الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

قانون التصالح: 8 أشهر لاستعادة الأراضي المسروقة.. 250 مليار جنيه تدخل خزينة الدولة.. وتهديد للأمن الغذائي المصري

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
 يبدو أن قانون التصالح مع مخالفات البناء فى طريقه للإقرار رسميًا من مجلس النواب، خلال الأيام القليلة المقبلة، خاصة في ظل الترحيب الشديد من أعضاء لجنة الإسكان والزراعة بالقانون، لما يُدره على خزينة الدولة من أموال يُقدرها بعضهم بأنها تزيد على 250 مليار جنيه، وعلى جانب آخر؛ يعتبر البعض أن قانون التصالح يُعد انتهاكًا واضحًا وتهديدًا صريحًا للبنية الأساسية وللأمن الغذائي المصري، نتيجة التصالح مع مُخالفات البناء بدون ترخيص أو البناء على الأراضي الزراعية، والتي يُقدرها خبراء أيضًا بحوالي مليون فدان.
«البوابة» تفتح ملف التصالح فى مخالفات البناء، بعدما وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون سيتم تطبيقه خلال الفترة المقبلة لمدة محددة 8 أشهر بحسب ما هو متداول، والذى يترتب عليه وقف نظر الدعاوى المنظورة أمام القضاء، ويلغي تنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة بشأن الأعمال المخالفة، على أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المبانى التى لم تقدم بشأنها طلبات التصالح.

«إسكان النواب»: 119 ألف مُخالفة بناء سنويًا فى المحافظات.. و350 ألفا في الإسكندرية
البداية كانت من خالد عبدالعزيز، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، الذى أكد أن المباني المُخالفة في مصر تُمثل نسبة ٣٩٪ من الكتلة العمرانية، وأنها تحوى بداخلها ما يُقارب ٤٠ مليون مواطن معظمهم من محدودى الدخل.
وأضاف: «وجدنا أنه مُنذ عام ٢٠١١ يتم تسجيل ما يزيد على ١١٩ ألف مُخالفة بناء سنويًا فى المحافظات، ووصلت تلك المُخالفات فى بعض المحافظات، كالإسكندرية، إلى ٣٥٠ ألف مخالفة سنويًا، فكان لا بد من وجود قانون يُقنن تلك المُخالفات ويمنع انتشار المزيد منها».
وبحسب «عبدالعزيز» فإن قانون التصالح فى مُخالفات البناء سيتم إقراره بالتوازى مع قانون البناء الموحد حتى لا يجد سُكان المبانى المُخالفة أنفسهم فى الشارع بين ليلة وضحاها، على أن يكون هذا القانون مؤقتا، لفترة لا تزيد على ٨ أو ١٠ أشهر على الأكثر.
وأوضح: «القانون يضع اشتراطات للتصالح مع المبانى المُخالفة، بما يُحافظ على أرواح المواطنين والشكل الحضارى، على رأسها؛ السلامة الإنشائية للمبانى وعدم التعدى على خطوط التنظيم أو التعدى على الأراضى التى يحكمها قانون الآثار أو الأراضى التى تتملكها الدولة، وأيضًا لن يتم التصالح مع المباني التي خالفت قانون الارتفاعات وقانون الطيران المدني».
وأكد وكيل لجنة الإسكان لـ «البوابة»، أن قانون التصالح مع المباني المُخالفة سيشمل المباني المُقامة على أراض زراعية، بعدما يتم إدخال بعض القُرى داخل أحوزة عمرانية».
ويُتابع «عبدالعزيز»: «الدستور فى مادته ٢٩ يمنع التصالح مع المبانى المُنشأة على الأراضى الزراعية، لكن عن طريق إعادة توسيع الأحوزة العمرانية أو ما يُسمى إعادة التخطيط العمرانى للأحوزة العمرانية للوحدات المحلية فى مصر نستطيع أن نتصالح مع المبانى المُقامة بالمخالفة على أراض زراعية دون أن يتعارض قانون التصالح مع الدستور، مع العلم أن هناك حوالى ٤ آلاف قرية مصرية كَونت قُرى بالمخالفة تُقدر بنفس العدد».
وأشار «عبدالعزيز» إلى أن قانون التصالح مع مُخالفات المبانى أُرسل من لجنة الإسكان إلى مجلس الوزراء، والذى بدوره أرسله إلى عدد من الوزارات الحكومية المعنية، للبت فيه، وأن مجلس الدولة يقوم حاليًا بصياغته ليعود مرة أخرى إلى البرلمان لإجراء بعض التعديلات الطفيفة المُقترحة من بعض النواب والإسراع فى إقراره، خاصة بعدما أكد تقرير لوزارة التنمية المحلية، عن مخالفات البناء فى الفترة من يناير ٢٠٠٠ وحتى سبتمبر ٢٠١٧، أن حجم مخالفات البناء فى محافظات الجمهورية تزيد على ٢ مليون مبنى مخالف.
