السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

لقطات من التاريخ.. ثورات المصريين بعد الفتح الإسلامي "2"

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعدما وصل العباسيون إلى مصر، حيث كان مسلمو مصر من القبط والعرب قد اتفقوا على الخروج ضد الأمويين، قابلهم البشموريون عند الفارما، وأمدوهم بالمراكب والمعونة ليمكنوهم من القضاء على الخليفة الأموي، فقتلوه ورحب أهل مصر بالعباسيين، كالعادة، فى انتظار الاهتمام والإنصاف.
فى بداية الدولة العباسية انتهج الحكام الجدد، بداية العدل فى حكم مصر، إلا أنه سرعان ما عاد الوضع لما كان عليه فى حكم الأمويين وأسوأ من حيث الضرائب العالية والجزية والخراج المبالغ فيه. وكانت هذه الفترة العادلة بهدف أن يستقر لهم الحكم ويستتب الأمن وامتلاك زمام الأمور ولم تدم هذه الفترة إلا ثلاث سنوات فقط.
فى تلك الفترة، تولى الخراج رجلان هما: أحمد بن الأسبط، وإبراهيم بن تميم، وغالا فى قيمة الخراج وأثقلا كاهل الناس، بالإضافة إلى الغلاء الفاحش الذى أصاب البلاد، وبدأ المصريون فى بيع أطفالهم مقابل الخراج، ولقوا ظلما كبيرا خاصة فى الإقليم البشموري.
عند ذلك فطن «البشامرة» أن ليس لديهم ما يخسرونه فالموت محاصرهم من كل اتجاه، وكانت الثورة، حيث هب البشامرة فى الشمال سنة ٢١٦ هـ وانضموا للعرب، الذين بدأوا الثورة بسبب إقصائهم ونزولهم بيد العباسيين إلى مرتبة أدنى مما كانوا أيام الحكم الأموي.
بدأت الثورة فى عاصمة البلاد، ولم يستطع العباسيون فى مصر إخمادها فبعثوا إلى مقر الخلافة ببغداد فأمر حيدر بن كاوس المُلقب بـ«الأفشين»، من قادة جيش الخليفة المعتصم بالله، الذى كان واليا على مصر، وأمر الأفشين بالتوجه من برقة إلى مصر، فحاربهم فى العاصمة وطاردهم من مكان إلى آخر، هازما كل القبائل العربية الثائرة حتى وصل إلى الإسكندرية وقتل قائدهم وكان يدعى «أبوثور اللخمي».
استغل البشامرة طبيعة الأرض والتى كانت تعوق تقدم الجيوش وكانت هناك محاولات عدة للدخول إلى منطقتهم، فشلت جميعها، حتى اضطر المأمون للمجيء إلى مصر بنفسه على رأس جيش آخر لمحاربة البشموريين. فى البداية لم يستطع الدخول بسبب الوحل والطبيعة الجغرافية للمكان، فما كان منه إلا أن أحضر البطريرك «يوساب» وطلب منه توجيه رسالة لأقباط الوجه البحرى يدعوهم للطاعة وحقن الدماء.
أطاع الناس كلام البطريرك إلا البشموريين، الذين شعروا بالخذلان الشديد بسبب خطاب البابا يوساب، فهم كانوا فى حاجة أكثر للدعم المعنوى والمادي، وبمساعدة بعض من المصريين استطاع جيش المأمون أن يدخل منطقة البشامرة. ولأنها كانت منطقة مستنقعات، كان المأمون يتبع سياسة الأرض المحروقة، أى كلما دخل أرضا حرقها، حتى يبقى البشامرة محاصرين فى الأراضى التى لم يدخلها بعد، وأخذ ذلك يحدث تدريجيا حتى سقط البشامرة فى يده.
بعد خسارتهم، قتل جيش المأمون وسبى عددا كبيرا منهم، ولم يتوقف عن القتل إلا من كثرة الجثث.