السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبدالرحيم علي يكتب: الطريق إلى ٢٥ يناير.. خطة أمريكا والغرب لتفتيت العالم العربي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم يكن الطريق إلى ٢٥ يناير طويلًا فقط، بل كان وعرًا أيضًا، أعرف أن كثيرًا مما توصلت إليه لن يكون مرضيًا لأطراف كثيرة، وأعرف أيضًا أنه سيكون مفاجئًا لأطراف أخرى، لكن فى النهاية هذا ما توصلت إليه، وأنا عنه راضٍ تمامًا، ولا مانع عندى من أن أفتح ساحة للمناقشة حوله، فالحوار وحده هو الذى سيبنى هذا الوطن، أما أصحاب الصوت الواحد والهدف الواحد والرأى الواحد، فهم أخطر أعداء العقل والمستقبل.

إننى أتحدث مع قارئ أعرف أنه يتحرك على أرضٍ وطنية، ولذلك كنت حريصًا على أن أنطلق من هذه الأرضية فى البحث، فلا أنا من الباحثين عن مكسب، ولا أنا من المتملقين لرضا فئة بعينها، إننى أكتب لوجه الحقيقة وحدها، فما أصبت فيه فهو لى، وما أخطأت به فعلىَّ.


تفتيت العالم العربى

لا يمكن أن نبدأ حديثا عن ٢٥ يناير وما حدث فى مصرـ وعدد من الدول العربية بعد ذلك ـ دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث فى المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التى رسمت خرائط ما عرف بـ«الربيع العربى»، فأمريكا ودول الغرب يعلنون صراحة عن رغبتهم فى مزيد من التفتيت للأمة العربية فى ضوء اعتبارين، الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذى يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر ١٩٧٣ والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التى ظهرت بوضوح أثناء الحرب، والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا فى موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذى مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات.


منذ تلك اللحظة عملت أمريكا على هاتين الإشكاليتين من خلال التعاطى مع الجيوش العربية، سواء بمنطق التدخل المباشر والزج بها فى معارك داخلية، مثلما حدث فى العراق وسوريا، أو بشكل غير مباشر مثلما حدث فى مصر وتونس وليبيا، وسواء أكان ذلك للقضاء على الجيوش أو للسيطرة على النفط، خاصة مع اصطحاب الغزو الأمريكى والغربى لشركات النفط والطاقة أينما حلّ، فتاريخنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية عديدة بدأت أفكارًا، وتحولت إلى اتفاقات ووثائق، تلزمنا وتحكمنا حتى الآن.

والدليل على ذلك ما حدث فى ٢٩ يناير ٢٠٠٣، وتحديدًا قبيل أقل من شهرين من الغزو الأمريكى للعراق، حين أكد وزير الدفاع الأمريكى، مهندس الحرب على الإرهاب، دونالد رامسفيلد، أمام مكتب الميزانية فى البيت الأبيض أن تكلفة الحرب فى العراق تبلغ نحو ٥٠ مليار دولار، وستتحمل دول أخرى جزءًا من نفقات هذه الحرب مرسومة الخطوات، بعد تخليص العراق من قبضة نظام صدام حسين، وامتلاك كل مفاتيح الثروات النفطية التى تقف فوقها بغداد.

فلدى العراق احتياطات مؤكدة تبلغ ١١٥ بليون برميل بترول، وهو ما يبلغ خمسة أمثال الاحتياطى الموجود فى الولايات المتحدة، وتبلغ قيمة النفط العراقى وفقًا لأسعار السوق ٣٠ تريليون دولار، وللمقارنة فإن التكلفة المفترضة لغزو العراق نحو تريليون دولار، أما إطلاق مشروع إعادة إعمار العراق ضمن أكبر مشروع خصخصة تشهده البشرية وذهاب معظم الصفقات والعقود للشركات الأمريكية، فقد دفع بمنظمة الشفافية الدولية، منظمة غير حكومية ترصد الفساد فى العالم، إلى إصدار تقرير جاء فيه: إن العراق مرشح لأن يصبح فضيحة الفساد الكبرى فى التاريخ بفضل المشروع الذى ترأسه (وولفويتز)، وبالتالى ليس من المستبعد أبدًا أن تتحول الأفكار التى وردت فى الوثائق الغربية إلى أمر واقع، ولو بعد حين مع إصرار العدوان الأمريكى على تفتيت الوطن العربى ومخاطر التقسيم التى تخدم ذات التصور الصهيونى عن المنطقة.

وعلاقة أمريكا بالشرق الأوسط، يطلق عليها البعض نظرية «عنق اليابسة»، حيث ظهر هذا المفهوم فى الاهتمامات الغربية لأول مرة فى عدد سبتمبر عام ١٩٠٢ من مجلة «ناشيونال ريفيو» البريطانية للضابط البحرى الأمريكى «ميهن»، وكان المقال تلخيصًا لكتابه الصادر منذ عدة سنوات بعنوان «القوة البحرية والولايات المتحدة»، الذى ركز فيه على الصلة بين وضع الدول العظمى وبين السيطرة على طرق التجارة الدولية، عن طريق الأساطيل الضخمة، ويرى الضابط الأمريكى أنه للحفاظ على طرق الاتصال بين الشرق والغرب يجب على «القوة العظمى» السيطرة على عنق الأراضى التى تربط آسيا، وأفريقيا، وهى: تركيا وفارس ومصر والحوض الشرقى للبحر المتوسط، وفى رأيه أن الدولة التى ستنجح فى السيطرة على الشرق الأوسط: بقناته وسواحله، ومحطات الفحم (البترول فيما بعد) ستفوز بالسباق من أجل الشرق الأقصى الأبعد والأكثر ربحًا، ومن ثم فسوف تسيطر على العالم أجمع.


