السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

2018.. عام التوهج الاقتصادي.. مختصون يتوقعون انحسار التضخم.. "المركزي" يقود دفة الإصلاحات.. وإشادات المؤسسات الدولية ترفع معدلات النمو

طارق عامر محافظ البنك
طارق عامر محافظ البنك المركزي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

توقع اقتصاديون أن تبدأ مصر في جني ثمار الإصلاح الاقتصادي بالعام الحالي، لا سيما بعد انحسار التضخم، والبدء في عدد من المشروعات القومية التي من شأنها زيادة معدلات النمو، فضلًا عن جذب الاستثمارات الأجنبية التي تدر العملة الصعبة للبلاد، مشيرين إلى أن إشادة صندوق النقد الدولي بالإجراءات الاقتصادية التي اتخذها البنك المركزي، من شأنها زيادة التصنيف الائتماني لمصر، فضلًا عن منح الثقة للمستثمرين الأجانب في دخول مشروعات بمجالات عدة، تزامنًا مع حالة الاستقرار السياسي التي تعيشه مصر في الفترة الأخيرة.


وأكدت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس القابضة، فى تصريحاتها لـ«البوابة نيوز»، أنه من المتوقع أن تبدأ مصر فى جنى ثمار الإصلاح الاقتصادى فى 2018، فى كل الجوانب السياسات المالية والنقدية، حيث يبدأ التضخم والانحسار على مدار عام 2018، ومع الهبوط المتوقع فى أسعار الفائدة، سيبدأ المناخ الاستثمارى فى مصر فى التحسن بشكل كبير ما سينعكس على أرقام الاستثمارات من القطاع الخاص ودخول الاستثمار المباشر.

وأشارت «السويفي» إلى أنه من المتوقع هبوط عجز الموازنة، كنسبة من الناتج المحلى نظرا لهيكلة منظومة الدعم، ومع الإصلاحات الهيكلية فى القطاع العام ومع الانخفاض التدريجى المتوقع فى نسبه الدين من إجمالى الناتج المحلى


وأكد هانى فرحات، خبير اقتصادى بشركة «سى آى كبيتال»، أن هناك دلائل استبقت التحسن وظهرت بوادرها فى عام 2017 على رأسها تحسن السيولة فى العملات الأجنبية، وتوفير حوالى 80 مليار دولار من القطاع المصرفى، واختفاء السوق السوداء لسعر الصرف ما ساهم فى ارتفاع معدلات الاستثمار بشكل مبدئى واقتراب النمو الاقتصادى هذا العام لمعدلات 5%.