وعن أسباب قصر تطبيق قانون التصالح فى مُخالفات البناء على عدة أشهر بعد إقراره رسميًا، أوضح حسن خيرالله، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن الهدف من أن تكون المُدة المُقررة لسريان قانون التصالح مُحددة ولا تزيد على ٨ أو ١٠ أشهر، هو ألا تصبح «الأمور فوضوية».
ويُكمل: «التصالح سيكون مع الأبنية المُخالفة التى تمت حتى إقرار القانون فقط، على أن يتم فتح باب التصالح لمدة ٦ أشهر مثلًا، من خلال تقديم طلب التصالح خلال مدة مُعينة من تاريخ العمل بالقانون، بعد سداد رسوم فحص تدفع نقدًا، ويترتب على تقديم طلب التصالح وقف نظر الدعاوى وتنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة بشأن الأعمال المخالفة، وتشكيل لجنة «مُعاينة» للفحص والبت فى أمر التصالح، على أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المبانى التى لم تقدم بشأنها طلبات التصالح، وبعد تلك المُدة لن تكون هناك أى فرصة للمُخالفين للتصالح مرة أخرى».
ونوه «خيرالله» أن لجنة الإسكان بمجلس النواب قطعت شوطًا كبيرًا، بمشاركة وزارة الإسكان، لخروج قانون التصالح مع المبانى المُخالفة إلى النور، غير أن هناك بعض النقاط الخلافية مع الوزارة التى من المُحتمل التغلب عليها خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويُضيف: «طالما كان العقار سليما إنشائيًا، ولا يضر بالسكان، وفى نفس الوقت لا يتعدى خطوط التنظيم أو قيود الارتفاعات المُقررة من القوات المُسلحة أو هيئة الطيران المدنى، فمن الضرورى التصالح فيه، حفاظًا على الصالح العام». وأكد «خيرالله» أن المبانى المُقامة على أراض زراعية تدخل ضمن المبانى التى يجوز التصالح فيها، موضحًا: «لا يمكن أن تُعيد هذه الأراضى إلى أراض زراعية، لكن فى حالة إن كانت المُخالفة عبارة مثلًا عن «سور» يُحيط قطعة زراعية، هُنا لن يتم التصالح مع صاحبها، لأنه يصلح زراعتها مرة أخرى، فالأمر فى النهاية مُتعلق بمدى إمكانية عودة تلك الأراضى إلى أرض قابلة للزراعة».

الإزالة تهدد بطرد 10 ملايين أسرة.. ومليون و100 ألف فدان زراعي «تالف»
النائب محمد سعد تمراز عضو لجنة الزراعة بالبرلمان قال، إن هذا الموضوع مثار منذ فترة طويلة داخل اللجنة، وإن الأغلبية العظمى تميل إلى التصالح مع المخالفين لعدة أسباب منها أنه لا فائدة من الإزالة أو حتى أية قرارات أخرى خاصة أن الجهة التى من المفترض أن تنفذ الإزالة وهى الحكومة الممثلة فى كل الوزارات ذات الصلة من «زراعة والتنمية المحلية والكهرباء»، هى نفسها مشاركة فى مثل هذه الجرائم من خلال توصيل المرافق للمتعدى المخالف.
وتابع: «عدد المخالفات على تعديات الأرض الزراعية من حوالى ٣ شهور مضت سجلت مليونا و٨٥٠ ألف مخالفة على الأراضى الزراعية ما يعنى أن وصلت إلى ٢ مليون مخالفة حتى الآن، بمتوسط المخالفة لـ ٥ أفراد الأمر الذى يعنى أنه فى حالة تطبيق الإزالات نحو ١٠ ملايين سيكون مصيرهم الشارع، تضاف لجملة الخسارة حجم الثروة العقارية لذلك، كما أن الأراضى بعدد الحديد ستكون غير صالحة للزراعة».
وعن العقوبات، فى حالة الغرامات سيكون لها فائدة على الطرفين، منها تقنين الأخطاء للفلاحين الذين أجبرتهم الظروف وتقصير الحكومة على ذلك، وانتعاش الخزانة بملايين الجنيهات من الغرامات المفروضة.
وسيدرس مشروع القانون كل الجوانب وسيكون التقنين على أضيق الحدود بحيث لا يسمح لكبار المتعدين من الاستفادة، وسيجرى عمل قانون جديد يجرم ويقطع يد أى متعد على الأراضى الزراعية، سيتم تخطيط حيز أو تخطيط عمرانى بحيز يتناسب مع الزيادة السكانية وفقًا للحاجة عبر حيز عمرانى معروف.
وأردف وكيل لجنة الزراعة النائب هشام الحصرى قائلًا: علينا أن ننظر بموضوعية حيث إن المنازل التى أقيمت ويسكنها مواطنون وتم توصيل لها مرافق، خاصة أن القرى تعانى من التوسع الرأسى بتطبيق قانون البناء الموحد، وتغلق بالتوسع الأفقى بأنه لا توجد زيادات فى الكاردونات فى حين أن هناك زيادات سكنية والأراضى بعد الإزالات لن تكون صالحة للزراعة ناهيك عن هدر الثروة العقارية، ونريد أن نغلق ملف التعديات بشكل نهائى ويغرم المخالفون وتستخدم العائدات فى استصلاح أراض جديدة، على أن تقطع يد أى متعد آخر.
