الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رأسمالية المناخ والاقتصاد العالمي "3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع كل من بيتر نويل أستاذ التنمية الدولية بجامعة شرق أنجليا وماتثيو باترسون أستاذ العلوم السياسية فى جامعة أوتاوا فى كتاب «رأسمالية المناخ: ارتفاع حرارة الأرض وتحول الاقتصاد العالمى» بقولهما، قد توقفت الحكومات عن بذل مزيد من الجهد فى أسواق الكربون كما أن الأهداف القاسية التى احتفظت بعوائد فى طياتها لم تنفذ. إن الضغوط لإعطاء أولوية الدعم لصناعات قديمة – مثل شركات السيارات – أو لمقاومة تعاملات جديدة لضرائب غير متوقعة على شركات البترول والغاز، خاصة فى وقت الأزمة المالية، لفتت الانتباه، كما تبخرت الضغوط على هذه القطاعات بغرض تحقيق الإصلاح.
وفى الجدل الذى ثار حول: بماذا يمكن استبدال كيوتو؟ أكدت الولايات المتحدة الأمريكية أنه أيًا كان النظام المتبع فإنه سيكون مشابهًا لما تزعمت أمريكا الترويج له فى مقابل النظام «الأورو مركزى» الذى بدا عليه كيوتو فى الولايات المتحدة الأمريكية (رغم منشئه الأمريكى). وبذلك كانت النتيجة حيرة مربكة بدلًا من أن تكون صرحًا متناميًا متماسكًا. وبالمثل فإن الصراعات بين الشمال والجنوب التى ميزت مفاوضات المناخ منذ البداية استمرت فى تورطها. وقد استمرت دول نامية – حتى تلك السريعة التنامى مثل الصين – فى رفضها لأى نوع من الحد من استخدامها المتزايد للطاقة الحفرية، وبالتبعية رفضت الولايات المتحدة الأمريكية إقرار أى أهداف طموحة لنفسها، ولم يعثر أحد على وسائل خلاقة لمعالجة هذا المأزق.
وكما أن أسواق الكربون تترنح، فإن مشروعات مثل مشروع كشف الكربون يفعل الشيء نفسه. وقد فقد المستثمرون رغبتهم فى معرفة انبعاث ثانى أكسيد الكربون لشركات يستثمرون فيها عندما أصبح واضحًا أن الحكومات وفى الوقت الذى كان فيه التغير المناخى بذاته يتزايد، ساعدت الأزمات المتتالية من الأعاصير وارتفاع مستوى البحر، والجفاف وتشرد ضحايا المناخ فى إبقاء تغير المناخ على جدول الأعمال.
وكانت استجابة مهنة التأمينات تتمثل فى سحب التغطية عن مناطق أكثر فى العالم، أكثر من أن تستخدم إمكانياتها فى الاستثمار فى الطاقات المتجددة. وقد بذلت بعض الجهود لتقليل انبعاث الكربون، وعملت الدول على البعد من مسار انبعاث «الأعمال كالمعتاد». ولكن لا يوجد شيء مثل التآزر فى اتجاه توحد هذه الجهود، وهذا ضرورى لتحويلها إلى ما يحدث التأثير التحولى بهدف نزع الكربون من الاقتصاد العالمي. 
إن الممانعة والإيمان بالقضاء والقدر بدءا يستقران حول إمكانية القيام بأى شيء فيما عدا التواؤم مع أى ما ينجم عن تغير المناخ. إن حقيقة أن معظم هذه الأضرار الأشد هى فى مواقع مهمشة سلفًا تنتمى إلى هذه الممانعة. إن ذوى القدرة يشاهدون أولئك الذين تركوا أماكنهم تحت تأثير ارتفاع مستوى البحر أو غرقت منازلهم بالفيضانات ثم يهزون أكتافهم لا مبالين. إنهم يشعرون أنه قد سبق لهم رؤية كل ذلك ولا يشعرون بالذنب لطرد لاجئى المناخ القابعين عند الحدود. 
إن ذلك يحدث حتى داخل البلاد الغنية كرد فعل لإعصار كاترينا فى الولايات المتحدة فى عام ٢٠٠٤ حيث يكشف تغير المناخ – ولكنه لا يفعل سوى القليل للإصلاح – صدوعًا اجتماعيا عميقا وعدم مساواة اقتصادية. وفى غياب خطوط محددة للمسئولية وفشل توجهات معتمدة على حقوق الإنسان فى أن تتقدم أكثر، فإن تغير المناخ يبقى مسئولية كل فرد وليس مسئولية أى فرد، بينما العالم ينجرف نحو عالم ترتفع فيه الحرارة خمس درجات مئوية. 
إن الواثقين فى أسواق الكربون يرون أنه يمكن مساعدتنا فى تخفيض الكربون ويقومون بذلك بالمساواة. ويرى منتقدوهم أن هذه الأسواق مصابة بــ «خداع المناخ» واستعمار الكربون. ماذا سيكون الحال فيما لو كان المنتقدون على صواب فى القول الأخير، ومخطئين فى القول الأول؟ هذا يعنى أننا توصلنا فى النهاية إلى طراز من رأسمالية المناخ ينشئ اقتصادًا عالميًا منخفض الكربون. وما دام أن أسعار الكربون بدأت يكون لها تأثير على السلوك، فإن الاستثمار اتجه نحو سلسلة من ارتباطات سريعة، وارتباط تقنية، وحلول عنيفة تقلل من تكلفة التعاملات التجارية، ولكنها تؤدى إلى مدى من التداعيات الاجتماعية السلبية.