الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

بحث يرصد الحرية الدينية في مصر ويرد على اتهامات الإعلام الغربي

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- الاتفاقيات الدولية تحمى الحريات الدينية المسئولة على شبكة المعلومات الإلكترونية
-تقييد حرية الاجتماع الالكترونى ضرورة للحفاظ على الأمن القومى، وترتضيه القيم الدينية
- سخرية القناة العاشرة لتلفزيون الكيان الصهيونى برسل الله عيسى ومحمد عليهما السلام ردة حضارية وتطرفًا وتمييزًا ضد الآخر
قدم الفقيه للمستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بحثا عن "الحماية الواجبة لسيرة الأنبياء دراسة مقارنة بين الشرئع والتشاريع للحق فى حرية الفضاء الالكترونى وعلاقته بالمقدسات الدينية فى التشريعين المصرى والدولى" لمجلس الدولة.
واستعرض خفاجى في بحثه لنقاط غاية فى الدقة القانونية والمجتمعية المعاصرة تتمثل في أن تطاول الإعلام الغربى على الأنبياء يحض على الكراهية الدينية ويزعزع الأمن والسلم الدوليين، وأن الاساءة للأنبياء على الروابط الالكترونية اباحية وليست حرية ودور الدولة حماية القيم الدينية، وأن الاتفاقيات الدولية تحمى الحريات الدينية المسئولة على شبكة المعلومات الالكترونية.
وأكد على تقييد حرية الاجتماع الالكترونى ضرورة للحفاظ على الأمن القومى، وترتضيه القيم الدينية وأبان سخرية القناة العاشرة لتلفزيون الكيان الصهيونى برسل الله عيسى ومحمد عليهما السلام وردة حضارية وتطرفًا وتمييزًا ضد الآخر وكشف أن لجنة الدستور المصرى 1923 رفضت اقتراح وزير خارجية إنجلترا خلال الاحتلال بإطلاق تحديد مفهوم الأديان. 
وأضاف خفاجى فى بحثه أن الأنبياء هم صفوة الخلق اختارهم الله عزوجل ليكونوا مصابيح الهدى للبشرية عبر مختلف الأجيال وحفظهم الله عما لا يليق بمنصب من يتلقى مثل هذه الأمانة، فهداهم للخيرات وعصمهم من المنقصات وهم القدوة والمثل،، ومن ثم وجب على البشرية احترامهم ووقارهم وتقديرهم في سبيل طريق الهدى والرشاد ونظرًا لما أحدثته وسائل الاتصال الفضائى والإلكترونى من تقدم مذهل جعل العالم بأسرة قرية صغيرة ولجوء بعض ذوى النفوس المغرضة إلى الإساءة للأنبياء سعيًا في الإيذاء المعنوى أو تحقيقًا لمكاسب زائلة مما حدا به إلى تأليف هذا البحث.
ويمكن عرض وتلخيص أهم نقاط بحث الفقيه الدكتور محمد خفاجى عن هذا الموضوع الحيوى الهام الذى يمس عقيدة كل مسلم ويرتبط بمفاهيم حرية الرأى والحريات الدينية على المستوى الدولى فى ست نقاط كما يلى:

أولًا: تطاول الإعلام الغربى على الأنبياء يحض على الكراهية الدينية ويزعزع الأمن والسلم الدوليين.
يقول خفاجى في بحثه أن ظاهرة تطاول بعض وسائل الإعلام الغربية على الرموز والمقدسات الإسلامية، تركت جراحًا بالغة فى نفوس المسلمين فى سائر الأقطار وخطورة تلك الإساءات أنها تحض على الكراهية الدينية، مما يؤجج من النزعة العنصرية ضد الإسلام والمسلمين، الأمر الذى من الممكن أن يؤثر على حسن العلاقات الودية بين الدول والشعوب، بل إنه من الممكن أن يتعدى ذلك الأمر إلى توليد العنف وزعزعة الاستقرار والأمن والسلم الدوليين.
