماع تستوجب أن يقدم كل غال ونفيس فداء للوطن، خصوصًا أن إسرائيل وأمريكا وتركيا وتوابعها لا تتوقف لحظة واحدة عن زرع الألغام أمام تقدمنا ونهضتنا، وهذه المحاولات المستمرة لجر مصر إلى الوراء ستبقى مهمة مستحيلة بفضل ما قدمه الشهداء من الجيش والشرطة من تضحيات ووقفة رجال الأعمال الشرفاء فى خدمة المشروعات القومية لبناء الوطن، وخلفهم الشعب الواعى بكل ما يجرى على أرض وطنه، ويفرز ويصنف الوطنيين ومن يخففون عنه ضغوط الحياة وارتفاع الأسعار.
ما يحتاج المصريون له هو من يعرف كيف يحل مشاكل الوطن والمواطنين.