الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

3 أيام معايشة لـ"البوابة نيوز" خلف مسجد قايتباي بداير الناحية.. منازل صدر لها قرار إزالة.. والأهالي لعبدالرحيم علي: "أمانة عليك توصل صوتنا للرئيس"

داير الناحية
داير الناحية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى صندوق الرسائل للنائب عبدالرحيم على، كانت هناك إحدى الشكاوى، مفادها بأنه قد صدرت قرارات إزالة من الحى لمنازل عشوائية خلف مسجد قايتباى، بداير الناحية بالدقى، كان من الممكن نقل الشكاوى إلى المحافظ، لكن لأن النائب يعرف الأمر ويعايش أهالى دائرته، وجه صفحة «صوت الناس» لرصد الأمر كاملا، حتى تكون الصورة مكتملة أمام المسئولين.. وكانت المحصلة هذا التقرير لمن يهمه الأمر:
على بعد أمتار من البنايات الشاهقة فى شارع التحرير، وما إن تدلف يمينا حتى تجد أزقة وأسر كاملة لا ترى الشمس، لكنها كل صباح تطلب الستر، هناك الفقر «تجبر» حتى سيطر وبات صاحب الأمر والنهى، وهناك شاع المرض حتى تعود الناس عليه، حملة النائب عبدالرحيم على، قدمت مساعدات وقوافل طبية، لكن أمام هذه الجحافل الأمر يحتاج لتدخل الدولة، وإن أنصفنا يحتاج لتدخل من الرئيس شخصيا، لا أحد من الأهالى ينكر أن هذه المنازل «حكر» تابع لوزارة الأوقاف، هم يدفعون عنها عوائد سنوية ولديهم إيصالات بسداد رسوم الكهرباء والمياه، بل ويؤكدون أنه فعلا هناك منازل تحتاج لإزالة، وأخرى تحتاج لإعادة ترميم، لكن تبقى إجابة السؤال غير موجودة: «هنروح فين.. طول عمرنا هنا.. عايشين هنا.. وهنموت هنا.. لو فيه إزالة يبقى هدوا البيوت علينا وارحمونا.. إحنا كده كده ميتين؟».. يتجمع أهالى المنطقة وأغلب من يحضر من النساء يرتدين الجلابيب السمراء وكأنها زى موحد، وبالسؤال وجدنا أن معظمهن أرامل، حصد الفقر والمرض أرواح أزواجهن، «أم أيمن» تقول: «إحنا بنشوف العمارات اللى الريس بيبنيها فى التليفزيون والأهالى اللى بيستلموها وبتكون مفروشة، لكن لما جيت أقدم على شقة فى الحى ولأن جوزى ميت وعندى ولد وبنت ومحلتيش غير المعاش، محدش سأل فيا ولا ساعدنى، أنا عايشة فى بيت عارفة إنه ممكن يقع على فى أى وقت، لكن أنا ست وحدانية أروح فين بولادى، طول عمرى ما خرجتش من الزقاق ده، ده أنا لوخرجت أموت، فيا ريس خليهم يرمموا البيت وأخصم من المعاش، أو يبنوه وأنا هسدد حقه أقساط»، وتضيف «أم ايمن»: «يا دكتور عبدالرحيم أنا طالبة منك ما تقطعش المساعدة بس لغاية ما بنتى تخلص الكلية وتعالى شوف الوضع بنفسك وانقله للرئيس».. أما «أم كريم» فتقول: «تصدقوا وتأمنوا بمين يا ولاد، إن أنا عندى خمسة وخمسين سنة وحلمى فى الدنيا بوتاجاز، والناس جاية تقول لنا إزالة.. ده إحنا غلابة أوووى والله يا ريس.. وبنحبك وبنحب مصر.. لكن ما باليد حيلة فاقف معانا.. اقف معانا لجل النبى.. وما تخلهمش يهدوا بيوتنا ويرمونا فى الشارع.. إنت بتدى للناس شقق جديدة مفروشة.. ابعت حد تكون واثق فيه وخليه يجى يشوف إحنا عايشين إزاى ونستحق ولا لأ.. وإحنا واثقين فى ضميرك.. وعارفين إنك ابن أصول ومش هترمى أهلك وناسك فى الشارع».. فيما يقول «عم عبدربه»: «أنا كنت هموت من الجوع أنا وولادى لولا الكشك اللى عمله ليا الدكتور عبدالرحيم، هو اللى فتح البيت.. لكن ولاد الحرام كسروه وسرقوه ودلوقتى أنا قاعد لا شغلة ولا مشغلة غير المساعدة اللى بتيجى من الدكتور كل شهر.. وبدعى ربنا إن أموت لما سمعت إنهم عايزين يزيلوا البيت.. أنا مش حمل مرمطة ونوم فى الشارع، إحنا مش طالبين فيلا ولا قصر، إحنا كل طلبنا الرحمة، إحنا بنموت فى عيشتنا وساكتين، أنا كل اللى عايزه، المحافظ يجيب عياله ومراته ويعيش معايا يومين، بلاش يومين يقعد يوم واحد، ليلة، ينام على سريرى وفى نص الليل يقوم مفزوع من النوم من خوف السقف يقع عليه، حسوا بينا مرة وانزلوا عيشوا عيشتنا واحكموا على حياتنا، تعالى إبنى ورمم البيوت بلاش تيجى تهدمها، عشان هتهدها فوق دماغنا عشان كده موتة وكدة موتة».
مهما وصفنا لن ننقل الواقع.. فالكلمات عاجزة عن وصف الحال.. تجولنا فى كل مكان فى حارات وأزقة ربع متر، وصعدنا على درج مساحته بضعة سنتيمرات، رأينا الفقر شاخص أمامنا يعبث فى الطرقات.. رأينا المرض يخرج لسانه ساخرا منا ومن الكاميرات متوحشا، رأينا الهم يفترش الغرف الضيقة، والدمع يسكن أعين الأمهات.. لكن وبرغم عتمة الصورة رأينا الصبر والرضا، رأينا شهامة المصريين وإيمانهم بالله.. رأينا حرصهم على بلدهم ومساندتهم لها.. رأيناهم على استعداد للتضحية بأرواحهم المنهكة فداء لها.. رأينا منازل تحتاج فعلا لإزالة.. لكننا رأينا بشرا يحتاج إعادة ترميم.. رأينا أم سبعينية تخرج من بين تلك الأطلال مبتسمة وتقول إن الرسول جاءنى فى المنام وأعطانى جركنا من الحليب، فيمكن يا ولاد السيسى هيدينا سكن نضيف.. يمكن أدخل حمام كويس آخر يومين فى حياتى.. يمكن ألاقى علاج لى ولولادى. 
وأخيرا إلى كل المسئولين هذه الصورة كاملة أمامكم.. فأعطوا هؤلاء الناس قراركم.