الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أسرة الشهيد اللواء امتياز إسحق في حوارها لــ"البوابة نيوز": رفض خلع زيه "الميري" خلال ثورة يناير.. وكان يعشق خدمة الوطن.. ونجله: نفسي أدخل كلية الشرطة حتى آخذ ثأر والدي

أسرة الشهيد اللواء
أسرة الشهيد اللواء محمد إسحاق فى حوارها لــ"البوابة نيوز"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اللواء امتياز إسحق محمد كامل حمودة.. أسد المعارك، يقال إن لكل شخص نصيبًا من اسمه  استشهد خلال عملية الواحات في أكتوبر الماضي، وكان مثالا للجدية في العمل والكفاءة والشرف، وكلها صفات شهد بها كل من عرفوه وتعاملوا معه.
الشهيد كان بطلًا في القوات الخاصة أسدًا لا يهاب شيئًا ويتقدم المعارك، دفع حياته ثمنًا لحرية الوطن، وسلامة وأمن شعبه، لم يفكر في الموت حين ارتدى سترته الواقية وبدلته العسكرية وحمل سلاحه وتوجه لمداهمة وكر إرهابي شديد الخطورة في عمق الصحراء بل كان يتسابق على الشهادة.
اللواء امتياز إسحق محمد كامل حمودة من مركز الرحمانية محافظة البحيرة ضابط بإدارة العمليات الخاصة في الأمن المركزي من مواليد منطقة العباسية بمحافظة القاهرة، ويتمتع قائد الحملة الأمنية في الكيلو ١٣٥ بمنطقة الواحات، بسمعة طيبة بين الأهالي إذ اعتاد الجميع على اللجوء إليه في المواقف الصعبة.
كثيرة هى المعارك التي خاضها اللواء امتياز، فلم تكن الواحات معركته الأولى بل كان تاريخه حافلًا بمحاربة الإرهاب، لديه ولد وبنتان إحداهما طفلة عمرها أربع سنوات، وتعتبره عائلته بمثابة الكبير.
وقامت مديرية التربية والتعليم بالقاهرة بتكريم أسرة الشهيد امتياز، وأطلق اسمه على مدرسة العباسية الثانوية بنات التابعة لإدارة الوايلي التعليمية.
وكرمته الدولة والرئيس السيسي تقديرًا لدوره البطولي، خاصة أن الشهيد رمز وقدوة الوطنية والتضحية من أجل الوطن.
واستشهد اللواء امتياز خلال المواجهات التي وقعت بين الشرطة وعناصر إرهابية في الكيلو ١٣٥ بالواحات البحرية أكتوبر الماضي.


■ من هو الشهيد امتياز إسحق محمد؟
- طول عمره من أول ما اتخرج لحد ما استشهد، ضابط بقطاع الأمن المركزي بالعمليات الخاصة وكان حابب المكان ده جدا وحابب الشغل، وشارك في التسعينيات في مكافحة الإرهاب، وفي الكثير من العمليات أبرزها أحداث إمبابة، وكان وقتها نقيبًا وأتصور صورة ونشرت في عدد من الجرائد، وكُتب عليها الأمن يعود لمنطقة إمبابة.
وكان يعشق خدمة الوطن والواجب ولم يتردد في الذهاب لأي مأمورية كلف بها، وهو قائد صاحب بصمة ومتفوق طول عمره في عمله بشهادة الجميع، وكان محترفًا جدا مهنيا، ودوره بارز، وكل إنسان له نصيب من اسمه، وهو كان ممتازا في عمله، وحصل على العديد من الفرق التدريبية الصعبة، آخرها العام الماضي حيث حصل على فرقة القيادات الأمنية وأحرز المركز الأول، وهي فرقة مخصصة لرتبة اللواء والعميد وحصل على المركز الأول أيضًا في الفرقة والرماية، وهذا دليل على أنه كان شخصا مميزا، وضابطا ماهرا في التصويب والقنص وأداء كل العمليات شبه المستحيلة، وصورته معلقة ضمن أوائل الحاصلين على الفرق التدريبية بأكاديمية الشرطة، وهذا شيء ليس سهلا لأنه كان منضبطا جدا، ويحب عمله.
وعن يومه، قالت كان يبدأ في الـ٥ صباحا، يصلى الفجر ويرتدي ملابسه ويتجه لعمله حتى يتسنى له اللحاق بالطابور الصباحي، ولم يسجل له تأخير أبدًا، وملتزم للغاية وقدم أيضًا العديد من الأبحاث الشرطية.


