الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

واشنطن تتهم طهران بالمشاركة في تأسيس "داعش".. ومدير وكالة الاستخبارات الأمريكية: إيران صنعت الأزمة في العراق

داعش
داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واشنطن تتهم طهران بالمشاركة فى تأسيس «داعش».. ومدير وكالة الاستخبارات الأمريكية: إيران صنعت الأزمة فى العراق
اتهامات جديدة من قبل الاستخبارات الأمريكية، لإيران بلعب دور فى تأسيس وظهور تنظيم «داعش»، الإرهابى من أجل الاستفادة منه فى توسيع نفوذها فى المنطقة، عبر صناعة الأزمات فى العراق. حيث أكد مدير وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية «دان كوتس»، إن لإيران دورًا فى تنامى ظهور تنظيم داعش الإرهابى. وقال «كوتس»، فى جلسة للجنة الاستخبارات فى الكونجرس: إن إيران تتدخل فى العراق. 
وأضاف كوتس: «العراق قطعت شوطًا طويلًا على الصعيد السياسى وفى الحرب على داعش، والتحديات السياسية والاجتماعية فى العراق ساهمت فى ظهور داعش، ولطهران دور فى خلق هذه الأزمة».
وأعلنت بغداد أنها انتصرت على «داعش»، فى ديسمبر، بعدما استعادت القوات العراقية مدعومة بالتحالف الدولى، الذى تقوده واشنطن، أجزاء واسعة من البلاد سيطر عليها المتطرفون عليها فى منتصف عام ٢٠١٤.
كما خسر التنظيم المناطق، التى كان يسيطر عليها فى سوريا فى الحملة العسكرية ذاتها، التى ترافقت أيضا مع ضربات شنتها ضده القوات الروسية الموجودة فى سوريا والمتحالفة مع القوات الحكومية السورية.
إيران والجماعات الإرهابية
ولإيران ارتباط تاريخى بالجماعات الإرهابية، فلها علاقات قوية بتنظيم القاعدة، واستقبلت العديد من قادة القاعدة بعد الاحتلال الأمريكى لأفغانستان، كما أشارت وثائق زعيم القاعدة «أسامة بن لادن»، إلى وجود علاقات بين القاعدة وإيران.
وفى يوليو ٢٠١٦ كشف دبلوماسى إيرانى منشق عن نظام المرشد الأعلى «على خامنئي»، معلومات خطيرة، استنادًا إلى وثائق سرية اطلع عليها من قيادى كبير فى الحرس الثورى، مفادها أن تنظيم داعش يتم تحريكه من خلال غرفة عمليات حربية فى مشهد، شمال شرق إيران، ويديرها كبار قادة المخابرات الروسية والإيرانية، بهدف خلق فوضى كبيرة فى العالم العربى عامة، والخليج خاصة، والسعودية تحديدًا. 
وفى تقرير كتبه على مدونته على الإنترنت الدبلوماسى «فرزاد فرهنكيان»، الذى عمل مستشارًا بوزارة الخارجية، وكان آخر منصب له الرجل الثانى فى السفارة الإيرانية لدى بلجيكا، قبل أن ينشق عن النظام فى سبتمبر ٢٠١٠، ويعلن استقالته من منصبه، وانضمامه إلى الحركة الخضراء ثورة ٢٠٠٩، التى كانت آنذاك الحركة الرئيسية المعارضة للرئيس السابق «محمود أحمدى نجاد». 
وقال الدبلوماسى المعارض: «إن من أخطر ما تأكدتُ منه هو أن العمل يسير بشكل سريع، ومنظم لتطويق السعودية وجرها للحرب، وذلك بعد أن ينتقل الآلاف من المتطرفين، أو ما يسمى تنظيم داعش إلى ليبيا كمحطة ترانزيت، ليتوجهو إلى ساحة معركة كبيرة هى سيناء، حتى يتم إعلان «دولة إسلامية»، فى تلك المنطقة». 