ويضيف خفاجى أن الإساءة للأنبياء أو الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تمس عقيدة كل مسلم وهي من قضايا الاتفاق عند جميع المسلمين، لأنها من الأصول الكلية فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله تعني تعظيم الله وتعظيم رسوله الكريم، ولا يختلف في ذلك المسلم المثقف عن العامي، ولا الإسلامي مع العلماني، كما لا يختلف فيها السني مع الشيعي، ولأن توقير رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه والذود عنه مكانته إلى يوم الدين من صميم العقيدة، فمن بين السيرة النبوية أن المسلمين لن يتخلوا عن الاقتداء بالصحابة والتابعين.
ويشير خفاجى فى بحثه أنه من كمال الشريعة الإسلامية أنها جعلت من عقيدة المسلم احترام الأديان السماوية والإيمان برسل الله عز وجل، فلا يجوز لمسلم يشهد أن لا اله الا الله وأن محمدًا رسول الله أن يسيء إلى أي من رسل الله من آدم إلى محمد عليهم السلام فلو أن مسيحيًا أساء للرسول فلا يجوز للمسلم الإساءة إلى سيدنا عيسى عليه السلام، وكذلك لو أساء اليهودي فلا يمكن أن يسيء المسلم إلى سيدنا موسى عليه السلام، لأن تعظيم هؤلاء الأنبياء من صميم عقيدة المسلم وثوابته المطلقة التى لا تحتمل التأويل لقول الله تبارك وتعالى: " قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ "، فيجب ألا نأخذ البريء بجريرة هذا الخارج عن طبيعة التسامح البشرى.
ثانيًا: الإساءة للأنبياء على الروابط الإلكترونية إباحية وليست حرية ودور الدولة حماية القيم الدينية
ويقول خفاجى في بحثه أنه إذا ما احتوى المضمون الإعلامى مشاهد تتعارض مع احترام الأديان بأحد الروابط الإلكترونية ضد الأنبياء فهو عمل منسوب زورًا وبهتانًا إلى طائفة الأعمال الفنية وتحت مسمى حرية الرأي، وهو فى حقيقته وجوهره لا يعبر عن الحرية بل الإباحية، ونحن تُسجل هنا أن مداد القلم يعف عن أن يسرد أو يسطر الحوارات الواردة في بعض الأعمال التى تسئ للرموز الدينية بعبارات والفاظ بغيضة للإنسانية تأليفًا وإنتاجًا وإخراجًا وتمثيلًا أيًا كانت جنسيات من يعرضونها، ولا ريب أن هذه الأعمال تسئ مشاعر من يتناولون معتقداتهم الدينية وآثار استيائهم لما تضمنه من استهانة بمشاعرهم واستهزاء بمعتقداتهم.
ويضيف خفاجى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الإدعاء بأن هذا العمل المسيئ للأنبياء يندرج تحت ستار حرية الرأي والتعبير وهي منه براء، ذلك أنه قد بات مسلمًا وفقًا لقواعد القانون الدولى أن حرية الرأي لا يجب أن تتعدى على معتقدات الآخرين، ولا تتجاوز حدود الآداب العامة، ولا تثير مشاعر واستياء معتنقي الديانات الأخرى ومن باب أولى الديانات السماوية الثلاث، ولا تؤدي إلى الاعتداء على السكينة العامة، وإنما هي التي تحترم معتقدات ومشاعر الآخرين وتؤدي إلى الإبداع في أسمى صوره وتحلق بهم إلى آفاق أرحب وأفضل مما هي عليه، لتصبح ـ حرية الرأي ـ منتجة ومحققة لطموحات وآمال البشرية.
ويشير خفاجى أن الإبداع الحقيقى يتدفق عطاءً ويتمحض عن قيم وآراء ومعان يؤمن المبدعون بها ويدعون إليها، ليكون مجتمعهم أكثر وعيًا، ويبصر به أفراده إلى الحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها وبهذه المثابة سيظل الإبداع عملًا إنشائيًا إيجابيًا، حاملًا لرسالة محددة، أو ناقلًا لمفهـوم معين، وإن كان مجاوزًا حدود الدائرة التى يعمل المبدع فيها، كافلًا الاتصال بالآخرين تأثيرًا فيهم، وإحداثًًا لتغيير شرطه الجوهرى ليكون مقبولًا ألا يزدرى أو يمس من أحد أركان المعتقدات الدينية.بما يهدم كل العقائد الدينية الراسخة والقيم الأخلاقية والآداب العامة.
