الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إيران.. نظام "آيات الله" وسياسة الهروب إلى الأمام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المرة القادمة ربما تكون الأفضل...
عرفت إيران الثورة الإسلامية «الخومينية» والتى أدت إلى الانقلاب ضد شاه محمد رضا بهلوى، فى عام ١٩٧٩ وإلى تأسيس «نظام آيات الله» الدموى والذى أحدث أثرا مفزعا دينيا ومقيدا للحريات كما أنه حكم بيد حديدية لما يقرب من ٤٠ عاما.
فى عام ٢٠٠٩، فشلت سريعا محاولة الثورة التى أطلق عليها «ثورة الخضر» والتى قام بها معا اثنان من النظام القديم، موسافى وكاروبى، واللذان أرادا فعليا تعديل نظام الحكم وليس تغييره.
ومع ذلك فإن هذه الحركة الخضراء قد أسست من قبل الطبقات الوسطى العليا والتى أرادت أن تتمتع بحقها الحقيقى فى التصويت فى الوقت الذى قام النظام الحاكم بتزوير الانتخابات الرئاسية ليضع على رأس الحكومة شخصا يدعى محمود أحمد نجاد، وكان مكروها من غالبية الإيرانيين.
وبعد تسع سنوات، تحديدا فى يناير ٢٠١٨، شعرت فجأة أننى أعيش من جديد، ولكن عن بعد، ما عايشته منذ أربعين عاما على أرض الواقع.. ثورة قد تقوم فى طريقها بسحق نظام آيات الله المسيطر على الحكم، وذلك خلال بضعة أسابيع أو بضعة شهور، علما بأنه منذ ٣٩ عاما، نجح الموالون لنظام آيات الله خلال ١٤ شهرا، وبعد أن ساندهم الشعب، بقلب الشاه.
فى الشهر الماضى، بدأ الأمر بمظاهرة فى مدينة «المشهد» المقدسة، عندما قام آلاف المتظاهرين بالاحتجاج ضد غلاء المعيشة وخاصة ضد ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
توالت هتافات «الموت للديكتاتور الخوميني» لتخلف هتافات «الموت للشاه» منذ ٣٩ عاما. وامتدت التظاهرات لتغطى كل الدولة تقريبا.
بدأ الامر بتمرد فى المدن الصغيرة والمتوسطة وفى المناطق الريفية، حيث إن سكان هذه المناطق كانوا مهيئين لهذه المظاهرات أمام نظام الحكم إلا أن عدم قدرتهم على التحمل كانت أكبر منهم.
قام نظام الحكم بنشر ١٦٠ ألف باسداران (جندى من الحرس الثوري) و٢٩٠ ألف باسيدجى (وهى ميليشيات تدين بالولاء لنظام الحكم).
بدأت أتخيل وأنا حزين كيف يمكن أن يؤدى الأمر إلى بحور من الدم تنتهى بربيع فارسى. رأيت نفسى فى موقف مشابه للذى حدث فى جمعة من شهر سبتمبر عام ١٩٧٨، يوم صلاة الجمعة، عندما أطلق الشاه النار على المتظاهرين، فى إحدى أكبر الساحات المركزية فى طهران، ميدان جاله، ولقى ما يقرب من ٩٠٠ شخص حتفهم فى هذا اليوم.
ومنذ ٣٩ عاما، بدأ المشهد بأصحاب البازارات، وهم أكبر تجار طهران، ويمثلون الرئة الاقتصادية الحقيقية للعاصمة الإيرانية، وانتقلت الاحتجاجات إلى كل الأقاليم.
وبالاختلاف عن الجنين الذى ولد لهذه الثورة الأخيرة، فإن ثورة ١٩٧٨/١٩٧٩ كانت مخططة ومنظمة وقادها آيات الله خومينى وأتباعه من «نوفل لوشاتوه» فى باريس.
يأتى الاحتجاج السياسى والاجتماعى اليوم من الأقاليم، والفلاحين والطبقات الوسطى التى تقف فى وجه الفساد المعمم داخل نظام الحكم، بل وإلى أعلى المستويات والتى تشمل الخومينى، ومرشد الثورة والباسداران والرئيس روحانى، والذين لم يتركوا حتى الفتات للشعب من أرباح الاتفاق النووى.
اليوم، يريد المتظاهرون حق حرية التعبير والحريات الأساسى، ولا يريدون أن يقوم نظام الحكم بإنفاق مليارات الدولارات للصرف على سياساته التوسعية فى سوريا والعراق ولبنان واليمن كما لا يريد المتظاهرون الجمهورية الإسلامية التى فرضت عليهم منذ ٣٩ عاما.
وكما يقول محمد سازيجارا، أحد المقربين القدامى لآيات الله خومينى وأحد مؤسسى الحرس الثورى، والذى يقيم حاليا فى المنفي: «يريد الإيرانيون اليوم ديمقراطية عمرها عشرات السنين، بلجوءهم إلى التمرد وبمحاولاتهم التأثير على الجيش لينقلب على النظام ويأخذ صفهم وينحاز إليهم».
وهذا ما يقوله أيضا رضا بهلوى، ولى العهد، وابن شاه إيران الراحل، محمد رضا بهلوى.
إن القوات المسلحة، التى هى أقوى بثلاثة أضعاف من الحرس الثورى، تكره هذا النظام الحاكم، ويتبادر هنا إذا هذا التساؤل: «هل ستنضم القوات المسلحة إلى جانب الشعب عاجلا أو آجلا؟ كما أن الشرطة لم تضر الشعب». الكل يؤمن بالوطنية وليس بالأيديولوجية الدينية ولقد ظهرت اليوم الطبقات الشعبية على السطح لأول مرة مع آلاف الأشخاص المتعلمين الذين يعانون من البطالة.
يجب على الشعب الإيرانى، أكثر من أى وقت مضى، أن يحدد مصيره بيده ويملك تغييره وتشكيله، وتخطئ الدول الغربية بالاعتقاد بأنه يمكن التحاور مع النظام الحاكم والذى يعتبر تابعا أمينا للإرهاب.
يبحث نظام الحكم اليوم عن منفذ لتجميع الشعب الإيرانى حوله، ويمكن أن يكون هذا المنفذ هو على سبيل المثال حرب ضد إسرائيل من سوريا مع حزب الله والميليشيات الشيعية الموالية لإيران.
وبالرغم من الوعود التى قطعها فلاديمير بوتين لدونالد ترامب وبينيامين نيتنياهو حول عدم وجود قوات أجنبية على الأراضى السورية، سيظل الإيرانيون باقين فى سوريا حتى بعد أن تنتهى الأزمة السياسية فيها.
لا يكف على أكبر ولاياتى، مستشار السياسة الخارجية الشخصى لعلى خامنئى، المرشد العام للثورة عن ترديد: «الإيرانيون مدعوون للبقاء فى سوريا من قبل بشار الأسد» ومن هذا المنطلق، يمكن لأى شيء أن يحدث.
لقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلى، بينيامين نيتانياهو، يصرح دائما بأن الوجود العسكرى الإيرانى، على الأراضى السورية وعلى الحدود الإسرائيلية، سيكون «استفزازا وسببا لقيام الحرب».
* أشهر صحفى فرنسى
صاحب أكبر عدد حوارات مع رؤساء العالم