السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الصوم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصوم 
الصوم هو أول وصية أعطاها الله للإنسان معناه اللغوى «هو الامتناع عن الطعام» ويكون مرتبطا بالتوبة ومراجعة النفس والصوم هو أول عمل قام به المسيح.
١- الصوم موجود فى كل الأديان السماوية وغير السماوية، ونستطيع القول: إن الصوم هو القاسم المشترك من العبادات بين الأديان، ويقول البابا شنودة عن عمومية الصوم: «لا يقتصر الصوم عن كونه جزءا أساسيا من العبادة فى اليهودية، والمسيحية، والإسلام، بل إنه معروف فى كل ديانة، حتى فى الديانات الوثنية والبدائية، مما يدل على إنه بلا شك كان معروفا منذ القديم قبل أن يفترق الناس». 
٢- الصوم هو أول وصية أعطاها الله للإنسان، فقد أوصى الله آدم أن يأكل من جميع شجر الجنة، إلا شجرة معرفة الخير والشر، فلا يأكل منها، أى أن الله أوصاه أن يمتنع عن الأكل من صنف معين، بينما يمكن أن يأكل من باقى الأصناف، ويأكل الإنسان من الشجرة التى أمره الله ألا يأكل منها يكون قد كسر وصية الصوم؛ لذلك نقول إنه إن كان الصوم أول وصية أعطاها الله للإنسان، فهى أول وصية كسرها الإنسان، وفى ذلك قال القديس البابا كيرلس السادس: «إن الصوم بأولادى هو أول وصية سلمها الله للبشرية حين أمر أبوينا الأولين «آدم وحواء» أن ياكلوا من بعض ثمار الجنة، والصوم هو أول عمل قام به المسيح ربنا يسوع المسيح بعد العماد، قبل أن يبدأ عمله الكرازى وسط الناس، والصوم هو أول عمل قام به آباؤنا الرسل القديسين عندما رفع عنهم العريس». 
٣- لذلك حينما جاء السيد المسيح صام من أجلنا أربعين يوما وأربعين ليلة؛ لكى يعرفنا أهمية وصية الصوم وكيف نصوم؟ وفى صوم السيد المسيح أعطانا قوة سرية لا ينطق بها، ويرى القديسون أن أساس هذه القوة السرية المدخرة فى صوم السيد المسيح، هو أنه كان يحملنا سرا فى شخصه بنوع ما، فكل ما حققه فى نفسه من خلال الصوم إنما ينتقل إلينا بالضرورة حينما نشترك معه فى الصوم.
٤- والصوم فى معناه اللغوى «هو الامتناع عن الطعام، والإمساك عنه وفى المسيحية الصوم هو الامتناع عن الطعام فترة معينة من النهار، ثم يتناول الصائم بعدها أطعمة خالية من الدسم الحيواني». 
٥- والصوم وجهان: جسدى وروحى، فالوجه الجسدى هو خاص بالأكل والشرب المادى، ومن خلاله نحصل على قوة الإرادة، وضبط النفس، وهذا يفيدنا فى الصوم الروحي؛ إذ يصوم الإنسان عن الخطيئة، والشهوات الجسدية، ويبعد عن الرذائل والأفكار المنحرفة، التى لا ترضى الله.
٦- لذلك نقول: «إن الصوم ليس هدفا بحد ذاته، وإنما وسيلة للوصول إلى الهدف إلى الله، فإننا بالصوم نتجه نحو الله، ونرجع إليه ونطلب رحمته بكل لجاجة من خلال أعمال التوبة والصلاه والصدقة». 
٧- فالصوم يجب أن يكون مرتبطا بالتوبة ومراجعة النفس، فالصوم هو بداءة المصالحة مع الله، وتنقية القلب فى توبة مستمرة كل أيام حياتنا، أما عن ارتباط الصوم بالصلاة، قال السيدالمسيح إننا ممكن أن ننتصر على الشيطان وكل حروبه بالصوم والصلاة إذ قال: «إن هذا الجنس (الشيطان) لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم»، ويقولون إن الحياة الروحية مثل طائر ذى جناحين؛ الجناح الأول هو الصوم، والجناح الثانى هو الصلاه، ولا نستطيع أن نحلق فى الحياة الروحية بدون هذين الجناحين والكل يعرف أهمية الصدقة وبالذات فى وقت الصوم، فالذى يصوم يشعر بالجوع، وبالتالى يشعر بجوع الجياع، فتدخل فى قلبه مشاعر شفقة ورحمة نحوهم ويعطيهم مما أعطاه الله؛ أذكر عبارة قالها أمير الشعراء: أحمد شوقي: «الصوم.. حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع».
٨- قال المتنيح أبونا بيشوى كامل: «الصوم هو الوسيلة لضبط الأهواء، والشهوات حتى تنسجم حياة الإنسان مع روح الله الذى يقوده فى طاعة وخضوع، فالصوم يؤهل الإنسان للانتعاش الروحى، والاتصال بالله وامتلاء القلب بحب الله». 
٩- قال القديس مار إسحق: «الذى يصوم عن الغذاء، ولا يصوم عن الحنق والحقد، ولسانه ينطق بالأباطيل، فصومه باطل؛ لأن صوم اللسان خير من صوم الفم، وصوم القلب خير من الاثنين». 
١٠- وأختم بعبارة قالها الأديب الكبير نجيب محفوظ: «هل يخلق الصيام فى الإسان نوعا من الشفافية تجعله يصل إلى أعماق قد لا يدركها وبطنه ممتلئة، أم أنه يعطى دفعة روحية للصائم تظهر علاماتها فى هذا التّذوق المرهف».
القمص ميخائيل إدوارد
كاهن كنيسة مار مرقس، بكليفلاند، ووكيل إبراشية أوهايو ومتشجن وأنديانا بأمريكا