وبالنظر إلى ما حدث فعلًا فى العقود التالية، فإن الولايات المتحدة هى التى ورثت بريطانيا فى السيطرة على عنق اليابسة بسواحله، ومحطاته البترولية، وهكذا جاءت الجغرافيا لتدفع بأمريكا نحو أرض الإسلام والمسلمين، فى حين كان التاريخ يبعدها عنهم نفسيًا وثقافيًا، وكان المشروع الصهيونى هو المرشح لمشروع الدمج التاريخى والجغرافى ضمن مفهوم إستراتيجى جديد للشرق الأوسط فى السياسة الأمريكية.

كانت الحرب العالمية الأولى هى أول حدث كبير يجذب السياسة الأمريكية إلى الشرق الأوسط من الباب الواسع، فقد تدخلت الولايات المتحدة فى هذه الحرب فى أطوارها الأخيرة بالسلاح والرجال، ومن ثم كان لابد أن تشارك فى ترتيب أوضاع عالم ما بعد الحرب فى مؤتمر فرساى، ومن خلال عصبة الأمم رغم عدم تصديق الكونجرس على الانضمام إلى عضويتها.

وعد بلفور كان نصيب الدول العربية فى ترتيبات ما بعد الحرب، حيث شاركت واشنطن فى تأييد إقراره فى فرساى عام ١٩١٤، ووافقت على تضمينه صكًا ينص على انتداب بريطانيا على فلسطين، وكان الرئيس الأمريكى، وودرو ويلسون، قد وافق سرًا ليس فقط على وعد بلفور، ولكن انتداب بريطانيا على كل من العراق وشرق الأردن، وسوريا ولبنان.


أما مصر فقد تلقت صدمتها الخاصة عندما أعلن «ويلسون» أن مبدأ حق تقرير المصير، الذى كان أيقونة مبادئه الأربعة عشر لترتيب أوضاع عالم ما بعد الحرب، لا ينطبق عليها، ولم يكن ذلك إرضاءً للحليف البريطانى فحسب، ولكنه كان أيضًا قلة اكتراث منه بالعرب، وإدراكًا منه لحاجة بريطانيا العظمى، ومن ورائها القوى الغربية، للسيطرة على عنق اليابسة، والأهم من ذلك كله فى الحقيقة، كان وفاء بنذر قطعه «ويلسون» على نفسه بإعادة الأرض المقدسة، كما كان يصفها، فى إشارة إلى فلسطين، إلى شعبها المختار من الله، ولم يكن ذلك التزامًا شخصيًا وفقط، ولكن أيضًا تعبيرًا عن «توق» النخبة السياسية، والثقافية، والدينية الأمريكية، وكذلك الرأى العام لإزالة «وصمة» امتلاك العرب وحكمهم لفلسطين والقدس.

إلى جانب هذين المسارين للوجود الأمريكى الوافد إلى الشرق الأوسط، شق مساران آخران مجريهما، الأول هو تصفية الاستعمار التقليدى ووراثة نفوذه، والثانى هو السيطرة التدريجية على منابع النفط المكتشف حديثًا أيضًا، لتصب جميع هذه المسارات فيما بعد فى مسار أضخم وأكثر صخبًا، وهو مقاومة الانتشار الشيوعى، وهذه هى المحطة التى استضافت أول وأطول لقاء بين الإسلام السياسى والولايات المتحدة الأمريكية.

لكن مع بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين، نشأ النظام العالمى الجديد - أحادى القطبية- بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية استنادًا لما تحقق لها من قدرات متفردة فى جميع المجالات، خاصة القدرة العسكرية، واستنادًا أيضًا إلى تفكك المعسكر الآخر ممثلًا فى الاتحاد السوفيتى، وقد كانت حرب الخليج الثانية هى الإعلان الأول لإستراتيجية هذا النظام فى التعامل مع الأزمات الدولية من خلال تحالف دولى تقوده الولايات المتحدة فى مواجهة دولة «مارقة» من أجل إجبارها على مسايرة هذا النظام، ثم تطور لكى تتولى هى بقدراتها الذاتية وبمشاركة محدودة من حلفائها تنفيذ أهدافها الإستراتيجية، خاصة فى مجال الحرب ضد الإرهاب التى اشتعلت مع بداية الألفية الثالثة، واستهدفت مناطق عديدة من الشرق الأوسط كأهداف مباشرة طبَّقت عليها أمريكا استراتيجيتها الجديدة فى الضربات الاستباقية وباستخدام نظم تسليح وقيادة وسيطرة غير مسبوقة على مستوى العالم. استهدف النظام العالمى الجديد منطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة ودارت على أرضه وحوله العديد من الحروب والأزمات ومحاولات الاستقطاب، والتى لم تدرها أمريكا بمفردها ولكن بمشاركة كاملة، أو محدودة، من حلف شمال الأطلنطى، الذى يعد الذراع الطولى للنظام العالمى الجديد، والذى حرصت الولايات المتحدة على بقائه برغم ما حدث لحلف وارسو من تفكيك بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، بل إن هذا الحلف تطور من مجرد آلية عسكرية للدفاع عن أوروبا فى مواجهة الاتحاد السوفيتى القديم لأن يصبح إدارة سياسية عسكرية لمواجهة الأزمات فى العالم لصالح الغرب، وحرصت الولايات المتحدة على بقائه حتى تحبط النوايا الأوروبية الهادفة إلى تشكيل قوة عسكرية أوروبية مستقلة قد تصبح مناوئة وفى وقت ما للولايات المتحدة نفسها، وأجبرت الدول الأوروبية على استمرار ودعم الحلف باعتباره الخيار الوحيد، ومن خلال هذا الدعم حققت الولايات المتحدة أهدافها، بل واستفادت من قدرات الدول الأوروبية فى تحقيق تلك الأهداف وتحمل التكاليف نيابة عنها.