الأسبوع الماضي، وافق المجلس على مشروع قانون مقدم من الحكومة حول تشديد العقوبة على البناء على الأراضى الزراعية.
وعن الحلول، أشار الدكتور زكريا الحداد إلى مشروع الزراعة فوق أسطح المبانى وخاصة للمساكن التى توجد فى القرى، وجار استكمال دراستها، مع مراعاة تطبيق النموذج فى قرية وبعد قياس التجربة يتم تعميمها فى مختلف القرى مع مراعاة عمل دورة زراعية للمحاصيل بين القرى التى تسمح بجودة المحاصيل وإمكانية التسويق ويشرف عليها الإرشاد الزراعى وتخصيص مشاتل خاصة لكل القرى المشتركة فى المشروع، وقد حاول معهد المناخ التابع لوزارة الزراعة أن يطبق الفكرة ولم يوفق، وتسمى هذه الأنواع من الزراعات تسمى الزراعة الرأسية كتعويض للزراعة الأفقية المفتقدة خلال عمليات التبوير.
وشدد على ضرورة تقليل إعطاء رخص البناء، والعمل على توعية المواطنين عن مشكلة الزحف العمرانى المنتشرة فى المناطق والحد منها. وأن هناك طرقا للحد من الزحف العمرانى كبناء البيوت بشكل عمودي، وليس أفقيا للتقليل من مساحة الأرض المستخدمة فى البناء، والعمل على البناء فى الأراضى الوعرة غير الصالحة للزراعة بدلا من البناء فى الأراضي الزراعية الخصبة.

«التعبئة والإحصاء»: التعديات 2 مليون.. ومصر تحتل المرتبة الأولى في التعرض لظاهرة التصحُر
الخطر زاحف ومتصاعد نحو الرقعة الزراعية، فتُشير تقارير غير رسمية إلى أن مليون ونصف المليون فدان من الأراضى الزراعية تم تجريفها والبناء عليها بعد ثورة يناير ٢٠١١، وأن الرقعة الزراعية في الدلتا تتآكل بشكل مُتزايد ومتصاعد وخطير، بالرغم من أن قانون الزراعة ١١٦ لسنة ١٩٨٣ فى مادته ١٥٠ يحظر تجريف الأراضى الزراعية.
ووفقًا للأرقام الرسمية الصادرة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن حجم الأراضي الزراعية التالفة تُقدر بنحو ١،١ مليون فدان بنسبة ١،٥٪، وتتمثل فى «السكن والمتناثرات والمنافع العمومية وأراضي التالف والفساد وأكل النهر والسكك الحديدية»، وذلك من إجمالى ١٠ ملايين فدان عام ٢٠١٥ تمثل مساحة الزمام الزراعي.
فى حين أكد تقرير للإدارة المركزية لحماية الأراضى بوزارة الزراعة، بشأن التعديات على الأراضى الزراعية الخصبة بالوادى والدلتا سواء بالبناء والتجريف والتشوين، أن مخالفات التعديات منذ ثورة يناير وحتى سبتمبر ٢٠١٧، بلغت ما يقرب من مليون و٨٠٠ ألف حالة على مساحة من الأراضى تزيد على ٨٠ ألفا و٥ أفدنة.
وأكد التقرير أيضًا، أن هناك تناقصا فى معدل التعديات وزيادة نسبة الإزالة خلال الفترة من ٢٠١٥ و٢٠١٦، بالمقارنة بالأعوام السابقة لها، وكان أكثرها فى عام ٢٠١٥ وبدأت الإزالة تتراجع فى عام ٢٠١٦، وذلك على خلفية ما أثير فى وسائل الإعلام من طرح مشروع قانون التصالح على مخالفات البناء من قبل أعضاء مجلس النواب مما أدى إلى بطء شديد فى استصدار قرارات الإزالة من المحافظين وتقاعس الأجهزة المعنية فى المحليات فى تنفيذ الإزالة.
فيما توضح تقارير اللجنة الدولية لمكافحة التصحر، الصادرة فى عام ٢٠١٢، أن مصر تحتل المرتبة الأولى تعرضًا لظاهرة التصحُر، مما يعرضها إلى مخاطر التغيرات السلبية للتغيرات المناخية، وحاجتها لاستنباط سلالات زراعية أكثر تحملا للحرارة والجفاف.
من جانبه، يُعارض إيهاب غطاطى، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، كل الأصوات التى تُطالب بالمصالحة مع مُخالفات المبانى المُقامة على أراض زراعية، مؤكدًا أنه فى نفس الوقت لا يُمانع التصالح مع المُخالفات المُقامة داخل الحيز العمرانى والبعيدة كُل البعد عن الكتلة الزراعية.
