الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"أم عبدالسيد" صعيدية لقبها البابا شنودة بـ"أم الغلابة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أم عبدالسيد»
صعيدية لقبها البابا شنودة بـ«أم الغلابة»
لم تحظ بشهرة واسعة كما حظى من سبقوها ومن بعدها من أبناء الكنيسة الأرثوذكسية، الذين سلكوا طريق مخافة الله تاركين حياة العالم ولجأوا لحياة الرهبنة فى الأديرة والكنائس، هى امرأة بسيطة كانت دائمة الظهور فى جلباب أسود بحكم عادتها الصعيدية، لم تسلك حياة الرهبنة لرفض والدها الذى أجبرها على الزواج، فهى «أم عبدالسيد» أو أم الغلابة كما سماها البابا الراحل شنودة الثالث.
أم الغلابة أو «أم عبدالسيد»، هى «أردينا مليكة يوسف» ولدت فى ١٩١٠ بصعيد مصر بقرية الشيخ علام ببلدة الكوامل بمحافظة سوهاج، وبحسب قصة أم عبدالسيد، كما أخرجتها الكنيسة الأرثوذكسية فى فيلم ديني؛ فهى من أسرة ثرية ماتت أمها بعد ولادتها بأربعين يوما فتولتها أختها الأكبر منها «جندية» وقامت على مراعاتها، أما والدها فكان رجلا بعيدا عن حياة الكنيسة ذو سطوة ومهابة فى، كما كانت له هواية رديئة فى استحضار الجان والشياطين والسحر والتعامل معه، هذا العمل الذى تعارض مع ابنته «أردينا» الطفلة فى ذلك الوقت وكان عمرها لا يتجاوز السابعة، حتى إنها كانت تعيش حياة الصوم وتأكل القليل، وحرمت هذه الطفلة الصغيرة ذبائح والدها لأنها ناتجة من مال حرام، وفضلت الأطعمة البسيطة القليلة. وكان أبوها يجبرها على أكل اللحوم، فكانت وسط كل هذا الغنى تعيش حياة بسيطة كلها أصوام وصلاة.
محبتها للفقراء
سميت «أم عبدالسيد» بـ«أم الغلابة»؛ لأنها كانت محبة جدًا للفقراء والمساكين فكانت دائمة الخدمة لهم، وكانت تقول إن السيد المسيح كان دائم التعزية والمساعدة لها فكان دائما قريبا منها ويرشدها للمنازل التى تحتاج إلى المساعدة. 
وفى وصفها للسيد المسيح تقول «إن السيد المسيح جميل المنظر ويظهر من حوله نور بهي».
أما عن محبة الآخرين لها؛ فكانت أم الغلابة تحب زيارة دير أبى مقار وكانت عند وصولها للدير كانت تُدق لها الأجراس، وكان رهبان الدير يعتبرون زيارتها مهمة جدًا، وكانت تجلس بوسط الرهبان وتحكى لهم عن السيدة العذراء مريم والسيد المسيح والقديسين ومحبتهم. وبدأت أم الغلابة خدمتها فى صعيد مصر ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ثم انتقلت إلى القاهرة فى حى شبرا مصر، كما خدمت أيضا فى كنيسة مار مينا بشبرا مع القمص «أبونا أخنوخ سمعان» راعى الكنيسة. وكما كانت تعمل فى مجال السجاد اليدوى (البلدي)، وكان الدخل الذى يعود من هذا العمل تعطيه للفقراء والمحتاجين دون حساب، فكانت تخدم الأرامل واليتامى.
طفولتها ومحاولة رهبنتها
تحكى أم عبد السيد، وتقول: «أمى تركتنى يتيمة، وأنا طفلة كنت بخاف وأترعب»، وكانت تصف وجه والدها الجميل، بلحية صفراء متوهجة كأشعة الشمس فى براءة طفولية. ثم تتحدث بانبهار عن حنوه فتقول «أد إيه كان الحنان اللى فيه عجيب».
