الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"السياحة".. ذريعة الصهاينة لـ"تهويد القدس".. إسرائيل تقيم مجمعا على أنقاض حي المجاهدين في الجهة الغربية من ساحة البراق لتدنيس المدينة المقدسة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بشكل أو بآخر، نسف معالم مدينة القدس القديمة، وتهوديها، بذريعة تطوير المشاريع السياحية، وهو ما ظهر مؤخرًا في صور فوتوغرافية تم التقاطها من قبل ناشطين مقدسيين في ساحة البراق، حيث ظهرت طواقم فنية وهندسية، تنصب رافعة عملاقة في الساحة، تتيح لطواقم العمل التي شكلها الاحتلال، الشروع في بناء هذا المجمع التهويدي، بعد أن صبت على مدى الشهور الماضية قواعد إسمنتية ضخمة.
وشرعت سلطات الاحتلال في وضع اللبنة الأولى لإقامة مجمع سياحي تهويدي ضخم على أنقاض حي المجاهدين في الجهة الغربية من ساحة البراق المطلة على المسجد الأقصى.
هذا البناء لم يكن وليد اليوم، إذ وافقت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الصهيونية في بلدية الاحتلال بالقدس، مؤخرًا، على مخطط لبناء ضخم في ساحة حائط البراق، قرب جسر باب المغاربة بالمسجد الأقصى، يطلق عليه اسم "بيت هليباه"، ولكنه كان أحد المشروعات التي وضعت على طاولة الساسة الإسرائيليين عام 2005، وذلك وفق المخطط الذي كُشف عنه في نفس العام، وصُدّق عليه بعد 10 سنوات.
ومن المفترض أن يحتوي الطابق الأول من البناء على غرف إدارية، ومركز تعليمي ودراسي، وصالة عرض، وقاعة لكبار الزوار، وغرف للنظام، وقاعة احتفالات، بمساحة 740 مترًا مربعًا.
أما الطابق الثاني، الذي تبلغ مساحته 765 مترًا مربعًا، سيحوي قاعة مكتبة واسعة، غرف تعليمية دينية، وغرف للمرشدين، وعلى سطح الطابق الثاني طابق مفتوح بمساحة وشرفة زجاجية "كالمطلة"، تطلان مباشرة على حائط البراق والأقصى والبلدة القديمة.

ويهدف هذا المبنى إلى جلب 15 مليون زائر يهودي وأجنبي لتدنيس حرمة البراق سنويًا، والسيطرة الكاملة على أجزاء من حارة المغاربة، وطمس المعالم الإسلامية وعرض موجودات أثرية مدعاة من فترة الهيكل الأول والثاني المزعومين، وكذلك تمرير روايات تلمودية مزعومة.
ويشكل مع الوقت نقطة انطلاق أكبر وأقوى لاقتحامات المسجد الأقصى وتدنيس منطقة البراق، في حين أن سقف المبنى سيشكل خطرًا مباشرًا على المسجد، حيث سيستخدمه الاحتلال وقواته كنقطة مطلة على الأقصى.
وكان الاحتلال اعترف عن مكتشفات أثرية من الفترات الإسلامية المتعاقبة من الأموية وحتى العثمانية، لكنه حقيقة قام بتدميرها ونقلها إلى مواقع أخرى، ولن يقوم بعرضها ضمن الموجودات الأثرية للموقع المذكور.


ووصف جمال عمرو، الخبير المختص في شؤون القدس والمقدسات والاستيطان، في تصريحات صحفية، البناء الجديد المقترح بأنه "بناء عدواني تتجسد من خلاله حكومة مصغرة على جميع المستويات الأمنية والسياحية والتربوية، وسيشكل حال الانتهاء منه خطرًا داهمًا على المسجد الأقصى، بالنظر إلى ارتباط أهداف إنشائه بالرواية التوراتية عن المكان ومزاعمهم بأن الأقصى شيد على أنقاض هيكلهم المزعوم".
وأشار عمرو إلى أن أعمال البناء للأساسات الإسمنتية والخرسانية الصلبة كان انتهى العمل بها أخيرًا، مؤكدًا أنه صدم من حجم الإنشاءات التي شاركت فيها عديد الطواقم الفنية والهندسية والإنشائية الليلة، وفي هذه الأجواء العاصفة والماطرة كي تنهي على وجه السرعة نصب هذه الرافعة العملاقة، والتي ستكون محور أعمال البناء للمجمع التهويدي السياحي.
ويرتبط هذا المخطط بمخططات أخرى، جارٍ العمل على تنفيذها داخل وحول البلدة القديمة من القدس، وفي منطقة القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى (القصور الأموية) وحائط البراق، فهناك مبنى دافيدسون الواقع عند القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى، وبناء مجمع شطراوس الضخم في ساحة البراق.
ويعد المشروع التهويدي الجديد، امتدادًا للمخططات الاستيطانية المعروفة باسم "الحوض المقدس"، و"القدس القديمة"، التي بدأت منذ نحو 22 عامًا في البلدة القديمة للقدس، وفقًا للخبير في الشؤون المقدسية جمال عمرو.