وأوضح «غطاطي» أن هناك عشرات آلاف من المُخالفات المُقامة على أرض زراعية بشكل «مُتناثر»، وأنه فى حالة التصالح مع مثل تلك المبانى المخالفة سيتم بذلك القضاء على الرقعة الزراعية فى العديد من المحافظات.
وأضاف: «عندما يعلم المصريون أيضًا أن هناك تصالحا جادا مع مُخالفات البناء على أراضى زراعية، فقبل أن تخرج اللائحة التنفيذية للقانون لن يُصبح هناك شبرًا من الأرضى الزراعية فى مصر»، مُشيرًا إلى أن هناك ما يزيد على ١٧٩ ألف مُخالفة بناء تم رصدها فى الفترة التى تبعت الانفلات الأمنى بعد ثورة يناير ٢٠١١.
ويُكمل غطاطى: «إذا كُنا نُريد الخير لمصر، فعلينا الحفاظ على الرقعة الزراعية والعمل على تنميتها باستمرار من خلال التوسع الرأسى فيها باستخدام سُبل رى جديدة ليزداد إنتاجها، بدلًا من التصالح مع كُل من تعدى عليها، ففدان الأرض الزراعى القديم يُعادل ١٠ أفدنة من الأرض التى يتم استصلاحها للزراعة».
وأكد «غطاطى» لـ «البوابة» أن هناك عددًا كبيرًا من أعضاء مجلس النواب، خاصة نواب ائتلاف «دعم مصر» يرفضون قطعيًا التصالح مع التعدى على الأراضي الزراعية، كما أن القيادة السياسية والحكومية تتفهم خطورة هذا التصالح، بما يحول من إقرار القانون بشكله الحالي.
بينما يرى أحمد الخطيب، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن التصالح مع المباني المُقامة على أرض زراعية ذو وجهين، كلاهما مُر، موضحًا أن بعض المُخالفين فى الأرياف لم يسلكوا المُخالفة بهدف الاستثمار بقدر ما يهدفون إلى ضيق المساحات التى يعيشون فيها مع أبنائهم.
ويُتابع: «الوجه الثاني؛ فى حالة عمل مُصالحة مع المُخالفين بالفعل، سيكون ذلك دافعًا لغيرهم لمخالفة القانون أيضًا، ما يُعتبر قَتل للشعب المصرى، حيث أن الفدان فى الأرض الزراعية القديمة لا يساوى مع الأراضى المُستصلحة من حيث الكفاءة، كما أن الأخيرة تكاليفها أعلى».
ونوّه «الخطيب» بأن الأراضى الزراعية التى تم التعدي عليها بالبناء من الصعب أن تعود إلى كفاءتها مرة أخرى ودخولها فى المنظومة الزراعية مُجددًا، خاصة بعد أن تم تجريف الطبقة الغنية منها واستبدالها بقواعد وأساسات أسمنتية، ما يجعلها فى حكم الأرض البور.
واختتم: «الأمر برمته يحتاج إلى حنكة سياسية وحلول تحقق صالح الطرفين من خلال مناقشات موسعة ممن ينظرون إلى الأمور من حيث الصالح العام، ولا يفترض على المجلس أن يتسرع فى إصدار هذا القانون، لما له من آثار كارثية على الرقعة الزراعية فى مصر».
وأضاف: «عندما يعلم المصريون أيضًا أن هناك تصالحا جادا مع مُخالفات البناء على أراضٍ زراعية، فقبل أن تخرج اللائحة التنفيذية للقانون لن يُصبح هناك شبر من الأراضى الزراعية فى مصر»، مُشيرًا إلى أن هناك ما يزيد على ١٧٩ ألف مُخالفة بناء تم رصدها فى الفترة التى تبعت الانفلات الأمنى بعد ثورة يناير ٢٠١١.
بينما يرى أحمد الخطيب، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية، أن التصالح مع المبانى المُقامة على أراض زراعية ذو وجهين، كلاهما مُر، موضحًا أن بعض المُخالفين فى الأرياف لم يسلكوا المُخالفة بهدف الاستثمار بقدر ما يهدفون إلى ضيق المساحات التى يعيشون فيها مع أبنائهم.
ويُتابع: «الوجه الثانى؛ فى حالة عمل مُصالحة مع المُخالفين بالفعل، سيكون ذلك دافعًا لغيرهم لمخالفة القانون أيضًا، ما يُعتبر قَتلا للشعب المصرى، حيث إن الفدان فى الأرض الزراعية القديمة لا يتساوى مع الأراضى المُستصلحة من حيث الكفاءة، كما أن الأخيرة تكاليفها أعلى».
ونوّه «الخطيب» بأن الأراضى الزراعية التى تم التعدى عليها بالبناء من الصعب أن تعود إلى كفاءتها مرة أخرى ودخولها فى المنظومة الزراعية مُجددًا، خاصة بعد أن تم تجريف الطبقة الغنية منها واستبدالها بقواعد وأساسات أسمنتية، ما يجعلها فى حكم الأرض البور.