وأضاف: «ويأتى ذلك بالتزامن مع محاولة اقتحام الآلاف من متطرفى تنظيم داعش الأراضى السعودية والكويتية، بعربات الدفع الرباعى، التى تستطيع الوصول للأهداف بسرعة عالية». 
وتابع: «أن من أخطر ما اطلعت عليه بالصور والوثائق والمستندات خلال تلك الأربع ساعات الخطيرة (فى الاجتماع مع القيادى بالحرس الثوري)، أن تنظيم «داعش»، يدار، ويتم تحريكه من خلال غرفة عمليات حربية فى مشهد، ويدير الغرفة كبار قادة المخابرات الروسية والإيرانية». 
وأكد الدبلوماسى «فرهنكيان»، أن الروس والنظام الإيرانى استطاعوا تجنيد الآلاف من الهاربين من المناطق السورية، والعراقية الملتهبة ومن تنظيم القاعدة، إضافة إلى تجنيد وجذب الآلاف من الهاربين من الحرب ضد البعث فى العراق، حتى أصبحا تنظيما «البعث والقاعدة»، تنظيمًا واحدًا تحت اسم «داعش»، يُدار من غرفة عمليات مشهد وبقيادة المخابرات الروسية والإيرانية.
اتفاق «داعش» وحزب الله
هناك العديد من الشواهد، التى تشير إلى تعاون، وعلاقات بين إيران وحزب الله فى مقدمتها تصريحات قادة إيران حول إيران، وكذلك صفقة «الجرود اللبنانية»، التى تمت بين حزب الله ذراع إيران فى لبنان والمنطقة، وتنظيم«داعش»، وإصدار الحزب بيانا ينادى التحالف الدولى، بعدم التعرض لقوافل «داعش»، المتجهة من «الجرود اللبنانية»، إلى «دير الزور»، فى شرق سوريا.
فى نوفمبر ٢٠١٧ اعترف قائد الحرس الثورى الإيرانى، «محمد على جعفري»، بعد ٦ سنوات من التدخل العسكرى فى سوريا، بأن طهران لم تكن من مصلحتها على الإطلاق أن يتم القضاء على تنظيم «داعش»، منذ بداية تشكيلها.
وأوضح «جعفري»، خلال مؤتمر صحفىّ الخميس بثتة قناة «خبر»، الإيرانية، ويتم تداوله على نطاق واسع من قبل الناشطين الإيرانيين عبر مواقع التواصل، أنه منذ ظهور «داعش»، وخلال فترة ٤ إلى ٥ سنوات الماضية من الأزمة فى سوريا، سنحت الفرصة لإيران أن تقوم بتشكيل وتجهيز الميليشيات فى سوريا، والعراق، والمقاتلين، الذين جاءوا من سائر البلدان (فى إشارة إلى المجندين الأفغان، والباكستانيين وغيرهم بصفوف الحرس الثوري).
وأضاف قائد الحرس الثورى الإيرانى أنه «لو تم تدمير داعش منذ البداية، فلم تكن أمام إيران أية فرصة لتشكيل وتنظيم الجماعات الكبيرة والصغيرة المسلحة فى جميع أنحاء المنطقة وتوحيد جبهة المقاومة»، حسب قوله.
وتابع جعفري: «كان لوجود داعش نتائج أخرى تمثلت بالهيكلية الحالية لجبهة المقاومة، وربما لم نكن لنستطيع أن نصل إلى هذا المستوى من الجهوزية فى جبهة المقاومة لولا الظروف، التى أدت إلى إيجاد تنظيم داعش».
كما أثار اتفاق «حزب الله»، و«داعش»، يوم السبت ٢٦ أغسطس الماضى كثيرًا من الأسئلة والهواجس، حيث التقى الشتيتان الأصوليان بعد الظن «كل الظن ألا تلاقيا»، واستثار هذا الاتفاق الكثير من الرفقاء والحلفاء لكل طرف، خصوصًا «حزب الله»، الطرف الأقوى فى معادلته بعد تراجع «داعش»، ولكن كونه تم تحت رعاية نظام بشار الأسد، الذى ذكر أنه يوافق على مثل هذا من «حزب الله»، وأنه لا مانع لديه متى أراد الحزب - الذراع اللبنانية لنظام الولى الفقيه - لكنه لا يقبله من الجيش اللبنانى إلا بعد الاستئذان وطلب ذلك، كما جاء فى تصريحات للسيد «حسن نصرالله»، الأمين العام لـ«حزب الله»، يوم ١ سبتمبر الحالى، نشرتها وكالة «إرنا»، الإيرانية وإعلام الحزب.
