الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من مظاهر الانحراف عند الحركات الإسلامية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعددت مظاهر الانحراف داخل الحركات الإسلامية، وقد تناول ذلك عدد من الباحثين والمفكرين، وعدوا من ذلك: خلل الحركة فى فهم التعددية، وفى العلاقة بين «المحلية» و«العالمية»، وبين «فقه الأمة» و«فقه الفرد»، وعلاقة «الموروث» بـ«الإبداع»، وعلاقة «الحركة» بـ«الفكر»، و«التربية الروحية» «بالتربية السياسية»، و«الطاعة» بـ«الإبداع»، وهناك من أرجع الانحراف إلى افتقار قادة الحركة القدرة على التفكير الاستراتيجى، فأكثرهم لم يدرس السياسة كعلم وكتطبيق، حتى وإن وجد بداخل كل حركة أساتذة سياسة، ولكنهم ليسوا فى القيادة.
ومن أكبر علامات الانحراف، خاصة فى الجيل الحالى من الحركات الإسلامية غياب الأخلاق وانتشار الكذب والبذاءات والسفاهات، ولن تجد اليوم نموذجا من نماذج الإسلاميين يمكن أن يبهرك بالمستوى الأخلاقى المحمدى الراقى فى تعامله مع الخصوم ورده عليهم.
وفى كتابه «العبر الإخوانية» للمفكر المغربى الشيخ عبد الغنى العمرى وضع يده على آثار الانحرافات التربوية لدى جماعة الإخوان، وعد من ذلك التحول إلى العمل الحزبى، الذى نتج عنه رعونات النفوس وظلمة التدبير، والعمل للجماعة لا للأمة، بسبب حلول الجماعة عندهم محل الأمة فى القلب والتصرف حتى ولو باللسان ذكروا غير ذلك، وحلول الهرمية التنظيمية محل الهرمية الشرعية، والمقصود بالهرمية الشرعية اعتبار العلم والتقوى، وأما الهرمية التنظيمية فهى ما يعطيه التراتب بحسب الأسبقية فى التنظيم، ورد الحق الذى لا يصدر عن الجماعة، على غرار قول الشيخ الشعراوي (الإخوان أعدائى، لأنهم لا يسمعون الإسلام إلا من حناجرهم)، وبالتالى صار الحق تابعا للجهة التى يصدر منها وليس مستقلا لذاته، وتقديم الحق السياسى على الحق الشرعي، وانسداد أبواب الترقى بغلبة الاعتبارات السياسية الدنيوية.
لفت نظرى فى قضية انحراف الحركة الإسلامية رسالة قديمة وصلتنى من الباحث «خالد المرسى» عن (الانتباه السقيم للحركات الإسلامية)، وعرف (الانتباه السقيم) بأنه الاستعداد النفسى للانتباه والإعجاب بما هو سقيم لفترات طويلة، لا يزيده طول المدة إلا إعجابًا، وذلك راجع إلى فساد فى المزاج والفطرة والعقل، ونموذج ذلك الافتتان بـ«حسن البنا» و«سيد قطب»، بسبب ما وقع عليهما (قتل وإعدام)، وكيف أن الحركة لم تفتتن بالشيخ «عبدالحميد بن باديس»، رغم أن له كفاحًا فاق كفاحهما، أشار إليه «عبدالرشيد زروقة» فى كتابه: «جهاد ابن باديس ضد الاستعمار الفرنسى فى الجزائر ١٩١٣ - ١٩٤٠»، والملاحظ أن جهاد «ابن باديس» كان علميًا عاقلًا منفتحًا ربط بين العلوم الاجتماعية والتنمية، بينما كان جهاد «البنا» و«قطب» عاطفيًا أدبيًا هوائيًا خاليًا من المضمون فى بعضه، ومشتملًا على مضامين فى غاية الفساد فى بعضه الآخر!، ولذلك كان الدكتور «محمد عبدالله دراز» يتمنى أن تقوم فى مصر حركة كحركة «ابن باديس» عام ١٩٣٨م، وهو عام اشتداد قوة الإخوان فى مصر!
وأخيرا أسجل ملاحظات على الكتابة فى مجال الحركات الإسلامية: إن أكثر الكتابات التى تناولت الموضوع استخدمت مصطلح «خلل»، وكان يمكن استخدام مصطلح «انحراف» و«فساد»، وليس «خللًا» فقط، كما أن هذه الكتابات ليست بالكثرة التى تخلق جوًا من التوعية فى أوساط الشباب، وأن بعض من ينتقدون الحركات الإسلامية يستخدمون أساليب غير علمية تخدم أفكارها بدلًا من تصحيح انحرافها، كما أن الكتابات التى تناولت بيان خلل الحركات الإسلامية، خاصة جماعة الإخوان من منظور علمى شرعى كتابات مهمة فى تفنيد الفكر المنحرف، لكنها ليست كافية.