وأضاف «فرحات» أن البنك المركزى برئاسة طارق عامر، اتخذ خطوات جدية ومنظمة لمعلاجة أزمة سعر الصرف فى مصر وتحقيق التوازن النقدى، ما سيساهم فى تحسن النظرة المستقبلية، من قبل المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية، واتفق فرحات على الاتجاه لنزول لمعدلات التضخم والتى توقع أن تستمر فى انخفاضها لأقل من مستوى 20% خلال الربع الحالى من 2018. 
ومن جانبه، أكد نعمان خالد جمعة، الخبير الاقتصادى ببنك الاستثمار «سى آى كبيتال»، أن جنى ثمار الإصلاح الذى حدث على الجانب المالى يتمثل فى الاحتياطى النقدى والأصول الأجنبية لدى البنك المركزى وقطاع البنوك ككل، وهؤلاء أكثر المؤشرات تحسنا. وأشار «نعمان» إلى أن جنى الثمار على الجانب الاقتصادى الحقيقى سيحدث حينما تزيد بالفعل أجور المواطنين سواء على جانب القطاع الخاص أو القطاع العام، وحينما تكون أرباح الشركات نتاج عن زيادة المبيعات وليس ارتفاع أسعار السلع، لافتا إلى أن أغلبية المصانع الحالية ما زالت تستورد المواد الخام من الخارج ما يؤدى إلى زيادة التكلفة التى تنتج عن انخفاض سعر الجنيه ولذلك يجب أن تكتمل المنظومة الصناعية حتى يكون متوفرا مواد إنتاج محلية الصنع. 
ومن جانبها، أكدت بسنت فهمى، الخبيرة الاقتصادية، أن هناك العديد من الإشادات من كافة المؤسسات المالية الدولية، خاصة ما أعلنته مؤسسة فيتش من النظرة الإيجابية المستقبلية للاقتصاد المصرى، وكذلك مؤسسة موديز التى توقعت ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصرى من 4.2% عام 2017 الماضى ليصل إلى 5% بحلول عام 2019 ثم إلى 5.5% بحلول عام 2021، وحققت تجربة الإصلاح الاقتصادى المصرى طفرة ملحوظة فى أداء الاقتصاد المصرى والذى ينعكس بالضرورة على مناخ الاستثمار والفرص الاستثمارية. وأشارت «فهمي» إلى أن نتائج الموازنة خلال النصف الأول من العام المالى 2017- 2018 تؤكد تحسن المؤشرات المالية بشكل عام فى ضوء استمرار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الشامل من قبل الحكومة. وأضافت أن تحسن الأداء المالى وزيادة الإيرادات العامة، خاصة الإيرادات الضريبية، صاحبه تحسن فى هيكل الإنفاق العام فى ضوء استهداف زيادة مخصصات الحماية الاجتماعية الموجهة للفئات الأولى بالرعاية، وكذلك مخصصات الاستثمار الحكومية؛ حيث شهدت الاستثمارات الحكومية استمرار النمو المرتفع خلال النصف الأول من العام لتحقق 24% وتصل إلى 33.9 مليار جنيه، منها نحو 28 مليار جنيه ممولة بعجز بمعدل نمو بلغ 19%، ما يعكس أكبر قدر ممكن من الاهتمام بتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين وزيادة الإنفاق على الخدمات الأساسية وتطوير البنية التحتية فى جميع المحافظات. وأكدت «فهمي» أن هذا التحسن فى الأداء المالى تمثل فى انخفاض العجز الأولى ليحقق 14 مليار جنيه، وهو ما يمثل 0.3% من الناتج المحلى مقابل 39 مليار جنيه و1.1% من الناتج المحلى خلال نفس الفترة من العام السابق، وتعتبر نسبة العجز الأولى للناتج المحققة هى أقل وأفضل مستوى للعجز يتحقق منذ أكثر من 10 سنوات، بسبب جهود تحقيق الضبط المالى للموازنة العامة، واستمرار تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية وبدء تعافى النشاط الاقتصادى وثقة المستثمرين. 
على جانب آخر، أكد أحمد كوجك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، فى تصريحه لـ«البوابة»، أن إشادة صندوق النقد لمصر تعتبر شهادة دولية عظيمة تعزز من ثقة الاقتصاد المصرى فى الأسواق العالمية، خاصة أننا بقدر ما نستطيع نبحث عن الفرص الجيدة للاستثمار. وأكد «كوجك» أننا نجتمع كل شهر مع المستثمرين لمدة يوم أو يومين سواء داخل مصر أو خارجها، للترويج الاستثمارى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصري، وهناك نقاط تجمعنا نعمل عليها وهذا يخلق قدرا من التفاهم والمرونة فى التعامل، ولا يوجد أفضل من شرح الأمور والتوافق، والتواصل مع المستثمرين وشرح الأمور حتى فى الأوقات الصعبة ليس فقط وقت الإصلاحات التواصل دائمًا مهم جدًا، والتواصل مع المستثمرين يخلق ثقة كبيرة، وأن وزارة المالية تسعى فى عام ٢٠١٨ لاحتواء الدين العام، بعد أن كان يمثل خطورة على موازنة الدولة، خاصة بعد أن تعدى نسبة ١٠٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى، ففوائد الدين تزيد على ٣٨١ مليار جنيه فى الموازنة ٢٠١٧/٢٠١٨. وأشار «كوجك» إلى أن مراجعات صندوق النقد، عمل مشترك مع البنك المركزي، ونتواصل بشأنها، مؤكدا أن الحكومة عملت خلال عام مضى من برنامج الإصلاح الاقتصادي، كل التطورات التى اتخذتها الحكومة فى برامج دعم الصادرات، وتوفير التمويل لاستثمارات كافية لمشروعات البنية التحتية، ما يسهم فى تشجيع الاستثمار، سواء ما يتعلق بمشروعات طرق أو موانئ أو توفير مواد بترولية وترفيق المناطق الصناعية، والهدف الرئيسى خلق فرص عمل منتجة، وتوفير المنتجات المحلية، وإنتاج منتجات بجودة عالية لتصديرها للخارج لجلب عملة أجنبية، إلى جانب آخر تطورات عجز الموازنة واستهداف تخفيض العجز ليصل ٩.٥٪ خلال العام المالى الحالى وبرامج الحماية، مثل معاشات ضمان، وتكافل وكرامة. وأكد «كوجك» أن هذا الملف كان الشغل الشاغل للحكومة عند وضع الموازنة العامة للدولة، وتعمل الوزارة على خطة للسيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة، وخفض الدين العام؛ لأن فوائد وخدمة الدين العام تلتهم ثلث الموازنة، وكيفية السيطرة على المصروفات، والعمل على زيادة الإيرادات العامة للدولة. وأشار إلى أن الحكومة مستمرة فى دعم محدودى الدخل، وعمل الحكومة على الضخ فى مشروعات الإسكان الاجتماعي، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والكهرباء، والطرق، إضافة إلى ملفى الصحة والتعليم، اللذين يمثلان ملفات مهمة. 