مراقبون إيران وداعش
وفى ١٥ سبتمبر ٢٠١٤ نقلت صحيفة «أخبار اليوم المغربية»، أن تنظيم الدولة الإسلامية المعروف اختصارا بــ«داعش»، صنيعة إيرانية سورية، حسب ما صرح به مصدر دبلوماسى للصحيفة ذاتها، مؤكدًا أنه اطلع على ما يؤكد ضلوع النظام الإيرانى، ونظام بشار الأسد فى تأسيس «داعش»، وتمويل عصابات إرهابية داخل التراب السورى.
أكد الدكتور حارث سليمان - الأكاديمى الشيعى وعضو حركة التجدد الديمقراطية بلبنان - أن تنظيم الدولة «داعش»، من صناعة إيران وبشار الأسد.
وقال «سليمان»، فى لقاء تليفزيوني: «قصة الإرهاب والتكفير و«داعش»، والنصرة يشبهون فى الطب عملية الاستنساخ بمعنى: كيف تستنسخ كائنًا طبقًا لكائن آخر؟ «بيجيبوا غلاف خلية معينة وبيجيبوا الخصائص الوراثية لجين تانى وبيحطوها فى الغلاف، وبيطلع الكائن ينتمى إلى كائن معين، بينما سلوكه ينتمى لكائن آخر، وهذا ما فعلته إيران، وهى التى خلقت داعش والنصرة والقاعدة وسأثبت هذا بالوقائع.
وأضاف: «لما بنظر لداعش أو النصرة بلاقيها فكر وهابى، لكن لما ننظر على ما تفعله يوميًا بيتضح أن كل مصادر قوتها من محور الممانعة، وهناك ٧ شواهد تؤكد عناصر قوة داعش أعطيت من نظام الأسد فى سوريا أو نورى المالكى فى العراق، من ضمنها: تم الإفراج عن ٥٥٠ تكفيريًا من سجون المالكى على ٣٥٠ فردًا من سجون «عدرة»، وأن المتطوعين العرب استقدمهم النظام السورى بعد احتلال العراق، ودربهم وسلحهم وأرسلهم للعراق، وأرسل شاكر العبسى إلى لبنان.
وكذلك تم تسليم الموصل، بكل ما فيها و٤٠ ألف مقاتل من جيش المالكى هُزموا أمام ٧٠٠ مقاتل من داعش، وتركوا سلاحًا أمريكيًا بقيمة المليار ونصف المليار، وتركوا كنوزا فى البنك المركزى، بقيمة مليار دولار، وشركة تويوتا أعلنت أن ١٠ آلاف سيارة باعتهم لنورى المالكى فى العراق، فى ٦٠٠٠ منهم مع داعش.
ولفت إلى أن مجلة «ديرشبيجل»، الألمانية وضعت مخططًا على ورق عن وزارة الدفاع السورية توضح كيف قام أحد البعثيين السابقين من جماعة «صدام حسين»، بالاتفاق مع المخابرات السورية، بإقامة شبكة من الروابط والمخابرات، التى تشكل العصب التنظيمى لداعش والنصرة.
وأضاف: «إذن إيران وسوريا تقاتل لتستدرج الغرب؛ لعقد تواصل وتحالف فيما بينهما فهى، التى تدعش السنة، ففى العراق لما ربح «إياد علاوي»، مقبلتش إيران وأمريكا، وتم إسقاطه بالقوة رغم أن معه الأكثرية، متسائلًا: «هل الحشد الشعبى الآن أقل وحشية من داعش؟ أبدًا».