واختتم: «الأمر برمته يحتاج إلى حنكة سياسية وحلول تحقق صالح الطرفين من خلال مناقشات موسعة ممن ينظرون إلى الأمور من حيث الصالح العام، ولا يفترض على المجلس أن يتسرع فى إصدار هذا القانون، لما له من آثار كارثية على الرقعة الزراعية فى مصر».
تطبيق «التصالح» يقضى على الرقعة الزراعية..و100 ألف جنيه كُلفة استصلاح فدان فى الصحراء.. والإنتاجية لا تتعدى 50%
قال الخبير الزراعى الدكتور زكريا الحداد، إنه إذا كان هناك قانون للتصالح، فالطبع سيتم التصالح على المخالفات الخاصة بالأراضى الزراعية التى تعرضت لعمليات التبوير، ومن ثم البناء عليها وتحويلها لأراض سكنية، كما أن صدور مثل هذه القوانين ستسبب هجمة جديدة على الأراضى الزراعية.
وتابع: «بالنظر إلى الأراضى المصرية فتنقسم إلى ٣ أقسام، الأراضى القديمة التى تعود لقبل ثورة ١٩٥٢، والجديدة القديمة التى جرى استصلاحها حتى عام ١٩٧٣، والأراضى الجديدة التى تم استصلاحها بعد تاريخ ١٩٧٣ حتى وقتنا الحالي».
وأضاف الحداد: «أما الأراضى المضارة من التهام الحيز العمرانى لها وإجراء بنايات مخالفة لها فهى الأرضى القديمة والجديدة القديمة، وتصل مساحة الرقعة الزراعية فى مصر من ٧ إلى ٨ ملايين فدان، تآكل منها قرابة مليون ونصف المليون فدان، فى المبانى خلال ٣٠ أو ٤٠ عاما، ناهيك عن زيادة حجم التعديات منذ ثورة يناير ٢٠١١ على ٢٠٠ ألف فدان بسبب ضعف الرقابة وفساد المحليات، أما النوع الثالث من الأراضى الزراعية وهى «الجديدة» فتقع تحت سيطرة كبار رجال أعمال وبمساحات كبيرة ولا تتعرض لأى نوع من أنواع التعدي.
وتابع الحداد: «كل المساحات التى تم تحويلها لمساكن غير صالحة للزراعة مرة أخرى وخرجت تمامًا من حسبة الرقعة الزراعية»، مستنكراُ إدارة حماية الأراضى حيث عرفها بأنها هيئات حكومية تشترك فى الجريمة لأن دورها لا يقتصر إلا على فرض الجباية وتقنين الفساد عبر خروج وتنفيذ عمليات هدم بشكل صوري، حيث يتم هدم جزء من السور وفرض غرامة ثم تحول لقضية يكون مصيرها الحصول على البراءة، وما يزيد الطين بلة هو توصيل كل المرافق من مياه وكهرباء داخل قلب الأراضى والزراعية.
وأرجع جذور المشكلة إلى قصور تخطيط الدولة فى الأساس فى توفير الوحدات السكنية بما يوازى الزيادة السكانية، فالفلاح يريد أن يزوج ابنه فلا يجد أقرب من الحقل ليتعدى عليه ويقيم البناء السكنى.
ومن المفترض أن يكون ضمن أولويات التخطيط إقامة محافظات بنفس التقسيم من مراكز وقرى جديدة وليست مدنا جديدة.
١٠٠ ألف جنيه كُلفة استصلاح فدان. 
ويتفق معه فى الرأى الدكتور وليد فؤاد أستاذ كلية الزراعة، قائلاَ: إن جملة الأراضي الزراعية تقارب من ٧ إلى ٨ ملايين فدان خاصة بعد زيادتها ٢ مليون فدان بعد السد العالى ومليون ونصف المليون فدان بعد إصلاحات الرئيس السادات، ولكن جرى تبوير قرابة ١.٢ مليون فدان من أراضى الدلتا من الأراضى الخصبة البكر فى عهد السادات، وجرى تعويض بعض الأراضى فى طريق مصر إسكندرية الصحراوى وشمال وجنوب التحرير والنوبارية.
وتابع «فؤاد»: خلال الـ٦ سنوات الأخيرة تم اقتطاع مساحات كبيرة من الأراضى وتحويلها لعقارات لقرابة ٢٠٠ إلى ٣٠٠ ألف فدان، كما أن الحصر المعلن غير دقيق، الأمر الذى يشير إلى فساد فى وزارة الزراعة وهيئة استصلاح الأراضي، من خلال عدة حيل من الموظفين المرتشين تكون الأرض خصصت استصلاحا، ولكن خلال الحيل الخسيسة تحول لعقارات وتباع مبانى، كما هو الحال فى أراض كثيرة فى الإسكندرية مثل أراضى الأبيسات والمنتزه، كما أن الأراضى التى بُنى عليها جرى تدميرها بشكل نهائى ولا عودة عليها.