مشروع برنارد لويس

خلال عام ١٩٨٠، والحرب العراقية الإيرانية مستعرة، صدرت تصريحات من مستشار الأمن القومى الأمريكى «بريجنسكى» أكد فيها أن المعضلة التى ستعانى منها الولايات المتحدة الأمريكية منذ الآن هى كيفية تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التى حدثت بين العراق وإيران، تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو، وعقب إطلاق هذا التصريح - وبتكليف من البنتاجون- بدأ المستشرق البريطانى اليهودى «برنارد لويس» عام ١٩٨١ بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كلٌ على حدة، ومنها: العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الأفريقى.. وغيرها، وتفتيت كلٌ منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت، بوحى من مضمون تصريح «بريجنسكى» مستشار الأمن القومى.

 

وشدد «برنارد لويس» على ضرورة إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية على أن تكون المهمة المعلنة هى تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ولذلك يجب تضييق الخناق على تلك الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها قبل أن يتم غزوها بواسطة كل من أمريكا وأوروبا وتدمير حضارتها، وأشار أيضًا إلى أن الكيان الصهيونى يمثل الخطوط الأمامية الدفاعية للحضارة الغربية، وهو يقف بالمرصاد أمام الحقد الإسلامى نحو الغرب الأوروبى والأمريكى.

 

ولقد كانت الدولة الإيرانية بصورتها الحالية هى محور المشروع الغربى لتأصيل الطائفية، فضلًا عن الأحلام التوسعية القديمة، والتى وجهت سياسات الدولة الفارسية منذ نشأتها وحتى الآن، وأحقادها المتوارثة تجاه كل ما هو إسلامى سُنِّى، فمن أراضيها انطلقت كل دعاوى الفتنة والطائفية التى مازالت تستعر حتى الآن، فاضطلعت القوى الاستعمارية الغربية إلى دعم المعارضة الإيرانية خلال حكم دولة الشاه لتمكين حكم الملالى، وذلك لاستثمار الخلاف السُّنِّى الشيعى فى دفع المشروع الغربى نحو الأمام.

ويكفى لمعرفة مدى تصميم «لويس» على هدفه، انتقاده الدائم محاولات الحل السلمى للصراع العربى الصهيونى، وانتقاده الانسحاب الإسرائيلى من جنوب لبنان، واصفًا هذا الانسحاب بأنه عمل متسرِّع ولا مبرر له، فالكيان الصهيونى يمثل الخطوط الأمامية للحضارة الغربية. وعندما دعت أمريكا عام ٢٠٠٧م إلى مؤتمر «أنابوليس» للسلام، كتب لويس فى صحيفة (وول ستريت) يقول: «يجب ألا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلا باعتباره مجرد تكتيك مؤقت، غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الإيرانى، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا، كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر من قبل». وفى عام ١٩٨٣ وافق الكونجرس الأمريكى بالإجماع فى جلسة سرية على المشروع وتم تقنينه واعتماده وإدراجه فى ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية فى السنوات المقبلة، وتم وضع آلياته وخطط تنفيذه، واكتملت تلك التحركات فى أعقاب انتهاء الحرب الباردة وتفكيك الكتلة الشرقية فى مطلع التسعينيات.

 

لقد قسم هذا العالم إلى ١٩ دولة، كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة، والتى تعادى كل منها الأخرى، وعليه فإن كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقى والاجتماعى فى الداخل، إلى حد الحرب الداخلية كما هو الحال فى بعض هذه الدول.

أوضحت ذلك وثائق «كيفونيم» التى نشرت فى فبراير ١٩٨٢م فى الدورية التى تصدر باللغة العبرية فى القدس، تحت عنوان «إستراتيجية إسرائيل خلال الثمانينيات»، كتبها «يورام بيك»، احتوت هذه الوثائق على الخطة الكاملة لتفكيك وتقسيم العالم العربى إلى دويلات صغيرة ويحمل تفاصيل المشروع الصهيو-أمريكى لتفتيت العالم الإسلامى:


دول شمال أفريقيا

بتفتيت (ليبيا والجزائر والمغرب) بهدف إقامة دولة البربر على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان، ودويلة البوليساريو، والمتبقى من دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا، وتقسيم مصر إلى (٤) دول (دولة النوبة، ودولة مسيحية فى غرب البلاد، ودولة إسلامية فى الوسط، ودولة خاضعة للنفوذ الصهيونى، وتشمل شبه جزيرة سيناء حتى نهر النيل).

 

شبه الجزيرة العربية والخليج

إلغاء دول الخليج بالكامل ومحو وجودها الدستورى، بحيث تتضمن منطقة شبة الجزيرة العربية والخليج ثلاث دويلات فقط، وهى دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين وأجزاء من المملكة العربية السعودية.

 

دولة الحجاز السُّنية

وتشمل جزءًا من المملكة العربية السعودية وأجزاء من اليمن.


