الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أبو محجن الثقفي "20"

الكاتب مصطفى بيومي
الكاتب مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
« إذا مت فادفنى إلى أصل كرمة تروَّى عظامى في التراب عروقها»
ليس مثل وصية أبى محجن في التعبير الطازج المتفرد عن أسمى معانى العشق الاستثنائي الذي لا يرى في الموت نهاية، ويتشبث بالطرف الآخر في علاقة الحب الممتدة بلا ذبول أو انكسار. الأمر هنا يتجاوز الولع المتطرف بالخمر، التي لا يكتمل معنى الوجود عنده إلا بها، ولا متسع لقراءة البيت من منظور دينى أو أخلاقى مغلق قاصر متعنت متنطع، ذلك أن قراءة كهذه كفيلة بإجهاض روح الشعر والهبوط به إلى الدرك الأسفل المظلم الكئيب من هاوية الوعظ السخيف والإرشاد العقيم وادعاء الفضيلة في غير موضعها.
من يملك موهبة الحب على هذا النحو لا يمكن إلا أن يكون شاعرا، ولا تعارض عندئذ مع الفروسية والشجاعة والورع وقوة الإيمان الديني، فأي إنسان يخلو من سمة تلازمه، وتبدو في عيون الأغلبية الساحقة عيبا ورذيلة؟. تتسع الحياة للجمع بين ما يبدو للوهلة الأولى متناقضا متنافرا لا انسجام فيه أو تناغم، وإذا كانت قوانين ومعايير القطيع هي السائدة المهيمنة الحاكمة، فإن التمرد عليها هو صانع التقدم والإبداع.
المحرومون من بهجة الحياة ومسراتها، وما أكثرهم، هم من يعرفون الموت ويخافونه، أما الثقفي وأعلام العشق فإنهم عظيمو الإيمان بالحياة الممتدة التي لا يمثل المعنى الشائع للموت فيها إلا فصلا عابرا من فصولها، وللعظام في التراب حياة وحياة.