من جهته يقول الكاتب السعودى خالد المطرفى: «يجب أن نعرف أن «داعش»، مجرد لعبة إيرانية كبرى، كل المكاسب سياسية وعسكرية ستصب فى صالح إيران، نخلص إلى أن «داعش»، ليس إلا صنيعة استخباراتية إيرانية هدفها تثبيت موقف المالكى، وضمان دعم نظام بشار».
وفى أبريل ٢٠١٧، قال الكاتب الكويتى «أحمد الجار الله»: إن داعش هى صناعة إيرانية، اصطنعها الإيرانيون بهدف تدمير العالم العربى.
وكتب الجار الله من خلال حسابه الرسمى على موقع التغريدات المصغرة «تويتر»، قوله: «قريبا سنكتشف أن داعش هى صناعة إيرانية، والغاية منها تدمير العالم العربى، ومعهم الإسلام السنى، وطبعًا إسرائيل مبسوطة وهذا ينسجم مع أمنها الوطنى».
ختامًا يمكن القول إن إيران ساهمت فى صناعة «داعش»، كما ساهمت أيضًا فى الاستفادة من التنظيم، بالتوسع والوجود العسكرى من طهران إلى دمشق وبيروت عبر العراق وسوريا، وكذلك القضاء على حلم «أكراد العراق»، فى تأسيس دولتهم، وبقاء العراق تحت الوصاية الإيرانية.
تقرير دولى يكشف توسع نفوذ طهران الاقتصادى فى سوريا
فى ظل الدور الذى تلعبه إيران فى منطقة الشرق الأوسط، كشفت مؤسسة «كونكورد مينا» الدولية، حجم الأموال التى تدفقت من طهران لتحقيق توسع النفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط، مشيرة إلى تعويل نظام الملالى على نظام بشار الأسد لبلوغ أهداف.
وأوضحت المعلومات البحثية التى أعدها مدير المؤسسة، أن تلك الأموال وصلت إلى ٣٥ مليار دولار فى الفترة ما بين ٢٠١١ حتى الآن، دارت فى معظمها حول خطابات ائتمان، تحتكر بموجبها شركات تابعة للحرس الثورى الإيرانى مميزات استثمارية فى سوريا.
كانت مجلة «Al-Monitor» الأمريكية، ذكرت فى تقرير لها أن أهم ما يثير قلق البيت الأبيض، الآن، فى مسألة ترتيب سوريا فى مرحلة ما بعد الحرب، هو التأثير الذى يريده الجانب الإيراني، أى أحد الأعداء الرئيسيين للإدارة الأمريكية الحالية.
وتضمنت المعلومات أبعادًا سياسية وعسكرية لإيران، مع إشارات صريحة إلى أن هناك ردود فعل غاضبة لدى الشعب الإيراني، الذى بات على يقين من استنزاف ثرواته على تطلعات سياسية دون تأمين للجبهة الداخلية، وهو ما أفضى فى نهاية المطاف إلى الاحتجاجات، التى تشهدها الشوارع والميادين الإيرانية فى الوقت الراهن.
أشارت المعلومات الواردة فى التقرير، إلى أن الإيرانيين باتوا يسيطرون عسكريًّا على سوريا، كما أضحوا ينفردون بالسيطرة بمنظور اقتصادي، ولعل الجهود الإيرانية الحثيثة فى هذا الصدد، والتى بدأت مع اندلاع الحرب فى سوريا عام ٢٠١١، وزادت وتيرتها فى عام ٢٠١٣، ضمنت لهم حضورًا اقتصاديًّا مباشرًا حتى بعد أن تضع الحرب السورية أوزارها، ما يعنى بحسب معطيات المخطط الإيراني، أن حكومة طهران لا تعتزم العزوف عن التدخل فى تفاصيل المشهد السوري، حتى فى إطار سيناريو ابتعاد بشار الأسد عن المشهد السياسى فى بلاده.
وتلعب إيران منذ ٢٠١١ على الاقتصاد السورى المنهار، حيث حرصت طهران على تعزيز المرافق الاقتصادية فى المناطق التى يسيطر عليها نظام الأسد، وذلك عبر تزويد تلك المناطق بالبضائع والوقود إلى جانب المساعدات العسكرية.