■ ما أبرز الأنواط التي حصل عليها الشهيد؟
- الشهيد حصل على نوط الامتياز في حياته العام الماضي، وكرم في عيد الشرطة قبل الماضي، وهو ما تكرر هذا العام بحصوله للعام الثاني على التوالي على نوط الامتياز، وفي مجاله المهني كان إنسانا عنده أخلاق ويحظى باحترام الجميع ومحبوبا وعنده القدرة على التحكم في أعصابه، ودائما كان بمثابة الأب والقائد لكل الضباط الذين كان يحبونه للغاية، وكل الناس اللي اشتغلت معاه قالوا عليه أسد العمليات الخاصة وأثناء تدرجه الوظيفي كان سجله ممتازا سنويا.


■ ما مناطق خدمة الشهيد وظروف عمله الشاق؟
- خدم الشهيد في العديد من المناطق على مستوى الجمهورية خاصة سيناء، وكان دائمًا ما يتحدث أنه لن يترك سلاحه إلا عندما يتم القضاء على آخر إرهابي بأرض مصر، وأذكر أنه حكى لي مرات كثيرة عن استشهاد العديد من زملائه أمامه وكان يرى الموت كل يوم، كان يخرج إلى المأموريات بعد أن يعطي العسكري متعلقاته، ويكلفه بما يقوم به عند استشهاده وكان دائمًا يتمنى لحظة استشهاده.
وكان يتمنى دائما أن تكون مصر ثابتة مستقرة، وتحمل العديد من الصعوبات بدون أي مقابل كان يتوجه إلى مأموريات التأمين في عز البرد والحر، ولا يشتكي أبدا من أي معوقات، أولا وأخيرا جزاؤه عند ربه، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبِيلِ الله".


■ هل شارك الشهيد في أحداث فض رابعة ٢٠١٣؟
- هذا الكلام غير صحيح، لم يكن من القوات المكلفة بفض رابعة، لأننا كنا في العمرة، وعندما يردد أنه شارك في فض رابعة أشعر بالضيق جدًا، وأتساءل لماذا هذه الفبركة.
الأكثر من ذلك هناك مواقع زعمت أنه كان قائد الفض، وهذا غير صحيح جملة وتفصيلا، لأننا كنا في الأراضي المقدسة نؤدي العمرة وقتها، وتقديري أن هذا الربط هدفه التحريض علينا.
أيما يكون فنحن غير مطلوبين للشهادة في أي قضية، وهذه من الشائعات التي نشرتها مواقع إخبارية أيضًا، والمؤسف أن هذه الأخبار تنتسب دائمًا إلى مصارد غير معلومة.
هذا التسخين والأكاذيب ليس لها غرض إلا زيادة نسبة القراءة، ولمن يفعلون هذه الأعمال الدنيئة أقول: اتقوا الله.
زوجي يرحمه الله ليس في حاجة إلا إلى ذكر الحقائق عنه، وهو من أحسن الناس أدبًا وخلقًا، وأكثر وطنية وبذلا وعطاء.


■ ما ذكرياتك عن ثورة يناير ٢٠١١؟
- عايزة أفكركم أن أيام الفوضى في يناير٢٠١١، الناس مقدرتش تستحمل ما حدث من سلب ونهب، الشهيد قعد ١٥ يومًا متواصلة في قطاع الأمن المركزي، وما أدراك ما الأمن المركزي وما تعرض له أيام يناير ٢٠١١، في محاولة منه للمشاركة في إعادة الأمن والأمور إلى نصابها، ورجع بالزي الرسمي الشرطي، ورغم الأجواء المعادية للشرطة في ذلك الوقت، وخالف نصيحة عسكري الحراسة بضرورة خلع الزي الميري حتى لا يتعرض إلى الأذى أو القتل، لكنه رفض كل ذلك قائلا: "أنا ضابط شرطة وأفتخر ولن أخلع الزي المقدس مهما حدث أموت بالأفرول لكن مش هقلعه».


■ ما كواليس آخر أيامه قبل استشهاده؟
- آخر يوم كان مختلفًا لأني كنت مسافرة قبل الحادث، وهو قبلها بفترة كان تعبان ومرهق ومش مبسوط، ولاحظت ذلك لأنه كان إنسانا بشوشا وكله حياة، وكان دائما مبتسما فشعرت بأن شيئا سيئا سيحدث، كنت بقوله أنت مالك تعبان حاسس بإيه يقولى مش عارف، طب أنت شفت السكر قالى آه السكر كويس.
وانهمرت باكية: "لقيته بيقولى لما اقترب موعد المأمورية التى لم أكن أعلم ما هي، بيقولى كلام لما افتكرته بعدين عرفت أنه بيودعني، وبيبصلى كتير وبيملى عينه منى وقعد يقولى خلى بالك من نفسك بشكل تكرارى حنون، تانى يوم وصلنى المطار ولقيته أول واحد بيسلم عليّ بحرارة على غير العادة، كان بيودعني، ولما وصلت لقيته بيكلمنى وبيقولى قبل يوم المأمورية بـ٢٤ ساعة لأنهم كانوا فى الأمن الوطني ساعتها قبل التحرك، وهو عمره ما أفصح عن طبيعة عمله فقلتله طمني عليك قالى حاضر، وده كان آخر كلام قبل استشهاده".


