الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

فلك نوح.. هل قصة الطوفان حقيقة أم أسطورة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتساءل البعض هل قصة الطوفان حقيقة أم أسطورة؟ وللإجابة عن هذا السؤال أذكر عدة حقائق:
إن قصة الطوفان ليست قصة أسطورية ولا أمرًا مستحيلًا، فلا ننسى الزلزال المدمر الذي ضرب ثماني دول من شرق آسيا في ديسمبر عام 2004م بقوة 9 ريختر وما نتج عنه من أمواج المد العاتية (سونامي) التي ارتفعت إلى أكثر من ثلاثين مترًا، وبلغت سرعتها إلى أكثر من 500 كم / ساعة، فتزحزحت بعض الجزر عن موقعها إلى مسافة وصلت إلى نحو ثلاثين كيلومترًا، وارتجت له الكرة الأرضية، وأثر على دورانها حول محورها، إذ بلغت قوته قوة تفجير مليون قنبلة ذرية، وأطاح بالسفن العملاقة إلى الشط وكأنها علب من ورق، واختفت مئات القرى، وقتل أكثر من ربع مليون نفس، فحدوث ذلك الزلزال يبرهن على أن ما نقرأه في سفر التكوين ليس خرافة أو أسطورة.
وقصة الطوفان حقيقة تاريخية مُسلَّم بها، أكدتها الأبحاث التي تناولت فحص آثار هذا الطوفان في الجبال والوديان، ويكفي أن تقرأ ما جاء في جريدة الأخبار المصرية في 1945/6/9 "كلنا نعرف قصة نوح وقصة السفينة.. كان ذلك منذ نحو 5000 عام عندما خرجت حمامة السلام لتعود بغصن الزيتون إشارة إلى زوال الماء وعودة السلام وعفو الله"، ومنذ أشهر كان الطيار الروسي "فلاديمير رسكوفتسكي" يحلق بطائرته حول قمة قرارات في أرمينيا عندما صاح به مساعده: انظر إلى أسفل.. هل ترى هذا الشيء العجيب؟ ودار فيلاديمير بطائرته ليتبين هذا البناء الضخم الجاثم على الثلج بجوار بحيرة متجمدة.. ولم يكن هذا البناء سوى سفينة نوح التاريخية. وعندما عاد إلى قاعدته وروى هذه القصة سخر منه جميع زملائه إلاَّ القائد، الذي ألَّف هيئة من الإخصائيين للكشف عن هذا السر".
وقد اكتشف العلماء أيضًا أنه قد حدث تغيُّر في تركيب القشرة الأرضية في بعض المناطق من العالم، فمن المعروف أن الصخور الأقدم توجد تحت الصخور الأحدث، ولكن في بعض الأماكن وجدت صخور عمرها مليون سنة، تعلوها صخور عمرها مائة مليون سنة، أي حدث إنكسار للقشرة الأرضية، وتزحلق جزء من القشرة المكسورة الأقدم وإعتلى الجزء الآخر الأحدث، وهذا يُسمى علميًا Upheaval فظهرت طبقات الأرض وكأنها مقلوبة، وقد رصد علماء الجيولوجيا كسران مثل هذا.
ويقول جوش مكدويل: "إن قصة الطوفان في سفر التكوين تتسم بالواقعية والخلو من الأسطورة بالمقارنة بروايات هذه القصة لدى الشعوب القديمة الأخرى، مما يدل على صدقها. وتدل أوجه التشابه بين هذه الروايات على وجود أساس تاريخي لها وليس على انتحال موسى لها، فنجد قصة مشابهة لتلك في أنحاء العالم المختلفة. فقصة الطوفان يذكرها الإغريق والهندوس والصينيون وسكان المكسيك والهنود الحمر وسكان هاواي. وتختلف الأسماء بين هذه الروايات، فنوح يدعى (زيوسودرا) عند السومريين ويدعي (أوتنابيشتيم) عند البابليين، أما القصة الأساسية فلا تختلف، فهناك رجل يأمره الله أن يبني فلكًا بمواصفات معينة لأن الله سوف يهلك العالم بالطوفان، وبالفعل يقوم هذا الرجل بذلك فينجو من الطوفان ويقدم الذبائح عند خروجه من الفلك، وعندئذ يستجيب الإله نادمًا على إهلاك الحياة ويقطع عهدًا مع الإنسان، وهذه الأحداث الأساسية تشير إلى الأصل التاريخي للقصة.