العراق

تفتيت العراق على أسس عرقية ودينية ومذهبية، دولة شيعية بالجنوب حول البصرة، دولة سنية فى العراق حول بغداد، دولة كردية فى الشمال والشمال الشرقى حول الموصل بكردستان تقوم على أجزاء من الأراضى العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية سابقًا.


سوريا

تم وضع خطة لتقسيمها إلى أقاليم متميزة عرقيًا ودينيًا ومذهبيًا (دولة علوية شيعية على امتداد الشاطئ، ودولة سنية فى منطقة حلب، ودولة سنية حول دمشق، ودولة الدروز فى الجولان ولبنان «الأراضى الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضى اللبنانية»)، وهذا ما يتم تنفيذه على الأرض بتحطيم الجيش السورى، وإنهاكه فى حرب طويلة برعاية الجماعات والحركات المتطرفة مثل: «داعش» و«جبهة النصرة».


لبنان

واعتمد فى تقسيمها إلى (٨) دويلات متميزة عرقيًا ومذهبيًا ودينيًا (دويلة سنية فى الشمال عاصمتها طرابلس، ودويلة مارونية فى الشمال عاصمتها جونيه، ودويلة سهل البقاع العلوية عاصمتها بعلبك خاضعة للنفوذ السورى شرق لبنان، ودويلة فى بيروت تحت الوصاية الدولية، وكانتون فلسطينى حول صيدا وحتى نهر الليطانى، وكانتون كتائبى فى الجنوب وتشمل المسيحيين والشيعة، ودويلة درزية فى الأجزاء من الأراضى اللبنانية والسورية والفلسطينية، وكانتون مسيحى تحت النفوذ الإسرائيلي).


الأردن

تصفية الدولة وإلغاء كيانها الدستورى ونقل سلطتها للفلسطينيين.


فلسطين

(هدم مقوماتها وإبادة شعبها فى طريق تكوين إسرائيل الكبرى).


إيران وباكستان وأفغانستان

يتم تقسيمها إلى (١٠) كيانات عرقية ضعيفة وهى: كردستان، وأذربيجان وتركستان، عرب ستان إيران ستان وما بقى من إيران بعد التقسيم بلونستان، بخونستان، أفغانستان ما بقى منها بعد التقسيم، باكستان ما بقى منها بعد التقسيم، كشمير).


تركيا

انتزاع أجزاء منها وضمها إلى الدولة الكردية المزمع إقامتها بأجزاء من دولة العراق الحالية.

وثائق «كيفونيم» احتوت على الخطة الكاملة لتفكيك وتقسيم العالم العربى إلى دويلات صغيرة


الرسائل السرية للسفارة الأمريكية لدى القاهرة

لا يزال ما جرى فى ٢٥ يناير ٢٠١١ هو الأكثر غموضًا وضبابية فى حياة المصريين السياسية، ولو حاولت أن تقرأ الكم الهائل المنشور من مقالات وكتب ودراسات وتقارير وبحوث لأطراف مختلفة ومتباينة ومتضاربة عما جرى، فلن تنجو من دوار هائل، فمن منصة البحث أستطيع أن أقول لكم، إن المصريين تعرضوا لأكبر عملية خداع فى تاريخهم، فيما يخص حقيقة ما حدث فى ثورة يناير.

ما زلت عند موقفى، فأنا كنت مع الثورة الحدث، شاركت فى أحداثها، وتفاعلت مع تطوراتها، ونزلت مع بناتى إلى الميادين الغاضبة، وكنت أعرف أن النظام القائم لن يصمد طويلًا أمام هبَّات الغضب، فقد اختبرت رجال هذا النظام، فلم أجد منهم رغبة فى التغيير أو الاستجابة، وكنت أعرف أنهم يومًا ما سيدفعون ثمن عنادهم، واعتقادهم أنهم قادرون على الاستمرار فى حكم شعب تأكله نيران الغضب مما يلاقيه على أيديهم.

 

خلال السنوات الماضية تفاعلت مع ثورة ٢٥ يناير على مستويين، الأول سياسى ينطلق من أرضية واضحة، وهى أنه لا قبول لخيانة الوطن، ولا سكوت على من يريدون بيعه لمن يدفع أكثر، وفى هذا السياق خضت حربًا شرسة ضد من أرادوا تحويل الطاقة الثورية الهائلة التى أبداها المصريون فى الميادين، إلى عملية تخريبية، لم أتراجع عن استخدام كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة للدفاع عن وطن هو أمانة فى أعناقنا جميعًا.

تحملت ما لم يتحمله أحد من اتهامات وتشهير ومطاردات قضائية ومحاولات اعتداء، حتى يجبرونى عن التراجع عما أرى أنه صحيح، لكنى تمسكت بموقفى، وكنت وما زلت قابضًا على الجمر، فعندما تكون القضية هى مصر، فلا تردد ولا خوف ولا مساومة، فما الذى يمكن أن نكونه، إن لم ندافع عن وطننا.

المستوى الثانى: تمثل فى الدراسة العلمية، كنت أعرف أن المعركة على الأرض فخضتها، لكنى كنت أدرك أيضًا أن الجزء الأكبر من المعركة يدور فى العقل، الذى خططت جماعات بعينها لمصادرته والسيطرة عليه، فواصلت عملى البحثى بدقة وموضوعية، لم أحدد نتائج معينة، بل دخلت الساحة متجردًا تمامًا، حاولت أن أعرف ماذا جرى على الأرض فى الـ١٨ يومًا التى استغرقتها الثورة، لكنى بحثت عما جرى خارج مصر، فلم يكن ٢٥ يناير حدثًا منفصلًا على الإطلاق عما كان يدور فى العالم بخصوص مصر.

