الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

القطار.. حكاية حياة

القطار.. حكاية حياة
القطار.. حكاية حياة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القطار ليس مجرّد آلة تطوّرت فى أعقاب الثورة الصناعية بأوروبا منذ قرون مضت، وليس مجرّد عربات تنقل الناس من مكان لآخر وحسب، وإنما هو حياة كاملة لها صدى فى وجدان الشعوب وتراثها الفنّى والأدبى، وهو شاهد على تناقضات الحياة بأفراحها وتراچيدياتها، وشاهد على بزوغ نور الحب فى لحظات، وفراق الأحبّة فى لحظات اُخرى.
وما حادث تصادم القطارين اليوم بالبحيرة سوى وجهًا مأساويًا جديدًا من وجوه "حياة القطار"، تلك الحياة الماثلة فى تراثنا الفنّى على مدى سنواته الطويلة، فمن من أبناء الجيل الذى تربّى على صوت الإذاعة ينسى أغنية "يا قطر الصعيد" الشعبية الفلكلورية للفنان خضر العطار التى تقول: "يا مقبل أسوان زيد السرعة زيد مشتاق للخلان.. عدى يا قطر وفوت على المنيا وروح ملاوى.. قبل سوهاج أسيوط مدد مدد يا قناوى".
ومن لا يتذكر الراحل عبد المنعم المدبولى فى أغنية "توت توت" التى أدّاها بجانب الراحلة الكبيرة هدى سلطان، أو الراحلة شادية وهى تقول فى "قطر الفراق": ياريت يا قطر الفراق يؤخروك ساعتين.. رايحين تغيبوا سنة ولا تغيبوا إتنين.. ما تقولوا على فين.. حكم علينا الزمن تبكى عينينا على فراق أحباب غاليين علينا عمره ما كان والنبى يخطر فى بالنا يقسى علينا الزمن ولا كان عشمنا.. والصبر من بعدكم نجيبه بس منين.. ياريت يا قطر الفراق يأخروك ساعتين.. رايحين تغيبوا سنة ولا تغيبوا إتنين". ربما تتردّد اليوم فى خاطر أحد أحبّاء ورفقاء من غيّبهم الموت.
والقطار كذلك كان ملهمًا للكثير من كتّاب الأدب العالمى، فكان الكاتب التشيكى فرانتس كافكا قد ذكر مرارًا أن العديد من قصصه ورواياته قد ولدت أفكارها لديه إما داخل القطار، أو بإيحاء منه، وذلك مثلما حدث قبل كتابة مجموعته القصصية "سور الصين"، التي فكر في كتابتها وهو يستقل القطار ذات يوم حيث شاهد ذلك السور وأوحى إليه وهو داخل القطار بفكرة هذه المجموعة التي لا يخلو بعضها من ذكر القطار، وكذلك الشاعر السوفيتي الشهير "أندريه فوزنيستيسكي"، المولود في روسيا عام 1933، وأحد رواد الحداثة في الشعر الروسي المعاصر، فقد كان يركب القطار في يوم من أيام صيف عام 1978، وقد قمن هؤلاء السيدات والفتيات اللاتي كن يركبن القطار وهن يرتدين الثياب الأكثر إغراءً باستفزاز قدرته على الكتابة، وسرعان ما أوحى له ذلك بديوان شعر أسماه "ديوان الإغراء"، وغيرهما الكثير والكثير.