الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تحية لرجال الشرطة في عيدهم الوطني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفل مصر ووزارة الداخلية كل عام بعيد الشرطة الموافق ٢٥ يناير ١٩٥٢، ففى هذا اليوم شهدت مدينة الإسماعيلية أنبل وأشرس المعارك الوطنية من رجال البوليس المصرى فى مواجهة جحافل الاحتلال البريطانى من دبابات ومجنزرات وقنابل؛ حيث وجهوا إنذارًا لقوات البوليس «الشرطة» بتسليم أسلحتهم وإخلاء قسم شرطة الإسماعيلية ومبنى المحافظة، لكن رجال البوليس المصرى الوطنيين رفضوا قرارات قوات الاحتلال البريطانى، وخاضوا معركة غير متكافئة بين البوليس المصرى ببنادقه، والمحتل الإنجليزى بدباباته ومدرعاته وقنابله، وقاوم رجال البوليس المصرى المحتل الإنجليزى، سطروا خلالها بطولة فريدة ونادرة، واستشهد فى هذه المعركة ٥٠ شهيدا من رجال الشرطة و٥٠ مصابًا، واستحق هؤلاء الأبطال أن تكرمهم مصر، وتجعل من يوم الجمعة ٢٥ يناير ١٩٥٢ عيدًا وطنيًا للشرطة المصرية تقديرًا لشجاعتهم وتضحياتهم من أجل الحفاظ على الوطن ورفض الاحتلال، كما أصبح عيد الشرطة عيدًا قوميًا لمحافظة الإسماعيلية يحتفل به كل عام.
وفى اليوم الذى وجه فيه قائد القوات الإنجليزية المحتلة «إكسهام» إنذاره لقوات البوليس المصرى بتسليم أسلحتهم، وإخلاء قسم شرطة ومبنى محافظة الإسماعيلية، واتصل وزير الداخلية المصرى آنذاك فؤاد باشا سراج الدين باللواء أحمد راتب قائد البوليس المصرى فى الإسماعيلية، وسأله ماذا سيفعل تجاه الإنذار البريطانى، فرد عليه قائد البوليس المصرى: «يا أفندم نحن رفضنا الإنذار وقررنا المقاومة، ولن نترك الإسماعيلية حتى آخر جندى مصرى وآخر رصاصة»، فرد وزير الداخلية: «ربنا معاكم ومصر تساندكم واستمروا فى المقاومة».
كانت منطقة القناة فى هذه الفترة تحت سيطرة قوات الاحتلال البريطانى بمقتضى اتفاقية ١٩٣٦، التى نصت على انسحاب بريطانيا من الأراضى المصرية إلى منطقة القناة، وشرع المصريون فى تنفيذ العديد من العمليات الفدائية بالتنسيق بين الفدائيين ورجال البوليس المصرى ضد قوات الاحتلال البريطانى، وعندما علم قائد القوات البريطانية بمساعدة رجال البوليس المصرى للفدائيين ضد الاحتلال البريطانى، قرر أن يخرج رجال البوليس المصرى ويسلموا أسلحتهم وإخلاء مبنى محافظة وقسم شرطة الإسماعيلية، وفى فجر يوم الجمعة ٢٥ يناير ١٩٥٢ فوجئ رجال البوليس المصرى فى مبنى محافظة الإسماعيلية بدبابات ومجنزرات وقوات الاحتلال البريطانى، تطالب اليوزباشى مصطفى رفعت بتسليم أسلحة البوليس المصرى والانسحاب من مبنى المحافظة، وكان رد اليوزباشى المصرى: «إذا أنت لم تأخذ قواتك من حول المبنى، سأبدأ أنا بالضرب، لأن هذه أرضى، وأنت الذى يجب أن يرحل منها وليس أنا، وإذا أردتم مبنى المحافظة فلن تدخلوها إلا على جثثنا»، وتحدث اليوزباشى مصطفى رفعت مع زميله اليوزباشى عبدالمسيح وجنوده عن الحوار الذى دار بينه وبين قائد القوات البريطانية «إكسهام»، وقرروا جميعا عدم الاستسلام وعدم إخلاء مبنى المحافظة ومواجهة قوات الاحتلال البريطانى التى تملك المدرعات والمجنزرات والقنابل ولديها ٧ آلاف جندى مقاتل.
وبدأت المعركة الشرسة بين الجانبين وبدأ الجنود يتساقطون من رجال البوليس المصرى، وطلب اليوزباشى رفعت من قائد القوات البريطانية السماح لسيارات الإسعاف بالدخول لنقل المصابين، لكنه رفض واشترط خروج قوات البوليس المصرى وتسليم أسلحتهم ثم تدخل سيارات الإسعاف، وقرأ اليوزباشى مصطفى رفعت واليوزباشى القبطى عبدالمسيح والجنود الفاتحة والشهادتين، وخرج اليوزباشى رفعت من المبنى على أمل قتل «إكسهام» قائد القوات البريطانية وعلى أمل فك الحصار وإنقاذ المصابين وتكريم الشهداء، لكن اليوزباشى رفعت فوجئ بوقف إطلاق النار، وبالجنرال «ماتيوس» القائد الأعلى للقوات البريطانية فى منطقة القناة يؤدى له التحية العسكرية، ورد عليه اليوزباشى رفعت بنفس التحية، وأشاد القائد البريطانى «ماتيوس» ببسالة وشجاعة البوليس المصرى فى مواجهة دبابات وآليات القوات البريطانية، وطالب الجنرال «ماتيوس» بوقف المعركة بشرف، ووافق اليوزباشى رفعت على أن يخرج جنوده غير مستسلمين وبشكل عسكرى ووافق «ماتيوس». وقد استشهد فى هذه المعركة ٥٠ من رجال البوليس المصرى وأصيب نفس العدد.
ولا تزال الشرطة المصرية تؤدى واجبها الوطنى فى حماية الجبهة الداخلية وتواجه الإرهاب الخسيس ويسقط منها الشهداء والمصابون دفاعاً عن تراب الوطن وشعبها الأبى.
كل التحية للشهداء والمصابين من رجال الشرطة فى عيدهم، وكل التحية لمن يبذل العرق والروح من أجل مصر من رجال الشرطة والجيش، الذين عاهدوا الله والشعب على دحر الإرهاب والثمن إما النصر إن شاء الله أو الشهادة، لأنهم بحق خير أجناد الأرض كما نعتهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.