ويوضح خفاجى أن الإبقاء على هذه المواقع الاعلامية يهدر القيم المشار إليها، فضلًا عن الإخلال بالمصالح العليا للدولة والأمن القومى الاجتماعى، أنه يتعين الانتصار للمبادئ والأصول الدينية والقيم الأخلاقية التي يقوم عليها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في نطاق الانحياز لحرية الرأي والتعبير المسئولة، وهو ما تستنهض همة الدولة الوقوف عند مسئولياتها في عالم الإنترنت لكل ما يمثل ازدراءً بالأديان والقيم التى توارثتها الإنسانية عبر تاريخها الطويل ويجب أن يكون رائدها الحرية المسئولة فلا تقهر رأيًا أو فكرًا ولا تحول بينه وبين حرية الوصول إلى جمهور المشاهدين والمستمعين، ووظيفتها الأساسية وأن ظللت يد الحماية حول الإعلام المستنير الداعم لحرية التعبير والمحافظ على تقاليد وأعراف المجتمع وحقوق المشاهد والمستمع والقارئ، وبذات القدر عليها أيضًا حماية القيم والأخلاق وحماية المعتقدات الدينية والأسرة المصرية من الإساءة والتطاول على الرموز الدينية وما يمس الأديان السماوية، وما يحافظ على تراث الشعب المصرى الذى قال فيه هيرودوت أنهم أكثر شعوب العالم تدينًا وبما لمشاعر المسلمين خاصة والمواطنين عامة فى المجتمع المصرى كرامتهم وعزتهم وحماية معتقداتهم الدينية.
ثالثًا: سخرية القناة العاشرة لتلفزيون الكيان الصهيونى برسل الله عيسى ومحمد عليهما السلام، ردة حضارية، وتطرفًا وتمييزًا ضد الآخر:
يقول خفاجى في مقدمة بحثه إلى أن إساءة الغرب للأديان لم تقتصر على الدين الإسلامى فحسب بل امتدت إلى الدين المسيحى، ففى بعض الأعمال المدعى بأنها فنية التى أساءت لرسول الرحمة والإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم منها إنتاج فيلم كرتونى هولندى، يحتوى على مشاهد إباحية عن زوجات النبى وآل البيت يسخرون فيه من النبى الكريم وفى أعمال أخرى تعدت أثارها للدين المسيحى ففي سنة 1996 حكمت المحكمة الأوربية بعدم قانونية عرض فيلم يسيء للسيد المسيح عليه السلام، وفى 11 أبريل سنة 2007 قررت إحدى صالات العرض للأعمال الفنية في حي مانهاتن في نيويورك، إلغاء عرض لعمل نحتي من الشوكولاتة يجسد السيد المسيح عاريًا والذي نحته الفنان كوزيمو كافا لارو، وقد سماه: إلهي الحو. فاحتج أتباع المذهب الكاثوليكي فاضطر جيمس نوليس رئيس مجلس إدارة فندق روجر سميث لإلغاء العرض الذي كان مقررًا أن يعرض في إحدى قاعات الفندق وقال روجر: قمنا بإلغاء العرض ونؤكد على التزام الفندق بالمسئولية.
ويضيف خفاجى أن ما قامت به القناة العاشرة لتلفزيون بني صهيون من سخرية واستهزاء برسل الله عيسى ومحمد عليهما السلام، يعتبر ردة حضارية وتطرفًا وتمييزًا ضد الآخر.وقدمت القناة التلفزيونية العاشرة للكيان الصهيوني اعتذارًا لبابا الفاتيكان بسبب الإساءة للسيد المسيح عليه السلام ومن ثم يجب أن يدرك دعاة حرية التعبير على اختلاف ثقافاتهم أن الإساءة للأديان والمقدسات والرموز الدينية ليست مخالفة للقوانين الوطنية والتشريعات الدولية فقط وليست مخالفة لضوابط حرية التعبير فحسب بل هي في جوهرها تدنى أخلاقي وحضاري.