من جانبه، وصف رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر، سوبير لآل، بدء إنتاج حقل ظُهر للغاز أنه تطور مهم، متوقعا أن تكون مصر أحد اللاعبين المهمين فى أسواق الطاقة بصفة عامة والغاز بصفة خاصة فى المستقبل القريب.

وأضاف أنه فى حال بدء مصر فى تصدير الغاز وربما الكهرباء فى المستقبل سيعزز ذلك من وضع النقد الأجنبى.

وقال إن نتائج برنامج الإصلاح الذى تبنته مصر منذ عام 2016 بدأ يحقق نتائج واضحة وفقا لعدد من المؤشرات، مشيرا إلى تزايد الثقة فى الاقتصاد المصرى الأمر الذى انعكس على تدفقات مالية كبيرة على مصر ما أدى إلى تضاعف احتياطى النقد الأجنبى فى العام المالى الحالى وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحلية أيضا.

وقال مسئول الصندوق إن معدل النمو ارتفع من 4.2% فى العام المالى 2016 - 2017 وهو أكبر من توقعات الصندوق السابقة إلى 4.8% خلال العام المالى الحالى، وإلى 5.5% فى العام المالى 2018 - 2019 بشرط تواصل زخم الإصلاحات الاقتصادية.

وأكد مسئول الصندوق أن برامج الحماية الاجتماعية لمحدودى الدخل تم تصميمها وتنفيذها بعناية لحماية هذه الطبقات الأكثر عرضة للتأثيرات الجانبية المُحتملة لبرنامج الإصلاح، مشيرا إلى مضاعفة قيمة الدعم النقدى الشهرى للسلع الغذائية بموجب بطاقات التموين من 21 جنيها إلى 50 جنيها بالإضافة إلى توسيع نطاق برنامج تكافل وكرامة لدعم الطبقات الأكثر احتياجا وزيادة المعاشات ما ساهم فى توفير الحماية اللازمة لهذه الطبقات.

 غير أن «لآل» عاد ليقول إنه لا يزال هناك حاجة لبذل مزيد من الجهود لضمان وصول مكاسب هذه الإجراءات للمستحقين وذلك فور إعداد قواعد البيانات اللازمة. وفيما يتعلق بالدعم، قال «لآل» إن الدعم قضية أساسية، وأنه طبقا للبرنامج يتم التخفيض التدريجى لدعم الوقود، مشيرا إلى أن دعم الوقود كان قد بلغ 5.9% من إجمالى الناتج المحلى عام 2013 - 2014 فى الوقت الذى انخفض فيه إلى 3.3% من أجمالى الناتج المحلى فى العام الماضى ومن المتوقع أن ينخفض إلى 2.4% من إجمالى الناتج المحلى هذا العام، مضيفا أنه بالنسبة للمدى الزمنى برفع الدعم عن الطاقة، فهو أمر متروك للحكومة المصرية تحدده طبقا لما تراه.

 وأشاد «لآل» بالسياسات النقدية التى تبناها البنك المركزى، مؤكدا أنها ساهمت فى احتواء ارتفاع معدل التضخم، وتابع أن انخفاض معدل التضخم خلال الشهرين الأخيرين قد يساهم بدوره فى تخفيف السياسات النقدية فى المستقبل القريب، غير أنه أشار إلى أن قرار وتوقيت خفض أسعار الفائدة هو متروك للبنك المركزى المصرى ووفقا لمؤشرات التضخم خلال شهر يناير والأشهر القادمة. توقع صندوق النقد الدولى تراجع نسبة الدين العام المحلى إلى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر إلى 87% بنهاية برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه الحكومة أى بحلول السنة المالية 2019-2020.