 

عندما أعلنت السلطات المصرية رفضها لصيغة اللقاءات الأمريكية مع ممثلى ورموز جماعة الإخوان الذى أصبح دوريًا ومنتظمًا، جاءت تأكيدات واشنطن بأنها لا تستطيع تكرار أخطائها فى إيران، ولهذا يجب عليها أن تتحاور وتستمع وترسل توجيهاتها وتصوراتها للجماعة التى يمكن أن تشكل حكومة فى المستقبل، ومنذ ذلك الحين أصبحت تلك اللقاءات أكثر جدية وأدق تنظيمًا، وقابلتها متابعة مصرية أمنية دقيقة، وضربات للجماعة ولرموزها، وسلسلة من المحاكمات الكبرى لهم‏.‏

 

كما بادرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بالدفاع عن الجماعة، حيث اعتبرت مجلة ‏FOREIGAFFAIRS‏ أن جماعة الإخوان بوليصة تأمين ضد التطرف والإرهاب، وأن التحاور معها يحقق المصالح الأمريكية لتلاقى مصالح الطرفين فى مجالات متعددة، وطالبت المسئولين عن صنع القرار الأمريكى بإقامة حوار مع الجماعة من خلال ممثليها المقيمين فى الغرب،‏ والتأكيد على اعتدال الجماعة، ‏من وجهة نظرهم‏،‏ تجاه القضية الفلسطينية بدعوى أن الجماعة ترى أن الصراع مع إسرائيل ليس دينيًا بل هو نزاع على أراضٍ محتلة، وأن الإخوان على استعداد للاعتراف بدولة إسرائيل بمجرد قيام منظمة حماس بذلك‏.‏

 

كما نشرت مجلة ‏HARBERS‏ مقالا بعنوان «أحزاب الله الديمقراطية الإسلامية ومذهب بوش». أكد فيه محرر المقال أن الرفض الأمريكى المطلق للجماعات الإسلامية لا يخدم واشنطن وتوجهاتها على المدى البعيد، وأوضح أنه رغم أن أيديولوجية تلك الجماعات السياسية لا تروق للأذن الغربية فإن ذلك لا يمنع من أن المستقبل الديمقراطى فى الشرق الأوسط سوف يعتمد بصورة كبيرة على تفهم هذه الأيديولوجيات والأفكار والتعامل معها.

 

ورغم اعتراف كاتب المقال بعدم صدق التصريحات العلنية للجماعة باحتضانها للديمقراطية‏،‏ وأنها قد تعمل على فرض إعمال الشريعة على المجتمع المصرى فى حال وصولها للحكم، فإن ذلك لا ينفى أن الجماعة بدأت فى تغيير منهجها المتشدد نتيجة مشاركتها فى الحياة السياسية،‏ والغريب فى الأمر أن وسائل الإعلام الأمريكية التى تدافع عن الجماعة الأم هى نفسها التى تهاجم جناحها العسكرى فى غزة، المتمثل فى «حماس» وتصفه بالإرهاب،‏ وتضعه على القوائم الأمريكية للمنظمات الإرهابية، بل إن جميع قيادات «حماس»‏ ممنوعون من دخول الولايات المتحدة‏.‏

 

وكشفت مصادر دبلوماسية غربية بالقاهرة، فى عام ٢٠٠٥، أن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمدت مذكرة تدعو إلى فتح حوار سياسى ومباشر مع جماعة الإخوان‏،‏ مؤكدة أن هذه المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من الجماعة التى تحظى بشعبية واسعة فى مصر،‏ وأوصت بضرورة أن تكون جلسات الحوار مع قيادات الإخوان منتظمة ودائمة، وعدم الاستماع كثيرًا لتحذيرات الحكومة المصرية بعدم التعاون مع هذا التيار‏،‏ ورأت المذكرة أن علاقة واشنطن بالإخوان خلال السنوات الماضية كانت لها بعض النتائج الإيجابية، وهو ما يتسق تمامًا مع تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، كوندوليزا رايس، التى قالت فيه: إنه يجب ألا يكون الخوف من وصول التيارات الإسلامية إلى السلطة عائقًا أمام الإصلاحات العربية،‏ كما يتفق مع ما جاء بتقرير مادلين أولبرايت بعد زيارتها للقاهرة فى بدايات عام ‏٢٠٠٥‏، والذى جاء فيه: «إنه إذا كان التخوف الأمريكى قد بنى على أن إجراء الانتخابات الحرة سيؤدى حتمًا إلى وصول الأصوليين - فى إشارة للإخوان - لمقاعد السلطة بسبب هوان الأحزاب الشرعية‏، فإن التجارب السابقة تشير إلى أنهم جماعات براجماتية يمكن التعامل معها بشكل ممتاز.

 

وقد أسهمت تلك التصريحات فى منح الإخوان الجرأة السياسية لمواجهة النظام وإعلان راية العصيان، ولكن بحذر شديد كعادة الجماعة فى تلك الفترة، وقد وصل الأمر بمرشدها آنذاك الراحل مهدى عاكف أن يعلن فى ٢/٣/٢٠٠٥ أن الإخوان ليس لديهم مانع من أن يفوز الرئيس مبارك بولاية خامسة‏،‏ شريطة أن يكون ذلك بناء على اتفاق بينه وبين جماعة الإخوان.


