الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"لليان تراشر".. جنة الإنسانية على الأرض

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لأنى قد رأيت مشقة شعبى فى مصر وسمعت أنينهم ونزلت لأنقذهم فالآن هلم فأرسلك إلى مصر».. تلك الآية من إنجيل أعمال أرسل، وقعت عين الأمريكية لليان تراشر عليها، والتى رأتها كإجابة لسؤالها الدائم إلى الله «ماذا تريدنى أن أفعل؟»، حيث شعرت بأن الله يريدها أن تسافر إلى هناك لتتغير قصة حياتها.
فكان اليتامى هدفها، وتعويضهم عمَّا فقدوا كان شغلها الشاغل، وكفالة حياة كريمة للمحتاجين كان نهجها بالحياة، وأن لذوى الاحتياجات الخاصة فعلا احتياجات خاصة يجب أن تقدم، بالإضافة للتنشئة الدينية والتربوية السليمة، ناهيك عن اقتناعها بأن صعيد مصر هو البقعة الأكثر حاجة للخدمات، ومن هنا، وإلى أسيوط أتت لليان تراشر، حيث ودعت ولاية فلوريدا عام ١٩١٠، لتدوس أقدامها بلاد الجنوب كى تصنع خيرا.
كانت «تراشر» فى بداية خدماتها تعانى جدا، فبعد أن كانت تستقل أحدث السيارات ببلاد العم سام، اضطرت إلى أن تعتمد على «حمار» كى تقطع طريقها بحثا عمَّن يحتاج المساعدة، كما أنها كانت تقطع النهر أيضا عن طريق قارب شراعى صغير، وتجلى عظيم عمل الله معها فى رواية منتشرة عنها، حيث كانت فترة الفيضانات، وكادت تغرق وهى فى طريقها من قرية «كوم أسفحت» إلى قرية «الدوير»، إلا أن كومة من القش وسط المياه كانت طوق النجاة لها، إلى أن أتى أحد المراكب الكبرى وانتشلها، لتستمر فى مد يديها للمحتاجين ردا ليد الله الممدودة لها.
وأنشأت «أم النيل» كما لقبت لاحقًا عقب وصولها لمصر بعام، وتحديدًا فى ١٩١١ واحدة من أوائل وأكبر الدور الخيرية، وأطلق عليها «بيت لليان تراشر» وحتى الآن تخدم آلاف الأيتام والأرامل والمعاقين على مر العصور، حيث أصبح الدار الآن على مساحة ١٢ فدانا وبه العديد من المبانى الرئيسية الكبرى، والتى تخطت ١٣ مبنى رئيسيًا، مكونة من حضانة وسكن للأولاد وسكن للبنات وفرن ومزرعة ومركز للتدريب المهنى للأولاد وآخر للبنات، يشمل حدائق وملاعب لممارسة الرياضة.
وواجه «تراشر» العديد من الصعاب خلال مشوار خدمتها بمصر، من أهمها أنه عندما نشبت الحرب العالمية الثانية فى أواخر ١٩٣٩، طلبوا منها أن تغادر أسيوط لتختبئ مع باقى الأجانب وتكون فى مأمن، لكنها رفضت أن تترك أبناءها الذين زاد عددهم زيادة هائلة.
وتقول أم النيل فى مذكراتها، زادت المتاعب عندما علمنا أنه لا سبيل لوصول أى مساعدات إلينا، يا إلهى كيف أدبر لقمة العيش أمام سيل من الأيتام يتراكم أمامى وسط ارتفاع الأسعار؟ ظن الجميع أننا سنتخلص من الأطفال كما تفعل المؤسسات الأخرى، لكن شكرا لله الذى أعاننا فلم نفعل ذلك، وفى الشهر الخامس من بداية الحرب وصلت لنا معونات هائلة، حقا إنه يعطى بسخاء ولا يعير. 
ساعدت الأطفال المسيحيين والمسلمين خلال حرب لبنان 1985