ويعد مشروع "الحوض المقدس" الذي بدأه الاحتلال عام 1996 من أضخم مشاريع تهويد القدس على حساب الآثار والمعالم التاريخية الإسلامية.

ويبدأ المشروع بحي الشيخ جراح شمالا مرورا بالبلدة القديمة ووصولا إلى بلدة سلوان وسفح جبل المكبر بهدف إضفاء صبغة يهودية على المكان.

وضمن مشروع "الحوض المقدس" هناك مشروع "القدس القديمة" تُظهر تفاصيله المنشورة أنه سيكون مشابها في تفاصيله للوصف التوراتي المزعوم للقدس، وفق معتقدات صهيونية، لكنه سيقام على أنقاض آثار بيزنطية رومانية وعربية وإسلامية.

وتقدر مساحة المشروع الذي ينفذ بذريعة تطوير السياحة في القدس بنحو 15 ألف متر مربع، ما يعني السيطرة على مساحة واسعة من البلدة القديمة من خلال البؤر الاستيطانية والمدارس والدينية.

كما وكشف دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي عن تطوير إسرائيل مواقع أثرية وسياحية من أجل إضفاء الشرعية على المستوطنات غير القانونية في الأحياء الفلسطينية في القدس.

وأفاد تقرير لإحدى المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي، سربته صحيفة "الجارديان" البريطانية، بأن المشاريع التي أقيمت في أجزاء من القدس الشرقية المحتلة باتت تستخدم كأداة سياسية لتعديل السرد التاريخي للمدينة، ودعم المستوطنات، وإضفاء الشرعية عليها وتوسيعها.

وأشار التقرير إلى أن المؤسسات الحكومية ومنظمات المستوطنين الخاصة أعدت عددًا من المشاريع التي تشجع على "سرد يعتمد على استمرارية وجود اليهود التاريخية في المنطقة على حساب الديانات والثقافات الأخرى".



واستشهد التقرير بمشروع "مدينة داود"، وهو منتزه أثري تموله الحكومة في منطقة سلوان الفلسطينية، ويوفر جولات سياحية على أنقاض القدس القديمة، وذلك رغم أن سلوان موطن لعشرة آلاف فلسطيني و450 مستوطن غير قانوني يخضعون لحراسة مشددة.

وقال تقرير الاتحاد الأوروبي إن الحديقة تديرها منظمة استيطانية تعزز السرد اليهودي وتفصل المكان عن محيطها الفلسطيني.

من جهتها، اعتبرت الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، بدء سلطات الاحتلال العمل بالمشروع الاستيطاني التهويدي "بيت الجوهر- بيت هليبا" غرب ساحة البراق، على بعد نحو 200 متر غربي المسجد الأقصى المبارك، إصرار واضح على تهويد القدس ومعالمها وجعلها غريبة عن واقعها العربي الإسلامي المسيحي المقدس.

وأكدت الهيئة في بيان لها على أن هذا المخطط والذي بدأت سلطات الاحتلال بتنفيذه، على قدر كبير من الخطورة، لما له من دور في تهويد المدينة المقدسة، حيث يعتبر مكمل لمشاريع التهويد على الارض من خلال الحفريات وسرقة التاريخ والاثار وبناء المستوطنات، اضافة الى بناء الكنس والحدائق التلمويدية.


وطالب الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية، حنا عيسى، جميع الدول المحبة للسلام، بتقديم المساندة الحقيقية لمدينة القدس، ووضعها كمدينة دينية وعاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة في رأس الأولويات الدولية، من اجل لجم سياسة الاحتلال القاضية بتهويد مدينة القدس ومقدساتها وفرض الأمر الواقع عليها.
وأشار عيسى إلى أن سلطات الاحتلال نصبت رافعة إنشائية وتجهيزات أخرى داخل حدود المكان المخصص لإقامة المشروع الاستيطاني على مساحة بنائية تصل إلى 2825 متر مربع، تضم طابقين فوق الأرض وآخر اسفلها، محذرًا من قرب تحقيق الهدف الأكبر لدولة الاحتلال بإقامة الهيكل على انقاض المسجد الأقصى المبارك.
وأكد أن مدينة القدس محتلة وفقًا لقواعد القانون الدولي، وان هذه الأعمال التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي غير قانونية، وتهدف إلى جعل مدينة القدس مدينة موحدة لدولة إسرائيل فقط.