الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«الجُعل» في كتاب الله!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• أن (أجعل) منك مهندسًا أو طبيبًا أو ضابطًا أو قاضيًا أو معلمًا أو....فهذا يتطلب تغييرًا فى صيرورتك. 
• يتطلب تدريبًا وتعليمًا ومرحلة جديدة ندخلك إليها. لكن فى نفس الوقت يفترض أنك موجود ومخلوق أصلًا.
• (الجعل) معناه: إن هناك وجودًا مسبقًا للشىء ثم التغيير فى صيرورته (طبيعته) عبر سيروره من الزمن. 
• قال تعالى أولًا: {إنى خالق بشرًا من طين}.
ثم تاليًا قال: {إنى (جاعل) فى الأرض خليفة}. 
• إذن هناك مرحلتان أولًا «الخلق»، ثم تاليًا «الجعل». 
• وقال تعالى {ثُمَّ (جَعَلْنَاكُمْ) خَلَائِفَ فِى الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (١٤) يونس.
• ونفهم هنا أن الله خلق فى أول الأمر بشرًا، ثم قرر بعد ذلك (أن يجعله) خليفة فى الأرض.
• ونفهم أيضًا أن هناك مرحلتين، مرحلة (البشر) ثم مرحلة تحويله إلى (إنسان). 
• الأنسنة تطلبت النفخة من روح الله (أى من علمه اللا محدود)، وتطلبت أيضًا التسوية للكائن البشرى، قال تعالى (خلقك فسواك فعدلك).
• وفهمنا أيضًا أن مرحلة (الجعل) كانت تالية لمرحلة (الخلق). 
• قبل (الجعل) اعترضت الملائكة على هذا الكائن البشرى الذى لا يسبح لله ولا يقدسه (خلافة الأرض) حيث قالوا (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك....) فقال تعالى لهم (إنى أعلم ما لا تعلمون).
• غاب عن إدراك الملائكة تلك التغييرات التى سيجريها الله فى طبيعة البشر وصيرورتهم كى يجعلهم مؤهلين لخلافة الأرض. 
• فقد ظن الملائكة أن قرار (الجعل) سيكون للبشر الذى أمامهم. 
• لكن وبعد النفخة وتعليمه الأسماء كلها (التحويل البشرى إلى الأنسنة) (من مجرد بشر إلى إنسان مدرك)، وعرض الإنسان الجديد على الملائكة وأمره من قبل الله أن ينبئهم بما تعلم، فخروا له ساجدين، وزال ما كان لديهم من اعتراض فى بداية الأمر فقد غيره (الجعل) تمامًا، وصار مختلفًا ومدركًا وعارفًا ما لا تعرفه الملائكة ونفخ فيه من روحه (من علمه)، وقال لهم الله مستدركًا الأمر (ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السماوات والأرض). 
• هذا الفهم سوف يقودنا إلى أن آدم ليس أبوالبشر طبعًا.. لكنه أبوالإنسان. 
• إن آدم ليس أول البشر.. لكنه أول إنسان. 
• إن آدم ليس بداية الخلق للبشر.. لكنه بداية لمرحلة الإنسان، لمرحلة تحويل البشر إلى إنسان متعلم مدرك مستوى معدول. 
• ولنذهب «لجعل» آخر، وهو الجعل لسيدنا إبراهيم الذى كان موجودًا أصلًا، قال تعالى: إنى (جاعلك) للناس إمامًا، فهو الذى حنف عن قومه (انحرف ومال) ووصل إلى التوحيد وحده وأدرك الموت والأفول والنهاية لكل الأشياء، وأدرك أن الثبات لله وحده فهو الحى الذى لا يموت ولا يغرب ولا يأفل فاتخذه الله (خليلاً) و(جعله) للناس إمامًا و(جعل) من مقامه مصلى للعالمين و(جعل) من نسله الأنبياء والرسل. 
• وبخصوص القرآن و(جعله) عربيًا. 
• قال تعالى: {إنا جعلناه قرآنًا عربيًا}، فقد كان موجودًا فى مخزنين ربانيين «اللوح المحفوظ» و«الإمام المبين» مخزنًا بلغة غير عربية طبعًا لكن الله تعالى (جعله) عربيًا وأنزله على الرسول {ونحن هنا لا نقصد بالقرآن الكتاب كله بل نقصد آيات القصص وقصه خلق الإنسان والكون وكل ما كان مخزنًا ونستبعد آيات الرسالة المحمدية والآيات التى تخاطب النبى وتخصه وقومه (يا أيها النبى)، فكلاهما لم يكن مخزنًا أصلًا}.
• فآيات القرآن المخزنة تلك نزلت لغرضين، للبرهان على ألوهية آيات الرسالة، التى هى غير مخزنة ولتفصيل المحكم من آيات الكتاب وبيانه. 
• وبالنسبة للبيت الذى كان موجودًا. 
وَإِذْ (جَعَلْنَا) الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥) البقرة.
• وقَالَ سيدنا عيسى إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ (وَجَعَلَنِي) نَبِيًّا (٣٠)مريم.
• وَالَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا (وَجَعَلْنَاهَا) وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (٩١) الأنبياء.
• وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ (وَجَعَلْنَاهُمْ) لِلنَّاسِ آيَةً، وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٣٧).
• ثُمَّ (جَعَلْنَاكَ) عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) الجاثية.
• (فَجَعَلْنَاهَا) نَكَالًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (٦٦) البقرة.