■ كيف علمت بخبر استشهاده؟
- علمت من الإنترنت، ومكنتش قادرة أصدق أبدًا الخبر، إزاي إن حد قريب أوي أوي أعرف إنه استشهد تعبت جدًا، وانهارت ونقلوني للمستشفى، وللأسف دي طبيعة عمله أن يتقدم الصفوف في المأموريات، وكنت مسافرة، وحاولت التأكد من زملائه وأصدقائه، قالوا لي لا هو بخير متقلقيش تقريبًا علشان مش عايزني أنهار وأنا مسافرة، وأتذكر أنه في أغسطس ٢٠١٧ وهو متجه لمأمورية في سيناء قال لي أنا حاسس إني هموت قريب، قلتله ليه بتقول كده؟ رد عليّ مش عارف بس ده إحساسي، رديت عليه وقولتله إيه الجديد طول عمرك بتطلع مأموريات بعد الشر عليك.


■ هل شاهدت حديث الإرهابي المقبوض عليه في الفضائيات؟
- نعم شاهدته، وعايزة أقول هو فيه إنسان ممكن يقتنع بالكلام ده، فيه واحد شايف إن هو و١٤ إرهابيًا يستطيعون إقامة الدولة الإسلامية في مصر، وجاي مصر ليه سايب ليبيا ليه، ما تخليك في بلدك أنت جاي مصر، وأنت بحوزتك كل كمية السلاح والمتفجرات دي، أنا مش متخيلة لو الأسلحة والمتفجرات اللي كانت في الكيلو ١٣٥ طريق الواحات كانت دخلت المدن كان إيه اللي حصل في المواطنين الأبرياء، وكمية الأعمال الإرهابية اللي أحبطتها الداخلية بالقضاء على تلك المجموعة الإرهابية، جوزي وزملاؤه خدوا كل الشر ده في صدرهم وفدوا شعب مصر، وعلى فكرة هما مسابوش سلاحهم، ولم يترددوا في الصمود حتى آخر لحظة والقتال ضد الإرهابيين حتى نالوا الشهادة.


■ وكيف تردين على ما يشاع بأن القيادات لا تشارك في المأموريات؟
- حابة أقول إن زوجي عميد، وكان قاب قوسين أو أدنى من رتبة اللواء، وبيطلع مأموريات، الناس اللي مفيش في قلوبهم غير الغل والحقد للبلد بتقول بيرموا العساكر، شوفوا يا ناس كام ظابط راح في المأمورية، ورتبته إيه وكام عسكري هتلاقوا أن الضباط أكتر بكتير، وهو ما ينفى ادعاءات الخونة المغرضين بأن القيادات لا تشارك في الحرب على الإرهاب.
تكريم الرئيس للشهداء أظهر أن الضباط الشهداء كثيرون، وكان زوجي والده لواء، مفيش تفرقة بين أحد في الشهادة أو المشاركة في المأموريات مفيش حاجة في الدنيا تسوى الحياة، أنا كل الظباط اللي قابلتهم معظمهم نفسهم يستشهدوا في سبيل الله والوطن، وقابلت ضباط صغيرين لسه دفعة ٢٠١٦ نفسهم يلحقوا بزملائهم في الشهادة وفيه لسه طلبة بكلية الشرطة بيقولوا عايزين نوصل لأعلى رتبة في الشرطة وهي الشهادة.
إحنا شوفنا الحقيقة اللي مفيهاش هزار هما دول الأبطال هية دي الأساطير، وكان ممكن يحكيلي عن مأمورية بسيناء عن تعرضه لمحاولة استهداف، وقذيفة الـ«آر بي جي» فرقت بضع خطوات عنه، والمفاجأة أيضًا أن أعلى الرتب تتمنى الشهادة.