ما قبل يناير ٢٠١١

شهدت المرحلة الأخيرة تطورًا ملحوظًا فى العلاقة بين جماعة الإخوان والولايات المتحدة الأمريكية، وسعى كل منهما إلى الانفتاح على الآخر، وقد تمثلت أبرز ملامح ذلك التطور فيما يلى:

- مراجعة جماعة الإخوان لإستراتيجية تعاملها مع الولايات المتحدة الأمريكية، عقب تصريحات المسئولين الأمريكيين الإيجابية تجاههم، وقبولها بالمساهمة فى الخطة الأمريكية الساعية إلى ممارسة بعض الضغوط على دول الشرق الأوسط لتطبيق الديمقراطية فى إطار ما أطلق عليه مسمى «مشروع الشرق الأوسط الكبير»، وذلك من خلال اتخاذ ما يلى:


- إعداد دراسة تحمل عنوان «رؤية الإخوان للسياسة الأمريكية وكيفية التعامل معها» انتهت إلى وجوب استمرارية الإعلان عن معارضة الجماعة لسياسات الإدارة الأمريكية علانية، مع السعى لفتح قنوات اتصال سرية معها.

 

- عَقَدَ التنظيم الدولى للإخوان اجتماعًا فى العاصمة التركية أسطنبول، شارك فيه ممثلو الأجنحة الإخوانية بكل من «مصر، الكويت، الأردن، فلسطين، الجزائر» تم خلاله مناقشة الانفتاح على الإدارة الأمريكية انطلاقا من العلاقة القديمة والمستمرة التى تربط الجناح الإخوانى بالكويت والإدارة الأمريكية منذ حرب تحرير الكويت.

 

- مشاركة عبدالمنعم أبوالفتوح، عضو مكتب الإرشاد، آنذاك، فى مؤتمر عُقد بدولة تركيا فى الفترة من ٣٠/٤/٢٠٠٥ إلى ٤/٥/٢٠٠٥ تحت عنوان «الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدنى» شارك فيه مسئولون أمريكيون من بينهم، ريتشارد ميرفى، المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكى لشئون الشرق الأوسط، وجورج تينيت، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الأمريكية، حيث التقى بهما أبوالفتوح على هامش جلسات المؤتمر.

 

- التقاء المرشد العام آنذاك مهدى عاكف وعضو مكتب الإرشاد آنذاك عبدالمنعم أبوالفتوح بجون شانك، إحدى الشخصيات الأمريكية البارزة فى الكونجرس الأمريكى، خلال سبتمبر ٢٠٠٤، الذى أبلغهم باستعداد السفير الأمريكى بمصر لاستقبال قيادات الجماعة، والاستماع لوجهات نظرهم، واقتراحه تشكيل وفد إخوانى لزيارة أمريكا والالتقاء بالمسئولين فى وزارة الخارجية.

 

- التقاء مجموعة من نواب الجماعة بممثلين للمعهد الدولى للحوار الدائم، وهى منظمة أمريكية غير حكومية، كان يترأسهم ريتشارد ميرفى،، خلال شهر نوفمبر ٢٠٠٦ بمقر نواب الجماعة فى شارع الإخشيد منطقة المنيل، وذلك لمناقشة دفع التنسيق بين الإدارة الأمريكية والجماعة، فى تلك الفترة.

 

- دعوة النائب سعد الكتاتنى لحضور مؤتمر عُقد بجامعة جورج تاون بواشنطن، ودعوته لحضور حفل العشاء بمنزل السفير الأمريكى بالقاهرة عام ٢٠٠٦، بمناسبة زيارة وفد الكونجرس الأمريكى.

سعى الإدارة الأمريكية خلال الفترة السابقة على يناير ٢٠١١ لإجراء العديد من الاتصالات بمختلف أجنحة التنظيم جاء أبرزها:

 

- ما نشرته جريدة الشرق الأوسط اللندنية فى بداية شهر أبريل ٢٠٠٥، بعنوان «الخارجية الأمريكية تدعو البيت الأبيض لحوار مباشر مع الإخوان فى مصر»، وتضمن إعداد وزارة الخارجية الأمريكية مذكرة باقتراح فتح حوار سياسى مباشر ودائم مع الجماعة.

 

- عقد بعض مندوبى أجهزة المخابرات بالسفارة الأمريكية عدة لقاءات مع الرموز الإخوانية، محمد مهدى عاكف، وعبدالمنعم أبوالفتوح.. وإعلان المرشد فى تلك اللقاءات موافقة قيادة الجماعة على إعادة فتح قنوات اتصال مع الإدارة الأمريكية من خلال يوسف ندا، مسئول العلاقات الخارجية بالتنظيم الدولى.

- التقاء زعيم الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب الأمريكى ستانى هوير بالنائب الإخوانى محمد سعد الكتاتنى بمنزل السفير الأمريكى بالقاهرة بتاريخ ٤/٤/٢٠٠٧، خلال حفل الاستقبال الذى أقامه السفير الأمريكى بالبلاد بمناسبة زيارة وفد الكونجرس للبلاد.

 

- تنظيم جمعية الصداقة المصرية الأمريكية بالتعاون مع مركز الدراسات الإسلامية والديمقراطية ندوة بعنوان «الإخوان المسلمون: ماضيها وحاضرها ومستقبلها» بمشاركة كل من الأمريكى بروس راثر فورد «أستاذ مساعد بإحدى الجامعات الأمريكية»، والصحفى الأمريكى روبرت دريفوس، وهو صحفى متخصص لديه مؤلفات عديدة حول جماعة الإخوان المسلمين، وسمير جره، عضو زائر فى مؤسسة بروكنجز.