وأردف «فؤاد»: إن التعدى على أراضى الدلتا جريمة بكل المقاييس، خاصة أنه شُقت لها ترع بكُلفة ملايين، فضلًا عن كونها «بكر» لا تحتاج إلا للبذور كى تنبت وتؤتى ثمارها حتى بدون أسمدة على عكس الحال فى الأراضى الصحراوية التى تحتاج لأكثر من ١٠٠ ألف جنيه كُلفة الاستصلاح، كى نتمكن من الزراعة فهى أشبه بالطفل الصغير الذى يحتاج لرعاية فضلًا عن حفر الآبار الذى تكلف ملايين الجنيهات وشبكة الطرق وكثرة الأيدى العاملة ومجتمع كامل لسهولة عملية التسويق وهذه الاشتراطات موجودة فقط فى الدلتا.
وفى السياق ذاته، يقول الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن صدور مثل هذه القوانين سيتسبب فى هجمة جديدة على الأراضى الزراعية التى تسجل بحسب بيانات وزارة الزراعة ٨.٧ مليون فدان، وتصل معدلات التعديات المعلنة ٣٠ ألف فدان سنويًا ما يمثل خلال العشر سنوات الماضية وخاصة فى أعقاب ٢٠١١ تصل إلى ٣٠٠ ألف فدان.
وتابع «صيام»: فاتورة الاستصلاح ليست بسيطة حيث تكلف حفر الآبار ملايين الجنيهات، فضلًا عن إنتاجية الفدان فى الصحراء بجانب كُلفتها لا تصل إلى نصف الإنتاجية فى الفدان فى الدلتا حيث تصل لـ ١٨ إردب قمح فى الوقت الذى لا يسجل ٨ إردب لدى نظيره فى الصحراء.

مليون فدان كل ٢٠ عامًا

من جانبه قال الخبير الاقتصادى الدكتور عادل عامر، إن مصر تفقد كل ٢٠ عاما مليون فدان أراضى زراعية خصبة، بما يعادل ٥٠ ألف فدان فى العام الواحد بسبب التعديات على أراضى النيل بالردم والتجريف أو البناء عليها وهو ما وصفه بأنه يمثل نسبة مرتفعة جدًا.
وتابع «عامر»، إن قيمة بيع القيراط الزراعى الواحد نحو ٥٠ ألف جنيه، وفى حال تبويره وبيعه مبانى يتراوح ما بين ٣٠٠ ألف إلى مليون جنيه، ما سيجعل قطاعا عريضا من المزارعين يلجأ إلى البيع، كما أنه من المتوقع فور إقرار القانون أن تخسر مصر أكثر من مليون فدان من الأراضى الزراعية التى لن تعوض، وحتى قبل التصديق على القانون فبمجرد أن أعلنت الحكومة عن مشروع القانون سيحدث نوع من زوال حالة الردع والخشية لدى المواطنين من البناء المخالف، وسنرى قريبا تداعيات هذا على أرض الواقع.
وتابع «عامر»: إن التعدى على الأراضى الزراعية يقصد به نقصان المساحات المنتجة للغذاء دوريا بدلا من زيادتها لملاحقة معدلات الزيادة السكانية ولحفظ حقوق الأجيال الحالية والقادمة فى الحصول على الغذاء بأسعار غير مرهقة تحقيقا لأهم مبادئ حقوق الإنسان وهو مبدأ الحق فى الطعام دون مشقة أو أن يكون الفقر سببا فى عدم إمكانية الحصول على الغذاء وبالتالي موت البشر.
كما أن الأراضى الزراعية قد تدهور حالها، حيث إن معظم الأراضى الصحراوية التى تم استصلاحها للزراعة قام المستثمرون بالتعدى عليها بالبناء وخاصة طريق مصر إسكندرية الصحراوي، إن الكارثة الكبرى أن الوزارة تدرس زيادة نسبة البناء على هذا الطريق إلى ٢٢٪ ثم زادت ٧٪ أخرى ما يسبب تقليص حجم الأراضى الزراعية بهذا الشكل رغم أنه من المفترض ألا يتم المساس بالأراضى الزراعية.
كما أن حملات الإزالة التى تباشر عمليات الإزالة، خاصة أن هذه اللجان تتعرض للاعتداء من جانب المتعدين على الأراضي، علاوة على وجود ثغرة بالقانون ١١٩ حيث يقوم المعتدى فى بداية الإزالة ببناء هيكل من الطوب الأبيض «البلوك»، وبعد إزالة التعدى يحصل المتعدى على خطاب من الزراعة بإزالة التعدى ويقدمه للمحكمة التى تحكم بالبراءة، وفور الحصول على حكم البراءة من المحكمة يقوم المتعدى بإعادة البناء مرة أخرى، ولكن هذه المرة بالخرسانة المسلحة والطوب الأحمر، ويتم تحرير محضر جديد من قبل الزراعة والوحدات المحلية، فيتقدم المتعدى بحكم البراءة الذى حصل عليه فى المرة الأولى للمحكمة، فتحكم المحكمة بالبراءة طبقا للعرف القانونى الذى يقضى بأنه لا يجوز الفصل فى قضية تم الفصل فيها من قبل، ولا بد من إعادة النظر فى هذه المادة التى يستغلها الكثيرون.
