الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الدين عدو المرأة..!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عبارة تمّ استخدامها على مدار آلاف السنين الأخيرة الماضية، مع هيمنة الأديان الإبراهيمية. على عكس فهم المعاصرين، هى ليست فى حدود قواعد الدين الإسلامى فقط، بل إن على الأرض نفسها انتشار الإسلام بها، وفى ظل حكم الكنيسة للشعوب، كان يتّم اضطهاد المرأة باسم الدين والتقليل من شأنها ومطالبتها بألا تتعدى حدود بيتها الذى خُلقت فقط من أجل خدمته بمن يقطنونه. هل يحقّر الدين بمفهومه الذى من أجله يتدين المتدينون، من قيمة المرأة، وهل يكرههّن الله؟
إن الدين ليس فقط قرآنًا وإنجيلًا، إنه فهمنا لتلك النصوص، وتراثيات تابعة لتلك النصوص وتفاسيرها المختلفة. إن الدين الإسلامى كما يعرّفه أبناؤه، هو دين لكل زمان ومكان، لأنه دين إبراهيم وجميع الأنبياء من بعده، أى أنّه ليس قصرًا وحصرًا على زمن نزوله ومكانه المحدودين بكل أشكال الحياة التابعة لهم، لو فهّم المسلمون ذلك، لعرفوا أن الدين يجب أن يكون فى كل زمان ومكان، على عكس ما يحاولون فعله، وهو إعادة كل الأزمنة إلى زمان معيّن، وإلا لخرج كل أحياء الأزمنة المختلفة عن دين التوحيد الأوسع والأشمل من كل شىء، دين الخالق لا دين المعبود.
السؤال الآن، هو ماذا فعل العباد فى أديانهم تماشيًا مع ما يريدون لخدمة مصالحهم البشرية البحتة، ثلاث نقاط فقط سيتّم طرحها الآن ولندع التفكير لأولى الألبابّ منّا.
عندما قامت الهوجة فى الشهور الماضية عن تواجد المثليين فى مصر وإعلانهم عن ذلك بكل تبّجح فى الحفلات وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، كان يحدّثهم المحدّثون عن الدين، فلا يجدون غير قصة قوم لوط لتخويفهم أو وعظهم، قصّة قوم لوط هى للعظة ولتبيان مدى شناعة هذا الفعل ورفضه من قِبل السماء، وفى تلك القصة لم يطلب الله من عباده أن يعاقبوا البشر، بل عاقبهم هم.
المهّم، هذا كان مثلًا توضيحيًا لما سأتحدث عنّه فى صُلب الموضوع، وهو المرأة.
يتمّسك المسلمون بمناصفة المرأة لأى مكانة للرجل، بحجة الشهادة فى المعاملات المالية، ولست بحاجة لأن أقول الآن أن تغيّر الزمن تغيّرًا جذريًا لا يمكن أن يضعنا فى محل وضع خبيرتى اقتصاد دوليتين أمام شهادة رجل واحد، وليكن صاحب محّل بقالة، لأنه رجل وشهادته ضعف شهادتهنّ. أنا بحاجة لأن أستشهد بقصةً من القرآن، كقصة قوم لوط مثلًا، عن بلقيس التى حكى عنها القرآن وعن مشاورتها فى الحكم لمستشاريها ثم ثقتهم برجاحة عقلها وفى النهاية إشادة القرآن بالقرار الحكيم الذى اتخدته وفى حكمها للبلاد بشكل عام، أمام حديث منقول عن ألسنة البشر عن فشل أى أمّة تحكمها إمرأة.
العبرة من الأمثلة باختصار هى:
أولًا: الدين من عند الخالق، ولكلّ الأزمنة، ومع اختلاف المعطيات يجب للنتائج فى وضع القوانين أن تُراجع. 
ثانيًا: البشر هم الذين يسيّرون النصوص لصالح معتقداتهم الحالية، فبينما يستشهدون بقصّة لكراهية المثلية الجنسية، لا يأخذون أى اعتبار لقصّة لم يستنكر فيها القرآن حكم النساء وقيادتهن للجيوش، بل يتجاهلونها تمامًا وكأنها ليست مكتوبة. بينما يأخذون آية فى شهادة المرأة ثمّ يعممونها على جميع مناحى الحياة حتى وصلت إلى الشهادة على عقد الزواج وأى نوع من أنواع الشهادة مهما كانت مكانة وعقلية المرأة الشاهدة. ثمّ تجاهلوا تمامًا آيات التعدد التى يذكر فيها الله صراحةً كلمة «فواحدة»، وشرط العدل الذى نفى القرآن إمكانية فعله من قِبل البشر العاديين، وتجاهلوا أيضًا قصة آدم وحواء التى تؤخذ فى اعتبار أن الأصل فى خلق الكون والتزاوج هو رجل وامرأة. كل ما على هواهم يستخدمونه، وكل ما ليس كذلك، يعتبرونه «مجرّد قصة»، هذه هى القصّة.