 

- استفسار ممثلين عن السفارة الأمريكية من الدكتور محمد سليم العوا، محام وأمين عام الاتحاد لعلماء المسلمين، مؤخرا، عن مدى خطورة جماعة الإخوان على النظام المصرى، واحتمالات تأييد عناصر الجماعة الإسلامية المفرج عنهم لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة خلال الانتخابات التشريعية ٢٠١٠، وتصوره بشأن كيفية تعامل الإدارة الأمريكية مع جماعة الإخوان فى الفترة القادمة.

 

- تردد العديد من ممثلى مركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط، أحد المراكز التى تعمل فى مجال دراسة الحركات السياسية بمنطقة الشرق الأوسط، للوقوف على إستراتيجية الجماعة خلال المرحلة القادمة.

 

- سعت الإدارة الأمريكية من خلال مندوبى المخابرات الأمريكية بسفاراتها بالدول الأوروبية إلى تجنيد عدد من المصريين الموجودين على أراضى تلك الدول ممن ينتمون لجماعة الإخوان، للوقوف على توجهات الجماعة وموقفها من الإدارة الأمريكية، بهدف تأمين مصالحها بمنطقة الشرق الأوسط، ومثال على ذلك ما جاء فى أحد التقارير الأمنية من سعى الإدارة الأمريكية إلى تجنيد محمد عبدالغنى حسن القشيرى أحد الكوادر الإخوانية الموجودة فى دولة بلغاريا.

 

- عقد عدة لقاءات بين ممثلين عن حركة حماس الفلسطينية وبعض أعضاء مجلس السياسات الخارجية الأمريكية التابع لجهاز المخابرات الأمريكية، إضافة إلى عقد لقاء آخر تم فى لبنان ضم عددًا من قيادات حزب الله بلبنان.

 

- عقد لقاء بين قيادات حزب التجمع اليمنى للإصلاح، إخوان اليمن، والأمريكية دوين مدريد، مديرة المعهد الوطنى الديمقراطى الأمريكى باليمن، قبيل انتخابات الرئاسة قبل الأخيرة فى اليمن، للإيعاز إلى قيادات الحزب بترشيح أحد أعضائه لانتخابات الرئاسة، إلا أن الحزب تراجع عن الترشيح عقب إعلان الرئيس اليمنى على عبدالله صالح إعادة ترشيح نفسه وقام الحزب بدعمه.


البرقية الملعونة

- فى عام ٢٠٠٦ أى قبل بدايات ما سمى بـ(الربيع العربي) بخمس سنوات: أرسل السفير الأمريكى فى القاهرة فرانسيس ريتشارد دونى برقية إلى وزارة الخارجية فى واشنطن بتاريخ ١٦ مارس ٢٠٠٦ تحت عنوان (سري)، وقد أرسلت البرقية فى وقت كان فيه قادة أمريكا يصفون مصر (بالدولة الصديقة والحليف الإستراتيجي!).

 

تقول البرقية: «إن النظام المصرى يتأهب للموت، وينبغى التعجيل بوفاته أو إنهاكه عبر إصابته بألف جرح، وهو ما سمى بسياسة (الألف جرح فى مصر)».. وتضيف البرقية: «على الأرجح لن يكون من الممكن إحراز تقدم ديمقراطى كبير طالما بقى الرئيس مبارك فى منصبه، ومع هذا فإن حكمه القاسى يوفر مساحة ويعطى وقتا لإعداد المجتمع المدنى وبعض مؤسسات الحكومة المصرية كمرحلة تسبق رحيله، وليس لدينا حل ناجع لكل شيء، ولكن يمكننا الضغط من أجل التغيرات التى ستؤدى حتما إلى الموت عن طريق ألف جرح صغير لنظام مصر السلطوى الاستبدادى، باعتماد سياسة (الخدعة الجماهيرية) من خلال أصدقاء أمريكا وحلفائها فى مصر الذين ينبغى تكليفهم بترويج منظومة أفكار أمريكية بشرط أن يتم قبول هذه الأفكار وكأنها (أفكار مصرية) خالصة، ويتوجب أن يتم ذلك عن طريق اللقاءات والحديث مع الجماهير».. ثم تقترح البرقية إجراءات فى (العمق المصري) فتقول: «يتوجب العمل على تعديل قانون القضاء، وقانون الصحافة، والقانون العقابى والمجالس المحلية وقوة الشرطة، وتقديم الدعم الفنى للأحزاب السياسية عن طريق المعهد الديمقراطى الدولى، والمعهد الجمهورى الدولى».

 

وهناك قرائن عديدة على أن مصطلح الفوضى الخلاقة، قد تم إخراجه فى عناوين جذابة وبراقة ومريحة، ومبشرة، مثل عنوان (الربيع العربي).. ومن هذه القرائن:

 

- تآكل المؤسسات المدنية التى هى بمثابة الجهاز العصبى للدولة، أو قل الانقسام والشقاق الذى تفشى فيها، فالمؤسسة القضائية اليوم مشتتة الإرادة، مبلبلة الموقف.. وكذلك مؤسسة الشرطة.. ومؤسسة الإعلام.. ثم المؤسسة الاقتصادية الأم التى انعكس الأداء السياسى المضطرب عليها سلبًا وعقمًا.. يضاف إلى ذلك كله تعطل الإنتاج العام، وترهل الخدمات المدنية فى بلد يحتاج إلى كل ساعة إنتاج من وقته.