وبدوره قال أستاذ الهندسة بجامعة الأزهر الدكتور عادل عامر، إن ٩٠٪ من العقارات التى تبنى فى مصر خاصة فى المناطق الريفية خارج الإشراف الهندسى وتعتمد على الخبرة الشخصية وخبرة المهندسين، من ناحية التوفير فى كُلفة الإنتاج، حيث الكود المصري يتطلب اشتراطات تمثل كُلفة على مالك العقار الذى هو فى الأساس مخالف يبنى على الأراضى الزراعية، وقد تكون هناك بنايات بدون أعمدة خرسانية وتوزع الأحمال على ما يسمى بالحوائط الحاملة.
وأشار «عامر»: إلى أن معامل الأمان فى مثل هذة البنايات ضعيف جدا وقد يهدد حياة القاطنين بالعقار، فضلا عن كون الأرض بكرا يحدث بها هبوط فى بعض المناطق خاصة أن هناك أراضى تروى بجوارها وتتسبب فى شروخ ومن ثم الانهيار.
ويقول الدكتور عبدالله العريان، أستاذ التخطيط بجامعة القاهرة، إن جذور أزمة تآكل الرقعة الزراعية يعود إلى نحو ٤٠ عامًا بسبب عدم التخطيط الجيد الذى يستوعب نمو المجتمع، وقصور التنمية وخاصة فى محافظات الصعيد من خلال عدم تمكينه من فرص النمو ومن هنا ظهرت التعديات على الأرضى والعشوائيات.
حيث كانت هناك حاجة وهى «النمو»، وجاءت الحلول من قبل الشعب المصرى عبر الزحف العمرانى وسطو من خلال عدم سيطرة الدولة عليه على أجود الأراضى الزراعية وهى أغلى ما تملكه مصر.

وكيل «المهندسين»: يفتح الباب لفساد أكبر.. ويدمر البنية التحتية
قال المهندس محمد النمر، وكيل نقابة المهندسين ورئيس اللجنة العليا للهندسة الاستشارية، إن قانون التصالح مع مخالفات البناء يفتح بابا لفساد أكبر فى المحليات، مشيرا إلى أن نقابة المهندسين لا توافق على التصالح فى المخالفات، ولكن فى حالة الموافقة نهائيا على القانون، فلا بد أن يتم تطبيقه بدقة وتحت إشراف رقابى كامل.
وأشار النمر فى تصريحات لـ «البوابة»: «لا بد أن تضع الدولة أعينها على الأدوار التى تم بناؤها بالمخالفة، وتقوم الدولة ببيعها والتصرف فيها لصالح مشروعات تابعة لها، فى حالة التأكد من سلامة الأبنية ويتم تحديد المخالفات فى البناء، بأوراق رسمية ودراستها والتأكد من أمن المنشآت حماية لأرواح المواطنين».
كما شدد «النمر» على ضرورة تحديد المخالفات التى يتم التصالح معها، بحيث لا يتكرر الخطأ، ولا يعتبر أصحاب العقارات، قانون التصالح هو المخرج لهم فى مخالفات متكررة.
كما أشار وكيل نقابة المهندسين، إلى أن التصالح مع مخالفات البناء يدمر شبكات الصرف الصحى ومياه الشرب، وخطوط الغاز والكهرباء والطرق، حيث إن القدرة الاستيعابية للبنية الأساسية يتم تحديدها حسب الكثافة السكانية الموجودة بالمنشآت والأبراج السكنية، فى حالة تزايد أدوار مخالفة وسكان جدد، لن تستوعب قدرات شبكات الصرف والمياه وضغط الكهرباء، تلك الزيادات، مما يؤدى إلى انهيارها، وتدمير الشوارع والطرق، مما يعد عبئا على ميزانية الدولة. كما شدد «النمر» على تحميل الأعباء والأخطاء على رؤساء الأحياء، ووصفهم بأنهم فقراء يتقاضون ملاليم، وأمامهم مخالفات بالملايين، متسائلا كيف يتقاضى موظف الحى ألف جنيه، وأطلب منه أن يكون ملاكا أمام ملايين من الجنيهات؟ وطالب «النمر» بضرورة إنشاء جهاز تفتيش قوى مدعم بالتدريب والخبرات الفنية والسلطة القضائية ليكون قادرا على تنفيذ القرار والعقوبات للمخالفين، وأردف قائلا: إن جميع مسئولى مصر يدركون المخالفات جيدا، ويرى الوزراء الأبنية المخالفة بأعينهم، أثناء خروجاتهم مع أسرهم، أو حتى أثناء سيرهم بسياراتهم فى شوارع المحروسة، فلا يتشدق مسئول بعبارات النزاهة وعدم إدراكه للمخالفات فى البلد، ويحمل العبء على مسئولى الأحياء.
وطالب «النمر» بضرورة إصلاح وتكامل المنظومة إذا أرادت الحكومة تطبيق القانون بشكل سليم.