ووفق التقرير العالمي، تسعى إيران إلى توسيع نفوذها فى سوريا، حيث أدارت حكومة طهران برنامج مساعداتها الاقتصادية لسوريا عن طريق خطوط ائتمان لصالح نظام الأسد، بلغت قيمتها فى حينه مليار دولار سنويًّا. عندئذ أوضح الإيرانيون للنظام السوري، أن تلك المنح الائتمانية ستخصص لشراء ما تحتاجه سوريا من منتجات متنوعة شريطة شرائها من إيران.
وفى المقابل، أعفى نظام الأسد الواردات الإيرانية من الرسوم الجمركية، وبذلك استطاعت البضائع الإيرانية ملء فراغ الفضاء السوري، الذى خلفته الحرب، لاسيما فى أعقاب قطع العلاقات السورية مع تركيا.
كذلك فى ظل تنامى ارتكان الاقتصاد السورى على التجارة مع إيران، سيطرت الدولة الفارسية على أسهم وأصول مؤسسات سورية ضخمة قبل تعرضها للخراب بفعل الحرب. فى الوقت نفسه تضمنت اتفاقات الدعم العسكرى الإيرانى للنظام السورى خلال السنوات الأخيرة، لاسيما فى عام ٢٠١٧ عدة بنود، تمنح الإيرانيين المركز الأول فى الاستثمارات، والهيمنة على الاستراتيجية على الدولة السورية، وهو ما يسمح للدولة الفارسية بالاحتفاظ بآلاف العملاء داخل حاشية الأسد، بالإضافة إلى عدد لا يقل عن ذلك من رجال الأعمال والمستشارين الاقتصاديين داخل سوريا.
كذلك، أبرمت إيران مع سوريا اتفاقًا لتدشين ميناء بحرى على الشواطئ السورية، لتصدير النفط الإيرانى إلى أوروبا، بالإضافة إلى اتفاق آخر يمنح شركات إيرانية إعادة زراعة مساحات شاسعة من الأراضى السورية، واتفاق ثالث يمنح شركات إيرانية دون غيرها حق استغلال مصادر استخراج الفوسفات جنوب مدينة تدمر الأثرية السورية.
وتشير معلومات مؤسسة «كونكورد مينا»، إلى أن الشركات الإيرانية التى حصلت على تلك الامتيازات، وقعت على الاتفاقات بهويات وهمية، لاسيما أنها تتبع فى الأساس ومن الباطن الحرس الثورى الإيرانى مباشرة، وتلجأ المؤسسة الأمنية الإيرانية إلى تلك الحيلة هربًا من العقوبات الاقتصادية الدولة المفروضة على حكومة طهران، تلك المشروعات، إلى جانب بروتوكولات أخرى بين إيران ونظام الأسد، ألقت الضوء بقوة على استراتيجية نظام الملالى فى دفاعه المستميت عن بشار الأسد؛ فالجهود العسكرية والاقتصادية التى استثمرتها إيران فى سوريا، والتى بلغت حتى الآن فقط ٣٥ مليار دولار، لم تُمنح مجانًا، وإنما بغرض فرض السيطرة والنفوذ التوسعى الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إدراج الإيرانيين أن تغطية نفقاتهم على النظام السورى مضمونة من عقود إعادة إعمار مرافق الدولة السورية بعد أن تضع الحرب أوزارها. ورغم الاتفاقات الاستثمارية المبرمة بين الجانبين، إلا أن بعضًا من رجال الأسد ربما بتحريض شخصى منه عرقلوا مناقصة حصلت عليها إيران لتدشين شركة اتصالات ثالثة للهواتف الجوالة فى سوريا، رغم أن إحدى الشركات الإيرانية وقّعت عقدًا بهذا الخصوص مع السوريين. لم يمر التوقيع على مشروع تدشين ميناء بحرى لتصدير النفط الإيرانى عبر سوريا مرور الكرام، وإنما واجهه اعتراضات بالغة من روسيا، التى ترغب فى احتكار النفوذ على منطقة شمال الساحل السورى على البحر الأبيض المتوسط، إلا أن الإيرانيين يصرون على تفعيل مشروعهم ولا يقبلون فيه بحلول وسط.