رابعًا: تقييد حرية الاجتماع الالكترونى ضرورة للحفاظ على الأمن القومى، وترتضية القيم الدينية
يقول خفاجى في بحثه أن الشخصية الإنسانية تنمو من خلال الاجتماع الالكترونى المناسب لواقع العصر ومنع تقييد حرية الانترنت في الحدود التي تتسامح فيها النظم الديموقراطية حفاظًا على الأمن القومى، وترتضيها القيم الدينية، وهو فوق هذا من الحقوق التي لا يجوز النزول عنها، فحرية التعبير ذاتها تفقد قيمتها إذا جحد المشرع أو من بيده سلطة اصدار قرار لائحى أيًا كان حق من يلوذون بها في الانضمام عبر الانترنت، وحجب بذلك تبادل الآراء في دائرة أعرض، بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض، ويعطل تدفق الحقائق التي تتصل بهم، ويعوق انسياب روافد تشكيل الشخصية الإنسانية التي لا يمكن تنميتها إلا في شكل من أشكال الاجتماع الالكترونى المناسب لواقع وحقيقة العصر.
خامسًا: لجنة الدستور المصرى 1923 رفضت اقتراح وزير خارجية انجلترا خلال الاحتلال باطلاق تحديد مفهوم الأديان 
أوضح خفاجى التطور التاريخى فى الدساتير المصرية لحرية العقيدة وذكر أنه بتتبع النصوص الخاصة بحرية العقيدة في الدساتير المصرية المتعاقبة نجد أنها بدأت في أصلها بالمادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة من دستور سنة 1923 وكانت أولاهما تنص على أن حرية العقيدة مطلقة، وكانت الثانية تنص على أن تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقًا للعادات المرعية في الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب. وتفيد الأعمال التحضيرية لهذا الدستور أن النصين المذكورين كانا في الأصل نصًا واحدًا اقترحته لجنة وضع المبادئ العامة للدستور مستهدية بمشروع للدستور أعده وقتئذ لورد كيرزون وزير خارجية انجلترا التي كانت تحتل مصر وكان يجرى على النحو الآتي: حرية الاعتقاد الديني مطلقة، فلجميع سكان مصر الحق في أن يقوموا بحرية تامة علانية أو في غير علانية بشعائر أية ملة أو دين أو عقيدة مادامت هذه الشعائر لا تنافي النظام العام أو الآداب العامة"، وقد أثار هذا النص معارضة شديدة من جانب أعضاء لجنة الدستور لأنه من العموم والإطلاق بحيث يتناول شعائر الأديان كافة في حين أن الأديان التي تجب حماية شعائرها هي الأديان المعترف بها وهي الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية.
ويضيف خفاجى فى بحثه أن الرأي استقر وقتذاك على أن يكون النص مقصورًا على شعائر هذه الأديان فحسب فلا يسمح باستحداث أي دين وصيغ النص مجزأ في المادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة اللذين تقدم ذكرهما وتضمنت الأولى النص على حرية العقيدة 
ويشير الفقيه الدكتور خفاجى أنه حينما صدر دستور 18 يناير 2014 نصت المادة 64 منه أكد على الأديان المسماوية الثلاثة على أن " حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون" ثم عاد المشرع الدستورى لتأكيد ذلك في مادتين مستقلتين موضع أخر يتعلق باستمداد التشريع من أحكام مبادئ تلك الشرائع الثلاث، فكررت المادة 2 منه على أن: " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" واستحدثت المادة 3 منه على أنه: " مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية" وبذلك فإن المشرع الدستورى المصرى قد التزم في جميع الدساتير المصرية مبدأ حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية باعتبارهما من الأصول الدستورية الثابتة المستقرة في كل بلد متحضر، فلكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التي يطمئن إليها ضميره وتسكن إليها نفسه، ولا سبيل لأي سلطة عليه فيما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه. أما حرية إقامة الشعائر الدينية وممارستها فهي مقيدة بقيد أفصحت عنه الدساتير السابقة وأغفله كل من دستور 1971 ودستور 2014 وهو "قيد عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب".
