شهدت إحدى القرى الصغيرة بمدينة، الخانكة التابعة لمحافظة القليوبية، نهاية مأساوية لطفل يبلغ من العمر 16 ربيعًا، على يد والده الذى زعم تأديبه، بسبب سرقته لمعدات الورشة وبيعها بثمن بخس.
انتقلت "البوابة نيوز" إلى عزبة أبو عليان بمنطقة الجبل الأصفر، وتوجهنا نحو منزل الأسرة، للتحقيق في الواقعة.
"بداية الرحلة"
"مش هتلاقوا حد جوا".. بتلك الكلمات استقبلنا الحاج "محمد"، رجل فى العقد السابع من العمر، يقطن بالمنزل الملاصق للعائلة، وقال: "إن زوجة المتهم تركت المنزل منذ وفاة نجلها وحبس زوجها، وقامت بجمع أغراضها وتوجهت نحو منزل عائلتها".
"لعنة البيت"
"ده بيت ملعون".. وهنا يؤكد "الحاج صالح"، أحد سكان المنطقة، أن المنزل الذى تقيم به تلك الأسرة كانت تستأجره مجموعة من السكان السابقون الذين جعلوه بيتًا للأعمال المنافية للآداب ومزاولة الدعارة، حتى قامت الأجهزة الأمنية بالقبض عليهم، ومن ثم قررت تلك الأسرة شراء ذلك المنزل من مالكه وانتقلت لتقيم به منذ حوالى 8 اشهر.
"مدمن مخدرات"
وكشف "صالح"، عن أن الطفل اعتاد شرب المخدرات بصحبه خاله، الأمر الذى ازعج والده وجعله يعتدى عليه بالضرب من وقت للآخر حتى يكف عن ذلك.
وعن يوم الواقعة قام الأب بالتعدي على نجله بالضرب، وقام بتقييد رقبته ويديه وقدميه بواسطة "سلك دش" وقامت وزوجته بمساعدته فى تعذيب طفلهما، وحينما ظهرت عليه علامات الموت وبدأ فى إفراز مواد بيضاء من فمه، هنا شعر الأب بالخوف فأخذ يهرول هنا وهناك خارج المنزل وداخله، حتى إنه استعان ببعض أصدقائه الذين أتوا بدراجاتهم النارية، والغريب فى الأمر أنه قام بحمل نجله ووضعه تحت "نخلة" ولم يستمر الوضع سوى بضع دقائق وعاد ليأخذه وتوجه به نحو مستشفى السلام لكن الطفل كان فارق الحياة.
"الانتحار"
كانت تلك هى الرواية التى قصها علينا الجيران، أما تحريات المباحث فكانت لها رأى آخر فمن خلال فحص المنزل ومعاينة مسرح الجريمة فتم الكشف عن مفاجأة وهى أن الطفل تمكن من فك يديه وقدميه وربط "السلك" بشباك الحجرة وقام بالانتحار هربًا من قيد والده وتعذيبه له.
كان اللواء إيهاب خيرت مدير أمن القليوبية، قد تلقى إخطارا من المقدم أيمن عادل رئيس مباحث مركز الخانكة بورود بلاغ من مستشفى السلام العام بوصول عبد الرازق وع 16 سنة دون عمل جثة هامدة وتبين وجود سحجات وكدمات متفرقة بالجسم مع وجود علامات خنق على محيط الرقبة وتم التحفظ على الجثة بمشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
وبانتقال اللواء محمد الألفي مدير إدارة البحث الجنائي وبسؤال والد المتوفى وائل ع ع، 42 سنة ميكانيكي موتوسيكلات ومقيم بذات الناحية، قرر أن نجله المتوفى سيئ السلوك واعتاد الاستيلاء على قطع الغيار من الورشة خاصته وبيعها بثمن بخس لا يتناسب وقيمتها الحقيقية، وأنه اكتشف منذ يومين استيلائه على ملف كهرباء (دينامو) من الورشة وبيعه، ولدى معاتبته قام بترك المنزل ولم يعد ولم يحرر محضرا بغيابه لاعتياده على ذلك ومؤخرا عثر عليه ملقى بجوار المنزل في حالة إغماء فقام وزوجته بنقله للمستشفى، حيث تبين وفاته ولم يتهم أحدا بالتسبب في الواقعة.
من خلال استكمال الفحص وجمع المعلومات وإجراء التحريات تمكن التوصل إلى معلومات مفادها قيام خال المتوفى "أحمد م م" سائق بالبحث عن المتوفى حتى عثر عليه وقام باصطحابه وتسليمه لوالده بالورشة خاصته.
وبمناظرة الجثة تبين وجود آثار خنق حول الرقبة، تم ضبط والده بتهمة قتله، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 1320 إداري مركز الخانكة لسنة 2018.
واستبعدت النيابة العامة تهمة القتل عن والد الطفل، ووجهت له تهمة التعذيب، وأمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.
كانت تحريات المباحث قد أسفرت عن أن الطفل، فك يده وقدميه بعدما قيده والده وقام بربط الحبل أعلى "شباك" الحجرة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