ويركز التقرير، بحسب مدير مؤسسة كونكورد مينا الدولية، على أن النفوذ الإيرانى يزيد فى المناطق التى يسيطر عليها نظام الأسد، وفى مقدمتها العاصمة دمشق، فبداية من ٢٠١٣، ارتدى جواسيس أجهزة الاستخبارات الإيرانية فى دمشق ثوب رجال أعمال ومستثمرين، وسيطروا بأساليب عنيفة على آلاف العقارات فى العاصمة السورية. وتفيد تسريبات أمنية إلى أن إيران والحرس الثورى على وجه الخصوص، ينفذ بتلك الخطوات خطة أطلق عليها «حماية الأماكن المقدسة للشيعة فى دمشق»، وهو ما يغض نظام الأسد الطرف عن تفعيلها فى مختلف المناطق بالعاصمة. التقرير نقل عن دوائر فى المعارضة الإيرانية قولها: «اعتاد الجواسيس الإيرانيون إشعال المحال والمراكز التجارية فى وسط العاصمة السورية بشكل ممنهج، لإقناع أصحابها بحتمية البيع»، بينما تفيد تقارير أخرى من داخل سوريا، أن رجال الأعمال الإيرانيين الذين يعملون بإمرة الحرس الثوري، ابتاعوا بالفعل الشركات الأم لسلاسل الفنادق الرئيسية فى دمشق، بالإضافة إلى عقارات الأحياء الراقية بالعاصمة ذاتها.
ويرى الكاتب المتخصص فى الشأن الإيرانى محمد حسين المياحي، أن النفوذ الإيرانى يعمل على تأسيس أحزاب وميليشيات خاضعة له وتأتمر بأوامره وتخضع له عقائديا ومن ثم يتم إعدادها لتمسك مقاليد الأمور فى هذه البلدان بيدها كما رأينا فى تجربتى حزب الله اللبنانى وجماعة الحوثي، وكذلك فى تجربة ميليشيات الحشد التى تدور رحاها الآن.
وذكر الكاتب فى مقال له، أن مشكلة النفوذ الإيرانى فى بلدان المنطقة لا تؤرق وتزعج هذه البلدان فقط، بل تشكل إزعاجا للبلدان الغربية لأنها تشكل خطرا على الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط الاستراتيجية، لكن يجب أن ننتبه إن هناك طرفا آخر يرفض النفوذ الإيرانى فى المنطقة ويطالب بإنهاء التدخلات، وهو الشعب الإيرانى الذى جسد موقفه هذا بكل وضوح خلال انتفاضة يناير ٢٠١٨، حيث طالب بإنهاء التدخلات فى المنطقة وعدم إهدار أموال الشعب الإيرانى فيها فى وقت يعانى فيه هذا الشعب من الفقر والمجاعة والحرمان ومئات المشاكل الأخرى بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وترديها إلى أبعد حد.
وفيما يبدو أن تزايد النفوذ الإيرانى على النظام السورى سيؤسس لمواجهة وشيكة مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة فى الشمال السورى الذى تخطط إيران لإنشاء ممر جديد يحقق طموحها بالوصول المباشر إلى مياه البحر الأبيض المتوسط.
وفى وقت سابق من العام الماضي، اندلعت تظاهرات فى إيران تحت شعار «اتركوا سوريا»؛ رافضة لسياسات طهران الخارجية، بعد تدخلها بقوات عسكرية بشكل مباشر وعلنى فى الشأن السوري، حيث انطلقت احتجاجات تعارض موقف الحكومة الرسمى فى طهران، تجاه رئيس النظام السورى بشار الأسد، وتدين فى الوقت ذاته ما تعرضت له بلدة خان شيخون فى إدلب السورية من قصف بالسلاح الكيمياوى آنذاك.