الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"استنساخ" عبدالناصر..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعيد "البوابة نيوز" نشر مقال الاستاذ الراحل أحمد عبده مرتضى والذي تم نشره منذ 4 سنوات في ذكرى ميلاد الزعيم الخالد جمال عبدالناصر فإلى نص المقال.

لم يحب المصريون عبر تاريخهم الطويل أحدًا مثلما أحبوا جمال عبدالناصر، الذى يمر على رحيله عن دنيانا هذه الأيام ٤٨ عامًا بالتمام والكمال، فعلاقتهم عبر التاريخ بأى حاكم كانت ملتبسة: يصعد للحكم فيجددون به الأمل فى العدل والكفاية، ثم لا يلبثون أن يخرجوه من قلوبهم، لأنه خيب رجاءهم، إلا هو.. فقد كان حبه يستقر فى أعماقهم كل يوم مع كل مشروع يبنيه وكل أرض يستصلحها وكل رغيف وحبة دواء يقدمهما لفقير وعمل يوفره لأبناء السبيل، حتى رحل جسده الفانى عن حياتهم، لكنه ظل متشبثًا بموقعه الفريد فى قلوبهم حتى بعد مرور عشرات السنين على ذلك الرحيل ،«الرمزي»، ونقول الرمزى لأنه ،«حاضر»، بشكل ما: فى السد العالي، فى المدارس والمعاهد والجامعات، فى القلاع الصناعية، حتى وإن بيع منها الكثير، فى الدولة الحديثة التى بناها وأدخل بها مصر للقرن العشرين، فى صوته عبر شرائط خطاباته التى لا تستطيع الأجيال نسيانها أو لقطات الفيديو فى،«الميديا»، الحديثة أو الأغانى الوطنية العبقرية الكلمات واللحن والأصوات المتجذرة فى وجدان الجماهير، التى عاشت معه ومعها مرحلة الحلم وسنوات التحدى والكبرياء قبل أن تشد من أزره فى ظلام الانكسار.
وحين نجحت المؤامرة الأمريكية الصهيونية فى إلحاق الهزيمة المريرة بمشروعه الوطنى العملاق فى ٥ يونيو ١٩٦٧ كانت الجماهير- وبوعى مذهل - تدرك تمامًا أن الأعداء يريدون تدميره قبل أن يدمروهم باعتباره رأس الفكر ومشهر السيف، فرفضت أن يقودها غيره، وكان خروج ،«المليونيات»، المبكرة فى ٩ و١٠ يونيو أعظم استفتاء على بطل مهزوم، فأعاد بناء القوات المسلحة وخاض حرب الاستنزاف، التى كانت تدريبات عملية على العبور الذى لم يعش ليراه، وأزال آثار العدوان، وبذل جهدًا لا يتحمله قلب بشر حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى فودعته الجماهير المليونية كما لم ولن تودع أحدًا قبله ولا بعده.
وعادت الجماهير «لخلفه»، أنور السادات، الذى حقق معجزة العبور بجيش عبدالناصر ورجاله، وكان يمكن للسادات أن يقارب عبدالناصر فى القلوب، لولا أنه استمع للأمريكان الذين كانوا يريدون تحطيم «نموذج البطل» فأهال عليه التراب وعرف الشعب أن السادات «يمشى على خط عبدالناصر بأستيكة»، وعرفوا أن حلم التصنيع الثقيل ومجتمع الكفاية والعدل والاكتفاء الذاتى يتبخر مع سياسة الانفتاح «السداح مداح» بتعبير الكبير الراحل أحمد بهاء الدين، وبقول السادات نفسه «اشتراكيتنا تمليك لا تجريد»، فطعن الشخصية المصرية السوية فى الصميم، فتكالب الناس على المنافع وانتشر الفساد وظهرت الفئات الضالة من القطط السمان إلى باعة الأوطان، حتى أكمل السادات فيلمه الأسود بمعاهدة العار والشنار التى ازداد معها الفقراء فقرًا واستذأبت الكلاب فنهشت حاضر الجماهير ودمرت مستقبلها، وحين قتل الرجل فى «العرض الشهير» لم يمش الشعب فى جنازته، لأنهم ما كانوا ليفعلوا ذلك، وقد تصدر الصهاينة والرؤساء السابقون للعدو الأمريكى موكبه الأخير، كما لم يكن للجماهير أن تودع رجلًا أهال التراب على محبوبهم، وتلاعب فى قوتهم حتى انفجروا فى وجهه ووجه سياساته الفاشلة فى ثورة عاتية هى انتفاضة الخبز فى ١٨ و١٩ يناير ١٩٧٧ التى أسماها هو «انتفاضة الحرامية». ومثلما صَدَع عبدالناصر لأمر الشعب الذى قال عنه «إنه المعلم وهو القائد» ولأن السيسى هو أكبر جنود جيش الشعب فعليه أن يلبى أمر «قائده ومعلمه» وأن يعطى له «التمام».. على كرسى الرئاسة.