من جانبه أكد المهندس خالد صديق رئيس جهاز تطوير العشوائيات، أن قانون التصالح مع مخالفات البناء سيحقق ميزانيات جديدة للدولة، تستطيع من خلالها إنشاء شبكات كهرباء وصرف صحى ومياه شرب جديدة، مع الاعتراف بأن الوضع قائم بالفعل.
كما أكد صديق، أن التصالح فى مخالفات البناء لن يتم تطبيقه على المناطق العشوائية، بل سيتم تطبيقه على الأدوار السكنية المخالفة، فى العمارات والأبنية الآمنة، بعد التأكد من سلامة إنشائها، ووصف رئيس جهاز تطوير العشوائيات القانون «بأنه تقنين للأوضاع الخاطئة».

«الجمل»: يهدر مبدأ شرعية سيادة القانون.. و«فرغلي»: لا يتفق مع المبادئ القانونية
وبعد موافقة الحكومة، وصل قانون التصالح إلى البرلمان من أجل إقراره، وفى الوقت الذى ساد فيه جدل برلمانى حول مواد القانون، إلا أن الخبراء القانونيين كان لهم نظرة مختلفة، إذ أكدوا أن بعض مواد القانون تفتح الباب أما الطعون على القانون بعدم الدستورية، حيث ينتهك سيادة القانون ويشكل تغولا من السلطة التشريعية على السلطة القضائية.
وفى هذا السياق، يقول المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن مشروع القانون فى صيغته الحالية التى تنص على وقف تنفيذ الأحكام القضائية النهائية والعقوبة المقضى عليها بموجب الموافقة على طلب التصالح، يهدر حجية الأحكام ويهدر مبدأ شرعية سيادة القانون، باعتباره يلغى الأحكام القضائية ضد الشخص الذى يطلب التصالح ويهدر المصلحة العامة فى ردع وزج من يرتكب جرائم بالنسبة للمبانى والأراضى وغيرها.
ويوضح الخبير القانونى، أنه من المفترض أن الأحكام التى تصدر بعقوبة جنائية لا يجرى إلغاؤها لمجرد طلب تصالح، معتبرا أن هذا أمر غير منطقى لا يتفق مع المبادئ القانونية العامة ولا مع أحكام الدستور.
وشدد «الجمل» على أن القانون بصيغته الحالية يعد مخالفا لأحكام الدستور.
أما المستشار عادل فرغلي، رئيس محكمة القضاء الإدارى سابقا، فيرى أنه حال نص القانون الجديد على إلغاء أحكام قانونية نهائية فإنه سيعد غير دستوري، لأن الحكم القضائى النهائى يصبح واجب النفاذ لأنه صادر من سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية.
وأوضح «فرغلى» أن إصدار البرلمان لقانون يلغى به أحكاما قضائية، فإنه بذلك يتغول على السلطة القضائية، وعلى الرغم من أن البرلمان من حقه سن التشريعات ويضع قواعد تشريعية تمنع أو توقف محاكمة أى شخص تم التصالح معه، ولكن أى إنسان صدر ضده حكم نهائى لا يجوز للقانون إلغاء هذه الأحكام، ما يعنى اعتداء على السلطة القضائية.
وأكد «فرغلي»، أن الدستور قائم على استقلال السلطات سواء السلطة القضائية أو التشريعية أو التنفيذية، قائلًا: «من حق القانون وقف الأحكام الابتدائية أو التى تنظر حاليا ومطعون عليها أمام دوائر القضاء المختلفة وصدر فيها حكم من محكمة ابتدائية أو استئنافية أو مطعون فيها أمام محكمة عليا أو من محكمة النقض، فمن الممكن إيقافه طالما لم يصدر حكم نهائى من القضاء، فيما عدا الأحكام النهائية المنتهية إلى حبس المتهم».
وفى المقابل، يرى الخبير القانونى الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقا، أن القانون فى حالة إقراره سيصبح الأمر مشروعا ولا يشكل تحايلا على القانون من قبل المخالفين أو من قبل الدولة لأنه سيتم فى إطار غطاء قانونى، لكن المشكلة أنه يشكل دعوة للناس من أجل التوسع فى البناء المخالف الذى استولى على الأراضى الزراعية، وفى الحقيقة يجب أن توقف كل أشكال البناء المخالف والارتفاعات المخالفة للقانون.
وأشار «كبيش» إلى أن كل الدول حازمة فى مسألة التعدى على أراضى الدولة والأراضى الزراعية، واستبعد فى الوقت ذاته أن يتسبب القانون فى أزمة جديدة للقضاء، وقال إن القانون طالما نص على إلغاء أحكام بعينها فإنه يضع إطارا تشريعيا لإلغاء أحكام سابقة.
وتابع: «الأحكام تصدر بناء على نص قانونى وفى حالة وجود نص قانونى فإن إلغاء الأحكام أو بمجرد أن يثبت صاحب الشأن أن ثمة تصالحا قائما فإنه سيتمكن من وقف الدعوات المنظورة، والمحكمة بموجبه ستقبل بتعليق نظر القضية».