الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"القاعدة" رأس الأفعى.. التنظيم يقود الإرهاب مجدداً.. ويستغل هزائم "داعش" فى تثبيت أقدامه وصدارة المشهد.. والتعاون بين التنظيمين الإرهابيين فى بعض المناطق

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كشف تقرير أممي عن أنّ تنظيم «القاعدة» لا يزال «صامدًا بشكل ملفت»، ويشكل خطرًا أكبر من «داعش» فى بعض المناطق، مثل الصومال واليمن، مستشهدًا بالهجمات المتواصلة، والعمليّات التى يتم إفشالها باستمرار، معتبرا أن القاعدة التنظيم الأقوى بين التنظيمات الراديكالية. بدأ ظهور تنظيم القاعدة من خلال 4 موجات كبيرة، ففى عام 1988، أنشأ أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وقادة آخرون التنظيم لمحاربة القوات السوفييتية فى أفغانستان. وبعد عشر سنوات، فى 7 أغسطس 1998، شن التنظيم هجمات متزامنة ضد السفارات الأمريكية فى نيروبى بكينيا ودار السلام فى تنزانيا، ثم قام مقاتلو القاعدة بتفجير المدمرة الأمريكية يو إس إس كول فى 12 أكتوبر 2000، بينما كانت راسية فى المياه اليمنية لغرض التزويد بالوقود، مما أسفر عن مقتل 17 بحارا أمريكيا وإصابة 39 آخرين.


قال تقريرٌ للأمم المتحدة، إنَّ تنظيم «القاعدة» لا يزال «صامدًا بشكل ملفت»، ويشكل خطرًا أكبر من «داعش» فى بعض المناطق، مثل الصومال واليمن، مستشهدًا بالهجمات المتواصلة، والعمليّات التى يتم إفشالها باستمرار. وأوضح التقرير، الذى رُفع إلى مجلس الأمن الدّولي، الخميس ٨ فبراير ٢٠١٨، أنّ فرع القاعدة فى اليمن، يشكّل مركزًا للتواصل لمجمل التنظيم، مشددًا على أنّ المجموعات المرتبطة بالقاعدة، فى غرب أفريقيا وفى جنوب آسيا، تشكّل خطورة أكبر من مقاتلى تنظيم داعش، غير القادرين حاليًا على فرض أنفسهم فى موقع قوة. وحذّر التقرير من احتمال حصول تعاون بين مجموعات مرتبطة بتنظيم داعش، وأخرى تابعة للقاعدة فى بعض المناطق، ما يمكن أن يشكّل تهديدًا جديدًا.

وأضاف التقرير، أنّ جبهة النصرة فى سوريا لا تزال أحد أقوى وأكبر فروع تنظيم القاعدة فى العالم، ومقاتليها «يلجأون إلى التهديد والعنف والحوافز المادية» لضمّ مجموعات مسلحة صغيرة، مشيرًا إلى أنّ عدد مقاتلى هذه الجبهة، يتراوح بين ٧ و١١ ألف شخص، من بينهم آلاف المقاتلين الأجانب، وأنّها تتخذ محافظة إدلب بشمال غرب سوريا معقلًا لها.

وجبهة النصرة، المصنَّفة على لائحة المنظمات الإرهابية الدّولية، رغم إعلانها فى صيف عام ٢٠١٥، فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة، وتبديل اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، هى المكوّن الرئيس لهيئة تحرير الشام، التى أبصرت النور بعد اندماج جبهة فتح الشام بفصائل إسلامية أخرى، مطلع ٢٠١٧. أما فى ليبيا، فلا يزال تنظيم داعش يحاول كسب موطئ قدم فيها، وقد عزّز وجوده بمقاتلين عادوا من العراق وسوريا، وفق التقرير. كما تبقى حركة «بوكو حرام» التى امتد نفوذها إلى خارج نيجيريا، خلايا صغيرة فى ليبيا، يمكن أن تنتقل إلى دول أخرى فى المنطقة. ويضيف التقرير، أنّ «الدول الأعضاء ترى أنّه من الممكن أن يكون قياديو تنظيم داعش فى ليبيا، يتحركون فى مناطق نزاع أخرى فى غرب أفريقيا والساحل».


سقوط داعش يدعم القاعدة

ويرى عميل مكتب التحقيقات الفيدرالى السابق على صوفان، أن «تنظيم القاعدة يتحول من جماعة إرهابية صغيرة بفروع متضاربة إلى شبكة قوية من الفروع العابرة للحدود التى اكتسبت أعدادا وقوة قتالية تنتشر الآن فى الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا».

ويؤكد هذا الأمر الباحث ديفيد غارتنستين روس، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بقوله إن «الجماعة برزت بقوة من خلال اتباع استراتيجية مدروسة وإن كانت محدودة». وتجدر الإشارة إلى أنه سيساعد انهيار تنظيم داعش، وخاصة ما يسمى بحلم الخلافة فى العراق وسوريا، على إحياء تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى من جديد. كما أن ذلك الانهيار يمكن أن يزيد من إمكانية الدمج بين المقاتلين الموالين لتنظيمى القاعدة والدولة الإسلامية وجمعهم تحت مظلة واحدة، وقد يؤدى هذا الدمج أيضا إلى ظهور تنظيم سلفى جهادى جديد. ويختلف تنظيم القاعدة اليوم عما كان عليه قبل عقد من الزمان، فقد أصبح أقل مركزية، وأقل تركيزا على تنفيذ العمليات الإرهابية فى الغرب فى الوقت الراهن. وبناء على كل ما سبق من تحديات، لم تتضح بعد قدرة تنظيم القاعدة أو تنظيمات الجهاديين السلفيين الأخرى على آلية الصعود من جديد.