ويقول الدكتور خفاجى أن إغفال النص على القيد المذكور المتعلق عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب ليس عديمًا لكل أثر ولا يعني إسقاطه عمدًا وإباحة إقامة الشعائر الدينية ولو كانت مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب. ذلك أن المشرع رأى أن هذا القيد غني عن الإثبات والنص عليه صراحة باعتباره أمرًا بديهيًا وأصلًا دستوريًا يتعين إعماله ولو أغفل النص عليه أما الأديان التي يحمي هذا النص حرية القيام بشعائرها فقد استبان من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 عن المادتين 12، 13 منه وهما الأصل الدستوري لجميع النصوص التي رددتها الدساتير المصرية المتعاقبة أن الأديان التي تحمي هذه النصوص ومنها من قبل نص المادة 46 من دستور 1971 ثم المادة 64 من دستور 2014 حرية القيام بشعائرها إنما هي الأديان المعترف بها وهي الأديان السماوية الثلاثة.
سادسًا: الاتفاقيات الدولية تحمى الحريات الدينية المسئولة على شبكة المعلومات الالكترونية:
أوضح الفقيه الدكتور محمد خفاجى أنه على المستوى الدولى فإن كفاح البشرية من أجل الحرية الدينية قائم منذ قرون سالفة وقد أدى إلى كثير من الصراعات المفجعة وعلى الرغم من أن مثل هذه الصراعات مازالت سارية إلا أنه يمكن القول بأن القرن العشرين قد شهد بعض التقدم حيث تم الإقرار ببعض المبادئ المشتركة الخاصة بحرية الديانة أو المعتقد. وقد اعترفت الأمم المتحدة بأهمية حرية الديانة أو المعتقد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948، حيث تنص المادة 18 منه على أن" لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره"
وأضاف الدكتور خفاجى أن عددًا من الاتفاقيات الدولية تنص على إنشاء آليات قانونية معينة للإشراف على شبكة المعلومات الالكترونية ولمتابعة تنفيذها على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تتمثل في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذى اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر1966تاريخ بدء النفاذ 23 مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49 منه فإن الالتزامات الواردة في المادة (18) منه تجعل لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. 
ولفت ان مصر وقعت على هذه الاتفاقية في 4 أغسطس 1967 وفقًا للقرار الجمهوري 536 لعام 1981 ونُشرت في الجريدة الرسمية المصرية العدد 15 في 15 إبريل 1982 وتعتبر ملزمة لمصر بعد أن دخلت فى نسيج التشريع المصرى ومن ثم أصبحت جزءً من نسيج التشريع المصرى وأصبح الحق فى الانترنت لكل إنسان وحريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو قالب فنى أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
ويشير الدكتور محمد خفاجى أن المرحلة الثانية تتمثل فى إحدى الوثائق الدولية المهمة وهو الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال عدم التسامح والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد بتاريخ 25 نوفمبر1981، برقم 55/36، والذى حذر فى ديباجته من خطورة عدم مراعاة أو التعدى على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وبوجه خاص الحق فى حرية المعتقد والدين، وشدد الإعلان على خطورة ذلك التعدى لما يمكن أن يؤدى إليه من صدامات ومعاناة للإنسانية. 
ويختتم الدكتور خفاجى أن المرحلة الثالثة تتمثل في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 50/183 لسنة 1996 بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب الدينى الصادر بتاريخ 6 مارس 1996 من الجمعية العامة للأمم المتحدة والتى أكدت فى ديباجته أن التمييز ضد البشر على أساس الدين أو المعتقد يشكل إهانة للكرامة البشرية، وتنكرا لمبادئ الميثاق.