الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

انهيار الأسرة شرعًا وقانونًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول المولى عزّ وجلّ تعبيراً عن مدى أهمية المؤسسة الاجتماعية الصغيرة التي تسمّى بالأسرة: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ"، وقبل الخوض في الحديث عن أهمية الأسرة ودورها الأساسي في بناء المجتمعات وتكوينها علينا الحديث عن المخاطر التى تواجهها الأسرة العربية عامة والمصرية خاصة
المراقب للمجتمعات العربية يرى فيها بوضوح تدهوراً أخلاقياً حاداً يزداد بمرور الوقت، يخف فيه الضبط الشرعي والانسانى في العلاقات الاجتماعية، وتنحرف فيه منظومة القيم الأخلاقية مع موجات الإفساد والانحلال العالمية التي يروج لها الإعلام والمنظمات المشبوهة التي تدفع الجميع بلا استثناء تجاه الانحلال الأخلاقي الكامل، ولاسيما مع تركز هذه الجهود الإفسادية نحو المرأة بالأخص. والأسرة عامة
إن نظام الدول المعاصرة يميل إلى تفكيك الروابط الأهلية والقبلية والعائلية والدينية والمذهبية لصالح سلطة مطلقة دون قيود بالابتعاد عن الأعراف والعادات والدين، وتنعكس هذه الأزمة الأخلاقية على تماسك الأسر، وحسن تربية الأبناء، وانضباط المجتمع، كما أن تردى الأحوال الاقتصادية في بعض مجتمعاتنا العربية، أو الحالة الترفية في بعضها كان له انعكاس مباشر على العلاقة بين الرجال والنساء، وعلى منظومة الزواج بصفة خاصة، وهي المنظومة الوحيدة المشروعة لتحصيل الشهوة المباحة، وبها وعليها تبنى الأسر السليمة ومن ثم المجتمعات الصحيحة الراسخة القوية الخالية من التشوهات والشذوذات والانحرافات الأخلاقية.

هكذا نتزوج فى مجتمعنا، زوجتك نفسي على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان وعلى الصداق المسمى بيننا. جملة تكاد تكون محفورة في أذهان المصريين ممن يشهدون عقود الزواج من كثرة ترديدها دون إدراك المعنى أو المذهب نفسه، وربما لا يدرك الأكثرون خلفيتها وأبعادها الشرعية والواقعية.
لو أن الأمر توقف على حد التزام مذهب فقهي معين وضبط القوانين من خلاله فليس ثمة إشكال كبير، إلا أن تعقد الأوضاع الاجتماعية وتغير شكل الدولة المعاصرة ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، وعلاقاتها الدولية والاتفاقيات التي تلتزم بها الدول في مجالات حقوق الإنسان جعل الأمر ينتقل من حيز الخلاف الفقهي السائغ إلى دائرة غاية في الخطورة.

إن الأسرة هي اللَّبِنة الأُولى في بناء المجتمع، الذي يتكوَّن من مجموعة أسرٍ ترتبِط بعضها ببعض، والمجتمع كله تُقاس قوَّته أو ضعفه بقدْر تماسُك الأسرة أو ضعْفها داخل المجتمع، وتَرجع قوة الأسرة أو ضعفها في المجتمع الإسلامي إلى مدى تمسُّكها بالدين والأعراف، لذلك وجب علينا أن نطور من صيغ والقوانين الوضعية فى الزواج لتيسير إنعقاده وإنسانية إنهائه.
فلا يعقل أن نقوم بهدم هذه العلاقة المقدسة بين أروقة محاكم الأسرة وان نجعل رابطة الزواج فى تفكك مستمر، لتصبح مجتمعات مفككة يقودها الغل والمعطيات، لا يصح أبدا أن نرى أبناءنا صدفة على درجات المحاكم، علينا بترسيخ فكرة وقدسية الأسرة واستمرارها فى أذهان الجيل الحالى والقادم، حتى نصبح مجتمعات قوية مترابطة لا تضعفها العولمة والخلافات المادية.