ولما وصلت الطفلة أردينا لسن ١٢ – ١٤ سمعت بوجود أديرة للراهبات، فاشتاقت «أردينا» أن تكون راهبة، فأقنعها أهلها أن الراهبات لا يؤخذن إلا إن كانت واحدة مصابة بشلل أو كفيفة، وأنها لن يتم قبولها بالدير لأنها لم تكن من هذه الحالات. فحاولت «أردينا» إحداث عاهات بنفسها للالتحاق بالدير، فوضعت ترابا من الفرن وكبست به أعينها حتى تفقد البصر وتُقبل فى الدير، لكن محاولتها باءت بالفشل. 
تزويجها بالقوة
قام والد «أردينا» بتزويجها رغم أنفها حتى يضمن عدم تمسكها نحو طريق الرهبنة. فتزوجت وهى فى الرابعة عشرة، من شخص قاس، عاشت معه سنوات طويلة صعبة، وتحملت معاملته الوحشية غير الآدمية فكان يقوم بضربها بخشبة مملؤة بالمسامير. وظلت أربعين سنة تتعرض للضرب والإهانة دون سبب. وكانت تُردد «مش مهم عندى آلامى وجراحى فكل اللى يهمنى خلاص نفسك».
ووفق ما يتردد بين أبناء الكنيسة وقريتها فإنها فى إحدى المرات صعدت إلى سطح البيت وهى مصابة وقامت بالصلاة من أجل زوجها قائلة: «شوف يا حبيبى، أنا النهاردة ما أسيبكش، ده شريك حياتي، تخليه عايش فى الخطية؟ يعنى أنا أروح السما وهو يروح جهنم؟ ده حرام، أوعى تكتب عليه خطية، أنا باقول لك أوعى يا رب تكتب على جوزى خطية».
مداواة زوجها فى نهاية أيامه 
استمر زوجها فى طريق الخطية تاركًا زوجته وأولاده فى بيت أهله، لكنها ضحت بحياتها من أجل تربية أطفالها فعملت وكدت حتى تربيهم دون احتياج لأحد. وبعد زمن مرض زوجها، وعندما سمعت زوجته –أم عبدالسيد- بذلك لم تفكر فيما صنعه معها، بل أتت به وخدمته بكل تفان وصارت تداويه، حتى برأ تمامًا. وعندما أحست بقرب وفاته اشترت أكفانًا وقامت بحياكتها، ومات زوجها وكفنته بهذه الأكفان. وتعرضت أم عبدالسيد لصدمات كبيرة فى حياتها، منها وفاة ابنها الأكبر «سعيد»، وقد استقبلت الخبر بفرح وتحمل وقامت بوعظ المعزين الذين جاءوا يشاركونها فكانت تقول لهم: «أنا فرحانة مش حزينة عليه علشان هو فى مكان أفضل». 
محبتها من الآخرين
كانت أم الغلابة تحب زيارة دير أبو مقار، فكانت عند وصولها إلى الدير تدق لها الأجراس، وكان رهبان الدير يعتبرون زيارة أم عبدالسيد زيارة مهمة جدا، فكانوا يحبونها جدا، وكانت تجلس بوسط الرهبان وتحكى لهم عن العذراء مريم والسيد المسيح والقديسين، وعن رؤيتها الشخصية لهم.
قبل وفاتها بشهر رقدت أم عبدالسيد بالفراش، وجهزت كفنها بنفسها، وتوفيت أم الغلابة فى ٢٧ ديسمبر ١٩٩٢. وكانت تردد «أم الغلابة» فى صلواتها «يارب ما لى غيرك.. أصبح وأبات فى خيرك.. لا تسيبنى رحمتك.. ولا تحوجنى لواحد غيرك.. أحط جنبى اليمين.. اتكلت على الملاك ميخائيل.. أحط جنبى الشمال.. اتكلت على الملاك غبريال.. أحط راسى.. اتكلت على حراسي.. أحط ظهري.. اتكلت على ربى.. ربى رب العطية اغفر لى ذنبى والخطية».
بدأت خدمتها من سوهاج واختتمتها فى شبرا.. وعذبها زوجها 40 عامًا قابلتها بالصلاة من أجله
أهلها منعوها من «الرهبنة».. وحاولت أن تفقد بصرها حتى تلتحق بالدير