■ ما كواليس تكريمك من الرئيس السيسي في عيد الشرطة؟
- لا الحقيقة الريس هو اللي سألني، قالي انتي عايزة حاجة انتوا عايزين حاجة قولتله شكرًا يا ريس، وسأل ابن الشهيد نور الدين عايز إيه؟ قاله عايز يدخل كلية الشرطة، العمليات الخاصة زي والده، وهوه عنده حاليا ١٧ سنة، لأنه من صغره كان بيروح مع والده الشهيد لمقر عمله وحابب جدا الشرطة، من أجل أخذ ثأر أبيه.


■ وحضرتك موافقة على كده؟
- أنا مكنتش موافقة لكن بعد اللي حصل واستشهد زوجي موافقة لأنها رغبته، ورغبة والده الشهيد، وأود أن يشارك ابني وياخد بثار أبيه من الإرهابيين الخونة الأشرار.


■ ما رسالتك للشعب المصري؟
- عايزة أقول كفاية يا جماعة إشاعات، وتقليل من الإنجازات والبطولات التي يقدمها أبناء مصر من الجيش والشرطة، والناس اللي بتتكلم مش شايفين مصير الدول المحيطة زي ليبيا واليمن وسوريا وغيرها، ادعموا شرطتكم وجيشكم لازم نحاول نوقف مصر على رجليها، الناس تهدى وتعقل إحنا في حرب.
وحابة أقول إن ابني اشتكى من كثرة الأخبار والإشاعات عن الشرطة ومحاولة المساس بالجيش على السوشيال ميديا من أعداء مصر، ونحن من اكتوى بنار الإرهاب الحقيقي وفقدنا رب العائلة وقائد المسيرة.
الناس تشوف الصالح العام، وإحنا في أكبر نعمة عندنا الأمن والأمان أوقات الرجالة مكنتش تقدر تنزل من بيوتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها»، يعني ذكر الأمن أولا لأهميته لاستكمال الحياة لازم نصبر، ونتكاتف للقضاء على الإرهاب لن ينجز التخريب والفوضى والتظاهر أو التفجير أي شيء لمصر أو لكم.
لما الرئيس الأمريكي أعلن أن القدس عاصمة لدولة إسرائيل لماذا لم يحارب المدعون والإرهابيون في سيناء الجيش الإسرائيلي، أم أنهم خلقوا من أجهزة مخابرات معادية للبلاد بهدف استنزاف الجيش والشرطة في سيناء، مضيفة معركتكم ليست مع مصر.


 ممكن تعرفينا عن متعلقات وأنواط الشهيد الموجودة؟
- حضرتك بتعلق على وجود علم مصر وعلم الأمن المركزي، بقول لحضرتك إن نور الدين ابني أول ماراح جاب متعلقات الشهيد من مكتبه، جاب الأعلام وأهمها علم مصر، والأمن المركزي الخاصان بالشهيد وحطهم على السفرة في البيت حتى زمايله لما بييجوا البيت لقينا مرة العلم نزل شوية من على الكرسي فقام ابن الشهيد جرى ووضعه في مكانه اعتزازا وافتخارا منه بعمل والده وإحساسه بقيمة العلم والوطن.
الشهيد كرم مرتين بنوط الامتياز، ومن وزارة التربية والتعليم وأطلقوا اسمه على مدرسة بالعباسية وعدد من شهادات التقدير والفرق التدريبية الحاصل عليها.


■ وفي سؤالنا لابن الشهيد عن رغبته في الانضمام لكلية الشرطة؟
- قال نور الدين امتياز محمد، أنا مش أقل من والدي في شيء هو ضحى علشان مصر وشوفت التكريم والأنواط اللي أخذها، وزرع فيا حب مصر من زمان، وهو حببني في ده وخلاني عايز أخش العمليات الخاصة علشان أضحى علشان مصر وبقول للشباب اللي بتهاجم الجيش والشرطة دول بيحموك اوعى تشوه أبطال بلادك.


■ وكيف كانت جثة والدك؟
- كمية الطلقات اللي شوفتها في جثة والدي مش عارف أقول إيه، ده معناه أنه بيحارب لآخر لحظة، ومش عارفين يعملوا معاه حاجة ضربوه بالرصاص، وده فرحني أنه قاوم لآخر لحظة في حياته، ده بطل ومات ميتة الأبطال وعاش بطل ومات شهيد، وطول عمره فخر لينا وجيرانه، وزملائه، وهو أسد العمليات الخاصة كان راجل بمعنى الكلمة، وعايز أقولك إن فيه عسكري كان معاهم قبل المأمورية إنهم كانوا بيضحكوا وبيهزروا مع أنهم رايحين يموتوا وكلهم رددوا الشهادة وأصابعهم مرفوعة ومبتسمين ورائحتهم زكية.