عودة القاعدة

وفى يوليو الماضي، أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، أن تنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهرى ينتهج استراتيجية ماكرة ومرنة وانتهازية، حيث يحاول الاستفادة من ثغرات السياسات الدولية – التى تركز على مواجهة تنظيم «داعش» وإجهاض تهديداته، فضلًا عن الغموض الذى يكتنف مناطق الصراع الملتهبة فى سوريا والعراق واليمن وليبيا – لترسيخ أقدامه فى تلك المناطق وخلق قواعد قوية يمكن استخدامها لتنفيذ هجمات مستقبلية ضد الغرب وحلفائه فى العالم الإسلامي. وأوضح مرصد الإفتاء فى تقرير جديد تحت عنوان «مستقبل تنظيم القاعدة فى ظل الأحداث والتداعيات الحالية»، أن تنظيم القاعدة يلتزم باستراتيجية طويلة المدى تضمن له البقاء والاستمرارية فى ظل الضغوط والانتكاسات التى يتعرض لها، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية تقوم على أنه سيكون من المستحيل على تنظيم القاعدة إسقاط حكومات الشرق الأوسط وإقامة الخلافة ما دام «العدو البعيد» (المتمثل فى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين) ينشط فى المنطقة.

وأضاف رغم الخسائر والنكسات التى مُنِيَ بها فى الأعوام السابقة على جميع الجبهات - ما زال متمسكًا بخطته الطويلة المدى، التى ستسهم فى ارتفاع أسهمه، فى ظل الهزائم المتلاحقة التى طالت تنظيم داعش، إيذانًا بانهياره التام ونهايته ليفسح المجال مرة أخرى أمام القاعدة للصعود إلى صدارة الجهاد العالمى مرة أخرى. وأشار المرصد إلى أن استراتيجية تنظيم القاعدة – بحسب زعمه – تقوم على استنزاف قوى الغرب الصليبى وإسقاط الحكومات الموالية له فى منطقة الشرق الأوسط وصولًا إلى إنشاء الخلافة الإسلامية العالمية، فضلًا عن عمليات التمويه التى يستخدمها من خلال تغيير أسماء التنظيمات والجماعات التابعة له واللجوء إلى التخلى عن اسم تنظيم القاعدة بسبب دلالاته السلبية التى تجذب إليه الأعداء. وأشار مرصد الإفتاء إلى أن تنظيم القاعدة لم يحرز سوى تقدم محدود فى تحقيق أهدافه المعلنة، بل إنه فى بعض الحالات، كانت النتائج عكسية، فالولايات المتحدة لم تهرب من العالم الإسلامي، كما كان يزعم ويتمنى، ولم تتوقف القوات الأمريكية عند العراق وأفغانستان فحسب، بل أصبح لديها العديد من القواعد فى مختلف دول العالم الإسلامي، أكثر مما كانت عليه قبل ظهور القاعدة.

وأضاف أن استراتيجية تنظيم القاعدة تعتمد على تكتيكات ضبط النفس، وتثبيت أقدام التنظيم فى المجتمع المحلى وإيقاف الهجمات ضد غير المقاتلين، كما دعت الاستراتيجية إلى استمرار التركيز الأساسى للتنظيم على العدو البعيد (الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما)، مع التركيز الثانوى على الحلفاء المحليين. وتتجلى هذه المبادئ التوجيهية بنجاح فى أنشطة أفرع التنظيم المختلفة فى شبه الجزيرة العربية والمغرب الإسلامي؛ ما يجعل تنظيم القاعدة يبدو أكثر عقلانية مقارنة مع تنظيم داعش.

وأكد تقرير مرصد الإفتاء أنه لا يمكن قياس قوة تنظيم القاعدة إلا من خلال دراسة تقدمه فى تثبيت أقدامه وترسيخ مكانته ضمن حركات التمرد والمعارضة الإقليمية وإعدادها للكفاح الطويل ضد الغرب، ومن خلال هذا القياس، يتضح أن تأثير تنظيم القاعدة يزداد شراسة على الرغم من الضغوط الشديدة التى تعرض لها طوال السنوات العشر الماضية، وسيكون من الصعوبة بمكان القضاء على عناصر القاعدة التى أسست لنفسها فى شمال غرب سوريا وليبيا واليمن وباكستان وأفغانستان وشمال أفريقيا والصومال.

وحذر تقرير مرصد الإفتاء من خطورة التركيز على تنظيم داعش فقط وتجاهل التنظيمات والجماعات المتطرفة الأخرى فى المنطقة، لافتًا إلى أنه فى حين تستهدف الحملات الدولية تنظيم داعش، يتوارى تنظيم القاعدة عن الأنظار تمهيدًا لظهوره من جديد، حيث يحاول التنظيم إعادة لمِّ شتاته على عدة جبهات، اجتماعية وسياسية وعسكرية، وهو أمر ليس بالمُفاجئ، فتنظيم القاعدة والجماعات التابعة له كالحرباء يتسم بسهولة التخفى والتكيف مع الظروف المحيطة به.