وتشير إحدى قوائم الملوك السومريين إلى الطوفان كعلامة تاريخية فاصلة، فبعد ذكر أسماء ثمانية ملوك عاشوا لفترات طويلة، نجد هذه العبارة التي تقطع التسلسل السردي للملوك: "ثم أغرق الطوفان الأرض"، هناك أسباب قوية للاعتقاد بأن سفر التكوين يقدم القصة الأصلية، أما الصور الأخرى للقصة فتشتمل على الكثير من الزيادات والتفصيلات التي تدل على تشويه القصة. وفي سفر التكوين وحده نجد سنة الطوفان، بالإضافة إلى التواريخ الخاصة بحياة نوح. وفي الواقع فإن سفر التكوين يبدو وكأنه يوميات أو سجلًا للأحداث التي مر بها الفلك، فالسفينة البابلية المكعبة لم تكن لتنقذ أحدًا، إذ أن الأمواج المتلاطمة كانت ستضربها من كل جانب، ولكن فلك الكتاب المقدس كان على شكل مستطيل واسع وطويل ومنخفض حتى يمكنه أن يقاوم عنف الأمواج جيدًا، أما فترة سقوط الأمطار في القصص الوثنية (سبعة أيام) فلا تعد فترة كافية لما تشير إليه هذه القصص من دمار. فقد ارتفعت المياه فوق قمم الجبال لمسافة سبعة عشرة ألف قدم، ومن المنطقي أن تكون فترة هطول الأمطار أطول من ذلك، أما الفكرة البابلية التي مفادها أن مياه الطوفان انحسرت في يوم واحد فهي أيضًا غير منطقية، وأحد الاختلافات المهمة بين سفر التكوين والصور الأخرى لهذه القصة هو أن البطل في هذه القصص يمنح الخلود والمجد، أما الكتاب المقدس فينتقل إلى ذكر خطية نوح، والقصة التي تسعى إلى تقديم الحق هي فقط التي يمكن أن تشتمل على الإقرار بهذه الواقعة.
عندما كانت روسيا تحت حكم القياصرة كان أحد الرحالين قد عثر على هذه السفينة فأرسل في طلب بعض الأخصائيين لفحصها.. وذهبت إليه بعثة أخصائية لتصوير السفينة وإليك ما جاء في تقريرها:
تحتوي السفينة على مئات من الحجرات علوية وسفلية بعضها كبير الحجم بدرجة تستدعي الإنتباه، وبعضها مرتفع السقف، ويُرجح أن هذه الحجرات المرتفعة السقوف قد خصصت للجمال أو بعض الحيوانات الطويلة العنق، وتوجد حجرات أحيطت بقضبان من الحديد تختلف طولًا وعرضًا، وأقفاص لحفظ الحيوانات الضارية، وللسفينة باب واحد من الجانب، وطاقة في أعلى السطح، وقد طُليت جدرانها بالقار، هذه هي المعلومات التي وصلت إلى موسكو، غير أن الثورة أضطرمت بعد ذلك، وحرق الشيوعيون جميع الكتب الدينية التي وقعت في أيديهم، ومن بينها وثائق سفينة نوح، ثم نسى الناس كل شئ عن هذا الحادث الفذ.
وبعد سنوات أرسل بعض الأتراك بعثة علمية في هذه المنطقة لمعاينة السفينة، وقد قرر أحد رجال البعثة أن السفينة مصنوعة من خشب الجوز، وهو من فصيلة الخشب القبرصي العتيق وقد قيست أبعاد السفينة، فبلغ طول السفينة 300 ذراع وعرضها 50 ذراعًا وارتفاعها 300 ذراعًا، وهذه الأرقام قد وردت بالحرف في سفر التكوين.. ولكن هناك بعض الأسئلة المحيرة وهي: أن خشب الجوز أو القبرصي لم يظهر على سطح الأرض إلاَّ منذ ألف سنة فقط، ثم أن هذه المدة الطويلة كافية لأن تغمر السفينة بأكوام وأطنان من الثلـج لا يمكن إزالتها إلاَّ بمجهود شاق طويل، فكيف ظهرت السفينة على وجه الأرض هكذا من غير مجهود؟
وقد أجاب بعض المؤرخين على هذه الأسئلة فقالوا أن نوع خشب بعض الأشجار الذي صُنعت منه السفينة قد انقرض ثم عاد للظهور منذ ألف عام. وقرَّروا أن الزلزال الذي حدث عام 1883م ودكت بعض قمم الجبال وخفضت بعض الأجزاء، هي التي أظهرت السفينة بحالتها الراهنة، فالسفينة إذًا لم تتعرض للجو الخارجي إلاَّ منذ نحو 60 عامًا، وظلت أكثر من 4500 عام وهي في باطن الأرض يحيط بها الثلج غير متأثرة بالهواء، وهذا هو السبب في حفظ كيانها، وقد أكد هذه الآراء أحد رجال الكهنوت في فلسطين.. وهكذا بعد خمسة آلاف عام تظهر السفينة".
ويقول ول ديورانت: "لقد اكتشف سير "لينور وولي" طبقة سميكة من الطمي في أسفل وادي الفرات، وهذه الطبقة تخفي أسفلها آثار حضارة إنسانية كاملة، فعلَّل وجود هذه الطبقة بحدوث كارثة الطوفان، وقد تناقل البابليون والعبرانيون قصة هذا الطوفان، وأصبحت بعدئذ جزءًا من العقيدة المسيحية، وبينما كان الأستاذ "وولي" يُنقّب في خرائب أور عام 1929م إذ كشف في عمق عظيم من سطح الأرض، عن طبقة من الغرين سمكها ثمانية أقدام، رُسّبت – إذا أخذنا بقوله – على أثر فيضان مروع لنهر الفرات ظل عالقًا بأذهان الأجيال التالية ومعروفًا لديهم باسم الطوفان، وقد وُجدت تحت هذه الطبقة بقايا حضارة قامت من قبل هذا الطوفان، وصفها الشعراء فيما بعد بأنها العصر الذهبي لتلك البلاد".