تأكيد السفير الأمريكى بالقاهرة ريتشارد دونى، خلال تصريحه لصحيفة «واشنطن تايمز» فى أواخر عام ٢٠٠٦ على النقاط التالية:

 

- وجود اتصالات ولقاءات منتظمة بين ممثلى السفارة الأمريكية بالبلاد وجماعة الإخوان المسلمين منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات خلال فترة السبعينيات، مؤكدا استمرار تردده على مقر الجماعة بالمنيل منذ أن كان موظفًا صغيرًا بالسفارة فى بداية الثمانينيات وحتى أحداث ١١ سبتمبر.

- إجراء تلك اللقاءات بعلم وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، رغم إعلانها خلال عام ٢٠٠٥ عن عدم وجود اتصالات بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين خشية تأثر العلاقات مع مصر.

 

- إن الإدارة الأمريكية تتعامل مع جماعة الإخوان كونها حزبًا سياسيًا مستقلًا بغض النظر عن انتماءاتها الدينية، وأن بعض اللقاءات تتم فى حضور أعضاء من الحزب الوطنى، مؤكدا أنه على الرغم من اعتبار الإخوان جماعة محظورة داخل مصر لكن الإدارة الأمريكية لم تدرجها ضمن المنظمات الإرهابية مثل حماس وحزب الله.

 

- تأييد عصام العريان، مسئول القسم السياسى المركزى بالجماعة، لما تضمنته تصريحات السفير الأمريكى بالقاهرة حول وجود اتصالات بين أعضاء السفارة وجماعة الإخوان.

كل تلك المؤشرات دفعت آيان جونسون (٣) لكتابة تحليل يتتبع فيه تاريخ العلاقة بين الإخوان والمخابرات المركزية الأمريكية تساءل فيه:

 

كيف ستتعامل الإخوان مع إسرائيل؟ وهل ستتخلى عن العنف حقا؟ ويقر الكاتب بأن الإدارات الأمريكية بما فيها إدارة الرئيس أوباما ترى أن جماعة الإخوان من الجماعات التى يمكن للغرب التعامل معها «حتى لو أنكر تلك الاتصالات البيت الأبيض رسميًا» ويرجع الكاتب التحالف بين الإخوان والمخابرات الأمريكية إلى سنوات الخمسينيات، ووصفه بالتحالف السرى، حيث تم الاتفاق على قضايا متنوعة مثل القتال ضد الشيوعية، وتهدئة بعض التوترات بين الأوروبيين والمسلمين، وفى كل مرة نرى نفس النموذج.. القادة الأمريكان يقررون أن الإخوان يمكن أن يكونوا مفيدين وراعين للأهداف الأمريكية ولكن فى كل مرة أيضًا، وبشكل واضح لا يستفيد من تلك العلاقة غير الإخوان.

 

وطالب الكاتب الحكومة الأمريكية أن تكون واعية بهذه العلاقة وخطورتها، وذكر الكاتب بتفاصيل اجتماع حضره سعيد رمضان مندوب الإخوان، وهو صهر حسن البنا، والذى كان يوصف بوزير خارجية جماعة الإخوان، ووالد الباحث السويسرى المثير للجدل طارق رمضان. يقول الكاتب فى معرض كلامه عن سعيد رمضان والـ CIA إن الأخيرة دعمته بشكل علنى، وكانت تطلق عليه بكل بساطة عميل الولايات المتحدة وساعدته فى الخمسينيات والستينيات فى استيلائه على مسجد بميونخ، والذى يعد من أهم مراكز الإخوان فى أوروبا، وفى النهاية لم تحصد أمريكا من دعمه شيئا، فلقد عمل على نشر الإسلام أكثر من محاربة الشيوعية، وفى السنوات اللاحقة دعم الثورة الإيرانية، ويرجح الكاتب أنه قد يكون متورطا فى قتل أحد الدبلوماسيين المساندين للشاه الإيرانى فى واشنطن. يقول جونسون إن العلاقات بين الإخوان والمخابرات الأمريكية شهدت جزرا ومدا بعد ذلك، ففى حرب فيتنام كان تركيز أمريكا فى مكان آخر، ولكن العلاقات مع المسلمين عادت تحتل البؤرة فى حرب السوفييت فى أفغانستان، حيث دعمت المجاهدين وتوددت للإخوان. ونذكر القراء بأن إيان جونسون الكاتب الصحفى الشهير فى «الوول ستريت جورنال» والحائز على جائزة بوليتزر عام ٢٠٠٩، وهو نفسه الذى ألَّف كتابا شهيرا اسمه «مسجد فى ميونخ» يتحدث فيه عن ذلك المسجد باعتباره رمزًا لجماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا، وذكر أن حكومات أمريكا وألمانيا الغربية تنافست للسيطرة عليه ليكون قاعدة لمحاربة نظام حكم جمال عبدالناصر، وهناك كتاب آخر كشف تفاصيل كثيرة عن استغلال المخابرات الأمريكية الإخوان المسلمين فى حربهم ضد عبدالناصر كتاب «إم أى سيكس: مغامرة داخل العالم السرى لجهاز المخابرات البريطانية» وهذا الكتاب كشف أيضًا دور المخابرات البريطانية فى مساعدة سعيد رمضان لترتيب انقلاب ضد عبدالناصر سنة ١٩٦٥ والعملية التى انتهت بالقبض على أغلب عناصرها فيما عرف تنظيم الإخوان عام ١٩٦٥، والذى كان يرأسه فى مصر سيد قطب.