وكان الصندوق، توقع فى المراجعة الثانية ومشاورات المادة الرابعة التى أجراها مع مسئولى الحكومة بالقاهرة فى ديسمبر الماضى، مزيدا من التراجع لنسبة الدين العام المحلى إلى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر إلى 68% بحلول السنة المالية 2022-2023. وكان البنك المركزى المصرى قد أعلن ارتفاع الدين العام المحلى ليبلغ 1ر91% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية يونيو الماضى. أما فيما يتعلق بالدين العام الحكومى، فقد توقع الصندوق تراجع نسبته من الناتج المحلى الإجمالى إلى 99% بحلول السنة المالية 2022-2023 من نسبة 103% التى سجلها بنهاية السنة المالية المنقضية (2016-2017).

 وأوصى الصندوق -فى تقريره- بأن ضبطا مستداما للأوضاع المالية جنبا إلى جنب مع إصلاحات هيكلية تعزز النمو مطلوبان من أجل وضع دين مصر العام على مسار نزولى ثابت.

أما الدين الخارجى، فقد توقع التقرير وصوله إلى ما يقرب من 34.5 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى خلال السنة المالية الجارية، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن مستوى الدين الخارجى المصرى لا يزال شبه منخفض وفقا للمعايير الدولية. وتوقع الصندوق انخفاض نسبة الدين الخارجى إلى الناتج المحلى الإجمالى إلى حوالى 25.75% على المدى المتوسط بدعم من تحسن متوقع فى ظل سياسات برنامج الإصلاح الاقتصادى. وفيما يتعلق بعجز الحساب الجارى بخلاف الفوائد، فقد توقع التقرير انخفاضه إلى 2.5% من الناتج المحلى الإجمالى على المدى المتوسط، وأنه سيكون دون نسبة الـ5.5% من الناتج المحلى الإجمالى المطلوبة لجعل الدين الخارجى مستقرا عند 25.75% من الناتج المحلى الإجمالى. وكان المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولي، الدكتور حازم الببلاوي، أكد أن الهدف الأسمى للحكومة المصرية فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى هو وضع الدين الحكومى على اتجاه هبوطى وتخفيضه إلى 87٪ من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2018/19.

وأوضح المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى -فى تقريره الصادر عن المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولي، بمناسبة اختتام مشاورات المادة الرابعة مع مصر، أن العجز الأولى للسنة المالية المنتهية فى يونيو 2017 جاء متماشيا مع التوقعات، ولا تزال السلطات تهدف إلى تحقيق ضبط مالى يصل إلى 5٪ من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2018/19، ويصل إلى فائض مالى أساسى بنسبة 2٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى 2018/19 لوضع الدين على مسار هبوطي. وأكد التقرير، «تهدف السلطات فى السنة المالية الحالية، التى تنتهى فى يونيو 2018، إلى تحقيق عجز أولى بنسبة 0.2 ٪ من الناتج المحلى الإجمالي، وهو ما يمثل تسوية مالية بنسبة 2٪ من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بالعام السابق و3.8٪ من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بالعام السابق له 2015/2016».

وأضاف أن النظام المالى فى مصر مربح ويتوفر به رأس مال جيد، أعلى بكثير من متطلبات مبادئ بازل 3 الأساسية للرقابة المصرفية، ويسعى البنك المركزى بنشاط إلى تحديث أطر الرقابة باستمرار، وأن البنك المركزى المصري، بمساعدة من المستشارين الخارجيين، قام بإعداد تعديلات على القانون المصرفى ركزت فى المقام الأول، على التوصيات الواردة فى تقييم الضمانات ومعظم التوصيات الواردة من هيئة السوق المالية والهيئة القانونية.

ونوه إلى أن انخفاض التضخم هو أمر ضرورى للحفاظ على ثقة الأعمال والاستثمار والنمو، وأوضح أن البنك المركزى يهدف إلى تحديث القوانين باستمرار بما يتماشى مع الاحتياجات المحلية وأفضل الممارسات العالمية، وتعزيز الحكم والاستقلالية للبنك المركزي، فضلا عن تسريع الزخم نحو مزيد من الإدماج المالي.